45/11/26
الموضوع: الصفات الفعلية وحقيقة إذن الله
كان الكلام في اية الكرسي وقوله من ذا الذي يشفع عنده ان (من) هنا في الاية ليس الله وانما المخلوق كيف جعلت الصفة الفعلية لله? هذا التساؤل التي بقينا فيها عدة جلسات من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه مع ان الشفاعة فعل للمخلوقات العالية الا انه فعلها وشؤونها جعلت من شؤون وصفات الله الفعلية ، النكتة هي هذه لكننا لم نستقص ايات باذن الله او مشيئة الله ، فإذن الله ايضا مخلوق لكن الفرق بين هذا اذن الله المخلوق وبقية المخلوقات ما هو?
مر بنا ان اذن الله محو في الفعل الالهي وفي نهج البلاغة يصف الملائكة وطبقات ان منهم راكعون لا يرفعون كذا ابدا ومنهم ساجدون لا كذا ومنهم ذاكرون وهلم جرا يعني ذوبان في حالة من الحالات الكمالية ومن ثم اللوح والقلم كما يقول الامام الصادق ملكان والظاهر انهما اعلى رتبة من الملائكة المقربين الاربعة جبرائيل وميكائيل واسرافيل لكن لماذا سمي لوح? ولماذا سمي ملك? ملائكيته اصبحت محو فيه ، كمن يقال لشخص متظلع في الكهرباء ولممارسته وانشغاله بالكهرباء نسميه كهرباء وليس نسميه كهربائي اصلا هو كهرباء لما استوعب شؤون ذلك الفعل صار مثل المحو ، او تقول زيد عدل لاستغراقه في العدالة كأنما محيط صفاته وهوياته الاخرى في صفة العدل ، او زيد ظلم او زيد فجور لان كل صفاته استغرقت وتشبعت بهذه الصفة .
فاذن المخلوق عندما يقال له وجه الله مثلا علي ابن ابي طالب وجه الله اي جهة عليا في امير المؤمنين تعلو كونه ولد من ابي طالب وتختلف ، اذن هناك طبقات وليست بنوة ابي طالب وانما هناك ابوة امير المؤمنين الروحي لابي طالب ، ومضمون الرواية موجود عن سيد الرسل وانا ما تابعت مصدرها انه يقول اني وان كنت من ادم ولادة الا ان لي ابوة روحا لادم ، كنت نبيا وادم بين الماء والطين وهذه الرواية الاخيرة رواها الفريقان .
المقصود الموجود الواحد والذات الواحدة بلحاظ البدن لها شئون وبلحاظ الروح لها شؤون وبلحاظ الروح العالية لها شؤون وبلحاظ النور لها شؤون ، والنور طبقات كل هذه درجات ، فعند قولهم عليهم السلام نحن الاسماء الحسنى طبقتهم العليا وان كان كل طبقاتهم كمال بلحاظ عالم تلك الطبقة هذا صحيح وهم اكمل الاكملين في كل طبقة لكن بالتالي طبقاتهم العليا لها شؤون غير طبقاتهم النازلة والخلط بين الطبقات يجب ان يحترز منه .
فاذن بعض المخلوقات قد ما تكون محو وفناء ، ففي العمل الالهي تسمى اللوح ويسمى الكتاب المبين والا الكتاب المبين هو موجود حي شاعر بحياة اشد من الروح الامري واشد من حياة جبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل واشد من حياتنا نحن ، فلما سمي القرآن كانما كتاب جماد لا ليس بجماد لانه فان في عملية تدوين اعمال العباد او المخلوقات ما من غائبة في السماوات ولا في الارض الا في كتاب مبين ما اصابكم من كذا الا في كتاب قبل ان نبرأها .
