46/03/19
الموضوع: الشفاعة وساطة تكوينية أم اعتبارية
الكلام في اية الكرسي و وصل بنا الكلام الى مقطع : ﴿من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه﴾ وهذه معادلة في القرآن قل لله الشفاعة جميعا والشفاعة هي الوساطة ونحن نظن ان الشفاعة جانب اعتباري شبيه البحث الموجود عند المتكلمين والمفسرين والمحدثين انه هل المعجزة قدرة يوليه الله انبياؤه ورسله واوصيائهم ؟ او ان النبي والرسول والوصي يدعو فيستجيب الله دعاءهم ؟ فالمعجزات ادعية من الانبياء والاوصياء فيستجيب الله دعاءهم ، فهل الدعاء انشاء اعتباري فقط? ام انه فيه بعد تكويني?
طرح في علم البلاغة والمعاني وكذلك الاصوليون في مباحث الالفاظ بحثوا ان الانشاء ان كان استعمال اللفظ في معنى يعني الية اعتبارية للمعنى الافتراضي في عالم الافتراض فهذا هو الانشاء ولكن دواعي الانشاء هي حالات تكوينية لا اعتبارية مثلا الان الانشاء بصيغة الامر او الدعاء او الاستهزاء او الترجي او الاقرار او التمني من الذي يعطي هوية المعنى لانشاء الاعتبار?
يقول علماء البلاغة والاصوليون في مباحث الالفاظ وحتى في علم المنطق ان الذي يعطي الهوية وعنوان الانشائية هي الدعاوي التكوينية عند تكوين الرجاء او الاستهزاء او التمني او الدعاء او الاستفهام او الامر او الطلب .
اذن الدعاء في اصله حالة تكوينية ان يكون انشاء واعتبار وكذلك الاستفهام حالة تكوينية يعني شوق النفس للفحص عن المجهول او الاستهزاء او التهكم هي حالة التعالي والتبرم من الطرف الاخر ، فاذن هذه المعاني الانشائية قبل ان تكون اعتبارية هي حالات تكوينية وليست اعتبارية محضة اذن ما يمكن ان نقول الدعاء فقط هو شيء اعتباري وانما نفس توجه النبي الى طلب والتماس من الله ان يعمل قدرته في شيء معين هذا التوجه كأنما ارتباط روحي تكويني بلسان كاشف عن تلك الحالة وتلك الحالة تكون ارتباط روحي تكويني بين النبي واسم من اسماء الله .
فالاسم الالهي ليس المراد به اصوات لفظية وانما هي اعظم المخلوقات على الاطلاق مخلوقات جبارة فلاالعرش ولا الكرسي ولا الروح الامري ولا الروح القدس بمستواه . وليس الاسم يعني الصوت كلا وانما هذا اسم الاسم الاسم ولا المعاني الذهنية هذا مرآة لشعاع بعيد يوصلك الى هذا المخلوق المهول الذي لا يشم فيه المخلوقية وهي اسماء الله تعالى وهي طبقات في العظمة .
اللهم اني اسألك من بهائك بابهاه وكل بهائك بهي اللهم اني اسألك من بهائك كله اللهم اني اسألك من علمك بانفذه وكل علمك نافذ اللهم اني اسألك من علمك كله اللهم اني اسألك من قدرتك بالقدرة التي استطلت بها على خلقك وكل قدرتك مستطيلة فالامام الباقر يبين لنا ان الاسماء طبقات .
ورد في كتاب مهج الدعوات يعني روح الدعوات للسيد ابن طاووس وفيه اسرار الادعية العظيمة الانفجارية لعوالم هذا التراث العظيم وقد حفظه عن ائمة اهل البيت ويقول كبار المحققين ان فيه اسرار عظيمة والادعية الموجودة فيه كلها معارف قممية فمن تلك الادعية دعاء يكشف فيه عن امر خفي لم يفصح الله تعالى عنه في سورة الشورى حيث ذكر ان الروح الامري المهول الذي هو حقيقة القرآن ولقد اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب .... فهذا الروح الامري هو القرآن فالقرآن ليس اوراق منقوشة وانما الاوراق المنقوشة هي عبارة عن الوجود الكتبي والا حقيقة القرآن روح مهولة جبارة .
نحن الان في ان المعجزة او الشفاعة اعتبارية انشائية او تكوينية او وساطة تكوينية والدعاء هكذا ولكن هذه كلها مقدمات لها صلة بالموضوع فاذن القرآن الذي اتى الله عز وجل به للنبي هل هو تكويني او امور اعتبارية انشائية فهو وجه صفحة منه اعتبارية وصفحة تكوينية مهولة .
