45/11/27
الموضوع: الشفاعة والوساطة بين الخالق والمخلوق
كنا في محطة مهمة من اية الكرسي وهي محطة الشفاعة والشفاعة باذن الله كما هي وصف لخيرة مخلوقات الله المكرمين المصطفين وهي صفة فعلية لله تعالى ايضا وكما مر هذه الملحمة معرفية عظيمة ان الصفات الفعلية ذات جهتين وذات نسبتين كما اشار اليهما امير المؤمنين في بيانات عديدة : الهي كفى بي عزا ان اكون لك عبدا العزة نسبتها كيف تكون والهي كفى بي فخر ان تكون لي ربا ، فان اكون لك وان تكون لي ، فلي هنا نسبة من الخالق للمخلوق وهي نسبة فخار وهيمنة للباري .
على كل قوالب معادلة غامضة جدا في بيانات المعصومين وبيانات القرآن ، فوصلنا الى مبحث اذن الله والشفاعة ، ولكي لا يتوهم في الشفاعة والشفيع والشافع انه شريك كون الشفاعة جميعا مملوكة لله لاحظ هذه الاية الكريمة ان الشفاعة لله جميعا او قل لله الشفاعة جميعا انظر قل لله هي مالكية الله للشفاعة ، كيف ان الاسماء الحسنى لله كما ان الاسماء لله الصفات الفعلية والافعال العظيمة هي لله ، مع ان الشفاعة فعل يقوم به الشافع ويقوم به المشفوع له بان يتقبله لكن هذا لا يعني ان هذا ند لله بل هو وسيط بين الله وخلقه مخلوق وسيط بين الخالق والمخلوق هذه الوساطة كما يقول الشيخ جعفر كاشف الغطاء في منهج الرشاد فيه بحوث عقلية فلسفية كلامية عرفانية قرآنية لهذا البحث المعضل فهو وسيط لكن بين الخالق و المخلوق ومن دون ان يستلزم عجز في الخالق وانما عجز في المخلوق .
هل يستغني المخلوق في عجزه عن العجز? يعني يجعل غني ؟ هل يصير هذا? فمن علامات المخلوق العاجز وسيما الداني ان يحتاج الى وسيط بينه وبين الخالق ، وجملة من الشبهات كما مر دائما تكرر بقوالب والفاظ وموضات جديدة ولكن هي نفس المعضلة او الغموض او الشبهة تسوق بين جيل وجيل او بين فترة واخرى بلباس مختلف انه كيف يفرق بين الوسيط في الفيض وبين الشريك ، وبين الشفيع والشريك ، وبين سبيل الله وبين دون الله عقليا ؟ وهذا بغض النظر ان الوهابية يميزون بين دون الله وسبيل الله ؟ وبين دون الله ووجه الله ؟ وبين دون الله واسم الله ؟ وبين غير الله وكلمة الله ؟ بل حتى ابليس عجز وكثير من الصوفية وكثير من العرفاء ان لم يكونوا اكثر عجزوا في التمييز بين الشريك والشفيع وبين الند والشفيع ان تعطي للمخلوق صفة الالوهية بين الشفاعة وبين الغلو في الشرك فالشرك هو غلو تعطيه للمخلوق صفة الوهية .
فالشفاعة محطة عقائدية توحيدية خطيرة ومحطة عقائد نبوية خطيرة لم يستطع ان يجلي الفلاسفة عنها الغموض الا القليل ولا العرفاء الا القليل ولا العرفاء ولا المتكلمين الا القليل هو يقول نعم نؤمن بالشفاعة لكن بدون الشفاعة الامر اكمل هذا اذا كان معتدل طبعا اما ان يكون محصور بها? كلا ، ان يكون معلم القرآن واول اية في الدين والقرآن بسم الله الرحمن الرحيم لماذا استعان بالاسم? لانه وسيط مخلوق لكن هذا الوسيط المخلوق لا يري مخلوقيته ولا يري انانيته هذا خالص مخلص من الانانية .
