الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث التفسیر

45/12/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: عوالم المشيئة والإرادة والأذن والأمر والقول

 

لا زلنا في هذه الصفة الفعلية في اية الكرسي : من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه ...

ونواصل قائمة ( باذنه ) في معجم القرآن في بقية الموارد ، طبعا اية الكرسي الصفات الاخرى التي ستأتي فيها من قبيل الشفاعة يعني الصفات الفعلية هي من شؤون مخلوقات الله تعالى يعني هي صفات فعلية من شؤون المخلوقات العالية تنسب الى الباري على نفس وتيرة الشفاعة .

الاية الاولى: من يشفع الا من اذن له الرحمن

يعني الاذن مهيمن ولو كمخلوق ولو كفعل صادر ، او هيمنة الاذن الالهي على الجنة ، شبيه ان علي قسيم الجنة والنار قسيم يعني مهيمن و ولي ومدبر فهذا يعني ملك وشؤون الجنة عطية من الله ورسوله لامير المؤمنين ، ملك الجنة بيد علي وكذا ملك النار بيده ، يعني العاقبة الابدية للجن والانس بيد علي بن ابي طالب وهو سبيل الله حنيف وليس تعبير سهل يعني هذا التعبير المتواتر النبوي تعبير او تأويل التعبير امر عظيم يعني بعد سيد الانبياء القيم على دخول الجنة والنار والفاروق الاكبر في الوحي وفي الدين وفي العوالم والفيصل هو امير المؤمنين علي بن ابي طالب وبقية الانبياء وكل الاصفياء تحت لوائه وتحت ولايته قسيم الجنة والنار .

اذا كان علي ولي من قبل الله ورسوله ان يكون ولي الجنة والجنة عرضها كعرض السماوات والارض فاي مملكة وليها علي? جهنم وليها علي والجنة وليها علي تكوينا وحيانيا ما شئت فعبر من قبل الله ورسوله فكيف بالارض? هذه الارض الذي هي الدنيا وما متاع الدنيا الا قليل فكيف بالبرزخ وكيف بالقيامة? عالم الجنة والنار وراء وراء عوالم القيامة ، يعني محيط ومهيمن عالم الجنان وعالم النيران عالم اوسع واضخم من عوالم القيامة وعوالم القيامة اضخم واوسع من البرزخ والرجعة .

لذلك في بيانات اهل البيت اوتينا ملك الجنة والنار فضلا عن عالم القيامة فضلا عن الرجعة فضلا عن هذه الدنيا القصيرة الزائلة لذلك ينسب الى احمد ابن حنبل انه سأله احدهم او ابنه عن فضائل علي ابن ابي طالب قال ماذا اقول فيمن هو قسيم الجنة والنار? القاسم هو علي ابن ابي طالب وسيد الانبياء هوابو القاسم القاسم الاكبر هو امير المؤمنين وهذا بيان موجود للائمة ان التأويل لكنية النبي بابي القاسم يعني القاسم بين الجنة والنار علي ابن ابي طالب وابوه النبي .

لذلك يقول الامام الباقر كفى في معرفة علي ان تعرفه انه امام مفروض الطاعة منصوب من قبل الله وانه قاسم و ولي الجنة نار ، فالجنة جنس جنان والنار جنس نيران ، فمن يكون ملك الجنة وملك ملوك الجنة وملك ملوك النيران يعني مالك لها الملك من الملائكة اسمه مالك المالك له امير المؤمنين وفوقه الله مالك كل شيء .

فبالتالي هذه ضرورة المسلمين بان علي قسيم الجنة والنار وضرورة المسلمين بان الخليفة لله في الجنان وفي النيران هو علي فكيف بك في عالم القيامة? الحاكم يوم الدين الاعلى هو الله لكن الحاكم المباشر مع البشر هو علي بن ابي طالب ولذلك هذه صفة ديان يوم الدين الديان الاكبر هو الله لكن الذي يتعاطى معه البشر او الجن او الملائكة هم الائمة وهو الحاكم ليوم الفصل .

