الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث التفسیر

45/06/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الحكومة الالهية وفلسفة المسؤولية الاجتماعية

 

ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ولكن الله ذو فضل على العالمين فبالتالي هذه الاية تبين ادارة الهية لاحداث الارض ومجريات الارض لاجل منع الفساد الاكثري واستمرار مسيرة الاصلاح فتنامي مسيرة الاصلاح في البشر لا نظنها انها تسند مجرد الى البشر بل هي في الحقيقة من فعاليات الحكومة الالهية الخفية

ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض قد يقيم الله حروب ويشعل حروب بين طرف وطرف دفعا للفساد من غير ان يشعر المتحاربين الى ماذا يسيرون او يدفعون ولكن الله عز وجل يدفع الشر بشيء اخر لئلا يكون الفساد او الشر غالبا ، لئلا يغلب الباطل اهله ويقول الناس لولا ارسلت الينا رسولا منذرا علما هاديا

فاذن افعال الدولة الالهية مستمرة لاجل ممانعة الفساد الاكثري ليس اصل الفساد لكن الفساد الاكثري هذا ليس بنحو الجبر ولا التفويض يعني لا امور الارض مفوضة الى البشر ولا مجبرين عليها امر بين امرين

تعبير القرآن الكريم انه لكي لا تفرحوا بما اتاكم ، تعبير في كتاب يعني تحت تحكم الله بسبب حزن او اياس الانسان او يأس الانسان او الكبت الذي يصيب الانسان لانه لا يلتفت الى هيمنة الله على مقادير الامور ما اصابكم من مصيبة في الارض ولا في السماء .... تتمته لكي لا تحزنوا ولا تفرحوا ، لاحظ لا تنغرون بالنعم والفرح والبطر لا يصيبنكم ولا البلاء او المصيبة تخدع الانسان

وسبق ان مر بنا الاشارة مرات للدعاء الذي في زيارة امير المؤمنين المعروفة الهي فان كذا اصبتني نعم فاعطني شكرا يدمغه اي يدمغ النعمة ، لما النعمة تدمغ ؟ يعني الحالة النفسية التي قد تولدها النعمة تغر الانسان وتخدع الانسان فلابد من الشكر يقلب طغيان الانسان الى عبودية ، ان الانسان ليطغى ان راءه استغنى اما اذا يشكر يعلم انه ليس ملكا له لكي يتفرعن

فالشكر دامغ للافات التي تولدها النعم مع ان النعم خير ولكن الشكر يزيل مخادعة النعم او التداعيات السلبية للنعم و طغيان الانسان

كما ان البلاء بغض النظر عن مرارة وشدة البلاء فيه خدعة فيه تداعيات سلبية اشد من نفس البلاء ما هي? ان الانسان عنده اياس لماذا يصبح عند اياس? كأنما يتخيل ان سلسلة حوادث البلاء ممكن التحكم بها وهذا خطأ الخالق ليس بعاجز فان لم يكن الخالق عاجز اذن ما يجري من احداث وفق حكم ولا اعتراض على حكم الله او قضاءه وقدره

استشهاد سيد الشهداء كم هي مصيبة عظيمة? اذا نريد ان ننظرها من جانب الله ما رأيت الا جميلا اولئك قوم كتب الله عليهم الشهادة واكرمهم بالشهادة هذا فعل الله نعم اما اذا ننظر اليه كفعل الظالمين محل جزع هنا جزع ليس من الله ممن? من الظالمين شكوى من الظالمين شكوى لله من الظالمين

وبعض الكبار التبس عليهم هذا البحث الجمال في النسبة الى الله لا يتناقض مع التبرم من فعل الظالمين في هذا الحدث لان هذا الحدث ليس جبر ولاتفويض ، او تقول ان كل فعل الله هو فعل الله جميل فكيف جمعت العقيلة سلام الله عليها بين بعد الجمال في عاشوراء وبعد البكاء في عاشوراء ؟ جمعت بين حالتين متضادتين لكن بالدقة ليس متضادتين بلحاظ ان هذا الحدث ليس مفوض للبشر كي فقط يكون حزن ، وليس الجاء وجبر كي يكون فرح فقط ، كلا فرح من فعل الله وتبرم من فعل البشر