في صفات امير المؤمنين السلام على اخلص المخلصين او اوفى المخلصين واصفى المخلصين ، الخلاص درجات والمخلصين على خطر عظيم ، في الحديث النبوي القدسي كل الناس هالكين الا المؤمنين والمؤمنون كلهم كذا الا المتقين والمتقين هالكين والهلاك ليس بمعنى دخول جهنم وعدم دخول الجنة وكل المتقين هالكون الا الموقنين وكل الموقنين والمخلصين على خطر عظيم .
وكذلك في نهج البلاغة اول الدين معرفته وكمال معرفته كذا يعني المعرفات درجات وكمالها التصديق به والتصديق درجات وكمال التصديق به درجات ايضا وكمال توحيده نفي الصفات عنه وكمال توحيده الاخلاص له وكمال الاخلاص له يعني الاخلاص درجات فالتوحيد درجات حتى يصل الى الاخلاص والاخلاص درجات ، فالاخلاص درجات في التوحيد ودرجات في درجات التوحيد .
فاول المعرفة هو معرفة درجات ثم بعد درجات المعرفة تأتي درجات التصديق وهي درجات والمنطقة الثالثة التوحيد وهي درجات ، التوحيد ايضا درجات تأتي منطقة الرابعة وهوالاخلاص و هو درجات ثم تأتي بعدها الاخلاص ودرجاته نفي الصفات عنه بالمعنى الصحيح وهي المنطقة الخامسة ، فكل هذه المناطق الاربعة درجات ولا تجد شيئا من المخلوقات خالص مخلص لله انقى من الاسماء ولذلك هي اسماء حسنى مقدسة مطهرة عن طابع المخلوقات او طابع المخلوقية ، فهل انت رأيت مخلوق منزه عن المخلوقية? كيف مخلوق منزه عن المخلوقية ؟ المنزه عن المخلوقية ليس انه ليس مخلوق لكن منزه عن المخلوقية ، يعني حكاية و رؤية و اراءة ما تجد فيه تجلي للمخلوق ، هذه وساطة محضة لمخلوق متمحض في الوساطة بين الخالق والمخلوقات ، الوساطة في الفيض وفي المخلوقية طبقات ودرجات وفوق كل اخلاص اخلاص يعني التخلص من روائح وهويات المخلوقية وهو تفاوت المعصومين بهذا السبب .
نحن نقول هذه فقط لقلقة لسان لا نفهمه لان المعصوم هو يتحقق بهذه القضايا ، الطهارة درجات طهارة من دنس المخلوقية الى قدس الخالقية وليس الى نفس الخالق ، المرآة كلما كانت صافية تغيب المرآة ، المرآة المسلحة انت لا تستطيع ان تراها وتميزها عن الصورة المنعكسة فيها ، فلما رأته يعني هي رأته ولم تره رأت الصرح فلما رأته حسبته يعني لم تره وانما لجة ، لماذا رأته ولم تر? لانه ممرود فانانيته ممرود فاذا دكتا دكة واحدة وهذي كلها رموز حقائق .
قال رب ارني انظر اليك وليس ارني اياك ولا ارنيك يعني ارني كيف انظر اليك ، شبيه قول النبي ابراهيم وطبعا اولي العزم والانبياء ليسوا كالبشر في قممية المعرفة لم يقل رب ارني احياء الموتى يعني ليس احياء الموتى وانما ارني الكيفية وليس احياء الموتى وانما هو مهيمن على احياء الموتى ، فهناك احياء للموتى طبقات فوقية وهناك طبقات في احياء الموتى وكيفية احياء الموتى .
