الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث التفسیر

45/10/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: نظام الاسماء والمعرفة الإلهية

 

اية الكرسي كما مر بنا هي ثلاث ايات عنونت باية الكرسي ، وهذه الاية الكريمة بحسب بياناتهم عليهم السلام من اعمدة القرآن ومن المحاور المهمة في القرآن اذن لابد ان تشتمل على محاور تعتبر اسس قرآنية واسس للدين .

وابتدأت هذه الاية بالاسماء الالهية الله لا اله الا هو الحي القيوم ، الان هذه الحي القيوم صفة للاسم او للمسمى ؟ اسم بعد اسم ؟ لا تأخذه سنة ولا نوم ، طبعا الاسماء طبقات ومراتب كما هو تقريبا بديهي في بيانات اهل البيت ع الاسماء ليست طبقة واحدة ، هذا البيان الاشتقاق اي اشتقاق الاسماء من بعضها البعض وليس المراد منه مجرد الاشتقاق اللغوي وانما اشتقاق التكويني كما ان المراد من الاسماء الالهية ليس مجرد الاسماء اللفظية الصوتية المفهومة للاسماء هذي اسماء صوتية لفظية كما نقول المعاني المعينة انها لغة فكرية لكن ليس هنا المراد من الاسماء الالهية اسماء صوتية او اسماء في اللغة المعنوية وانما المراد منها الاسماء التكوينية المهولة شأنا بحسب بيانات الوحي ليس هناك مخلوق اعظم من الاسماء اعظم المخلوقات طرا واعظم التجليات طرا وفي بيانات الوحي هذه الاسماء الى الله طبقات .

ما معنا الاشتقاق في الاسماء ؟ وان كنا لسنا في هذا الصدد طبعا لكن لكي نعرف هنا ان التوصيف للاسم او للمسمى ؟ مثلا في سورة الرحمن كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام فقال وجه ربك ذو وليس ذي ، فاذا كان ذو يعني وصف للجلال والاكرام بالوجه وليس بالمضاف اليه الرب ، طبعا جلال الوجه من جلال ذي الوجه وليس هناك شأن يثبت للاسم دون ان يثبت للمسمى ولكن يمكن ان يثبت للمسمى دون ان يثبت للاسم .

هذه قاعدة عظيمة جدا في الاسماء كلما ثبت بالاسم يثبت للمسمى وليس كل ما ثبت للمسمى يثبت للاسم ، طبعا كلما ثبت للاسم هو كمال فيثبت للمسمى فلا نظن انه يثبت للاسم كمال ولم يثبت للمسمى بل ثبوته للمسمى احق من ثبوته للاسم هذه القاعدة لا غبار عليها من ناحية جهة الكمال ، الكثرة الان ليست كمال شائبة خلقية كما يقول الائمة عليهم السلام .

اذن هنا اربع قواعد لاعظمية خلق الاسماء ، والاسماء طبقات ، اعظمية خلق الاسماء هذه الاولى والاسماء طبقات هذه قاعدة ثانية وان الاسماء يثبت لها شؤون كمالية كما يثبت للمسمى هذه قاعدة ثالثة والقاعدة الرابعة ان كلما اثبت من كمال للاسماء يثبت للمسمى دون العكس .

لذلك هذا المعنى اللطيف الرقيق استدل اهل البيت على ان الاسماء مخلوقة قبل ان يلتفت الى ذلك فلاسفة الشيعة ولا يخفى ان فلاسفة الشيعة احدثوا نهضة في الفلسفات البشرية من الفارابي وابن سينا احدثوا طفرة عظيمة في الفلسفة يعني بعبارة اخرى ارتكازاتهم التي بنيت في معلوماتهم المرتكزة لديهم من المذهب دفعتهم لتطوير الفلسفة وهذه من المعجزات العلمية لائمة اهل البيت قبل الف وثلاث مئة سنة? فالكثرة ليست صفة كمال . فكلما ثبت للاسماء من كمال يثبت للمسمى .

