الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث التفسیر

45/07/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاختلاف في الأمم بعد رحيل الانبياء و الرسل

 

كنا في هذه الاية الكريمة من سورة البقرة تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات واتينا عيسى ابن مريم البينات وايدناه بروح القدس

هذه انتهينا منه وتتمة الاية :

ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من امن ومنهم من كفر

فيبين للقرآن انه من بعد الرسل ليس الكل كفر وليس الكل آمن بل منهم من امن ومنهم من كفر فبالتالي بعد الرسل ابى الله الا ان يبقي فرقة ناجية وهو نفس حديث الفرقة الناجية مضمون هذه الاية الكريمة ، انقسم اتباع نوح الى كذا فرقة وفرقة منهم نجت اذن هناك فرقة ناجية بعد النبي موسى كذا بعد ابراهيم كذلك بعد عيسى بعد سيد الانبياء فحديث الفرقة الناجية المتواتر ستنقسم امتي بعدي الى ثلاث وسبعين فرقة فرقة منهم ناجية والباقي في النار هي بالتالي على نحلة سيد الانبياء في دار الدنيا نعم هي امة النبي ولكن الذي ينجو منه في الاخرة فرقة واحدة احكام دار الدنيا شأن واحكام دار الاخرة شأن اخر

بل حتى هنا احكام دار الدنيا ايضا فيها مراتب مثل ما يقول القرآن الكريم في سورة الانفال حول المسلمين في قريش قبل ان يفتحها النبي ولم يهاجر الى النبي مع انهم اسلموا ولو بالخفاء او بالعلن فهؤلاء يحكم عليهم القرآن الكريم ما لكم من ولايتهم من شيء

او كما حكم القرآن على الاعراب الذين اسلموا لكن لم يهاجروا مع النبي وبقوا في البادية فبقوا مع قريش الاية مئة وسبعين في سورة الانفال هناك اية اخرى وموضع اخر ذكره القرآن الكريم عن اعراب اهل البادية اسلموا لكن لم يهاجروا مع النبي ليتعلموا الاحكام وغيره فحكم عليهم القرآن بان الغنائم ما توزع عليهم

اذن هناك فوارق بين المسلمين نص عليها القرآن رغم انه وحد بين المسلمين في جملة من الاحكام الا انه ايضا فرق في جملة من الاحكام بين المسلمين الكلام بالتالي هذا ان افتراق امتي وامة كل رسول بعده لابد ان تكون هناك فرقة على هدى ولو واحدة وهي واحدة طبعا لا يضره ضلال من ضل والباقي ليس الى النجاة وانما الى الهلاك

ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعده من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فرغم وجود بينات اختلفوا فمنهم من امن ومنهم من كفر

ولو شاء الله يكرره مرة اخرى ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد

بعد النبي موسى زوجة النبي موسى حاربت وصي النبي موسى حرب عسكرية نفس الكلام اذن يثبت القرآن الكريم سنة تكوينية وليست جبرية وليست الجائية ولكن هذه السنة لا يمكن ان لا تقع وهل النبي موسى كان له زوجات متعددة التي حاربت وصيه ام لا ؟ لازم يبحث

النبي يعقوب ايضا كان عنده زوجات ثلاث ازواج ان لم يكن اكثر ابراهيم كان عنده زوجتين ادم زوجة واحدة حواء والنبي يوسف على اقل تقدير عنده زوجتين زوجة تزوجها قبل زليخا ثم تزوج زليخا

فكثير من الانبياء متعددي الزوجات لا سيما سيد الانبياء تسع زوجات او خمسة عشر زوجة وامير المؤمنين ايضا بين زوجة وملك يمين خمسة عشر زوجة

نرجع للبحث الاصلي وهو ان الاقتتال بعد الانبياء موجود او الاختلاف فهل هذه السنة كيف لها ليس لها تبديل? ولا تحويل وهناك اختيار السنة الاهية تكوينية في هذا المجال

هذا الامتحان والاختيار كيف يمكن التلائم بينها? الان جواب مختصر لهذا التوهم كثير يتوهم من الاختيار ان لا يكون في البين حتم الهي وليس معنى الاختيار التفويض تماما ، تفسير الاختيار بالتفويض هذا باطل الاختيار ليس تفويض امر بين امرين لا هو جبر كما ان تحتيم الله عز وجل للقضاء والقدر ليس هناك جبر

