الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث التفسیر

45/11/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المخلوقات وصفاتهم بين العزل و التشبيه

 

كنا في ملحمة اية الكرسي ومن الصفات الفعلية لله التي ذكرت في اية الكرسي من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه ومر ان هذه الجملة من اية الكرسي تبين ان الصفات الفعلية اما طرا او قسم منها مرتبطة باعالي المخلوقات فمن جهة هو شأن لمخلوق عظيم ومن جهة وصف فعلي لله تعالى نظير الاماتة والموت يسنده القرآن الى ملك الموت وهو شأن من شؤون الله يجريه الله على يد ملك الموت ، فكونه شأن من شئون ملك الموت لا ينافي انه يسند بنحو اشرف واقدس لله تعالى ، فالاقدس والاشرف بهذا المعنى فبالتالي لا تكون صفة المخلوقين صفة لله وان كانت صفة المخلوق العالي هي شأن الهي لكن حيثية اسنادها الى الذات الالهية اعلى تقديسا وتنزيها من نسبتها الى المخلوق العالي .

فاسناد الاماتة الى ملك الموت او الملائكة هذا الفعل كما يسند ويكون شأنا من شؤون المخلوق العالي الا انه شأن من شؤون الباري تعالى لكن ليس بحسب درجة واحدة فلا تكون صفة المخلوق صفة الخالق ولكن كيف ان المخلوق فقط صفة المخلوق? اصل المخلوق من جهة المخلوق نسبته الى فعل الباري ومن جهة المخلوق ينسب الى نفسه لكن هاتان النسبتان ليستا على درجة واحدة او نمط واحد نسبته الى الباري نسبة شريفة ليس كمثلها حيثية ونسبة المخلوق الى نفسه نسبة دانية فلم تكن اذن صفة المخلوق صفة الخالق ، في حين ان هذه الحقيقة صفة كانت او موصوفا هذه ليست شأن مخلوقي مقطوع مستقل عن الباري .

فعندما يقال صفة المخلوق وليست صفة الخالق هذا صحيح الخالق هو اشرف هل يعني ذلك ان صفة المخلوق مستقلة عن الخالق? كلا هو المخلوق قائم بالخالق فكيف بصفته? فعندما يقال المخلوق ليس عين الخالق هذا صحيح ولكن هذا لا يعني ان المخلوق مقطوع مبتور مستقل عن الخالق ، يعني المخلوق بنقائصه ينسب لنفسه لكن ما في المخلوق من كمال وواقعية ينسب الى الخالق وفعل الله .

اذن صفة المخلوق لما لا تنسب للخالق? لان صفة المخلوق فيها نقائص اما الكمال من حيث هو منسوب الى فعل الله ومنسوب في علم الله ولو قطعت انت حقيقة من حقائق المخلوق عن نسبتها واسنادها الى فعل الله لكان هناك مخلوقات ليست هي مخلوقات وانما هي ازلية الذات ومستقلة بذاتها وهذا غير ممكن .

اذن الجمع بين القاعدتين الوحيانيتين العقليتين بين ان صفة المخلوق ليس صفة الخالق كما في دعاء الصباح يا من تنزه عن مجانسة مخلوقاته وهو ليس يعني تنزه عن قيام مخلوقاته به وانه تنزه عن خالقية مخلوقاته هذا كمال وليس تنزه ، الهي كفى بي عزا ان اكون لك عبدا وكفى بي فخرا ان تكون لي ربا ، فيقول ان اكون لك ... ان اكون لك .. يعني نحن مملوكين لله ، ومن جهة اخرى قال كفى بي فخرا ان تكون لي ... ان تكون لي ، فكونها لي ليس انها مملوكة يعني كونها لي يعني كون الله لي مهيمنا يعني تكون هي ربا مهيمنا .

المهم هذا المطلب اذن يا من تنزه عن مجانسة مخلوقاته يعني انظر الى اللغة العقلية الصارخة في دعاء الصباح هي لغة عقلية وليست تعبدية لكن عقل وحياني وليس عقل بشري وليس هناك مغالطة بين لغة عقل البشر وعقل من هو سيد البشر ، هو البشر بين بعضهم البعض ليست عقولهم على درجة واحدة ، فكيف تنطلي علينا المغالطة ان عقل سيد البشر كعقل ادنى البشر وذلك كمثل ان نقول ان عقل ذوي العلم من البشر كعقل ذوي الجهل من البشر ، هل يقول احد به ؟

اذن حجية العقل متفاوتة واذا اردت ان تثبت انها متساوية فهذه مغالطة حجية العقل من جهة خالق العقل ليست كحجية العقل من جهة المخلوق العقل من جهة خالق العقل صفة الهية اما العقل من جهة المخلوق صفة مخلوقية وكيف تساوي الصفة المخلوقية مع الصفة الخالقية? هذه مغالطة يجب ان لا ننام عنها .