قاعدة اخرى مرتبة ثبوت هذا الكمال بالاسم هو ثبوت المسمى بنحو احق واساسي فنلاحظ الان جملة من الشئون التي بينها القرآن بالاسماء مثل سورة الرحمن كل من عليها فان لا يظن ظان انها يثبت الاسم دون المسمى او يثبت للاسم على حذو ثبوته للمسمى هذا باطل وهذا ليس فقط في الاسماء حتى في اي مخلوق اخر عنده كمالات ثابتة له من دون ثبوتها لله كيف يصير? وهل ثبوتها لله على حذو ثبوتها للمخلوق? فاقد الشيء لا يخلق ولا يعطي .

يقول امير المؤمنين قاعدة عقلية وكل بياناته عقلية بامتياز محض يقول في كتاب نهج العقل يقول : هو اقدرهم يعني المخلوقات وهو اقدر منهم فيما اقدرهم عليه ، لم ينحسر من قدرته شيء لا يشفعون الا بامره ثم يقول قل ان الشفاعة لله جميعا ، فكون القدرة لله لا يعني انه لا يفيض منها على مخلوقاته فيعني كل الكمالات وليس القدرة وليس الشفاعة وانما كلما من كمالات فله وهذا لا ينفي ان يعطي درجات من هذه الكمالات لخلقه ، وكونه يعطي لكرام خلقه بعض الكمالات لا يعني ان هذه الكمالات عزلت وسحبت عنه وانحسرت عنه تعالى او ان المخلوق عندما اعطي هذه الكمالات مثل عزرائيل اعطي قدرة على اماتة الاحياء ما انحسرت عنه? او ان قدرة الله على الاماتة تساوي اماتة عزرائيل اعوذ بالله الاماتة لله جميعا .

اعطي اسرافيل قدرة النفخ في الارواح يعني احياء الموتى فالمحيي المميت الاعظم هو الله فلانه قال اعظم لا يقايس بكون اسرافيل عنده قدرة الاحياء هو اقدر اسرافيل على هذا الشيء وهو اقدر باسرافيل فيما اقدر اسرافيل عليه ، انما اسرافيل مظهر يسير لقدرة الله وهذه عامة بكل الكمالات ومن ثم اجمع المتكلمون والمفسرون ان هناك صفات ذاتية وصفات فعلية ، الصفات الفعلية يعني هي صفات موجودة في المخلوقات الكريمة وهي تمثل صفة لله في مقام الفعل ، طبعا الصفة الفعلية دون الصفة الذاتية هذا النظام يفتح منه الف باب بشرط الانسان يراعي ضوابط هذا النظام ولا يصير خلط

اذن نظام الاسماء نظام معقد صعب وغامض ومن اصعب عوالم الخلقة ومن اصعب ابواب المعرفة على الاطلاق ولكن له قواعد عقلية وحيانية وضوابط اذن في سوء الرحمن تقول كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ، ذو الجلال وليس ذي الجلال وهو وصف الوجه والوجه بمثابة الاسم لاالمسمى وجه الله يد الله عين الله جنب الله خليفة الله حتى لما نقول قدرة الله هي اسماء وكذلك علم الله ليست هي اسماء صوتية لفظية ولا اسماء مفهومية وانما اسماء كونية مهولة .

بينما في اخر سورة الرحمن تبارك اسم ربك ذي الجلال والاكرام هذه رتبة اخرى من الجلالة هنا للمسمى غير الاسم فالجلال والاكرام في سورة الرحمن تارة شأن الاسم الهي وتارة شأن المسمى لكن بلا قياس يعني انما جلال الاسم وكماله يعني شخص يأتي يقول الاية الكريمة جعلت وصف اسم الجلال وصف الاسم بما هو اسم وليس وصف الاسم لا بما هو اسم يعني ليس وصف الاسم في حالة لحاظه مخلوق من المخلوقات اصلا ليس ملحوظة المخلوقية وهذه قاعدة اخرى في الاسماء صعبة جدا انها مثلا ذو الجلال والاكرام وصف الاسم بما هو اسم اصلا ما هو معنى الاسم ايضا? وهذي نكتة مهمة بعد في عالم الاسماء ما هو معنى الاسم? معنى الاسم يعني المرآة والاية التي لا تلحظ فيها غير الله جهة مخلوقية ما ملحوظة فيها اصلا فاذا لاحظت جهة المخلوقية هذا ليس اسم الهي .

