45/12/03
الموضوع: إذن الله والمشيئة وهيمنة العوالم
كنا في هذا المقطع من اية الكرسي من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه وكنا في صدد استعراض ايات الاذن في الكتاب الكريم ووصلنا الى سورة القدر.
يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجه من الظلمات الى النور باذنه ويهديهم الى صراط مستقيم .
هنا ايضا فيه بيان لكون الاذن له دور في تكامل الارواح المؤمنة حيث يخرجهم من الظلمات الى النور ويهدي بهم سبل السلام باذنه .
الاية التي بعدها :
يمسك السماوات والارض باذنه يعني هنا الاذن ملكوت للمادة يعني الماسك للسموات والارض اذن الله .
وايضا قوله تعالى :
وداعيا الى الله باذنه وسراجا منيرا .
ايضا هذا يصب في مصب الايات السابقة التي مرت بنا ان الوحي للانبياء يمر عبر وساطة اذن الله يعني حتى الطبقات النازلة من النبي الوحي الذي يفاض عليه هومن قناة اذن الله وان كان النبي هو ذو طبقات وليس طبقة واحدة .
الاية التي تليها :
وما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراء حجاب او يرسل رسولا فيوحي باذنه ما يشاء انه علي حكيم وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان .
هذه الاية في سورة الشورى انه نظام الوحي كله تحت هيمنة واشراف اذن الله هنا عالم المادة عالم السماوات عالم الوحي تكامل الارواح ، فهذا اذن الله ملكوت مهيمن على العوالم الكثيرة .
والاية التي تليها :
يوم يأتي لا تكلم نفس الا باذنه فمنهم شقي وسعيد .
يعني حتى في عالم القيامة الهيمنة والادارة التكوينية لعالم القيامة تحت هيمنة واشراف اذن الله .
وكذلك : ما اصابك من مصيبة الا باذن الله .
يعني عالم القضاء والقدر ايضا تحت اذن الله ، فتارة الاذن يضاف الى اسم الجلالة واخرى يضاف الى اسم هو ولا ادري هل هناك اضافات اخرى في الايات ام لا? مما يدلل على ان الاذن دون اسم الجلالة ودون اسم هو ، طبقات العوالم كما مر بنا ان عالم الاذن دون عالم الاسماء ودون عالم المشيئة ايضا وان كان فوق جملة من العوالم وفوق كل عالم عالم ، نظام سلسلة العوالم الصادرة منه تعالى .
وكذلك قوله تعالى : فانه نزله على قلبك باذن الله مصدقا لما بين يديه .
ومرت بنا هذه الايات ان جبرائيل ايضا بتوسط اذن الله يتنزل ويوحي الى النبي وكما ورد في بيانات عديدة لاهل البيت عليهم السلام ان الوحي تلقاه جبرائيل من اسرافيل واسرافيل من اللوح واللوح من القلم وهلم جرا يعني حتى الوحي يتنزل طبقات يتوسط الملائكة بعضهم لبعض الصدوق في كتاب الاعتقادات فالاذن هكذا .
الاية التي تليها :
كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله .
يعني هذه نوع حاكمية مجريات عالم المادة وهناك بحث تعرضنا اليه العام الماضي سلسلة بحوث حول الحكومة الالهية التي تسند الى الله فالحكومة الالهية كيف هي ؟ حيث هناك حكومة الهية تسند الى الامام وهناك دولة الهية تسند الى الرسول وهناك دولة تسند الى الامام ، مثل اطيعوا الله واطيعوا رسول الله واولي الامر منكم ، هذا الاسناد ليس عبط وانما درجات لماذا اسند اولا الى الله? مثل الفيء ثروات كل الارض ولايته اولا لله ثم للرسول ثم للقربى فاطمة وعلي ، وهذه الطبقات بتدقيق وترتيب .
فقبل ان نواصل تتمة هذا المطلب فهناك حاكمية عسكرية مالية قضائية تشريعية يعني السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية والاجرائية هي السلطات المختلفة درجة منها تسند الى الله وان كان ما يسند الى غير الله من اوليائه وخلفائه ايضا يسند الى الله ، يعني هل نطيع الرسول يعني لا نطيع الله? فما الفرق بين اطيعوا الله واطيعوا الرسول?
نعم هناك طبقات من الاسناد الى الله تعالى وهكذا في الحكم ومن احسن من الله حكما لقوم يوقنون ، او الله احكم الحاكمين ، فدرجة من الدولة الالهية تسند الى الله واحكامه ونظامه يختلف عن درجة الحكومة الالهية التي تسند الى النبي وليس يعني تتناقض ، مثل الفرق بين القانون الدستوري والبرلماني والوزاري والقانون البلدي هو كله نظام واحد ولكن فيه طبقات وهكذا في الدولة الالهية .
وعبر سنين مديدة في كتاب الامامة الالهية او في كتاب الرجعة او كتاب مقامات فاطمة او الدائرة الاصطفائية الثانية تم ولو يسيرا في الدولة الالهية لكن من جهة طبقات دولة الامامة ودولة النبي اما الدولة التي تسند الى الله هذه طبقة اخرى تم مداولتها في الصيف الماضي ولكن لم نستعرضها في بحوث النجف ان شاء الله اذا حان الوقت نستعرضها.