هذا التبرم لا يؤدي الى اليأس لانه فيه جنبة فعل الله وتدبير الله وحكم الله وغايات الله فيه جمال ومن جهة نسبة هذا الفعل الى الظالمين فيه تبرم وبكاء وحزن

ومن ثم سلام الله عليها ذكرت مخاطبة يزيد الفجور انه اقرح القلوب اي طبعا لانه فعله ، فمن جهة فعله اقرح القلوب وآلم القلوب من جهة فعله لكن هذا الالم مع شدته يوازن بالجمال في تدبير الله فح يتولد الصبر

على اي تقدير فاذن في الحكومة الالهية احداث الارض لا هي جبرية ولا هي تفويضية وانما بين امرين فاذا كانت امر بين امرين ما له معني انه ييئس ويقول الدول عظمى والكفر اعظم وقوي كلا لا ييأس ولا ايضا كون فعل الله يعني معناه التخلي عن المسؤولية انه يقول كل شي بيد الله خلاص بعد نطمئن ونذهب الى النوم و الراحة كلا امر بين امرين

في احد يخاطب الله عز وجل المسلمين ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله ، او ان كنتم تألمون فانهم يألمون كما تعلمون لكن انتم عندكم امتياز لذلك تألم بلا امل بلا رجاء ، فيهد من ارادتهم لكن انتم الم مع ماذا? الرجاء هذا يصبركم يعطيكم شحن وقوة

لذلك هناك توصية من ال البيت عليهم السلام ان المؤمن يجب ان يوازن الرجاء والخوف اذا كان عنده حالة فوران في الرجاء يجب ان يوازن ويعادل ذلك بفوران من الخوف والعكس اذا كان لديه فوران من الخوف يجب ان يوازن بفوران من الرجاء لماذا? لكي لا يحصل اليأس ولا يحصل التسويف عن المسؤوليات وليبقى الاستمداد من الله عز وجل والمثابرة وقمة المثابرة والسعي والجد

هذه معادلة موازنة بين الغيب والشهادة بين المادة والغيب وبين الخالق والمخلوق اي برنامج يرسيه الانسان على طبق هذه الموازنة فنجاح اما ان يرسي البرنامج على جانب الاخر تصبح هناك غواية وانحراف

لذلك اليأس من روح الله كفر خفي ولا ييأس من روح الله يعني ما يوجد عندك امل ولا تستبشر تماما تقول تواكل جبر من الله كلا امر بين امرين ، تسعة والباقي على الله عز وجل ، يعني حالة ديناميكية السعي والحركة وحيوية الارادة امر بين امرين سواء معنى امر بين امرين نوع من التحريك المستمر للارادة الانسانية والهمة وهذه فلسفة عظيمة في نفي الجبر ونفي التفويض ليس على صعيد فردي وانما على صعيد مجتمعي سياسي حضاري على كل الاصعدة

قاعدة لا جبر ولا تفويض امر بين امرين غير مختصة بالافعال الفردية للانسان حتى باحداث البشر جمعاء بل باحداث المخلوقات كلها هذه الضابطة سيان في عالم الملائكة في عالم الجن في عالم الجمادات كله امر بين امرين ولولا دفع الله الناس بعض ببعض يعني تفكرون ان احداث البشر خارجة عن التحكم والكنترول بس هذا لا يدعوكم الى الجمود والتفرج والكسل لانه ليس جبر