مثلا قولهم عليهم السلام نحن الاسماء الحسنى هذا مستفيض متواتر بالفاظ مختلفة ليس المراد هنا ابدانهم الشريفة او انفسهم او ارواحهم وهذا باب عظيم وانما المراد الدرجات العليا من وجودهم التي يمحى فيها شخصنة المخلوق يصير متمحض في الاسم الالهي في تلك المرتبة نحن الاسماء الحسنى .

القرآن الكريم مر بنا يعطي اوصاف لسيد الانبياء بما هو بدن ولد في عام الفيل ما كنت ما كنت اما بلحاظ الطبقات العليا للنبي هكذا يخاطب القرآن ان هو الا وحي يوحى او يوم نبعث من كل امة شهيدا عليهم من انفسهم وجئنا بك على هؤلاء شهيدا بلحاظ الطبقات العليا لسيد الانبياء يصف القرآن سيد الانبياء باوصاف اخرى ممتازة يقول الامام زين العابدين ببيان عقلي في الصحيفة السجادية ان المقامات الغيبية للنبي احدها في القرآن الكريم يس والقرآن الحكيم طه ما انزلنا عليك القرآن لتشقى حم والكتاب المبين قاف والقرآن المجيد حا ميم عين سين قاف كل سورة يقول زين العابدين ابتدأت بالحروف التي هي فوق القرآن ثم عطف بالذكر على القرآن تلك الحروف المقطعة مقامات غيبية لسيد الانبياء ليس فقط من بدنه الشريف او نفسه او روحه وانما تسمى الف لام راء ، حتى الاسم الالهي يذكره الله تعالى .

فالمقصود هذي نكتة مهمة نلتفت اليها ان الاسماء اذا كانت لها اوصاف وهذه قاعدة لذلك يخلط من يقول النبي لا يأكل ولا يمشي في الاسواق والنبي لا ينكح وهو لم يلد ولم يولد كلا هو ولد من عبد الله ومن امنة بنت وهب ومن عبد المطلب واولد الزهراء وبقية النسل المبارك له فبدن النبي شيء اخر ، المقصود هنا يصير خلط وخبط .

فشؤون الاسم الالهي اذا ثبت له وصف بما هو اسم يعني ليس فيه جنبة الحاظ في المخلوق وانما مرآة مسلحة بالصفاء في تجلي الباري وهذه احد صعوبات تعقيد الاسماء التي يخلط فيها من يخلط افراطا او تثبيطا او تقصيرا او علوا ، من ثم اتباع النص الوحياني سبيل النجاة انت لا تركب من عندك حتى الجمل اذا اتيت بالقالب البشري فيه ما فيه ايتني بالقالب الوحياني يجب اتباع النص والمراد منه ليس النص فقط وانما نظام المعاني في الوحي .

كما مر بنا في بيان اخر قراني سبح اسم ربك الاعلى والاعياد وليلة الجمعة يستحب قراءتها وعندنا ايات كثيرة فسبح باسم ربك العظيم فينزه الاسم وذكر اسم الرب في اسم الله امر مسلم ولا يمكن تسبيح وتقديس الله الا بالاستعانة بالاسماء فسبح باسم ربك العظيم و وهم من ظن انه يستطيع ان ينزه الله من دون الاسماء فقد ضل ضلالا بعيدا فحيث التسبيح والتوحيد وتنزيه لا يتم ولا يمكن ان يتم الا بالاسم كما في بيانات عديدة لولا ان الله خلق الاسماء لما اهتدى الخلق الى توحيد الله والى معرفة الله لان الله لا يكتنه ولا يحاط به فهل تعطل المعرفة? كلا .

