الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث التفسیر

45/07/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: طريق الهداية والسنة الإلهية في اختلاف كل أمة بعد نبيها

 

كنا في ذيل الاية الكريمة اخر الايات في ملحمة طالوت وجالوت:

ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا ، فمن يدعي ان الامة متفقة بعد انبيائها يكذب القرآن لان القرآن يبين ان الامم بعد الانبياء والرسل دوما تختلف لا انها تتفق .

واجماع الامة اين اجماع الامة? كيف يدعى الاجماع والمجمعين غيبوا ؟ بني هاشم غير موجودين وكيف يستثنون بنو هاشم وهم اصل الدين واساسه? كيف يستثنى علي وهو الذي بدأ به الدين? الم يكن مفزعا لهم في كل نازلة نزلت بهم في عهد رسول الله ؟ يكون المفزع علي ابن ابي طالب ما بالهم جعلوا عليا وراء ظهورهم ؟ واتخذتموه وراءكم ظهريا يرجع الى الله عز وجل لاحظ الاية قال يا قوم اتخذتم الله وراءكم ظهريا .

الا تقولون ماذا قال الله وماذا قال رسول الله? تتركون ما قال الله ما قال رسوله واتخذتموه ورائكم ظهريا فاذن دعوى ان الامة اتفقت واجمعت هذا تكذيب للقرآن كما بينا انه اختلفوا من بعده وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم سور عديدة و ايات عديدة تنص ان بعد الانبياء يقع الاختلاف بين الحق والباطل اما انه الكل حق فكلا والكل باطل فكلا ان الدين عند الله الاسلام وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم .

قد يقول قائل هذا اهل الكتاب وما بالنا نحن المسلمين

عندنا ايات وروايات متواترة تدل على ان ما وقع عندهم سيقع عندنا فهذه الاية في سورة ال عمران الاية التاسعة عشر وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بايات الله فان الله سريع الحساب ، ايات الله يعني الايات الناطقة هناك فرقة تتبع الحجج بعد انبيائها وفرقة تخالف وتجحد الحجج المنصوبة من قبل الله .

فمن يدعي وجود ايات ناطقة منصوصة عليها هم مع الحق وخلافهم مع الباطل هذا مقتضى سورة ال عمران الاية التاسعة عشر وهذه ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا .

وايضا في سورة يونس الاية الثالثة والتسعون ايضا دالة على اختلاف وقع في بني اسرائيل مما يدل على ان الكتب السماوية بمفردها لا ترفع غائلة الاختلاف لا لقصور في الكتب السماوية لكن من يلزم الكل بما في الكتاب? من يشرح للكل ما هو الكتاب?

ثم ورد روايات متواترة عند الفريقين ان عليا خاصف النعل لرسول الله صلى الله عليه واله ويقاتل على التأويل كما قاتل على التنزيل .

فاذن هذه ظاهرة كررها القرآن في سبعة عشر او اكثر ربما فهذه ملحمة الهية ملحمة قرآنية وسنة الهية تكوينية ان بعض الاممم بعد رحيل الانبياء والرسل يدب الاختلاف في الامة ودوما منهم من يكون على الحق ومنهم من يكون على باطل لا الكل على الباطل ولا الكل على الحق .

اما اجتهد فاخطأ هذا تصوير زائف والقرآن يقول باطل باطل كيف اجتهد فاخطأ? باطل يعني خالف الضروريات لا انه صار في مساحة غير الضروريات لا انه اخطأ مع قصده للحقيقة ، اصلا عمدا عنادا خالف الحقيقة فالاختلاف بهذا المستوى وليس كاختلاف المجتهدين فيما يعذرون فيه .

واية اخرى واتيناهم بينات من الامر الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم فاذن سبب الاختلاف القرآن يؤكد هو البغي وليس اختلاف واجتهاد ، هناك باغي ومبغي عليه وظالم ومظلوم كيف اجتهد فاخطأ? اي تبرير هذا? القرآن يقول سبب الاختلاف هوالعدوان والظلم .

لذلك النبي كان يأخذ من القبائل الاقرار بالاسلام والدين وان لا ينازع الحق اهله من بعد النبي .

في سورة الجاثية التي مرت بنا هذه الاية الان الاية السابعة فهذه الاية تبين ان النزاع داخلي والنزاع ضد الاسلام بسبب البغي والظلم .