فاذن تمييز صفة المخلوق عن الخالق ليس تمييزا عزليا كما ان جعل صفات المخلوق العليا من شؤون صفات الله ليس معناها الممازجة فهي لاممازجة ولا عزلة وانما داخل في الاشياء لا بالممازجة وهو ليس دخول جغرافي وانما المراد فعل الله وليس ذات الله ، ذات الله منزه حتى عن هذه الصفة ، فداخل في الاشياء صفة لفعل الله والا الذات الالهية فوق ذلك ، يعني وباسمائك اي فعل الله التي ملأت اركان كل شيء ، الاسماء تملا كل شيء كما يملأ اللماء الوعاء ملء مادي جغرافي ام ماذا? وانما ظهورا وتجليا ، اي ظهور اركان كل شيء .

فداخل تجليا وظهورا في كل شيء لا يحجب نوره مخلوق من المخلوقات فهو داخل لا بالممازجة انما بالتجلي والظهور سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم ، هذه اراءة الاية المخلوقة يتبين لهم فيها انه الحق ، فالحق تجلي متبين في الاية داخل لا بالممازجة وانما داخل دخول تجلي وظهور وخارج عنها لا بالمزايلة في التجلي ، ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك يعني حتى ظهور المخلوقات في الاساس ظهور وتجليات لله لا من جهة نقائص المخلوق وانما من جهة كمالاته وهذا في تتمة دعاء عرفة ايكون لغيرك من الظهور ما ليس لك ، انظر هنا هذه الجملة تفسير لاسمائك التي ملأت اركان كل شيء ، يعني ظهورا ملأت ، فهو داخل ظهورا ، فهو دخول تجلي وتنزه لا تنزه عن الكمال وانما تنزه عن النقص ، خارج ليس في التجلي وانما في الممازجة ، خارج لا بمزايلة فهو لا يزول في التجلي وفي الظهور .

هنا التحدي المتجاذب الذي قد يسمى ديناميكي او متعاكس او دياليكتيكي يعني اصطلاحات عصرية من جانب لا تخلي الله من شيء فهل من جهة يمتزج معها? كلا لانه ظهور لله واية لله ومن جهة لا تفرط ولا تفرط ان تجعل لا يمتزج بالاشياء يعني الوحدة الشخصية مثلا .

لم يخل من منه شيء يعني لم يخل ظهورا منه شيء كل الاشياء ظهور له وليس امتزاج جسماني جغرافي للمواد لم يخلو منه شيء ايكون لغيرك من الظهور? هذا الظهور هو لك قبل ان يكون لغيرك حتى يكون هو المظهر لك متى غبت حتى تحتاج الى من يدل عليك وهذا مطابق لمن يا من دل على ذاته بذاته وليس بغيره فاذا كان بذاته كيف ينسجم كل هذه الامور انها ايات له ؟

سنريهم اياتنا في الافاق ما هي الغاية? هو التبين والانكشاف والظهور ، تقول لي هذه تتمة الدعاء من الصوفية ، دع عنك الصوفية هذه التتمة جملة منها مطابق الى محكمات الادعية والمعارف عندنا يعني نفس المضمون فالمدار ليس على الرواة وانما على المضمون ، المضمون اعظم من الرواة وثاقة المضمون والمتن اعظم من وثاقة الرواة ، الرواة بشر ذو علم محدود اما وثاقة المتن وتطابقه مع اصول المعارف واصول القواعد فهذا تطابق تكويني يقيني او ما يقارب اليقين .

فالناتج عن حجية المتن هو حجية الطريق هذه مثل حجية المتون وحجية الطريق لا يوجد نسبة بينهما ،

فاذن انى يكون لغيرك ما ليس لك ؟ يعني يا من دل على ذاته بذاته كيف ذلك? هل بدون الايات? ايزعم الوحي انه يا من دل على ذاته بذاته يعني بدون الايات ؟ هل هذا هو زعم الوحي? والوحي ينادي ايات ايات ايات ، لا اتصور شيء ذكر في القرآن بكثرة كلمة ايات ، فكيف يعني يا من دل على ذاته بذاته? كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ، قل سيرى الله عملكم هل هذا كافي? اذن لماذا يقول ورسوله? هل هو شريك مع الله? حاشاه ، اذن لماذا يقرن الله بعز جلاله يقرن رسول الله? اطيعوا الله واطيعوا الرسول وهل هناك شأن اعظم من هذا الشان ؟ ثم يقرن اولي الامر القربى كما في اية المودة ، قربى نبي الله وايضا نفس نبي الله في الاطاعة والولاية انما وليكم ... وهل شيء اعظم من هذا الاقتران? مع انه ليس هو اقتران شرك وانما تجلي التوحيد في النبوة وتجلي التوحيد في الولاية والامامة .

اذن داخل وخارج صفة المخلوق وصفة الخالق ليس عزلة ليس انحسار ليس بتر انت ايها المنزه اي المسبح العابد تنزه الله عن مخلوقاته هل تعزلهم وتبترهم? وتقطعهم عن الخالق? لا يمكن ذلك بشكل مطلق ، فحينئذ يعني لا قوام لهم بالله قوامهم بانفسهم اذن لا افراط ولا تفريط وانما امر بين امرين وامور .