اذن عبر التجلي بالايات والاسماء والكلمات فسبح باسم ربك يسبح لله ما في السماوات والارض باسمائه جميع خلقه انما يسبحون يعني كيف ينزهون الله? اذا اردت ان تنزل الله عن الشرك لا يتم لك الا بالاسماء ، ان ابتغيت التنزيه والتوحيد وتنزيه الله بغير الاسماء وقعت في التشبيه الى اقصى الحد وضللت ظلالا مبينا كما ان تحميد الله بالاسماء لانه كيف يمكن ان تتجلى او نعرف كمالات الله بدون تجلي يعني لابد من التجلي يعني معرفة الله بوجه ولا المعرفة بتعبير صاحب الكفاية في نفس الاسماء في اول المباحث الكثرة في المشتق وحتى باقي العلماء الامامية .

فالمعرفة ليست مقطوعة ولا المعرفة بالكنه موجودة التعطيل باطل والمعرفة بالكنه باطلة فقط معرفة الله بوجه الاسماء لان المعرفة بالاسماء فيها تنزيه عظيم لله عن التشبيه وفيها تنزيه لله عظيم عن التعطيل تحميد يعني عدم تعطيل تنزيه يعني عدم تشبيه ترادف عقلي ، لسنا في صدد الترادف اللغوي الترادف العقلي اوسع حقيقة من الترادف اللغوي فبالتالي اذن اشتقاقات سبح هذا دور الاسماء فبالاسماء عرف الله يا من دل على ذاته بذاته لان الاسماء مرايا وجمع مرآة من ذا الذي تجلى في المرآة? ليس الاسم ، الاسم طريق محض الذي تجلى هو يا من دل على ذاته بذاته ، الذات تتجلى يعني معرفة الله بالوجه وبالاسم وان كان الاسم فرعي .

فسبح بحمد ربك ونزهه بالثناء عبر الايات والكلمات ولذلك اذا ندقق الكفر في القرآن هو كفر بالايات يعني بالاسماء ، الاسماء والايات معنى عقلي واحد ، قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء ، فالاسماء مملوكة له تعالى تقودك اليه طريق اليه فبالتالي التحميد تثبيت والتسبيح والتوحيد نفي ، يعني لا اله هذا تنزيه وتوحيد ، الله تحميد ثناء تمجيد ننزهه بالتوحيد ونوحده بالتنزيه التوحيد بالدقة نهي والتحميد تثبيت يعني معرفته بالوجه او بالاسم .

من عظمة اعجاز العلمي التوحيد بمفرده ناقصة فلابد من التحميد والتمجيد لان التوحيد فقط تنزيه وليس تحميد نعم ان عجنت التسبيح بالحمد صار التوحيد والتحميد وهذي موجودة في عدة من البيانات العقلية في زيارة أمير المؤمنين .

على اي تقدير إذن نظام الأسماء نظام صعب معقد لم يسلم من يخوض فيه عن الزلل والخلل والتفويض هو شبيه الجبر والتفويض ولكن اعقد منهما بمراتب ولا ينجون الا بسفينة النجاة ان تتبع قواعد الوحي فالالمام بالمنظومة ليس بالشيء اليسير لذلك يجب ان يكون هناك تؤدة وخطوة خطوة محيطة ان لا يأخذك المسير يمين او يسار انت فوق ما نقول وكما تقول سبحان ربك رب العزة عما يصفون انت كما وصفت نفسك ومن يستطيع ان يصفه بالعقول الضعيفة لولا تعليم الله عز وجل .

مثل المعلم لطالب ابتدائي اجمالا اذن بحث الاسماء بحث عظيم وتوجد هناك ايات سبح اسم ربك الاعلى ، الاعلى بحسب التركيب النحوي السفلي المضاف لا للمضاف اليه ولكن كما مر بنا ليس اثبات الصفات للاسماء بما هي هي بل اثبات المسمى ولا بنحو التساوي .

المهم هذا البحث الطويل لذلك قال علي بن موسى الرضا في احتجاجه على عمران الصابي او غيره ان بحث المرآة مثل تكويني ضربه الله عز وجل للمعرفة وهناك امثلة تكوينية كثيرة نظير المرآة بينها الوحي .