45/12/04
الموضوع: الغلو والتقصير و جهان لإتجاه واحد
وصلنا الى ايات المشيئة لان المشيئة تعتبر مخلوق من المخلوقات وهي ايضا صفة فعلية للباري تعالى ومن الشؤون الالهية ، فجملة من الافعال العظيمة لله تعالى لها هذا الشأن انها صفة الهية ، وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها يعني اذا تقول لا نهاية للنعمة ليس تأليه النعمة، مما يدل على انه تثبيت صفة لا نهائية للنعمة لا يجعلها اله انما يشير لعظمة فعل المسند الى الله اما انت تستنقص الاسناد الى الله وهذا ما يمكن او تثبت ما يناسب شؤون الباري في فعل الباري فاللحاظ هو لحاظ الباري .
فهؤلاء المقصرة الجحدة لهذه الشؤون الالهية لا يرجون لله وقارا وما قدروا الله حق قدره عندما ينكرون فعلا من الافعال اذ قالوا ما بعث الله رسولا وما انزل على بشر من شيء مع ان هذا فعل مخلوق فانت تطاولت على قدرة الله لا على الرسول نفسه او على الوحي نفسه ، الله يجعل هذا تطاولا عليه هذا الربط بين عظمة الفعل الالهي بسبب اسناده الى الله وهي في ثلاث سور مذكورة الانعام والحج والزمر .
اذن التطاول على عظمة الفعل الالهي تطاول على عظمة الله مع ان الفعل هو مخلوق لكنك ان استنقصت عظمة الفعل الالهي ستقصر في معرفة الله وتجحد الشؤون العظيمة للمخلوق تلقائيا بذريعة انه لا اؤله المخلوق وبالتالي يجره الى جحد عظمة شؤون الله ، اما اثبات العظمة للمخلوق بما هو فقير هل هو تأليه المخلوق? هي عطية من الله عظيمة تناسب الله ولا تناسبك انت ايها المخلوق ، وهذه العطية الالهية لم يلد ولم يولد يعني لا تنقطع عن الله .
فالمقصر في نفسه يعيش شرك من حيث لا يشعر لانه يظن ان العطايا اذا اعطيت من الله لمخلوق انقطعت عن الله واستقل بها المخلوق ، ما الفرق بين العطية الصغيرة والعطية العظيمة? وهل تنقطع قدرة الله عن العطية الصغيرة? لا يمكن ، يعني المقصر والوهابي وامثاله ممن حذا حذو الوهابية وما اكثرهم انت اذا تصغر عظمة فعل الله في الفعل انت صغرت الشأن الالهي تحت ذريعة انه لا اؤله هذا المخلوق والفعل الالهي ، هذه الذريعة في الحقيقة جحود لعظمة الله وعظمة الله تتجلى في عظمة فعله وفي عظمة المخلوق وليست العظمة تتجلى في حقارة المخلوق ، المخلوق لو اعطاه الله ما اعطاه الا انه فقير لله هذه العطية غير منقطعة عن الله .
الغلاة والمقصرين كلاهما ينطويان على مبدأ باطل ان العطية تنقطع وتستقل عن معطيها وهذا شرك سواء في الغالي او في المقصر كلاهما يعيشان الشرك ، المقصر غالي والغالي مقصر ، كيف المقصر غالي? لانه يغلو في المخلوق ويقول كل عطية تعطى للمخلوق فيستقل بها المخلوق هذا غلو ، والغالي مقصر لانه يظن بان العطية التي تعطى للمخلوق هذه يستقل بها المخلوق فهو مقصر في حق الله ، فعقلا كل غالي مقصر وكل مقصر غالي فهذا تلازم عقلي .