فضل وخاب من نزه الله عن مخلوقاته بمعنى انه يوجب انحسار قدرة الله وتنزه الله عن مخلوقاته لانه تنزه الله عن القدرة وعن المخلوقات هذا تنقيص وليس تنزيه ، انظر الافراط عند هؤلاء الذين يظنون انهم يسبحون الله ويمجدونه وهم يزرون بالله ازراءا.

اهل البيت عندهم هذا الادعاء ان الثناء على الله لا يصل اليه حقيقة بقية الانبياء ولا كل الملائكة ولا كل المخلوقات الا بهم ، فلا تقل لي عقل البشر وانما عقل الملائكة المقربين وعقل بقية الانبياء من اولي العزم لايتمكن من العلم بحاق ثناء اللله وتمجيده وتنزيهه بدون خاتم الانبياء وهذا ادعاء كبير ، لانه الان لاحظ كثير من الفرق الكلامية يريد ان يكحلها فيعميها ، فيريد يمجد الله فيزري بالله ويريد ان يحمد الله فيشبه الله ، اولم يصف الله بالجسم ؟ نعم وصفوه بالجسم وهم علماء ومع ذلك قالوا باوصاف لا توقر الله وقارا انت كيف تدعي انه العقل البشري مستقل هو محتاج لكي يتعلم ، فاذن لماذا الجامعات الفيزيائية والكيميائية تعلم؟ والتعليم لماذا? لو كان عقل البشر منذ ان يولد في النطفة هو الكل في الكل فاذن لماذا يحتاج الى تعليم? فاذن لماذا يتفاوتون البشر في العقل?

فاذا كان هكذا وفوق كل عقل عقل حتى يصل الى عقل خاتم الانبياء ليس فوق عقله عقل من ثم المعلمون الحقيقيون للملائكة وقلنا يا ادم انبأهم يعني هو معلم للملائكة ، كثيرا ما يظن الانسان انه ينزه الله وهو يزري بالله او يظن انه يحمد الله وهو يزري بالله ، هنا ليس ينزه هو يوجب انحسار قدرة الله وعزل شأن الساحة الالهية وهل لله عزلة ؟ لان العزلة نقص وهذا امر خطير ، فالله داخل لكن لا بتشبيه وانما دخول ايات وظهور ، فخارج ليس خارج في الظهور وليس عزلة وانما امر بين امور .

فهل هذه يدركه عقل بقية الانبياء وعقل بقية الملائكة? فضلا ان يكون عقل الفلاسفة ، كيف تريد تساوي انت بين عقل سيد الانبياء وعقل العلماء والفقهاء والعرفاء? اين يتاه بك? العقل الذي يفيضه خالق العقل هل كالعقل الذي يتروض به بشر من البشر? يعني انت تساوي قدرة الخالق مع قدرة المخلوق .

اذن لاحظ بحث صفات المخلوق او قل بحث المخلوقات عزلها عن الباري نقص وعزل نقائصها عن الباري صحيح اما عزل كمالاتها عن الباري كيف تعزلها? اذن هي قائمة بنفسها كما ان تحميد الخالق بالمخلوقات تمجيد للخالق لكن لا بالملابسة ولا بالممازجة مع النقائص .

هذه هي الصيرفة العقلية الوحيانية عند علي ابن ابي طالب امير المؤمنين يقول نهج البلاغة ما هو سنده ؟ هل سنده العقول الناقصة للرواة? يعني هذا الكلام لا يستسيغه العقل تريد تقول لي ان حجية نهج البلاغة سنده اتى من الرواة الناقصين العقول بالقياس للمعصوم او ان ننسبه الى متن القرآن وحجيته من القرآن هذا صحيح وحجيته الى الوحي النبوي القطعي هذا صحيح لا ان تقل لي نهج البلاغة ننسبه الى وثاقة الرواة المغلوب على امرهم المستضعفين عقلا وعلما .

كما تقول حجية اليقين بالظنون كيف هذا? اعترف لي بان حجية نهج البلاغة ليس من اليقين وانما من الظن ومن قال لك انها ظن? كيف هي ظن? هو الفلاسفة تحيروا فيها والعرفاء كذلك والعقول ورواد العقول تحيروا فيها ، هل انا انسبها الى الراوي كيف يصير? واي شيء هذا مستضعف في الراوي? يعني هو ضعيف بالقياس الى البحر اللامتناهي من الحكمة والبراهين فالمقايسة خطأ .

اعلي افضل امير المؤمنين ع ام الصعلوك بن الصعلوك ؟ هل هذا يمكن? اي منطق هذا? اين المقايسة? كما يقول امير المؤمنين انزلني الدهر ثم انزلني حتى صرت اقرن بمعاوية ، يعني اين اليقين المنفجر مع سراب بقيعه هل هذا هو القياس? يعني هل حجية نهج البلاغة تأتي بها من السراب ومن الظنون? اذا لا استطيع ان اميز بين اليقين وبين الظن اصلا ليس عندي قدرة تمييز.