هنا لاحظ اذن الله يمثل الطبقة العليا من الحكومة الادارية فهزموهم باذن الله وقتل داوود وجالوت ، فما هي خصائص الدولة الالهية في طبقة الاسناد الى الله عن الحكومة الالهية في طبقة الاسناد للنبي عن الحكومة والدولة الالهية في الاسناد الى الائمة ؟ هناك فوارق ونظم وقواعد جدا ممتعة .
الاية التي تليها :
وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد ان ياذن الله لمن يشاء ويرضى .
هذه الحكومة الالهية بهذه الدرجة حاكمة مطبقة على الارض والسماوات شبيه امامة ودولة الامام اني جاعل في الارض خليفة وليس النص القرآني اني جاعل خليفة في الارض ، اني جاعل خليفة في الارض يعني حدود خلافتي فقط في الارض اما جاعل في الارض خليفة ، في الارض جار ومجرور متعلق بكائن وليس بخليفة اني جاعل كائنا من المخلوقات هو في الارض جاعله خليفة ، خلافته في السماوات والارض بدليل ان كل ملائكة السماوات والارض امروا له بالطاعة .
فدولة الامام ليست مخصوصة بالارض ولذلك يصر امير المؤمنين ان ملكنا ما يقتصر بالارض والدنيا وانما الدنيا والاخرة والرجعة والقيامة والجنة ويقول هناك روايات عديدة ملكهم يشتد في العوالم الصاعدة . فالمقصود ان الدولة الالهية على صعيد الاسناد الى الله او الى النبي او الى الائمة تسع الدنيا والاخرة والقيامة والجنة ولكن مع ذلك هناك فرق في الطبقات .
قوله تعالى :
وما كان لرسول ان يأتي باية الا باذن الله .
فمجيء الايات بمعنى ان الايات سلطان واعجاز وقدرة فيض المعجزة والقدرة على الانبياء او على سيد الانبياء يكون بوساطة فيض الله وباذن الله .
قوله تعالى : انما النجوى من الشيطان ليحزن الذين امنوا وليس بضارهم شيئا الا باذن الله .
يعني عالم الضرر والظلم والشر تحت حاكمية وسيطرة اذن الله
الاية الكريمة : والبلد الطيب يخرج نباته باذن ربه والذي خبث لا يخرج الا نكدا .
فمما يدل على ان حتى خواص عالم الطبيعة فيضها باذن الله ، يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم .
الاية الشريفة :
ما قطعتم من لينة او تركتموها قائمة على اصولها فباذن الله وليجزي الفاسقين .
يعني مجريات الاحداث في كبد الحدث الراهن بهيمنة وليس بنحو الجبر وانما امر بين امرين بين اذن الله وبين العوامل المادية الاسباب والمسببات .
وكذا قوله تعالى : ما اصابكم من مصيبة الا باذن الله .
نفس الكلام عالم الشر والضرر تحت سيطرة وحاكمية اذن الله .
وقال تعالى :
في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه .
وهذه البيوت مقامات للنور وللرجال ولذوي العصمة ايضا فيضهم يفاض من كمالاتهم في العصمة والطهارة والنور يفاض من اذن الله تقريبا اذن الله وجه الله يد الله عين الله عوالم قريبة من عوالم الاسماء هذا بقول موجز ، ومر بنا سلسلة العوالم كلما تنمحي الهوية المخلوقية يقترب المخلوق الى الله وكلما تزداد هوية المخلوقية يبتعد ويتنزل المخلوق عن الساحة الالهية .
وما كان لنا ان نأتيكم بسلطان الا باذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون .
وهذا بالنسبة لشؤون الانبياء هو هكذا .
اجمالا نكتفي بهذا القدر من اذن الله وندخل في مفردة الا ان يشاء الله حيث المشيئة فوق الاذن ونتعرض له بمناسبة اذن الله ، فلاحظ انت في الايات عالم المشيئة يعبر عنه بفعل المشيئة يشاء الله هي عالم المشيئة تارة يعبر عنه بصيغة الفعل صفة فعلية لله واخرى يعبر عنه بعالم المشيئة ، خلق الله المشيئة بنفسها وخلق الاشياء بالمشيئة فيعبر مشيئة عالم ويعبر مشيئة فعل الهي .
ومر هذا التنوع في التعبير للدلالة على ان افعال الله في الاصل جواهر .
قال تعالى :
ما كانوا يؤمنوا الا ان يشاء الله .
وهذا يدل على ان الكمالات الروحية للمخلوقات واسطة الفيض فيها هو مشيئة الله كالاذن و ورد عندنا في الجلسة السابقة والتي قبلها دلالة على ان المشيئة فوق الاذن ، يأذن لمن يشاء ، فالمشيئة سابقة على الاذن .
وقال :
وما يكون لنا ان نعود فيها الا ان يشاء الله ربنا .
