الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث التفسیر

45/11/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الشفاعة التكوينية والصفات الإضافية الفعلية

 

كنا في صفة الشفاعة كيف الشفاعة فعلية لله لان المشفوع عنده هو الله فالشفاعة لها صلة به تعالى ومن ثم تكون من الصفات الفعلية لله تعالى فذكرت في اية الكرسي ، ثم ان هناك في بحث الصفات في علم الكلام والفلسفة هناك قسم من الصفات الفعلية يعبرون عنها صفات ملحقة بالصفات الفعلية تسمى الصفات الاضافية سواء محضة او غير محضة الصفات الاضافية يعني هي صفات فعلية يلاحظ فيها النسبة ما بين الخالق والمخلوق ، فالفعل الالهي تارة يلحظ بما هو هو ولا يلحظ فيه المخلوق مع انه مخلوق الفعل الالهي لكن لا يلحظ فيه المخلوقية تارة الفعل الالهي يلحظ فيه المخلوق وان الفعل نسبة بين المخلوق والخالق وتارة الفعل الالهي يلحظ فيه الفاعل فيكون اسم الهي لكنه ناشئ من صفة فعلية .

اذن الصفات الفعلية على اقل تقدير لها ثلاث مراتب او ثلاث لحاظات :

    1. لحاظ بما هو اسم

    2. ولحاظ بما هو هو كفاعل

    3. ولحاظ ان الفعل ارتباط بين الخالق والمخلوقين الاضافية يعني هي انزل المراتب .

هذا البحث والتقسيم في صفات الفعل ليس عبطي جزافي وانما حقيقي يعني نفس الصفات الفعلية مراتب الان العلم ما فرقه عن العالم? اذا ورد في بيانات الوحي العالم او الحي اسم والحياة صفة ، بحر الحياة او بحر العلم هذا عالم انزل خلق الله بعد عالم الاسماء عالم البحور وهي بداية لملاحظة المخلوق البحر يعني مخلوقية فهي بحر من الصفة الفعلية ، وايضا عندنا عالم النور الحياة نور العلم نور هذا ايضا يلاحظ فيه جانب المخلوقية لكن ليس بتركيز كبير للمخلوق ، بخلاف لما يقول عالم العرش واللوح والقلم ، اول ما خلق الله من عالم الاجسام كذا ، هنا ملاحظة المخلوق بشكل اكثر تركيز لكن هنا ملاحظة المخلوق مندك في الفعل الالهي فهو لوح وما يقال ملك يعني كانما انغماس وتمحض كمال هذا الملك في كونه قلم يدون كما تقول الحداد فالحداد عمل لكن اصبح اسما لكثرة اندماجه فيه هذا ليس بحث لغوي واستعارة وبيان هذه حقائق في المراتب التكوينية .

فاذن اسماء الصفات شيء من رائحة المخلوق تتكثف تتركز تتغلغل ملاحظة المخلوقية فتنزل ، اذن سلسلة العوالم بهذا الترتيب عالم الاسماء محو للهوية المخلوقية محض لا انه لا وجود ، هي الاسماء مخلوقة وهذه من المعاجز العلمية لبيانات اهل البيت لكنه في هذه الاسماء كما يقول اهل البيت لا تجد رائحة المخلوقية الا رائحة خفية او بصيص خفي وهو الكثرة فقط ازلي سرمدي اول ظاهر ملك قدوس ، فالاسم مرآة مندكة في المسمى مثل المرآة شأنها التكويني كلها حاكي هويتها انها حاكية ومندكة هوية في المحكي هذه ليست وحدة شخصية وحدة حكاية ، فمن ثم اعلى المخلوقات على الاطلاق هي الاسماء ومن ثم اطهر المخلوقات على الاطلاق هي الاسماء الالهية لما تطهروا من انانية ذات المخلوق الى الحكاية التامة وهذا الوجود التكويني للاسماء ليس للاصوات والاسماء موجودة تكوينية مهولة لا ترى فيها الا الخلوص للذات ومذكرة بالذات ومعرفة له وموجبة للعلم به هي اياته الكبرى في الحكاية فمن ثم هويتها مع انها مخلوقة محو في الذات الالهية ، محو يعني حكاية اذا ضعف المخلوق بدت علائم المخلوقية تكثر وتكثر وتكثر في هويته فيقال بحر من العلم فهو ليس علم خالص وانما بحر العلم يعني لها هوية المخلوق .