وكذلك ذلك بان الله نزل الكتاب بالحق وان الذين اختلفوا في شقاق بعيد هذه في سورة البقرة فهو عناد وتصلب لاانه اجتهد فاخطأ كل هذه الموارد القرآن يؤكد على ان النزاع منشأه البغي والعناد والتمرد وليس منشأه الاختلاف في وجهات النظر والاجتهاد وما شابه ذلك .

فهذه سورة البقرة الاية مئتين وثلاثة عشر من بعد ما جاءهم البينات اولئك لهم عذاب عظيم فهنا القرآن يذكر ما المراد من الفرقة يعني الفرقة عن الحق والاجتماع على الحق لا المراد من الفرقة الفرقة عن الباطل والاجتماع الباطل اي فائدة في ذلك?

ربما يستدل بان هارون عندما قال اني خفت ان تقول فرقت بين بني اسرائيل ولم ترقب قولي نعم الوحدة مهمة في المشتركات بلا شك لكن ليست الوحدة تقام على حساب الحق ، المشتركات التي هي حق بين الجميع نعم لا بأس هذا صحيح لذلك لاحظ انه ليس باي ثمن ليس المقصود ذلك .

لذلك لاحظ ان هارون مع انه كان من المصرين على عدم تفرقة بني اسرائيل و وحدته ولكن اتحد في نبوة النبي موسى في التوراة لا في عبادة العجل بل هو استنكر عبادة العجل وابطلها ولم يذوب في الانحراف تلك الطائفة من بني اسرائيل مع انه النبي هارون يقول اني حافظت على وحدة بني اسرائيل اي وحدة حافظ عليها ؟ هي في المشتركات الصحيحة واصل نبوة النبي والتوراة وتوحيد الله ، اما عبادة العجل وتنصيب العجل واتباع السامري فكلا فهو بالعكس استنكر ولم يصل في استنكاره المواجهة العسكرية خوف تفرق بني اسرائيل هذا صحيح فاذا كان النبي هارون معذور في عدم القيام بالحرب العسكرية مع اولئك لاجل انهم استضعفوه او افردوه او لاجل ان تتفرق بنو اسرائيل حتى عن نبوة النبي موسى وعن التوراة وعن التوحيد فيبقيهم على النبي موسى وللتوراة وللتوحيد وان انكر الباطل مما هم عليه وهو عبادة العجل واتباع السامري .

فلاحظوا ان الوحدة التي حافظ عليها النبي هارون كيف هي? وباي صياغة? وباي تركيب? من جهة لم يفتت جمع بني اسرائيل وحافظ على المشتركات بينهم وحافظ على انتمائهم ولو صوري بالنبي موسى وبالتوراة وبتوحيد الله في حين لم يذب ولم يشرعن خطأهم ، اي خطأ تلك الطائفة من بني اسرائيل التي نصبت العجل او اتبعت السامري في تنصيب العاجل .

فملحمة هارون وموسى ملحمة عظيمة ولازم ان لا يؤدي هذا الاختلاف في تفرق الامة ولكن بدرجة لا تؤدي الى شرعنة العجل او السامري او الخطأ او الانحراف في حين انه ابقى المشتركات الصحيحة بينه وبينهم .

اذن ملحمة هارون ملحمة عظيمة ولأجل هذا اذن ليس ترك النبي هارون النزاع المسلح مع طائفة بني اسرائيل الذين نصبوا العجلة واتبعوا السامري في تنصيب العجل ليس معناه شرعنة من هارون لاولئك ولا هو من جانب اخر فرط في وحدة امة بني اسرائيل وانما امر بين امرين لا تبسطها كل البسط ولا تجعلها مغلولة الى عنقك واتخذ بين ذلك سبيلا .

هنا هذه الدقة في معنى وحدة الامة والحفاظ على وحدة الامة بعد الانبياء سنة النبي هارون وموسى انت مني بمنزلة هارون من موسى اذن تشبيه النبي لعلي عليه السلام ان منزلته من رسول الله بمنزلة هارون من موسى ايعاز بان الحق والهدى بعد النبي هو مع تلك الطائفة التي تتبع عليا عليه السلام ولا تتبع البدع المستحدثة والاحداثيات في الدين .