ولذلك يقول امير المؤمنين ملكنا في القيامة اعظم من الرجعة وملكنا في الرجعة اعظم من ملك الدنيا الاولى ، الرجعة هي الدنيا الاخرة واخرة الدنيا وملكنا في الجنان اعظم من ملكنا في القيامة يعني في الجنان وفي النيران لانها عوالم تترقى وتتصاعد وتتكامل وتتعملق تكوينا اكثر فاكثر وهذا يكفي لمن له ادنى فطنة ان الامام بعد الرسول هو علي ابن ابي طالب وولده .

فاذن الله مهيمن على الشفاعة ، يعني اذن له الرحمن ورضي له قولا ما الفرق بين اذن ورضي ? لما لم يكتفي الله عز وجل في هذه الاية باذن له الله ؟ وانما ورضي له قولا ؟ يجب ان ينتبه ما الفرق بين اذن الله ورضاه ؟

يومئذ لا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمان ورضي له قولا ، يعني جدلية بين الاشاعرة والامامية العدلية ، يعني الاشاعرة شبيه الاخباريين يقولون المدار على الصدور كلما يفعله الله هو حق ، طبعا هذا صحيح لان الفعل صادر من الله عز وجل هو حق وهذا صحيح لا احد ينكره هم يقولون المهم اسناد النسبة الى الله والعدلية يقولون ليس فقط هذا وانما المنسوب ايضا في ذاته يجب ان يكون عدلا وحقا ، مثلا الاشاعرة يقولون لو نسبت الظلم لله فهو حق سواء كان ذاته ظلم او عدل بل ذات الاشياء ليس لها ذاتيات مستقرة من دون النسبة الى الباري وهذا صحيح لكن المغالطة هنا اذا ذات الشيء ليس له تقرر ، يقول ليس العدل في ذات الشيء العدل فقط بان تنسب الى الله ، فذات الشيء ان الله ليس بظلام للعبيد .

لماذا ينفي الله عن نفسه الظلم? ما اصابكم من سيئة فمن انفسكم? فلماذا ينزه الله عن السيئات ؟ اذا هناك اشياء في نفسها غير قابلة لان تنسب الى الله يعني النسبة الى الله شيء عظيم وذاتية الشيء لابد منه ، اذن لا تلاحظ الصدور والنسبة ايضا لاحظ ذات الشيء ، شبيه ان الفقهاء في القانون الشرعي يقولون شرائط صحة العقد وشرائط المتعاقدين ، فشرائط العقد في ذاته وشرائط المتعاقدين يعني جهة الصدور ، فشرائط الصدور لا تغني عن الشرائط الذاتية للعقد ، فلا تنفع الشفاعة الا من اذن له الرحمن فهنا صدور واذن في الصدور ورضي له قولا يعني ذات الشيء المشفوع فيه على الموازين يعني نفس القول في نفسه يعني شيئان في الميزان شرائط ذات الشيء وشرائط الانتساب الى اذن الله ، الاذن نسبة الى الله . اذن ليس فقط في الصدور ايضا لا بد ان نلاحظ المضمون والمتن .

الاية الثانية :

يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات الى النور باذنه ويهديهم الى صراط مستقيم .

يعني نفس الانبياء عندما يبعثهم الله بالنور والهداية المخرج لهم من الظلمات الى النور في عين هي الرسالة والوحي لكن المهيمن على ذلك هو اذن الله فهو مهيمن على تربية وتكامل وكمال البشر .

الاية الثالثة :

تؤتي اكلها كل حين باذن ربها ، يعني حتى البركات والكمالات والوسيط الفيض فيها هو اذن الله .

الاية الرابعة :

في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه .

الاذن مهيمن على بيوت الاصطفاء والنور هذه البيوت مثل الابدان او الارواح في تأويلها الصحيح فضلا عن الظرف المكاني الجغرافي لها ، فالبيوت استعملها القرآن قال رجال يعني نور الله مثل نوره في بيوت هم رجال ، فالبدن بيت الروح هذا هو استعمال القرآن ، الروح بيت النفس والنفس هوبيت الروح وبيت النور هو الطبقة العليا من الانسان او من الاصفياء ، فاذن الله ان ترفع يعني باذن الله تعظم يعني حتى عصمة المعصوم والانبياء بوساطة فيض اذن الله فهذا اذن الله مقام ملكوتي عظيم يحيط ويهيمن على الاصفياء .

الاية الخامسة :

وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضى .

فعندنا اذن ويشاء ويرضى ، ما الفرق بين الاذن والرضا? وما الفرق بين الاذن والمشيئة والرضا? سورة النجم الاية ستة وعشرون الا من بعد ان يأذن الله ياذن لمن يشاء ، من هو المقدم? هل يأذن او يشاء? فلابد اول شيء يشاء كي يتعلق به الاذن ، فالمشيئة مقدمة على الاذن .

اذن عالم اذن الله دون المشيئة وهذا غير امر الله وعالم الامر ، ما الفرق بين عالم الامر وعالم اذن الله? فعالم المشيئة وعالم الاذن الالهي وعالم الامر وعالم الرضا وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضى ، فهو تشفع ولم تثمر شفاعته شيء الا من بعد ان يأذن الله ، فلابد ان يتدخل اذن الله في البين وياذن الله لمن يشاء ، فترتب عوالم المشيئة ثم عالم باذن الله .

فلا يكفي المشية بمفردها ولا الاذن بمفرده لان القرآن يفسر بعضه بعضا والوحي يفسر بعضه الا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضى ثلاث قيود مشيئة بمفردها غير كافي وكذلك الاذن لابد من الرضا ، انما امره اذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون الامر هو الارادة فاولا لابد من الارادة ان يقول فعندنا عالم امر وارادة ومشيئة ، فالشيء تعلقت به المشيئة ذات الشيء وقول عالم الكون كن فيكون ، عالم الكون والتكوين فهنا لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضى .

فهذه العناوين وهذه القيود ليست جزاف كلها تشير الى العوالم العليا التي هي وسائط فيض الله للعوالم السفلى .

الاية الاخرى :

انما النجوى من الشيطان ليحزن الذين امنوا وليس بضارهم شيئا الا باذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون .

يعني الشيطان دائما يأتي ويناجيكم في سر قلبكم وارواحكم غايته ان يحز ويغمكم وهذه نجوى الشيطان اللي هو حديث غير محسوس ويوسوس يعني نجوى خفية انما النجوى من الشيطان غايته ان يحزن وييأس ويشائم الذين امنوا وليس بضارهم شيئا الا باذن الله اذن لاحظ عالم الاذن مرتبط بالابرام ، ما الفرق بينه وبين عالم الامر? يجب ان ندقق اكثر انما امره اذا اراد شيئا .

الاية التي تليها :

ما اصاب من مصيبة الا باذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم .

فيجب ان يأخذ المؤمنين الهول في ذلك ، .

الاية الاخرى :

وكذلك تنزل الملائكة والروح فيها باذن ربهم ، فاذن الله مهيمن على الروح وهو القرآن فضلا عن الملائكة فاذن الله مهيمن وراعي ومحيط بالروح فالروح من عالم الامر اضف الى هذا ان عالم اذن الله مهيمن على عالم الامر كالمشيئة تهيمن على عالم الاذن وعالم الاذن يهيمن على عالم الامر ويتناسب هذا لان الامر مثل القول دون عالم الاذن ، فعالم الاذن مهيمن واعظم من عالم الامر ، مشيئة ارادة اذن قول وامر ، فعالم الامر وعالم القول دون عالم الاذن وهذا ليس ببعيد كما انه لا يبعد ان يكون عالم الرضا فوق عالم الامر ولكن يجب ان يدقق تدقيقات عقلية في ذلك .

وبقية السور نتعرضها في الجلسات اللاحقة .