45/11/14
الموضوع: الصفات والاسماء ومقام الشفاعة
نحن في ملحمة اية الكرسي والاية تعرضت في البداية الى الاسماء الالهية العظمى ثم الاسماء اللاحقة ثم الى صفات الفعل وكان الكلام حول صفات الفعل طبعا كما ان الصفات تنقسم الى صفات ذاتية وصفات فعلية كذلك الاسماء متحدة تارة مع الصفات الذاتية كالحياة التي هي صفة والحي اسم والعلم صفة والعالم اسم فبحث الاسماء والصفات من وادي واحد بل في بحوث المعارف قد يطلقون على الصفة انها اسم حتى لو تقول حياة علم قدرة هذا اسم بالمعنى الاعم فالاسم في المعارف تارة يقابل الصفة ويريدون منه شيء وهذا حتى في الوحي وليس فقط في المعارف ولغة معارف البشر وعلوم البشر بل هذا جار حتى في بيانات الوحي الاسم تارة يقابل الصفة وتارة الاسم صفة بالمعنى الاعم وهذه نكتة عقلية لها تداعيات عقلية معرفية كثيرة يعني مبحث الصفات الذاتية عين الذات تحققا او عين الذات حكاية وهو الذي مر بنا في بحوث العقائد هذا المبحث له صلة وطيدة بان تكون الصفة اسم او ليست باسم .
فالبحث ليس بحث لغوي ادبي فقط لساني بل هو بحث معنوي عقلي دقي فلذلك سواء اتيت انت بصيغة الصفة والفعل والجملة الفعلية ايضا هذا مبحث اسماء او اتيت بصيغة عالم حي ازلي فالمادة واحدة فمر بنا له ما في السماوات وما في الارض له كل العوالم الحمد لله رب العالمين فهذا عنوان او صفة اعظم شمولية من صفة له ما في السماوات والارض فوصلنا الى المقطع اللاحق لانه هذه الاية الكريمة فيها مقاطع ومواطن من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه مع بحث الشفاعة فبحث الشفاعة ما ربط له بالله? الشفاعة صفة وشأن الصق بالشافع من المشفوع له ، فلماذا تبحث في صفات الله ؟
هنا في ظاهر الاية باعتبار ان الشفاعة الحقيقية الصادقة يجب ان تكون باذنه تعالى من ذا يعني ينفي من ذا الذي يشفع عنده? يعني نفي واستنكار الا باذنه ، البحث في الشفاعة محطة مهمة من الصفات الفعلية وهو اسم ، و ورد هذا الاسم في دعاء الجوشن الكبير وفي ادعية كثيرة ان الله شافع وهو اسم مشفوع عند الله يا ذاكر يا مذكور فبحث الشفاعة كصفة وكاسم فعلية ما شأنه مع هذا البحث في اية الكرسي ؟ من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه? لو استعرضنا ايات الشفاعة في سور القرآن كيف نتدبر في هذا الوصف لله تعالى? ولو كصفة فعلية او الاسم .
مثلا من ضمن ايات الشفاعة قل الشفاعة لله جميعا او قوله تعالى لا يملكون الشفاعة له الا من اتخذ عند الرحمن عهدا او يومئذ لا تنفع الشفاعة فكانما الشفاعة مقسمة على العوالم ، فشفاعة عالم القيامة هي لها شرائط خاصة وهناك الشفاعة في البرزخ وهناك شفاعة في عالم الدنيا ذكرها القرآن ان الملائكة من دون ان نشعر هم مظهر الرحمة الالهية تتشفع في المؤمنين وفي الصالحين ، او قوله تعالى وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعته الا من بعد ياذن الله ، هذه ليس بلحاظ عالم القيامة يعني لما يقول سموات هي من عالم الدنيا بالمعنى الاعم السماوات في عالم المعارف في الوحي مرتبط بعوالم الدنيا وملكوت الدنيا وليس من عالم الاخرة الابدية وليس ما في عالم القيامة وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد ان يأذن الله لمن يشاء ويرضى ، فهذان شرطان مثل عالم القيامة اذن ورضى .