فنلاحظ ايضا محفل عالم القضاء والقدر اللي هو محفل عظيم جدا وعالم عظيم جدا هذا كله مدون تكوينا في الكتاب المبين ، فاصبحت صبغة هذا الموجود الملكوتي الهائل صبغته مشبعة بهذه الوظيفة الالهية يسمى كتاب وكل انسان الزمناه طائره في عنقه ، فهذا الكتاب له تعبير اخر في اية اخرى فسمي كتاب ، الروح مثلا سمي بالطائر وسميت كتاب وسميت انه يلقاه الانسان كتابا منشورا ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا هذه روح الانسان هي بمثابة كتاب ، لماذا هي بمثابة كتاب?? وهو ليس كتاب نقش كلمات ولا فيلم فيديو ، الان مثلا في سورة الاسراء وكل انسان الزمناه طائره في عنقه لماذا سمي طائر? ولماذا في عنقه? نخرج له هذا الطائر يعني وهي الروح نخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتاب كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا ، فالحاسب والمحاسب اعضاء جوهرية في الانسان لما سمي طائر? لان هذه الطبقة من الانسان متمحضة و اولا طبيعة الارواح كالطيور تطير خفة في الحركة بل اشد من الطيور وفي عنقه مرتبطة بالبدن وموقع العنق من البدن .
ولما ذا سمي كتاب ؟ لانه يدون فيه وان لم تكن كتابة نقشية هذا ليس وجود الاعمال ولا تصوير فقط ايهما اوثق التصوير او الكتابة? بلا شك التصوير وهذا فوق التصوير يعني هذا عبارة عن حياة شعورية للاحداث فتارة ترى الفيلم وتارة تعيش الاستشعار بالاحداث حية ، هذا اعظم من التصوير فهو استشعار حي بالاحداث والاعمال التي مارسها الانسان فهذا اعظم من الصورة والصوت ، فهو استشعار الحدث بحيويته وكأنك الان فيه فيا له من كتاب!
فاذن بعض المخلوقات بلحاظ بعض الصفات ينطبع عليها هذا الوصف وتنلغي هويتها النفسانية تصير مثل كتاب يلقاه منشورا لماذا سمي منشورا? الان في قبال هذا الكتاب الملفوف يعني مطوي باطنا في باطن الانسان في باطن الانسان وليس بالسهولة ان يتصفحه الانسان ولذلك يعبرون عن البشر بالعقل الباطن لانه هو باطن خفي لا يفتحهه احد فالضمير نافذة لهذا الكتاب ، اذن تسمى النفس كتاب لان كانما فلسفة عالم الخلقة فيها ان تدون كل شيء يجري يعني حتى هذين العينين بمثابة عدسة لاقطة يقال مكروه اذا كان الطفل موجود ورضيع موجود يكره ان يكون بين الابوين علاقة جنسية لان هذه النفس تلتقط وثم يوم ما ينشر هذا الملف .
احد الاخوة مر بطبابة مائية وحصلت له حالات روحية وان لم يكن هو يقصد ذلك ولكن تلقائيا حصلت له فكان يستطيع ان يستعرض كل احداثه وهو رضيع حتى كان يقول اغض النظر عن فتح هذه الملفات لان فيها نساء للجيران فنفس الطبيعة تلتقط ، فهنا سمي كتاب لانه تمحض في هذا ، فعندما يقال للروح الامري وروح القدس كتاب وهذا بحث في المعارف في الحقيقة ان بعض المخلوقات العليا تصير فيها فناء ، يعني بهذا المعنى فناء الوصف الالهي والا لم سميت النار بالنار ، نار الله الموقدة ، هي موجود ملكوتي لكن وظيفته الاحراق وهو يحتاج الى ماسك سمي نار جهنم ، في بعض البيانات ع ان جهنم يوم القيامة اشد المخلوقات براءة من اعداء امير المؤمنين يعني البراءة الموجودة عند جهنم كمخلوق وكفعل تبري ، والتبري الموجود لدى جهنم اشد من التبري الموجود لدى الجنة وهما مخلوقان لكن تراها تنطق وتتكلم مع امير المؤمنين ومر بنا عالِم وعالَم والعالم عالم الارض تتكلم فهي اما عالم او عالم ، وقطعة الارض عالم وعالم ، فقطعة الارض لها روح وكل الارض لها روح هذه حقائق الوحي .
هذا كله في المخلوقات النازلة فكيف بك بالمخلوقات العليا? تتمحض في الصفات او في الافعال الالهية تكون اسمها عرش او اسمها بحر النور او اسمها القدرة ، ان القوة لله جميعا ما هي القوة? موجود ملكوتي جدا عالي اعلى من العرش اسمه القوة ولكن هذه القوة تسمى قوة الله فهي قوة لله ولكنه مملوك ، العلم لله يعني يكون وجود مخلوق متمحض في هذا الشيء وهذا بحث واسع في انه كيف ان صفات المخلوقين العليا هي صفات فعلية للشؤون الالهية فالبحث في زوايا عديدة .
