45/12/02
الموضوع: التوحيد في الصفات الفعلية و الفيض الإلهي
لا زال الكلام في الشفاعة وانها جعلت من الصفات الفعلية للباري في اية الكرسي ومر بنا ان في هذه الصفة الفعلية ايضا اخذ اذن الله مهيمنا على الشفاعة وهذا الاذن فعل مهيمن مخلوق والاصل في الافعال كما مر انها جواهر لا اعراض ، فجوهرية المخلوق لا تنافي انه فعل من افعال الخالق ، والذهن البشري دائما عنده هذا ، فالفعل في حين انه جواهر ومتجوهرة ولكنها فعل لله ، فالفعل ليس بالضرورة انه عرض فهو مخلوق حدث لم يكن وكان ولكن هذه الجواهر ايضا حادثة فالحدوث ليس مختص بالعرض وانما يشمل الجواهر ، فبالتالي لا تنافي الصفات الفعلية لان الصفات الفعلية يعني فعل الله ليس في مقام ايجاد الجواهر ، كانما فعل الله في مقام ايجاد الجواهر ولكن مع ذلك هي صفات فعلية .
فكل المخلوقات الجوهرية من عالي العوالم الى دانيها كلها صفات فعلية لله لانها لم تكن ثم كانت يعني احدثت ، فالفعل يدل على الحدث بمعنى انه لم يكن فكان لا انه عرض فالحدث يستعمل بمعنيين او بمعاني ويجب عدم الخلط بينها ، فهو فعل مستمر له تعالى .
لذلك ملاصدرا بغض النظر عن صحة نظريته وعدمها صور الحركة الجوهرية يعني يريد ان يقول الجوهر كله بشراشره حدث وهذا صحيح وهذا اشتباه الاشاعرة ان الجوهر يحتاج الى الخالق ابتداء وبعد ان صار جوهر فهو غني بنفسه ، يعني انا احتاج الى الخالق ابتداء لا استمرارا وهذا جهل مطبق ، حاجة الممكن الجوهري الى الخالق ابتداء واستمرارا ومستقبلا سيان ، هذا الفيض الذي يكتسبه المخلوق في اصل وجوده الجوهري هذا لا يملكه المخلوق مستقلا عن الباري وليس هو غني مستقل ، ففي متن وجوده هو فقير الى الخالق ، فما يمكن استغناء المخلوق الجوهري في اي حيثية من حيثياته عن كونه يتقوم بالخالق حتى في عطية الخالق له هذه العطية هو فقير فيها وليس مستقل بنفسه .
ومر بنا بيان امير المؤمنين هو اقدرهم وهو اقدر فيما اقدرهم فيه منهم ، هو اعلمهم وهو اعلم فيما اعلمهم فيه منهم هو املكهم وهو املك فيما املكهم فيه منهم هو احياهم وهو احيى فيما احياهم به منهم هو اكملهم وهو اكمل فيما اكملهم فيه منهم وليس في غير ما امكنهم فهي عبارة عقلية فهو اقدرهم وهو اقدر فيما اقدرهم به منهم اما فيما لا يقدرهم فسالبة بانتفاء الموضوع .
اقدرية الخالق لا يقاس باقدرية المخلوق فما يمكن ان توصف قدرته في قدرتهم بعقل مخلوق ، فقدرته لا تنحسر هو اوجدهم وهو اوجد فيما اوجده فيهم منهم ، يا من دل على ذاته بذاته ، ملئت اسماؤه اركان كل شيء ، فشيئية الشيء اركانها مملوءة بتجلي الله لان هذا المخلوق ليس له من نفسه شيء ، يا ايها الناس انتم الفقراء يعني جوهركم هويتكم وذاتكم الفقر وليس لكم شيء ، لم يلد في عطاياه ولم يولد وهذا ليس فقط في ذاته عطاياه ليس ان يقتطعها من نفسه .
فسورة التوحيد يمكن ان تقرأ على صعيد الذات وعلى صعيد الصفات الذاتية وعلى صعيد الصفات الفعلية ، الصفات الفعلية لله تعالى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد ، فسورة التوحيد تقرأ على اصعدة عديدة كما بينه اهل البيت وهم ادرى بما في الغيب ولا يدانيهم مخلوق في ذلك بتعليم من الله .
فالمعتزلة والاشاعرة يقولون نحن محتاجين الى الخالق في اصل الحدوث لا في البقاء ، وهذا التعبير في نهج البلاغة يعجز عنه كل عارف وصوفي ، هناك معجزات عديدة في نهج البلاغة وهذه المعجزات التي لا يرقى اليها الطير البعض يقول لنراها مع المغلوب على امرهم من الرواة وهذا خلاف الانصاف العلمي ، فهو اعجاز علمي ، هو اقدرهم وليس بنحو يلد ويولد ، يعني يطبق امير المؤمنين لم يلد ولم يولد حتى في الصفات الفعلية ، فهو اقدرهم ولم تنحسر وهو اقدر فيما اقدرهم فيه منهم .