او قوله تعالى ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة الا من شهد بالحق وهم يعلمون ، هذه الاية يستدل بها ائمة اهل البيت على الامامة ومقاماتهم الاصطفائية لان القرآن قال ليس كل من هب ودب شافع الان الست تريد ان تلتصق بزعماء دينيين والائمة ؟ فكيف تستعلم بانهم ائمة حق? او ائمة غواية وضلالة ؟ القرآن ها هنا يعلمنا ان ائمة الحق الذين تقتدي وتلتصق بهم وتوصل نفسك اليهم وقلبك وفكرك ونورك وعلمك هم الذين لهم هذه المواصفات ان شفاعتهم مقبولة فبماذا تقبل الشفاعة? شهد بالحق وهو يعلم يعني عنده علم بتمام الحقيقة الدينية والتكوينية ، فالشرط الثاني ان يقول ما يقول وهو يعلم لا انه يتكلم لعله يصيب وقد لا يصيب او يصيب وهو لا يعلم هذا ليس امام فهو قد ينطق بالحق لكنه لا يعلم ان هذا حق مثل رجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار يعني من باب الاحتمال ومن باب الصدفة الا من شهد بالحق وهم يعلمون فما يقول حق لكن هذا لا يدل على انه اهل الحق الا اذا كان عالم .
فهناك صدق فعلي وصدق فاعلي فهم يعلمون يعني صدق فاعلي تقول زيد في الدار قد يكون هذا حق ولكن انت تخبر بدون ما تعلم فمن هذه الجهة هو باطل وتارة تقول زيد في الدار وهو خطأ ليس زيد في الدار اعتقادك هكذا فمن جهة الفاعل انت عندك صدق فاعلي لكن عندك كذب فعلي فتنويع الصدق هنا في لسان القرآن كونوا مع الصادقين يعني فعله مطابق الواقع وهم يعلمون امام الحق لا يكفي فيه ان يكون فعله مطابق الحق والحقيقة ، اما انه مجتهد ومعذور فهذا ليس امام حق فهو مجتهد لكن ليس امام حق امام الحق لا يخطئ الواقع هو يصيب الواقع دوما وعلاوة على ذلك يعلم بالواقع .
فهاتان الصفتان ليست موجودة في الفقهاء والمجتهدين والمفسرين ولا في ائمة الجور وانما منحصرة في ائمة الحق وهذا هو فرق المعصوم عن غيره سواء غير المعصوم من اتباع المعصوم او من ائمة الجور فالمعصوم يشهد بالحق ولا يوجد فيه خطأ وما ينطق عن الهوى ما ضل صاحبكم وما غوى فيشهد بالحق ولكنه يعلم فهو صواب مطلق وعلم بالصواب المطلق لا انه معذورية واشتباه .
هنا في هذه الاية الكريمة يتعرض القرآن الى صدق المتن وصدق الطريق والعلم شهد بالحق يعني الكلام متنه مطابق للحق وهم يعلمون يعني عن علم يخبر فيلاحظ فيه الجهة الفاعلية ولم يقتصر القرآن على الجهة الفاعلية بل اخذ جهة المتن ومطابقة المتن للواقع المهم ان الشفاعة وعد الله بها فقط لائمة الحق المصطفين او قوله تعالى ولا يملك الذين ... الا ، يعني بتمليك من الله مع ان الله يقول قل الشفاعة لله جميعا هل هناك منافاة بين تلك الاية وهذه الاية? كلا وانما ملكية طولية المالك الحقيقي الاصلي المهيمن هو الله اما البقية الشفعاء من المصطفين فانما يملكون ما ملكهم الله من دون ان يسلب الله ملكه عنهم كما مر بنا مرارا يملكهم ما لا يسلبه عن ملكه لان تملك الله ليس انحسار ، الانحسار تفويض باطل كما يقول في نهج البلاغة هو اقدرهم وهو اقدر منهم فيما اقدرهم عليه وهو املكهم وهو املك فيما املكهم منهم عليه فلا يملكون الا ... يعني يملكون اذا تحققت الشرائط .