فنواصل بقية اذن الله في الايات الكريمة مثلا ما كان لنفس ان تموت الا باذن الله ، فالله اسند الموت تارة لعزرائيل وللملائكة اعوان عزرائيل واخرى اسند الى الذات الالهية فهنا اسند الى اذن الله او مثلا وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله يعني قدرة و ولاية تكوينية او التشريعية للرسل نابعة من اذن الله ، فهناك مخلوق اسمه اذن الله وفي سورة الاسراء يخاطب النبي موسى فرعون يشير الى الايات التسع : لقد علمت ما انزل هؤلاء ولم يقل هذه الايات ويعني وصف النبي موسى الايات المنزلة على يديه بوصف هؤلاء يعني وجودات جوهرية شاعرة عاقلة ليست فقط جوهر وليست بعرض وانما جوهر شاعر حي عاقل فقال لقد علمت فهو يصف الايات التي اجريت على يده يعني هي حية جوهر شاعر حي عاقل .
الحية التي بيد موسى لماذا لما يلمسها النبي موسى ترجع لسيرتها الاولى? هل العصا فيها روح ام لا? تبدل سيرتها المادية ام لا الجوهرية? هذه اية من الايات عقب بقية ايات التسعة التي اتى بها النبي موسى يصفها النبي موسى لقد علمت ما انزل هؤلاء ، ربما شخص يقول يا نبي موسى ما معنى هؤلاء? لماذا تشير الى انها موجودات ذات عقل وشاعرة وكريمة على الله? لانها ايات الله ، اذن فالايات الموجودة في القرآن ليست امور جامدة عرضية وانما جواهر حية شاعرة ملكوتية .
كذبوا باياتنا اعرضوا عن اياتنا نسوا اياتنا مع ان الايات التي يأتي بها الرسل مصنعها اذن الله فهي بوساطة اذن الله فنفس هذه الايات هي جواهر شاعرة حية فكيف باذن الله ؟ فهو ليس بعرض وليس مخلوق عرضي وانما فعل جوهري شاعر ، فاذا هو كان يولد الجواهر الخطيرة الشاعرة اذن هو ماذا? وما يأتي من رسول باية الا باذن الله وهذه في سورة الرعد ، فما كان لرسول ان يأتي باية الا تحت هيمنة والادارة التكوينية لله ، باذن الله .
هذه الايات عرضية ام جوهرية? هي جوهرية وهي شاعرة عاقلة ، فالذي يكون مصنع تكويني للجواهر الشاعرة العاقلة المهولة الملكوتية هو كيف يكون ؟ هو يكون جوهر اعظم منها ، اذن كذبوا باياتنا اي ايات? هي موجودات جوهرية ملكوتية ، اصلا نفس القرآن الكريم يقول لو اجتمع الجن والانس على ان يأتوا بمثله ما استطاعوا ، فالمقصود ان ايات القرآن هي هل حقيقتها اصوات او حقيقتها معاني او حقيقتها جواهر ملكوتية نازلة ؟ هذه الاصوات اسم صوتي لها والمعاني صور فكري لها ونفس الايات هي ارواح ملكوتية .
عندما اراد الله ان ينزل اية الكرسي التي نحن بصددها واية الملك واية الشهادة وسورة الحمد ضجت الى الله من اعالي العرش اتنزلنا للمذنبين فكيف يكون نزولها? هل صوتها نزول لها? فما الذي تنزل على النبي? يعني هي بنفسها تنزلت ليس فقط اصواتها القرآن يتنزل صوتيا ومعنى لكن الاعظم من التنزل الصوتي للقرآن و تنزل المعاني الفكرية للقرآن هو تنزل حقيقة روح القرآن وحقيقة روح السورة وتنزل حقيقة روح الاية كل اية روح ، فهل القرآن روح واحدة او ستة الاف روح ؟
شبيه ان الانسان فيه روح الشهوة وروح العقل ، فهل الانسان روح واحد ام ارواح? فروح واحدة بمعنى وارواح بمعنى ، وهذا ليس تناقض فالقرآن روح كلية يعني ساعة ترسانية خطيرة ملكوتية وهو شعب وارواح ، فاذن كل اية روح وكل سورة روح ، لو اجتمع الانس والجن على ان يأتوا بمثل هذا القرآن يعني يخلقون هذا الروح الملكوتية ليس فقط قضية الاتيان بالالفاظ او المعاني وانما الاتيان بالروح الملكوتية المهولة .