هذه كلها تعابير دقيقة عقلية وهي تعابير دقيقة ودقائق العقائد فيها بل فوق العقل ، رب ارني كيف تحيى الموتى ، استجاب له الله فلم يعط رؤية حياة الموتى ولم يعط رؤية احياء الموتى وانما اراه ما هو المنبع الذي يصدر منه احياء الموتى يعني فاعلية الفاعل ، يعني ارني الكيفية التي تنطلق منها فاعلية الفاعل ، التاء في تحيي تاء مخاطب يعني فاعلية المحيي والكيفية التي تنطلق منها فاعلية الفاعل ، انظر اين مركز الطلب فهو ليس المعلول هو الحياة ولا العلة هو الفاعل وانما يريد علة العلة ، ارني كيف تحيي يعني فاعلية الفاعل حتى نستطيع ان نقول فاعلية الفاعل فوق الاحياء كيفية فوق فاعلية الفاعل اربع طبقات ، فهو يسأل عن المنطقة الرابعة الفوقية المهيمنة يريد ان يراها .
هذه التدقيقات العقلية في كلمات الوحي وفي معارف الوحي ضرورة جدا مثلا القرآن يقول او لم ينظروا الى ملكوت السماوات ما معنى ملكوت السماوات? فقال او لم ينظروا ولم يقل او لم يروا فما الفرق بين او لم ينظروا و او لم يروا ، كل كلمة في القرآن فيها حساب وميزان معرفي ، المرحوم الاصفهاني وغيره من العلماء يقول في بيان الامام الصادق انظروا الى رجل روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا نظر وعرف ما الفرق بينهما? فذكر الامام الصادق ثلاث شروط في الفقيه وليس كل راوي يتصدى للفتيا ،
يجب ان يكون ناظر :
ما الفرق بين النظر والرؤيا? لماذا قال عرف احكامنا? كلمة كلمة فيها قيود وقوالب ودقة ، المحققين قالوا نظر يعني تفكر ورأى بعقله اذن او لم ينظروا الى ملكوت السماوات والارض، هذا استعمال في القرآن الكريم في مقابل الرؤية ، رؤية العقل تسمى النظر اما رؤية القلب قد تسمى تفكر وتفهم لولا نفر من كل فرقة يعني روى الى ان يتفقهوا ، انظروا الى رجل روى حديثنا ونظر فليس فقط راوي ما يجوز ولا يصح له ان يفتي ويتصدى للفتيا فقط بانها رواية صحيحة السند هذا لا يسوغ له ان يتصدى للفتيا ولاللفقاهة ، علاوة على اعتبار السند التي هي مقدمة العمدة هو نظر في حلالنا يعني تفكر ، المنظومة كلها يفهمها ، طبعا الاجتهاد ليس بكافي وانما زيادة عن الاجتهاد انه يتفكر وزيادة على ذلك يجب ان يكون فقيه يعني يفهم ويصل الى نتيجة ، عرف احكامنا فهذا هو الفرق بين راى ونظر وعرف وهذا نعم التدقيق .
لذلك المجتهد غير الفقيه لا يسوغ له التصدي للفتيا لانه لم يمارس الاستنباط في الابواب ، فلم يعرف الاحكام ، نظر ولم يعرف الاحكام ، روى او لم ينظر شروط ثلاثة في التصدي .
نرجع الى بيانات القرآن او لم ينظروا ولم يقل او لم يروا يعني اذا اقل بفكركم قوموا برؤية بجهاز مسلح يسمى العقل الفكري او لم ينظروا الى السماوات هي السماء الثانية بالنسبة الينا ملكوت السماء الثالثة ملكوت الثانية وهلم جرا الى السابعة ، فبقية السماوات بالنسبة الينا غيب نسبي، القرآن يقول ملكوت السماوات يعني ما وراء السماوات السبع ، او لم ينظروا بعقولهم بهذا العقل المسلح والعين المسلحة العقلية او لم يروا ينظروا يتفكروا الى ما هو وراء السماوات السبع ، واللطيف ان الرؤيا الى بينما النظر في يعني التفكر فيه او لم ينظروا في ملكوت السماوات .