يعني حتى عالم الانحراف والشر يهيمن عليه عالم المشيئة ، الراوي يسأل الامام هل يشاء الله المعصية من العباد? فهو يخلط بين المشية والارادة والمحبة ؟ عمران الصابي مع انه كان متكلم في زمانه وعندما اتى في المحاججة والحوارية مع الرضا ع صعب عليه التفرقة بين الارادة والمحبة والمشيئة بينما برهن له الامام الرضا وهذا دليل على امامة الائمة ع للعلوم الوحيانية ، فقال له المشية غير الارادة ، ليس كل من شاء شيئا اراده ، نعم كلما اراد لابد ان يشاء ، يعني عموم وخصوص مطلق بينهما لكن ليس كل ما شاءه اراده كما انه فرق بين المشيئة والارادة والمحبة والرضا فهذه امور مختلفة .
فيشاء الله الشر لكن لا يعني انه يسبب الشر ولو لم يشاء الله الشر لما استطاع اهل المعاصي ان يعصوه لكن لا ان المعصية والسيئة من الله وانما هي من عند الله وليست من الله يعني التقدير والسيطرة عليها من عند الله ، فالمشيئة هي السيطرة على الشر لا انه تسبيب للشر ، فرق بين انت تسيطر على الاشرار وبين انت تسبب شرية الاشرار ، تسيطر على شرية الاشرار يعني لا ينفلتون منك ولا يستطيعون ان يتجاوزوا الحد الذي تنسبه اليهم ان الشر صدر منك مثل الان الحكومة الوضعية في البلدان المختلفة تعلم بالعصابات والاجرام ولكن ليست هي السبب واعطاؤها مهلة لهذه العصابات الاجرامية وعصابات المخدرات لا يعني انها سبب او انها تغريهم بالشر باعتبار قوانين العدالة الاجتماعية تقضي مثلا اعطاء فسحة لهم من المجال لكن من دون الانفلات .
فيسأل هذا المتكلم الامام الرضا ع هل يشاء الله المعصية وهل يشاء الله ان ابليس كذا? قال نعم شاء ولا تشاؤون الا ان يشاء الله ولكن هذا لا يعني انه اراد واحب ورضي ليس انه ان شاء الله ان يكونوا اهل البيت مظلومين ، هنا لاحظوا حتى في عاشوراء في البداية من المدينة المنورة او مكة المكرمة قال الامام شاء الله ولم يقل اذن الله ، اما صبيحة عاشوراء قال قوموا فقد اذن الله ، فالاذن بعد المشيئة .
وهذا يبين انه ما لم يبرم الاذن لا يكون حتم ويبقى مجال للتغيير وللبداء وهذا اللي ذكرناه في كتاب المشهد الحسيني انه كيف يقول شاء الله ان يراهن قتيلا ومع ذلك يخيره الله ؟ يعني المشيئة ليست حتم وانما نوع تقدير علمي قابل للتبدل فمعرفة كنه المشيئة وسبقه على الاذن والابرام امر مهم .
اما المشيئة لا تعني الاذن هذه البحوث لولا اهل البيت لا اقولها تعصبا لا الفلاسفة يدركوها ولا العرفاء ولا الصوفية ولا المتكلمون ولا الفقهاء انظر كيف الغزارة الوحيانية لعلوم اهل البيت والا الناس والعلماء يكونون في عمى لولا هداية نور علوم ال البيت تفوقهم على كل البشر في العلوم وفي البيانات الاعجازية لائمة اهل البيت : العلم مهيمن على المشيئة ، العلم من الاسماء ومهيمن على المشيئة من عالم الصفات الفعلية .
علم شاء اراد اذن امر وهذا غير احب ورضي هذه شؤون متعددة في الفعل الالهي والتمييز بينها تحار فيه العقول والقلوب ولكن انظر كيف سيطرت وهيمنت اهل البيت على هذه المباحث ، هذا كتاب الكافي كتاب حديث او كتاب يعجز عنه البشر ؟ او توحيد الصدوق وغيره ؟ هم في الالفاظ يترجلون وفي المعاني الاولية مترجلين لهذه الابحاث كيف في شبكة ترامي المعاني لهذه الاحاديث? مما يدل على الفاصل الكبير بلا قياس بين علم البشر من الفلسفة والكلام مع العلم الوحياني . لاحظوا ما الفرق بين المشيئة واذن الله? او الاسماء ؟
الاية التي تليها :
كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ اخاه في دين الملك الا ان يشاء الله .
لماذا ما قال لياذن الله? وانما اكد على المشيئة ؟ في بعض الموارد الله يؤكد على العلم ما النكتة فيها ؟ كيف ان العلم اوسع من المشيئة? وكيف ان المشيئة اوسع من الاذن? ومن القدر والقضاء ؟ كل ما تتنزل العوالم يصير فيها ابرام وتضييق اما عندما تتصاعد تكون اوسع فاوسع ، احد معاني البداء هذا وهو اوسعية العوالم العليا عن العوالم النازلة ، اهبطوا الى الارض فيها ضيق والهبوط فيه ضيق اما العروج فيه سعة ورحابة .