فبالتالي اذن هذا التشبيه بمنزلة هارون من موسى في لسان الوحي ونحن نعتقد بان كلام رسول الله وحي وليس كلام بشر عادي هو ينطق عن الله عز وجل فاشارة الوحي لهذا الامر في غاية الاهمية .

اصلا لاحظ القرآن العدسة من البحث عن نظام الامامة والاصطفاء بسرعة يوجه العدسة الى حال الامة بعد انبيائها لكي يبين انه الامم تختلف ،ـ فلم يقل بعد الائمة وانما بعد الانبياء والرسل تختلف كما قد يحصل نعم بعد حتى رحيل الامام الكاظم اختلف اتباع الكاظم الواقفية لايؤمن بالرضا او بعد الامام الصادق ناووسية لاتؤمن بامامة الكاظم او بعد الحسين كيسانية لاتؤمن بامامة زين العابدين او بعد الامام الرضا هناك كرخية وقفت على الامام الرضا ولاتؤمن بامامة الجواد وهلم جرة .

فاذن حسب سورة ال عمران وما اختلف الذين اوتوا الكتاب الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بايات الله فان الله سريع الحساب .

كانما القرآن يشير دوما حالة الامم بعد الانبياء او بعد وصي من الاوصياء هناك اية ناطقة حجة اخرى موجودة يجحد بها وهذه علامة على الباطل ولكن من يتبعها ويسلم لها وينقاد لها يكون على الهدى .

فاذا هي سبعة عشر اية في سبعة عشر سورة ذكرها القرآن وربما متكرر اكثر بالفاظ اخرى بلا شك في القرآن ان هذه سنة الهية ان بعد الانبياء والرسل وبعد رحيلهم يقع الاختلاف مثل قصة هارون حيث هذه القصة لعل كلمة تختلف غير موجود لكن نفس المعنى موجود .

فاذن ليست هي سبعة عشر سورة ربما ثلاثين اربعين خمسين سورة تشير الى هذه السنة الالهية انه يقع الاختلاف بعد الانبياء والرسل منهم من يصطف مع ايات الله والحجج المنصوبة من قبله وهم على الحق ومنهم من يذهب الى المخترعات والمحدثات والتبديل .

لاحظ هذا تأكيد على بني اسرائيل واشد ما نبه النبي على تمثيل هذه الامة ببني اسرائيل انه لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموه يقع في هذه الامة ما وقع في بني اسرائيل حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل فكيف باصل الاختلاف?

فهذا واضح وكذلك ولولا كلمة سبقت فيه ما اختلف فيه فكيف تقول حسبنا كتاب الله هو القرآن يقول لا يعصمكم الكتاب لا لنقص في الكتاب ولكن انتم بدون معلم الهي ومرشد الهي لا تستطيعون ان تعتصموا بالكتاب وان لا تختلفون فيه .

فاذن لاحظ في السور ان بني اسرائيل يختلفون في الكتاب وكذلك تختلف الاحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم وهذا شبيه قول القرآن الكريم واذا تنازعتم في شيء فردوه الى الله ورسوله ولكن كيف يتم الرد والحال ان القرآن الكريم يقول واذا جاءهم امر من الامن او الخوف اذاعوا به ولو ردوه الى الله والى الرسول لعلمه الذين يستنبطونه منهم وليس كلهم .

فهناك اولي الامر موجودين وهذه اية في سورة النساء في ذيل اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم اذا كان الله يأمر بطاعة اولي الامر فكيف يحلل القرآن منازعة اولي الامر هذا خلاف الطاعة فالرد يكون لاولي الامر لعلمه الذين يستنبطونه منهم والا كان تناقض ان يأمر بطاعة اولي الامر ويسوغ النزاع معهم والرد عليهم كيف يكون ذلك? مع ان القرآن وصف التوراة والانجيل نور وهدى ولكن من الذي يحكم به ؟ يحكم بها النبيون الربانيون والاحبار بما استحفظوا .

فالربانيون مقدمين على الاحبار والاحبار هم الذين يتبعون الربانيين ويتبعون النبيين فما يمكن ان يكون حسبنا كتاب الله لذلك نفس هذا القائل حسبنا كتاب الله اختلف في سقيفة بني ساعدة ام لا وكاد يصل الى الاقتتال ام لا لاحظ كيف يكون حسبنا كتاب الله ؟

نحن نذكر غدا انه لماذا ينذر القرآن الامة بما يقع من الاختلاف.