نرجع الى كلام النبي موسى ربي ارني انظر اليك ولم يقول ربي ارني اياك ، لو قال اياك لكان مجسما كما في بني اسرائيل قالوا ارنا الله جهرة بينما النبي موسى قال ربي ارني انظر اليكي يعني اتفكر ارني بعقلي اراك لا بجسمي ، فليس موسى مجسم وليس مشبه ، اراد ادراك عقلي في المعرفة الالهية فوق الذي اعطاه الله عز وجل قال انظر الى الجبل .
فهنا يصير نظرة حسية لا عقلية فان استقر مكانه فسوف تراني بعقلك وليس بجسدك، لن تراني يعني بالدرجة الزائدة نظرا للرؤية العقلية لن تحصل لانه ليس مطلوب النبي موسى هو الرؤية الجسمية كي يقول الله له لن تراني ، ما الذي طلب موسى والبارئ قال هذا لن يحصل لك ؟ ومعنى خذ ما اتيتك وكن من الشاكرين يعني الزائد من العطايا الممكنة تحملها ليس ممكن لك ، لا ان الذي طلبت تشبيه وتجسيم وكفر وشرك ، وانما طلب مزيد من التوحيد لكن قابلية النبي موسى ليست قابلية خاتم الانبياء .
فكنا في الوسيط عندما يكون مرآة مسلحة حيث عندنا عين مسلحة وعندنا مرآة مسلحة والمرآة وسيط العين سواء العين العقلية او العين القلبية او العين الجسمانية ، عندك تلسكوب مسلح يختلف عن العين المسلحة قد يقال التلسكوب المسلح من باب اسناد التسلل للالة او لذي الالة بسبب الالة ، اذا صارت الالة مسلحة تصير العين بتبع الالة مسلحة .
تارة العين هي بنفسها قدراتها مسلحة اذا لم تكن العين مسلحة هل تحتاج الى الة مسلحة ام لا? نعم تحتاج ، فاذا كان هذا المخلوق الصغير ليس مسلح هل يمكن ان يأخذ عطية مسلحة? كلا ، وانما يحتاج الى الة وسيط مسلح ، فان لم تكن عين مسلحة اما الوسيط مسلح والمخلوق هو نفسه مسلح فهو ليس بمسلح فيحتاج الى الشفيع مسلح.
هنا هذا البحث المسلح الوسيط هنا حار وتحير فيه العرفاء والصوفية وابليس والوهابية وكثير من المتكلمين وكثير من الفقهاء لان البحث غامض كما يقول الشيخ جعفر حتى كثير من الفقهاء من الوسط الداخلي حاروا فيه .
الشيخ جعفر في كتاب منهج الرشاد يقول ما الفرق بين ان اقول يا علي او يا الله بحق علي? يا علي اشفع لنا عند الله او يا محمد يا علي ؟ القرآن يقول الاسماء الحسنى ادعوها يقول ادعوا الرحمن ادعوا الله اسم الله اسم الرحمن ايا ما تدعو ، وفي مورد يقول القرآن ادعوه بها ، فيجب التدقيق العقلي فتارة يقول ادعو الله يعني الاسم ادعو الرحمن يعني ما قال ادعوا به ايا ما تدعو هذه الاسماء تلقائيا ستقودك الى الذات الالهية .
في موضع يقول فلله الاسماء الحسنى فادعوه بها فهل ندعو الذات الالهية بالاسماء او ندعو الاسماء? او كليهما واحد بحسب منطق القرآن ؟
هنا حار العرفاء يعني شبهة ابليس صارت مصيدة حتى للعرفاء او الشبهة التي صارت مصيدة لابليس اصبحت مصيدة للعرفاء وللصوفية وللمتكلمين وللوهابية والوسط الداخلي ، يعني شبهة غامضة لذلك سميت شبهة ابليس التي اوقعت ابليس في الفخ اسموها الشبهات السبعة الازلية واصطيد بها ابليس واصطيد بها الوهابية بدرجات مختلفة كيف نميز بين الشفيع الوسيط وبين الشريك? يقول الامام الرضا ع : الحل كل الحل في المرآة .