الان ما الفارق بين القادر والقدرة? هناك جدل في المدارس المعرفية واخذ وعطاء ونزاع وخلاف انه عالم الصفات اعلى من عالم الاسماء او العكس ؟ قولين او قول ثالث ان الاسماء هي الصفات فهي فرق باللحاظ والاعتبار فهذا عالمان او عالم واحد في التقسيم الجامع الكلي بعد ذلك تأتي عالم ثالث بحر القدرة ايهما اعلى القادر او القدرة? هذا بحث العالم او العلم بعد هذين القسمين يأتي قسم اخر بحر القدرة بحر النور مثلا خلق الله عشرين بحرا بعد عالم الاسماء هم في بحوث العرفان يطلقون عليه الفيض الاقدس هو مأخوذ من الوحي ، الاقدس يعني ماذا? باسمك القدوس الطاهر الطهر النور الكذا يعني قدس عن هوية المخلوق محفوظ في هوية الخالق فاقدس من هذه الجهة اطهر من التلوث بهوية المخلوق ولما يتنزل من الفيض الاقدس يصير فيض مقدس وهذا مأخوذ من بيانات الوحي .

بعد ذلك تتنزل العوالم الى عالم العرش اللوح القلم بحسب بيانات الوحي ، لماذا يقولون بيانات الامام الصدق في كل العلوم بينما ترى ابو حنيفة مالك بالكاد يستطيعون يلمون بشيء عن فقه الفروع بينما ائمة اهل البيت ع الباقر والصادق والسجاد والكاظم وغيرهم عندهم علوم المعنى والروح وعلوم الكلام والتفسير علوم السياسة والتدبير منفتح في كل المجالات وشهد بها الفريقان وهذا برهان على اكمليتهم على كل البشر وليس هذا شيء يدعى في الائمة وانما حقيقة لا يسابقهم الفلاسفة ولا المتكلمون ولا المفسرون ولا قمم وعيون غيبية للعلوم كلها .

فلماذا في بيان اهل البيت ان اللوح والقلم ملكان ؟ قال احدث به? قال لا الا لمن تجده اهلا بينما في بيانات الفريقين القلم لما خلق اخذ يطوف حول الكعبة النورية وهي نور سيد الانبياء بل في بيان روايات الفريقين ان القلم لما اخذ يطوف بنور النبي اول ما شاهد نور النبي صارت لديه حالة من السكر يعني كانما اندهش وانبهر وظل في حالة الاندهاش والانبهار اللي سمي في بيانات الوحي ظل فيها كذا من المدة المتداولة ثم اخذ يطوف بنور النبي كما انه ورد في روايات فريقين في عالم الانوار قبل عالم العرش ان انوار الانبياء تطوف بنور النبي يعني الكعبة النورية هو سيد الانبياء .

وورد ان اللوح والقلم ملكان لكنهما لا يموتان عند النفخ والصور بينما جبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل يموتون السبب هو ان الوحي ينزل على اللوح والقلم ثم على اسرافيل ثم على جبرائيل يعني مرتبة اسرائيل وجبرائيل في تلقي الوحي دون اللوح والقلم وهم اعلى درجة فما يسمى جبرائيل وميكائيل وانما يسمى لوح وقلم يعني هو ذائب في الوظيفة الالهية هوية ذاته مندكة ممحية في الوظيفة والعمل الالهي .

مثلا العرش هو روح مهولة شاعرة عاقلة لماذا يقال العرش? لان هذا المخلوق الملكوتي المهول الشاعر الحي الذي هو فوق جبرائيل وميكائيل وتحمله الملائكة هنا المحمول اعظم من الحامل بمعنى اخر مثل حمل التوراة ، التوراة اعظم من حملة التوراة والقرآن اعظم من حملته فالعرش لما سمي عرش ؟ لانه مندك في غرفة السيطرة والتدبير ، الرحمن على العرش استوى عرش المخلوقين يعني مقام ومنطقة السيطرة على المخلوقات وهو لا يموت عالم العرش فوق عالم القيامة كيف يموت وهو يبلع القيامة ومحيط بالقيامة فكيف يموت? هذا لا معنى له ، بل عالم العرش فوق الجنة والنار .