فاذن مزيج من القضاء والقدر هو اختيار الانسان فليس فقط تفويضي مرتبط فقط وفقط بارادة الانسان او فقط وفقط بالقضاء والقدر هذا صار جبر بل مرتبط بهما ، اذا ارتبط بهما لا هو جبر ولا هو تفويض انما هو اختيار

فليس معنى الاختيار هو التفويض كما ان ليس معنى حتمية القضاء والقدر هو الجبر

الان من باب المثال علم الله عز وجل بنتائج امتحانات المخلوقات والبشر هذا العلم السابق الازلي هل هو يتخلف? حاشا ، فلما يكون علم الله حتم يعني معناه ليس جبر فليس مرتبطة المسألة بالحتم الالهي ولا مرتبطة بقدرة الانسان فقط وانما امر بين امرين فالحتم اذا كان بمفرده يستلزم الجبر المحتوم والقضاء والقدر ، واذا كان ارادة الانسان ومشيئة الانسان من دون مشيئة الله وارادته فهو تفويض اما المشيئة فما تشاؤون الا ان يشاء الله هذا امر بينهما لا هو جبر ولا هو تفويض

نشاء ويشاء الله فهذا تفويض او لا يكون الا ما نشاء وهذا تفويض ايضا ، او لا يكون الا ما يشاء الله من دون ان نشاء وهذا جبر ، وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين هو لا جبر ولا تفويض امر بين امرين

فهنا عندما يخبر الله عز وجل بان هناك سنة تكوينية الهية ان امم من بعد رسلها تتنازع فليس هم كلهم هداة مهديين وانما هناك حق وباطل فيه الهداية وفيه الغواية ، منهم من امن ومنهم من كفر الان كيف يتم التمييز هذا بحث اخر اما ان الجميع على هداية او الجميع على الكفر ايضا كلا

ولعلها احد معاني لا تجتمع امتي على خطأ بل لا زال فيها طائفة على الحق ويهدون الى الحق وهم الناجين مع الاختبار

فاذن هذه سنة وليست جبر والجاء ، ولو شاء الله ما اقتتلوا طبعا ما شاء الله ان يقتتلوا لا انه اراد ان يقتتلوا ، المشيئة فضلا عما نقول علم الله انهم يقتتلون والبحث بحث العلم والمشيئة والارادة هذا بحث اصعب واصعب واعقد واعقد من الجبر والتفويض

فاذن هناك سنة الهية تكوينية بتية حتمية لا تتخلف ستركبن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل ولو دخلوا جحر ضب لاتبعتموه وفي القرآن الكريم لتركبن طبقا عن طبق

في حين هذا كله لكن هذا ليس معناه الجاء والجبر كما مر جميع العلم الالهي الازلي الذي لا يتخلى وايضا حتمية وقوع الخلاف وحتمية وجود الامتحان في ظل الاختيار والامتحان وعدم الجبر

هذه ظاهرة مهمة مما يقع بعد الانبياء والرسل اذن ليسوا كلهم على حق وليس كلهم على باطل يعني هم الفرقة الناجية فرقة واحدة ناجية لا يضرهم من طعن عليهم فلماذا يخبرنا القرآن الكريم بهذا الشيء لماذا يخبرنا ان بعد كل رسول يصير خلاف ؟ يعني يريد ان يوصل لنا القرآن الكريم هذه الحقيقة لا تحكم على الكل بالضلال ولا تحكم على الكل بالهداية يعني يريد القرآن الكريم ان يوصل لنا هذه المعلومة لا تحكم على الكل بالضلال ولا على الكل بالايمان بل اعرف الدين تعرف اهله اعرف الحق تعرف اهله

هنا البيت القصيد لماذا القرآن الكريم يأتي ببحث الخلاف في الامم بعد الانبياء والرسل بعد استعراضه لامامة طالوت وامامة داوود ؟ هو واضح يعني النزاع هي في الامامة والولاية بعد الانبياء والرسل ذكر طالوت وذكر داوود ابعث لنا ملكا وليس نبيا حيث الملك احد عناوين الامامة احد العناوين المرادفة للامامة نعم ان الله بعث لكم طالوت ملكا ان الله اصطفاه وزاده بسطة

فاذن ذكر النزاع والاختلاف بعد رحيل الانبياء والرسل لاجل بيان هذه النكتة ان الامام يصبح طرف نزاع وهو طرف حق والذين في قباله طرف باطل

فهذه سنة نركز عليها اكثر ان شاء الله حول الامامة.