الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث التفسیر

43/06/23

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الانام ونور الملك العلام البشير النذير والهادي الشفيع والسراج المنير والطهر الطاهر والعلم الزاهر والنور الباهر والنور الامور محمد وعلى اله أولياء الحمد.

 

كنا في هذه الايات من سورة البقرة التي ترتبط بالحج والعمرة، ومر بنا في الاية 202، و 201 و200 أن النظام العبادي والخيري لابد أن يكون هادفا، هادف لأغراض دينية، تربوية دينية، ولا يصح ان يكون متمحضا في البعد الدنيوي، إنما هو دنيوي يستهدف الاخرة يهدف منه الاخرة، جانب أخروي نظام هكذا، كمثال آخر نضيفه الى ما تقدم، وان كان نحن عبرنا هذا البحث الى آية اخرى لاحقة لازلنا بعد فيها، لكن لابأس، نلاحظ هذا المثال، الموارد الثمانية التي عُينت كمصارف للزكاة، إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ، فهذه الموارد، البعض قال كلمة في سبيل الله ليست قسم قسيم في عرض الأقسام السابقة، الفقراء والمساكين و... ، بل هو في الحقيقة من باب عطف العام على الخاص، يعني هذه الموارد السبعة قبله إنما هي مصاديق وموارد وان عُينت من قبل الشارع لكن في سبيل الله عنوان اوسع عام شمولي لا يختص بهذه الموارد السبعة، وهذا التعيين والتحديد للصدقات في اي سورة؟ سورة التوبة، هذا التحديد ليس في الصدقة والزكاة الواجبة بل تحديد لمطلق الخيرات، صدقات على جهات عامة او خاصة او لأفراد، إنما الصدقات سواء فريضة واجبة او مستحبة، وتعتبر هذه الاية الكريمة من الايات المحكمة في الخيريات، كلها مجموعة تنضوي في باقة واحدة وشجرة واحدة، هذه الاية الكريمة اذن، تبين إنما الصدقات للفقراء والمساكين طبعاً هذا كمثال لما نحن فيه الضابطة العامة التي مرت بنا امس، هذا المثال موضع الشاهد فيه لما نحن فيه أن الفقراء بما هو متلون بعنوان في سبيل الله، المساكين كذلك، الغارمين، فهذه الموارد لصرف الصدقات الواجبة او المستحبة او الخيريات يجب ان تنصبغ وتتلون ببصمة أنه في سبيل الله لا في سبيل الشيطان لا في سبيل الهوى لا في سبيل الشيطان لا في سبيل الفجور لا في سبيل اللادينية في سبيل الله، يعني نفس ما مر بنا، إنما العمل الخيري يصير خيري اذا وُظفت بأهداف دينية ولا يكفي ان تكون هي في نفسها خيرية محضة، سبحان اله القران يقول هذا الخيري صورة كخيري محض، هذا الخيري لا مدد له، بخلاف اذا بُصم بالهدف الدينية يصبح له بقاء ابدي، يكون مداه اكبر وأطول وأكثر، إذن هنا إنما الصدقات للفقراء ووو يعني مطلق الأعمال الخيرية واجبة او مستحبة يجب ان تكون في صراط سبيل الله، وهذا يقتضي ان سياسة توزيع بيت المال على المحرومين يجب ان يكون باجندة تربية دينية بتسييس الأهداف الدينية لا اعطائه من جهة بعد مدني محض، هذا لا يسوغ، لابد ان ينطبع انه في سبيل الله، وكيف يكون في سبيل الله؟ وان كان اغاثة المحروم، أغثه، سيس هذه الإغاثة، لا في سبيل مصالح شخصية، وإنما في سبيل أهداف دينية، لاحظ الصليب الأحمر الدولي، لماذا وضعوا الصليب؟ لماذا يصرون على الرمز الديني؟ لأنه في ارتكازهم ان العمل الخيري بدون غرض ديني لا قيمة له، فمن الصلب في الهوية الدينية هم أم نحن؟ وهذا نوع تبشير بمعتقدهم بالتالي، حتى كشعار مرسوم، يعني هذه الصورة دوما يكرروها، للرمز الديني لديهم هذا يرسخ لديهم نوع تبليغ تبشير، ارتكازهم ان في مطلق الخيريات هدف ديني، تسييس الخيريات لهدف ديني، بغض النظر عن الصحة والخطأ والانحراف والاستقامة، المقصود أصل الفكرة، إنما الصدقات للفقراء والمساكين وهلم جرا، حتى هم قد يقومون بدور صلح مفاوض أثناء شراسة الحروب، يعطيهم بعد أمن ام لا؟ مع هذا يبقون تحت شعار انهم صليب احمر دولي، للحط كيف انهم يعيشون تعزز برمزهم الديني، بينما مع الأسف اذا صاروا مسلمين، قليلاً قاموا بدور دولي، حاول التبرؤ من هويته الدينية، تاجر لا لا، لستُ متعصبا لهويتي الدينية، المقصود هذا مثل حي موجود أمامنا ها، يندفع معك ولو صوريا، الى نهاية المطاف في الإحسان الإنساني لكن يصر على البعد الديني ام لا؟ يصر، الصليب الأحمر يعطيك هدية عيها صورة صليب، زيه الذي يلبسه، يعني كأنما نداء صارخ للهدف الديني، وهذا يعتبره فخر له، لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، مر بنا، إنما الصدقات رمز لأي شيء؟ كلها أعمال خيرية، من بيت المال، احكام شرعية له، قُيد بلون ان يكون ديني، لا اننا نتملص نتبرأ عن الهوية الدينية لا ان نتبرئ من الجانب الإنساني، انساني وله اجندة الإرشاد الديني ما المانع من ذلك؟ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، أو تلك الرواية النبوية الاسلام يعلو ولا يعلم عليه وجعل كلمة الحق هي العليا، ما جعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلًا، هذه القيم مهمة اما انه لكي أبدو أنا بصورة دور انساني غير مسيس خالص محض، الدور الإنساني ينافي الدور الديني او اعظم ما ينسب للإنسان هو الدين؟ بالتالي هم لا يرون منافسة بين الجانب الإنساني والمدني والبشري مع الدور الديني، يرونه في مسار واحد سياق واحد وان الغرض الديني غاية الغايات، لاحظ، لم يجعلو المحور الإنسانية بما هي هي، بل الإنسانية توظف لأجل الغرض الديني، من الآداب الكمالية للمؤمن والإيمان أن يتعزز بإيمانه، يستعز، الهي كفى بي عزا أن أكون لك عبدا وكفى بي فخرا ان تكون لي ربا، هذا التعزيز مهم يهودي سأل الامام الحسن، قال له يا بن رسول الله انت تمشي بكبرياء، قال له لا، هذه عزة المؤمن... لاحظ اصلًا منطق التعزيز يعني، سيما السياسي المدبر، سيما المدبر الديني، يجب ان يعيش هذه القيم والا سبحان الله ادارته ليست واحدة لنظام الاهداف التي يرسمها الشارع، مر بنا امس مجتمع الناس من يقولوا آمنا وليس له في الاخرة من خَلَاقٍ مع انه في مبحث عبادي او إحساني ما شئت رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، آه لا يكفي في الإحسان بما هو احسان انه كمال، كمال مبتور، وما له في الاخرة من خَلَاقٍ، ليس هذا الإحسان طويل العمر قصير المدى، سبحان الله سُئل الامام الصادق عليه السلام عن خلود أهل الجنة وخلود اهل النار، قال إنما خلد هؤلاء في الجنة بنياتهم وخلد هؤلاء في النار بنياتهم يعني الخلود ليس سببه الأعمال اصل الدخول سببه ألأعمال لكن الخلود بالنيات، اللطيف هناك مبحث في علم الكلام وعلم الاصول ان التحري بالنية يُحاسب عليه الانسان ام لا، هنا ماذا يقول الامام الصادق يقول ان الخلود بالجزاء يدور مدار النيّة، التجري او الانقياد، والخلود أعظم جزاء، او اصل دخول الجنة اعظم، الخلود في الجنة اعظم، مدته، خالدين فيها أبدا، فلاحظ الجزاء على النية، الهدف أعظم من الجزاء على اصل العمل، الخلود في النار اصعب او اصل دخول النار، الخلود، وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ الْعَذَابِ، الخلود في النار اشد ضراوة من اصل الدخول في النار مع ذلك هو مُسبب عن النية لا اصل العمل، طبعاً بشرط العمل، لكن هذا العمل إنما هو مفتاح انطلاق، أما الذي يمشي العربة فليس البداية، النية، يعني هدف، هدف خطير اذن، والكلم الطيب يرجع الى المعتقد وما هو قريب من النية، خُلِّد ليس اصل الجزاء، اعظم الجزاء هو الخلود، خُلِّد أهل الجنة في الجنة بنياتهم، وخُلّد أهل النار بنياتهم، الخلود أعظم جزاء، مما يدل على ان الهدف كم هو خطير، فعل القلب وبالتالي الهدف كم هو خطير او قل فعل النفس كم هو خطير وبالتالي هو الهدف، ومن الناس، فمن الناس من يقولوا ربنا اتنا في الدنيا حسنة وما لهم في الاخرة من خَلَاقٍ وهنا خطورة العقيدة لأن العقيدة ترسم الغاية، الفقه، فقه الفروع والقوانين العملية في الشريعة، من دون تحديد العقيدة كهدف هذا الفقه يصبح ممسوخ أو محو، رحمة الله عليه الشيخ جعفر كاشف الغطاء في اول منهج الرشاد قال الفقه من دون محورية العقيدة قال يمكن ان تجعل الفقه الشرعي لا شرعي، والقوانين الدينية لا دينية، توظفها الى اللادينية، قال يمكن للفقيه ان يجند القوانين الفقهية الى أغراض لا دينية، فما يعطي التوازنات في القوانين الفقهية؟ العقيدة، وبالتالي هي نفس النية، القصد، الفقه في الفروع لا يكتسب هوية ابدية أزلية له الا بالعقيدة، ان لم يُوظف الفقه وإدارة الفتاوى والفتوى الى أهداف عقائدية أغراض عقائدية يمكن ان توظف الفتاوى الى أغراض لا دينية ممكن حسب كلام الشيخ جعفر كاشف الغطاء في اول كتابه منهج الرشاد للرد على الوهابية نفس هذا البحث، إنما خلد هؤلاء وهولاء بنياتهم، النية اعظم شيء، إنما نطعمكم لوجه الله عقيدة ام فقه فروع؟ عقيدة، هذا امر عظيم جدًا، الفقه من دون مراعاة موازين وضوابط العقيدة، الفقه عبارة عن، يصبح مسخ، محو للأغراض الدينية، الان في العلم العصري الحديث يعبرون عن هذا المطلب بتوظيف القانون والقوانين لضد ونقيض أغراض المقنن، سامعين بهذا التعبير؟ يجب ان يكون القانون لا يوظف ضد أغراض التشريع، لكل تشريع أغراض ومقاصد، نفس هذا المبحث، نفس المعادلة ونفس الموازين وصلى الله على محمد واله الطاهرين.