فارجع البصر كرتين يرجع البصر اليك خاسئا وهو حسير ، فالبصر المخلوق خاسئ وحسير بخلاف الخالق لا توجد فيه انحسار ملأت اسماء اركان كل شيء ، هذه المعادلة في دعاء كميل ملأت اسماؤه اركان كل شيء، هذه المعادلة في دعاء كميل وكله معادلات وهو دعاء دورة عقائدية وهو دعاء وتربية عقلية وقلبية ، اركان يعني اصل هوية هذا المخلوق الجانب الحقيقي فيه ليست له وانما هي التجلي من الله فيه ، اسماء يعني تجلي ودلالة ، واسألك باسمائك التي ملأت اركان كل شيء ، فالاسماء يعني هي تجلي وايات ، يعني تجليه يتجلى في كل شيء .
فالجانب الحقيقي في كل شيء هو تجلي لله وليس للمخلوقات فالاسماء ملكت اركان وليس هوامش شيئية الشيء وانما اركان شيئية الشيء فاذن الجوهر في الحدوث يحتاج الى الباري وكذلك في البقاء يحتاج الى الباري بخلاف الاشاعرة ومشكلة المخلوق هذا انه يقول انا والله ، والله وانا ، اين استقلالية المخلوق حتى يقول انا ؟ واين استغناؤه? نعم الصحيح هو القول انا الفقير في غناي الذي اعطيتني اياه وكيف لا اكون فقيرا في فقري? وحتى الغنى الذي يعطينا الله عز وجل هو له .
وقد يقول شخص الله بخيل لانه كله له ، بالعكس هو اكرم الاكرمين لانه يعطي عطية فوقنا ويجعلنا تجلي اليه وهذا اعظم شيء ، لانه لو نكون تجلي لانفسنا نحن متضعضعين بينما يكون التجلي لله هذا اعظم كرم واعظم عطية اعطاه الله لنا ، فلو وكلنا لانفسنا هلكنا يعني خواء وعدم ولكن نسبنا اليه وهذه اشرف نسبة كما يقول امير المؤمنين كفى بي فخرا ان تكون لي ربا وكما في بيانات الوحي والمباحث العقلية كلما كانت عطية الله للمخلوق اكثر كان فقر المخلوق لله اكثر .
افقر الناس الى الله واحوجهم اليه هو سيد الرسل ولذلك اعبد الناس اليه سيد الرسل هو افقر الناس هو سيد الرسل لان العطية التي اعطاها الله لسيد الرسل لم يعطها لغيره فحاجته الى الله اشد واشد ومن ثم خوفه اشد واشد من اي مخلوق اخر ، فبالعكس كلما ازداد المخلوق كمالا انما يخشى الله من عباده العلماء فالخشية يقوم به العلماء فالذي يعطى اكثر فاكثر احتياجه اكثر واكثر ، مثل ما انت اذا تصير مديون ازيد هل انت احوج للدائن ام لا ؟ فالله لا يطالب سيد الرسل بالشكر كما يطالب غيره وانما سيد الرسل مطالب باكثر لان العطية التي اعطاها الله اياه اكثر والعبادة التي يطالبها من سيد الرسل ليس كما يطالب بها غير لان القدرة والكمال التي اعطاها الله عز وجل لسيد الرسل اذا لم يعبد الله بقدر ما اعطاه الله من عبادة يصير طغيان وحاشاه من الطغيان .
وهذه المعادلة العلمية مذكورة في اشهر زيارات امير المؤمنين اللهم ان اعطيتني نعمة فارزقني معها شكرا يدمغها ، فلما ذا قال يدمغها ؟ هي نعمة لماذا قال يدمغها? فلم يطالب بان الانسان يحصل شكرا يدمغها ؟ الحق يدمغ الباطل لا العكس ، فهنا لماذا الكمال يدمغ الكمال? هذا هو التعبير الاعجازي في زيارة امير المؤمنين ثم يقول لي ما هو سندها? الان هذا الراوي المغلوب على امره هل يفقه هذه القضايا? هذه اعجاز علمي ، فيلسوف لا يفهمها بعد عشرة قرون ولا العرفاء ولا الصوفية فما بالك راوي قبل عشرة قرن او اربعة عشر قرن ؟ فليس مصير الرواية مرتبط بهذا الراوي والشيخ المفيد يقول هذه قسمة ضيزى .
هذه معاني اعجازية موجودة في الوحي يقول كمال يدمغ كمال ، فالكمال قد يؤدي الى طغيان فيأتي كمال فوقه يجعله هداية ، فاذا كان رسول الله اعظم مخلوق يجب ان يكون اشكر الشاكرين لكي يبقى من اكمل العبيد المخلوقين لله ، لذلك احد انحرافات الغلاة الصوفية او المقصرة يفكر ان الكمال يعني خروج ، انت كلما اثبتت كمالات لرسول الله او لامير المؤمنين او لاهل البيت يعني قلت يستحق الله عز وجل عليهم عبودية اشد ، هذا منطق اهل البيت لا انه اذا ثبتنا لهم الكمالات الخارقة معناه انه قلت عبوديتهم بل اشتدت العبودية والمسؤولية في اعناقهم الشريفة ، لذلك صلاة الليل واجبة على رسول الله .