المقصر مبلو ومبتلى بنفس الانحراف الذي انحرف فيه الغالي كلاهما يظنان ان العطية الالهية اذا اعطيت الى المخلوق استقل بها المخلوق عن الخالق واستغنى بها ، فالغالي والمقصر عندهما شرك من جهات عديدة ويظن المقصرة انهم بمواجهتهم للغلو قد نجوا وهم وقعوا فيما وقع فيه الغلاة انفسهم ، ويظن المقصرة ان الضابطة في علاج الغلو ان لا تقول بعظمة العطية الالهية وانما كل عطاياه يسيرة ، لان هناك فرق بين العطايا اليسيرة ليس التأليه والعطايا الكبيرة هي التأليه ، التأليه ليس في صغر العطايا وكبرها وانما في الاستقلال وعدم الاستقلال ، انت حتى بالعطايا الصغيرة لو قلت بالاستقلال هذا نوع من التأليه لان المستقل بقول مطلق اله ولو في ذرة من الوجود يعني هو غني عن الباري شبيه الان دعوى الوهابية نفس المنطق عندهم وهم احد انواع المقصرة وكذا ابليس الوهابية يقولون الحي يمكن ان يقوم بالافعال فاذا تتوسل به لا مانع فيه ، اذا تقول ايها الطبيب عالجني لا مانع فيه ، ايها الزارع قم بصيانة الارض او تنادي يا فلان ساعدني ليس الشرك ، اما ما ان يموت هذا الطبيب اذا ناديته وتوسلت به وطلبت المعونة هذا شرك ، فهل ممكن هذه التفرقة عقليا .
انت لماذا تذهب الى الماء وتشربه? تطلب من الماء الري والروي لماذا تذهب للاكل وتأكله وتطلب من الاكل الشبع? لماذا تذهب للدواء? فانت توجهك الى هذه الطبائع الجامدة ليس الشرك واما اذا تتوجه الى انبياء الله فهو شرك ، القدرة اودعها الله في الدواء وفي الطعام وفي الماء ولكنها اذا اودعها في الانبياء بعد رحيله للبرزخ فهو شرك ، هل هذا منطق عقلي? لان الشرك وعدمه ليس بالموت والحياة وانما بالاستقلال وعدم الاستقلال والا الموت والحياة ما الذي يفرقه? اذا توسلت بالحي وطلبت من الحي وناديت الحي يا فلان عالجني بسرعة قبل ان يقضي علي المرض هذا عين التوحيد او احد الاولياء تخاطبه وتناديه من وراء البرزخ هذا شرك اي منطق هذا? وهذا كما في تعبير الشيخ جعفر كاشف الغطاء في منهج الرشاد .
فهم لا يعرفون من اين تؤكل الكتف وتورد الابل يقولون اذا كانت عطايا الله صغيرة ومتوسطة ليس بغلو اما اذا كانت عظيمة فهذا غلو هل هذا منطق? فالعطية سواء كانت صغيرة وبسيطة وعظيمة اذا كانت تستقل عن الله هذا غلو وشرك ولو في رأس ابرة ، واذا اعطاه الله ملك السماوات والارض ولكنه لا يستقل ولا يستغني عن الله وليست قدرة الله منحسرة عنه هذه العطية هل هو ند لله وشريك الله? كلا ،
اذن اصل التأليه ما يفهموه ، فالمشكلة عقلية لعدم التضلع في البحوث العقلية في الوحي فيعيشون الشرك بدون ما يشعرون فيقولون العطية الصغيرة ما توجب التأليه لانها صغيرة فيمكن ان يستقل بها المخلوق عن الخالق فهذا الشرك بهذا المقدار مجاز فاصل البحث ليس واضح لديهم .
الان ملك الموت يميت البشر ويميت الجن كل الجن حتى ملك الموت يميت ابليس ويميت الملائكة هذا صنف ثالث ويميت الحيوانات صنف رابع ويميت النباتات هذا صنف خامس فهذه يميتها عزرائيل فهل هذه القدرة جعلت من عزرائيل اله? كيف اذا هذه في عزرائيل صحيحة اما اذا في نبي من الانبياء او وصي من الاوصياء هذا غلو ؟ فهل القضية عقلية ام ذوقية? اذا غلو يعني محذور عقلي .
من ينفخ الارواح في الابدان ؟ هو اسرافيل فالقضية في اسرافيل ليست تأليه وفي مخلوق اخر غير اسرافيل تأليه ، فمن امر اسرافيل بطاعتهم من الاشرف? اسرافيل او امامه ؟ ما لكم كيف تحكمون? طبعا فلاسفة الشيعة وكثير من الشيعة هذه المباحث نقحوها قضية الاستقلال وعدم الاستقلال ، فالصغر والكبر ليس هو المدار والا الان هذه الجهالات متفشية .