من جانب يقول لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسد الارض ولكن الله ذو فضل على العالمين ومن جانب يقول لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما انفسهم ، فالحث على الحركة والمسؤولية ان تنصروا الله ينصركم مع انه وما النصر الا من عند الله ومع ذلك لكن لابد ان ان تستعد وتبني القابلية لاستقبال فيض الله ، ان تنصروا الله ينصركم ومع انه يقول وما النصر الا من عند الله فهذا الاستعداد للتهيئة والتهيؤ والمثابرة والجد

فاذن تارة انا اقول الاحداث الان السياسية والاحداث العسكرية والامنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية مايؤوس منها لانه بايد الاعداء هذا خطأ اولا وبالذات بيد الله ثم بيد الاخرين ، وبيد الله ليست جبر ايضا تقع المسؤولية على عاتق الانسان

فامر بين امرين وهذا نوع من تشحيذ وتحريك الهمة والمسؤولية وتحمل المسؤولية ، تحمل مسؤولية على نحو الاستمرار لماذا لانك ما تيأس دائما الهيمنة بيد الله والتحكم والكنترول بيد الله واين ترك المسؤولية المسؤولية اما يتركها الانسان لاجل اليأس او يترك المسؤولية لانه الباري تعالى سوف يتكفل بكل شيء ، يعني يتكفل بكل شيء يعني اذا لا نتحمل المسؤولية ،

الحزن المفرط او السرور المفرط كليهما سلبيان امر بين امرين وهذا علاج فكري روحي اعتقادي وله مجالات عديدة جدا التعادل والتوازن

اذن فلسفة نفي الجبر ونفي التفويض عظيمة جدا يعني حكمتها وغايتها شيء عظيم جدا ، اذن هذه الحالة الوسطية حالة تسبب تدفق حيوية ونشاط الانسان من جانب وتسبب استمرار هذا النشاط من جانب اخر ، حيوية بقول مطلق ومثابرة بقول المطلق وسعي لا يعرف الوقفة والوقوف والتوقف

الاية اللاحقة بعد ذلك يقول ولكن الله ذو فضل على العالمين

يعني حكومة الله الخفية اللي هي الطبقة الاولى كما مر بنا هذه كلها فيها تنمية ونماء وانماء وفضل ولا تخطئ الاهداف ان الله بالغ امره ما احد يعوق البرنامج في الطبقة الاولى من الحكومة الالهية ان الله بالغ امر قد جعل الله لكل شيء قدرا لا ينعقد املك على غيره تعالى

فبالتالي امل مستمر نشاط مستمر لا يكل ولا ينقطع ، كم هذا النشاط عظيم? بكل عوامله اذا لا تقول ما يمكن ما يصير قل كيف تبرمج كيف تدير كيف تدبر لا تقل ممتنع ولا تقل تلقائيا حاصل ، كلا ، نشاط واستمرار بدون يأس يقال في حروب حروب الارادات اصلا الحروب هي حروب ارادات قبل ان تكون حروب بالالايات المادية فالصراع صراع الارادات قبل ان يكون الصراع بالاليات المادية لماذا? لان الارادة ان لم تنكسر لا محالة ارادة الضعيف ستنقلب الى اقوى من ارادة القوي ، وليس المواجهة مواجهات ماديات بالدقة لان الجانب الاكبر من الانجاز الظفر النجاح كذا هو رهين الجانب المعنوي في الانسان

في بيانات اهل البيت الجانب المادي ادنى ما في الارض يكفي الانسان في انجازاته المشكلة اذا ليست في الماديات الان البشر صاروا ثمانية مليار تكتظ الارض ويمكن سد الجوع والخدمات كله يمكن بس بتدبير وببرمجة

فياس واياس ما موجود لكن ليس اللقمة جاهز مجانا تقدم عند فم الانسان كلا هو يسعى وهذا السعي يبتدئ ولا ينتهي يستمر ولا ينقطع

ولكن الله ذو فضل على العالمين تلك ايات الله نتلوها عليك بالحق وانك لمن المرسلين اذن هذا المضمون الموجود في ايات ملحمة طالوت و داوود هذي المضامين ايات لله عز وجل مظهر لايات الله