مر بنا هذا البحث في التفسير العالم بالفتح وعالم بالكسر في الملكوت والعالم بالكسر عالَم في الملكوت تقول عالم العرش او تقول عالم العرش هذا كله صحيح لان هناك العالم عالم والعالم عالَم الجنة عالم والجنة عالم تشتاق الجنة? هل هي حي شاعر? نعم فالجنة عالم وعالم كما ان الارض تحدث اخبارها اذا زلزلت الارض زلزالها واخرجت الارض اثقالها يومئذ تحدث اخبارها بان ربك اوحى لها .

عموما هذه قاعدة معروفية عجيبة عظيمة ان كل عالم عالم ليس فقط عالم وانما عالم قلنا للسماوات ائتيا طوعا او كرها قال اتينا طائعين ، فهل الارض عالم او عالم? السماوات عالم لو عالم او كليهما ؟ هذا اصل عظيم في باب المعارف يستفاد من الوحي .

فاذن العرش ما فوق الجنان لا انه دون الجنان ومن ثم عروج سيد الانبياء تخطى الدنيا وتخطى البرزخ وتخطى القيامة وتخطى ما بين القيامة والجنان هناك عوالم مهولة الى ان وصل الى قريب العرش او العرش وهو يشير الى المسير التكاملي للمخلوقات عروج النبي لما عرج ونزل فهو عروج ونزول شبيه ببحث المعاد الجسماني نفس البحث يظهر عند المتكلمين والفلاسفة ان المعراج جسماني ام روحاني? والذي عليه الامامية انه جسماني ولكن كيفيته يحتاج الى المزيد من البحث العلمي .

نرجع الى صلب البحث الاصلي ، العوالم المخلوقة اذا انمحى فيها المخلوق تكون صاعدة بدت رائحة او صورة المخلوق تتنزل ففرق بين العرش وجبرائيل وعرش وعزرائيل و فرق بين تقول لوح وتقول هو ملك وبين لوح وجبرائيل يعني لا زال هذا الملك محو في الوظيفة لا تجد فيه شيء غير لوحية اللوح ، يعني الانغماس في الوظيفة التكوينية الالهية .

العرش ايضا هكذا العرش كأنما مخزن معلومات وتحسسات فلان معصية يهتز لها العرش يعني حالة من التحسس الشعوري فوق المخلوقات التي هي دون ذلك ، لماذا اثرنا هذا البحث اقسام الصفات والعوالم? لكي نبين صلتها بالشفاعة ما هي? لكي يتضح لنا ان الشفاعة مقام وصفة فعلية لله يركز فيها على النسبة الاضافية بين الخانق والمخلوق فيها طابع المخلوق اكثر من طابع الخالقية .

هنا هذه الافعال كيف والاسماء صفات ذاتية والافعال صفات فعلية هذه الصفات الفعلية التي هي كمالات مهولة قل لله الشفاعة جميعا مثل لله الاسماء الحسنى يعني كلها يعني هذه الطبقات المخلوقة رغم كمالاتها هي مملوكة للذات الالهية قل لله الشفاعة جميعا والعزة لله اذن الشفاعة نظام العلاقة بين الخالق والمخلوق يركز فيه على هذه المقامات من الصفات .

الهي كفى بي عزا ان اكون لك عبدا الهي كفى بي فخرا ان تكون لي ربا ايهما مقدم ؟ فخرا او عزا ؟ هو الفخر لان الفخر انطلاقا من الله وان كان العزة هكذا لذلك عبر عليه السلام كفاني عزا ان اكون لك عبدا وايهما اعظم كون الرب? او كون العبد ؟ هو كون الرب فهذه العلاقة بين الخالق والمخلوق تارة تنظر من الخالق الى المخلوق وتارة تنظر من المخلوق الى الخالق ، ان القوة لله جميعا ان الشفاعة لله جميعا ان العزة لله جميعا ولله الامر جميعا .

مثلا عالم الامر يلاحظ فيها النسبة بين الخالق والمخلوق اذن هذه احد ابعاد الشفاعة ان فيها ملاحظة في الصفات الفعلية والاضافة بين الخالق والمخلوق ومر بنا ان الشفاعة وساط تكوينية وليست وساطة اعتبارية يعني وساطة فيض بكم بكم بكم من الله كله من الله لكن بكم ، فمن الله الخالقية لكن بكم شفعاء فالشفاعة وساطة تكوينية ، خلق من الماء يعني بالماء كل شيء حي وجعلنا من الماء يعني بالماء ، امس مر بنا الفاصل بين بكم ومن الله فهذه بكم وساطة تكوينية .