هذا بحث من امهات المعارف وامهات علوم القرآن وعلوم التفسير ان للقرآن سنخان من النزول وان كان هذا البحث لم يتوسع فيه في علم الكلام لكن بيان الوحي متوسع فيه والفلسفة شيئا ما تعرض له وكذلك في العرفان لكن في بيانات الوحي هناك توسع وحتى ان الطبري المعاصر للكليني من علماء العامة التزم كالكليني في كتابه جامع البيان في التفسير الروائي وهو كتاب ضخم وفيه حقائق من مذهب اهل البيت عظيمة فهو التزم بان القرآن له نزولان نزول لروح القرآن ونزول لاصوات ومعاني القرآن فالذي تنزل به جبرائيل تنزل باصوات ومعاني القرآن ، انه انه لقول رسول كريم صوت ملك هذا الذي تنزل به جبرائيل واما الروح الامري اين يطيقه جبرائيل? ان ينزل الروح الامري؟ الروح الامري في بيانات اهل البيت نزله على النبي اسم عظيم الهي ، فطريق التنزيل في نزول روح القرآن بشكل ونزول الاصوات والمعاني ذلك له سنخ اخر ، ولذلك هم سنخان ونوعان من النزول .
المقصود الايات باذن الله اي ايات هي ؟ هل هي الفاظ الايات ؟ ان شاء الله في الجلسة القادمة نستعرض هذه الاية الكريمة كالذي اتيناه اياتنا ، فاياتنا هي اصوات واسم الاعظم اصوات واسم الاعظم هذه معاني فكرية هذا اسم صوتي للاسم الاعظم اذا كان بلعم بن باعورة اوتي بعض الحروف القليلة من الاسم الاعظم فهل اوتيه صوتا ومعنى فكري? او اوتي في الملك؟ اوتيت روحه فانسلخ منها وقبال الانسلاخ ليس اللبس بالدقة يعني نحن البشر قبال الوحي عاجزين فكيف ندعي اننا مستغنيين عن الوحي? ما هو الضد الدقيق للانسلاخ? مثل الجلد ينسلخ قبل ان ينسلخ الجلد ما هو? تلبس بجلده او نبت جلده كذلك الحال في الايات قبل ان ينسلخ منها كانت الايات في بلعم بن باعورة ماذا?
انظر المشهد الملكوتي الذي يصوره القرآن فهو انسلخ منها حيث كان متلبسا بها او نابت في روحه فانسلخ منها وبعدما انسلخ منها هوى فشخص يصل الى الملكوت ويتلبس به ولكن ينسى الايات وينسلخ من الايات وهذا الانسلاخ من الايات الملكوتية تكذيب بالايات ، انت تتلبس بالايات الملكوتية النورية الشاعرة للتصديق بها واذا تنسلخ منها يطلق عليه القرآن بانه تكذيب عملي ، والاعراض عن ملكوت الايات تكذيب بها وهذا تصوير عظيم في القرآن فان الذي كذب ليس الصوت ولا المعاني اذن الايات اذا كانت باذن الله هذه الايات كلها ملكوت بنص القرآن في سورة الاسراء جوهر شاعر حي عاقل مهول يعجز عنها البشر ، قدرة النبي عيسى في احياء الموتى اعزاه القرآن بانه ايد بالروح الامري فهو جناح ملكوتي حي شاعر عاقل من الروح الامري استطاع النبي عيسى ان يحيي به الموتى وان يبرئ الاكمه ، اذن الايات المقصود منها وجودها الملكوتي العظيم وهذا الوجود اذا اعرضنا عنه واستهزأنا به وحكمنا به خرافية او تفاهة او اسطورة ، اما المادة هي الصنم المقدس العظيم فهو اعرض عن الايات .
المهم اذن الله احد شؤونه ان يتولد منه مصنع جواهر الملكوت الهائلة ، فشأن اذن الله شأن عظيم الذي ذكر في اية الكرسي .