لا يملك الذين يدعون في الاية يعني ماذا? يعني المستشفع يدعو الشفيع ليشفع له عند المشفوع عنده ، اذن عندنا ثلاثة اطراف مستشفع وهو نحن وشفيع وهم ائمة اهل البيت والمشفوع عنده هو الباري تعالى فانظر الاية : ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة فالذين يدعون من دونه يعني قد انت في الصورة تدعو غير الله لكن هذا ليس غير الله باطل كلا هذا سبيل الله وهذا غير الله وجيه الله ووجه الله هذا ليس باطل اصلا لما يقول لا يملك الا يعني ام لا؟ الوهابية او بعض العرفاء قالوا او بعض الذين يدعون انهم توحيديون ويحاربون الغلو يقولون بان الائمة لا حول لهم ولا قوة كل الحول بيد الله هذا كل الحول بيد الله باي معنى يعني هل الائمة مسلوبين? طبعا هو الحول كله بيد الله ولكن يمكن ان تملك الشفاعة لاحد وهو تمليك ليس وهو تمليك من دون انحسار ملك الله .
عندما نقول ان ملك الله لا ينحسر اذن لا يحدث ملك للمخلوق قائم بملك الله الجماعة يدعون التوحيد هكذا طبعا حصرا الملك بيد الله ولكن اي معنى للحصر? قل يتوفاهم ملك الموت الذي وكل بهم او بكم هل هذا التوكيل صوري او حقيقي من الله لملك الموت ؟ وهل اذا وكل الله انعزل الله? كلا هذا تفويض باطل لم ينقص من ملك الله شيء هذا صحيح وهذه شبيه شبهة جدلية الوحدة الشخصية يقولون لا وجود لغير الله فاصحاب هذه الدعوى والتوحيد الباطل قالوا لا قدرة لغير الله واذا قلت هناك قدرة لغير الله انت مشرك ، يعني وحدة شخصية يعني ليس وحدة شخصية في الوجود وانما وحدة شخصية في الكمالات ، لا قدرة لغير الله باي معنى؟ بمعنى اصالة القدرة كلها قل الشفاعة كلها لله جميعا ؟ هذه الايات التي قرأناها جميعا قل العزة لله جميعا قل لله القوة جميعا فهل الله لا يعجز نبيه او انت قائل بالوحدة الشخصية في الازل وفي القدرة التكوينية ؟
فالوحدة الشخصية باطلة في الوجود او في غيره بالتالي المخلوقات موجودة كمالاتها ايضا موجودة فماالفرق بين بطلان الوحدة الشخصية في الوجود او بطلان الوحدة الشخصية في الكمالات والصفات ؟ الباري لما يعطي المخلوقات وجود و واقعية يعني هذه الواقعية التي لدى المخلوقات هذه الواقعية ليست منسوبة اليه تعالى ؟ فاذا منسوبة بنحو الوحدة الشخصية فباطل وبنحو التفويض وانحسار الباري هي ايضا باطل وانما هي اية ، هذا هو الحل فلا انحسار لوجود الله ولا امتزاج لوجود الله ولكن هذه المخلوقات اية .
كذلك في بقية الصفات والكمالات هؤلاء الذين يحاربون تحت ذريعة ودجل عنوان التوحيد يحاربون وجود الصفات والكمالات للانبياء وللرسل وللائمة والاوصياء تحت ذريعة ان القوة لله جميعا طبعا القوة لله جميعا لكن هي ليست وحدة شخصية فهذا باطل وامتزاج الوحدة الشخصية باطل وانحسار قوة الله عن قوة المخلوقات ايضا باطل اذن الطريق الثالث الصحيح ان قدرة المخلوقات تجلي لقدرة الله هو املكهم وهو املك منهم .