ففي سورة الشورى يقول الله عز وجل انه اتى لسيد الانبياء بالروح الامري كوحي وكطرد بريدي والوحي كله جوهر ملكوتي مهول وليس مجرد اصوات وانما انزل مراتب الوحي هي الاصوات او الالهام المعنوي اما اعالي مراتب الوحي عبارة عن جواهر ملكوتية فالالهام وصورة يراها والرؤية التي اريناكها هذه كلها مراتب نازلة من الوحي اما ان الله عز وجل يأتي بروح مهولة ويكون جبرائيل ميكائيل اسرافيل وعزرائيل قطرة فيه فهذا يبينه اهل البيت من عظمة الروح الامري .
هناك ملف قرآني موزع في السور بينه الائمة على العظمة التكوينية للروح الامري وانه لا يقاس بها السماوات السبع ولا الارضين السبع ولا الملائكة المقربين ولا البراق ولا الرفرف والذي هو حقيقة القرآن وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا له الخلق وله الامر وفي سورة الشورى الباري بين ان هذا الروح الامري اوتي به وغرز كغريزة من من الغرائز النازلة في سيد الانبياء واما الطبقات العليا هي ياسين والقرآن الكريم طه ما انزلنا عليك القرآن فكهوف الغيب في سيد الانبياء والروح الامري والقرآن احدها .
ففي سورة الشورى لم يبين الله تعالى من الذي اتى? الذي اتاه هو الله ولكن الله منزه عن الروح وهو لا يباشر الامور والله لايحتاج المباشرة في افعاله فمن الذي باشر العالم الروحي لذات النبي وغرز فيه الروح الامري ؟
السيد ابن طاووس في مهج الدعوات يقول ان الذي اتى بالروح الامري المهول وغرزه في ذات النبي هو اسم من اسماء الله وهذا الاسم الهي يهيمن على حقيقة القرآن فمخلوق مهول جدا جدا وفوق كل مهول مهول .
اذن القرآن ليس اصوات اعتبارية او ان سيد الانبياء مسجل صوت ، ان سيد الانبياء هو حقيقة القرآن المهولة التي يتفجر منها افعال عظيمة ولو ان قرآنا سيرت به الجبال يعني اثار تكوينية او قطعت به الارض او كلم به الموتى احياء الموتى بالقرآن فهل القرآن خالق او مخلوق ؟ هذا القرآن الذي يكلم به الموتى هو احد قوى سيد الانبياء .
لاحظ في شأن النبي موسى عليه السلام اضرب بعصاك البحر فانفلق فيها كالطود العظيم واترك البحر رهوا فمعنى هذه الاية انه من قدرات النبي موسى ان يترك البحر رهوا او لا يتركه فكل فرق كالطود العظيم ، فهذي من قدرات النبي موسى الذي اتاه الله فانت اترك البحر ؟ ولكن كما يقول امير المؤمنين والامام الحسن المجتبى ان الله اقدرهم وهو اقدر منهم فيما اقدرهم عليه ، فهو يقدر ملك الموت ويقدر اسرافيل وجبرائيل ويقدر ملك الموت ويقدر الانبياء ويوليهم القدرة ولكن هذه القدرة يوليها وهم مملوكون تكوينا لله .
فالشفاعة وساطة تكوينية مهولة ولكن هذه الشفاعة هي ملك لله والاسماء مخلوقات مهولة عظيمة ولكن هي ملك لله فالمعاجز التي يأتي بها كل نبي ليس مجرد انشاء اعتباري هو استمداد من الله ولكنه قدرة تكوينية فالمخلوق عندما يفعل فعلا تكوينيا يستمد ذلك من الله وهذا ليس معناه انعزال لله ابتداء فيستمد ابتداء واستمرارا واستدامة وانتهاء فكله من الله .
فالصحيح في الشفاعة كما بحث ذلك المفسرون او الفلاسفة او المتكلمون الشفاعة ليست انشاء اعتباري فقط الشفاعة هي مطلق الوساطة في الفيض الالهي تكوينا تسمى شفاعة ومن ثم اصل الشفاعة جذورها بحسب منظومة بحث الشفاعة في القرآن وفي الروايات تقارن الاسماء الالهية في صدور الفيض الالهي يعني وساطة تكوينية قل لله الشفاعة جميعا .