احدهم سال الامام الصادق كيف عبادة النبي غير المعلنة? قال اسكت اذا تسأل عن عبادة امير المؤمنين فلك ذلك هو يصلي الف ركعة في الليل اما رسول الله فلا تسأل هذه لا تبرز لان الامة تصير في شقاء وهذه ليست عبادة رسول الله في دار الدنيا الاولى الان عبادة رسول الله في البرزخ وهي الدار الثانية في الدنيا لا يصل اليها احد وكلما نترقى وندخل الجنة نطالب بعبادة اشد واشد ، نعم الجنة ليس شقاء وليس فيها كلفة ولكن نطالب بعبادة اشد وطاعة اشد والا نحن لسنا كفار في الجنة وكما يقول جعفر ابن محمد الصادق وهذا الامر لا يعرفه الفلاسفة ولا الفقهاء ولا المتكلمين ولا المفسرين ولا الصوفية ولا ولا ولا يقول وجوب الصلاة من الدين وليس من الشريعة الم يقل ان الله وملائكته يصلون على النبي ؟ فهذه صلاة ولكن بنمط اخر .
تفاصيل الصلاة من الشريعة ولكن اصل الصلاة من الدين والحج هو حج القلوب فوق الجنة عوالم ارقى من الجنة فيها حج ولكن ليس حج القلوب وليس حج الابدان زكاة القلوب اعظم من فوق الجنة وانقى من الجنة كما يقول الامام الصادق اصل العبادات بمراتبها القلبية ليس فقط في الجنة وانما فوق الجنة ، اصل وجوب الصلاة يعني بمراتبه القلبية او الروحية اصل الزكاة القلبية ما هي يا جعفر بن محمد الصادق? عندنا رواية تقول اعظم الزكاة هو زكاة القلب، يقول الزكاة الحقيقية القلبية ان تقول هذا ليس ملكي وانما كله ملك الله فتعيش هذه الحالة بيقين وهذا لا يستطيع احد عليه ليس تنظيرا وانما احساسا وشعورا .
فالزكاة القلبية قطعا موجودة في الجنة وكذا الروحية والحج القلبي موجود ، عندنا في بيانات الوحي ان اللوح والقلم ملكان اول ما خلق الله الملك اخذ يطوف طواف حول نور النبي فالخلق النوري للانبياء في بيانات متواترة عند الفريقين اخذوا يطوفون بنور النبي فنور النبي كعبة لهم وهذه بيانات مستفيضة في سورة فاطر ان الانبياء والائمة يطوفون حول الله ويحوم قلبهم حول الله وحوم القلب هو طواف القلب فاذن شد حيازيمك للعبادة ان كنا من اهل الجنة حيث مطالب هناك بالعبادة القلبية .
هنيئا لمن وصلوا كالابدال والاوتاد كسلمان او غيرهم وصلوا الى العبادة القلبية وهم في دار الدنيا الاولى وهم دون الدائرة الاصطفائية الثانية من اهل البيت فكلما يترقى الانسان يتوقع الله منه اكثر و الله يتوقع من اهل الجنة اكثر مما يتوقع من غيرهم ومر بنا في بيانات اهل البيت ان اهل الجنة يحاسبون حساب الانبياء لا غير الانبياء من يدخل الجنة يحاسب على الخواطر آه من قلة الزاد وطول السفر يعني الله يريدنا نصير مثل الانبياء كي ندخل الجنة فليست العملية سهلة بحيث الخواص الخواطر محل سيطرة عندهم وليس الميول النفسية والروحية ، الخواطر عندك سيطرة وكنترول تحكم فيها .
استغفرك من كل لذة لم تكن بغير ذكرك هذه في المناجاة الخمسة عشر يشكل على المناجاة بانها للصوفية هذا اعجاز علمي لا يعرفها لا عرفاء ولا صوفية ولا فقهاء ولا متكلمين يعرفه المعصوم استغفرك بكل لذة لم تكن بذكرك ، الامام يستغفر من السيئات هي طاعات في الظاهر ولكن في الواقع سيئات ، يعني سيئات بهذا المعنى تكاملي ، حسنات الابرار واقعا سيئة اذا يريدون يصلون الى المقربين هي حسنة بلحظ ما دونه اما بلحاظ ما فوقه سيئة وليست حسنة ، يسبحون الله اناء الليل والنهار ولا يفترون ، فاذا فتور آن واحد يبعد انظر منطق الله لابليس اخرج منها ما يكون لك ان تتكبر فيها ، يعني لما تصعد اي رذيلة تهوي بك الى الحضيض ونحن لسنا بقدرها .
اذن لم يكن اعبد الخلق سيد الانبياء ؟
هذه بحث العطية الالهية ضريبتها كبيرة وكلما زادت صارت الضريبة اكبر وهذا ليس معناه التاليه بل بالعكس هي زيادة عبودية .