اذن التوحيد ليس ان تنفي الكمالات عن المخلوقات الاخرى التوحيد لا تقول كمالات المخلوقات مندمجة مع كمال الله اذا مندمجة فهذه وحدة شخصية وتشبيه باطل .
ان قلت :
ان قدرة الله وكمالات الله منحسرة عن كمالات المخلوقين هذا تعطيل باطل ذاك تشبيه وهذا تعطيل التوحيد الصحيح هو تجلي الاية لان الاية قائمة بذي الاية فلاحظ مغالطة هؤلاء الذين يحاربون الغلو هم في الحقيقة اما معطلون او مشبهون لا انهم موحدون سواء هذا في الغلاة او المقصرة ومبحث الشفاعة طويل الذيل وليس من الضروري ان نخوض في كل فصوله وبنوده لكن لا اقل الفهرسة الاجمالية للشفاعة كمقام اصطفائي للنبي واهل البيت والشفاعة ليس فقط يوم القيامة هذا كلام الوهابية والسلفية او الصوفية نعم يوم القيامة الشفاعة شأن عظيم ولكن الشفاعة في كل العوالم وتفصيلها بيد الوحي كما هذه الاية الكريمة عن شفاعة الملائكة في دار الدنيا يعني السماوات والا عالم القيامة بحث اخر غير السماوات وهو وراء السماوات فالشفاعة ليس اعتبارية انشائية وانما الشفاعة تكوينية فعندما القرآن يقول لا يملكون هل هذه ملكية اعتبارية او تكوينية? وهل الشفاعة اعتبارية او تكوينية ؟
احد تعاريف الشفيع يعني الشفاعة التكوينية هو وساطة في الفيض الالهي فالمستشفع يريد غنيمة والشفيع وسيط والمشفوع اللي هو مصدر الفيض فبحث الشفاعة بحث عظيم جدا و ورد في الصلاة على النبي والال وابعثه مقاما محمودا وتقبل شفاعته وارفع درجته وقرب وسيلته ، ما الصلة بين الشفاعة والوسيلة ؟
الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كتابه منهج الرشاد لمن اراد السداد من الصوفية او الوهابية او الوسط الداخلي لان الوهابية ليست مذهب خاص بنفسه الوهابية منهج تفكير كالجبرية قد يكون جبري وهو في الوسط الداخلي فالوهابية نحو تفكير ومنهج ابليس خاطئ فباسم التوحيد يحارب ادم وخليفة استخلاف ادم فلاحظ هكذا تقبل شفاعته وارفع درجته واته الوسيلة الوسيلة والشفاعة ما ربطها? تقبل اصلا مستجاب الدعوات انشاء اعتباري وقبول اعتباري ام تكويني ؟ ادعوني استجب لكم هل استجابة تكوينية او اعتبارية? الدعاء اعتباري انشائي لفظي او هناك دعاء تكويني الدعاء يعني استدعاء .
النبي ابراهيم لما اراه الله الملكوت بدأ يدعو على العصاة قال الله عز وجل يا ابراهيم انك مستجاب الدعوة عندي وان لي في خلقي شئون لا تعلم انت بها لا تدعو على خلقي حتى العصاة لا ان العصاة مسارهم صحيح ولكن حكمة الله في تربية خلقه امهلهم رويدا فاصل الدعاء والسوال والتمني امور شرعية اعتبارية او تكوينية او هما معا .
اقسام الانشاء التسعة او الثمانية سؤال دعاء تمني ترجي امر نهي هل هذه امور تكوينية او اعتبارية انشائية ؟ هذا البحث نواصله مع بحث الشفاعة وبحث الشفاعة عبارة عن برهان اصطفائي للنبي واهل البيت وهذا البرهان الاصطفائي ليس مقام اعتباري وانما مقام تكويني وكيف ان المقصرة او الذين يتأثرون بالوهابية وشبهاتهم وشبهات ابليس قد ينفون هذه المقامات عن اهل البيت عليهم السلام .