46/06/07
الموضوع: النواهي/ اجتماع الأمر والنهي/قاعدة دفع الأفسد بالفاسد وحكم الخروج من المغصوب
كان الكلام في الخروج من الدار الغصبية ومر ان صاحب الكفاية والسيد الخوئي يلتزمان
كان الكلام في الخروج من الدار الغصبية ومر ان صاحب الكفاية والسيد الخوئي يلتزمان بسقوط الفعلية في الوجوب والحرمة باعتبار أنهما لا يبنيان على التعارض عند الامتناع فبالتالي الفعلية الناقصة موجودة ويدخل على الخط حكم ثالث عقلي يلزم باختيار هذا النوع من الحرمة يعني ترجيح جانب الوجوب الشرعي الساقط.
مر بنا انه فيه فرق بين الاضطرار القهري والاضطرار الحكمي او قل العجز العقلي والعجز الحكمي يعني ان الشارع منعه عن ذلك وعاجز حكما لا تكوينا وفيه فرق بينهما وبين العجز العرفي. كذلك الاضطرار فيه اضطرار تكويني وقهري وفيه اضطرار حكمي مثل ما الزمه الشارع بوجوب هام وهذا الوجوب مقدمته محرمة فهو مضطر حكما لا انه مسلوب الإرادة. فهنا فرق بين الاضطرار العقلي والاضطرار الحكمي في الاحكام والضوابط في جملة من الأبواب.
هنا في الخروج من الدار الغصبية مقدار الغصب المشترك بين الخروج والمكث مضطر اليه قهرا والقدرة على الامتثال ليست عند المكلف بلحاظ المقطع الراهن والا بلحاظ المقدمات هو مختار. فهو اضطرار قهري بسوء الاختيار. هذا الجامع الذي هو مضطر اليه من حيث جعله بين الافراد محل الاختيار للمكلف فيمكن ان يجعله في المكث ويمكن ان يجعله في الخروج والعقل هنا يلزم الأقل قبحا.
هل بهذا المقدار نستطيع ان نقول ان هذه القاعدة قاعدة دفع الافسد بالفاسد في الاضطرار القهري التكويني مع سوء الاختيار ومسلم جريانها هنا. اصل الفساد قهري تكويني عليك ولو بسوء الاختيار لكن اختيار الفاسد أولى من اختيار الافسد. اما جريان القاعدة في الاضطرار الحكمي محل الكلام.
نعم لو كان دفع الافسد بنحو من التزاحم ان الشارع لا يرضى بوجوده فالاهم فعل الفاسد كما ان الشارع يراعي تجنب وقوع الافسد بالفاسد وهذا بحث آخر. هذه القضية في قاعدة الخروج من الدار الغصبية مسألة ملحمة وفيها قاعدة دفع الافسد بالفاسد و قاعدة الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار وقواعد عقلية متنوعة.
المهم هنا يمكن الافتراق بين الاضطرار الحكمي الذي يوجد فيه الإرادة وبين الاضطرار القهري. من ثم المشهور في باب القصاص لا يسوغون للمكلف قتل الآخر اذا هدد بالقتل. التقية لا يجري اذا وصل الى الدم.
المقصود ان هذه القضية دفع الافسد بالفاسد نستطيع ان نقول ان الاعلام التزموا بها في الاضطرار القهري حتى لو كان يعاقب على الفاسد لكن مع ذلك العقل يحكم ارتكب بالاقل عقابا كي تهرب من الأشد عقابا. هذا بحثناه في بحث العقائد او التفسير ان العقل حتى لمن يستيقن انه من أصحاب النار يلزمه ان يقلل المعصية. وقع الانسان في خطيئة ويلزمه العقل ان يقلل الخطيئة ولو لم يغفر له. يعني ان العقل يلزم ان يقلل الانسان طغيانه مع الباري والمولى مهما كان. لا انه اذا وقعت المعصية فلا فائدة للتوبة. هذه الالزامات العقلية سديدة وملزمة. لذلك فرق بين العصاة والعصاة المعاندين وبين الأشد عنادا وبين الأقل عنادا. من ثم جهنم طبقات.
مر بنا المختار هو انه ليس في البين وجوب شرعي وانما في البين حرمة وهذه الحرمة ساقطة من جهة الفعلية التامة والفاعلية من جهة عجزه. ويمكن ان يقال ان حرمة المكث فعلية لان اختياره ممنوع عند العقل والشرع أيضا ويقدر ان يمتثله في خصوص حرمة المكث فيلزم عليه الخروج ويعاقب عليه. هذا مثال ويأتي في أبواب أخرى وزوايا عديدة تشتبك مع بعضها البعض مثل أسنان أقراص الساعة لازم ان تركب مع بعضها البعض حتى يتم منظومة الدوران.
مسألة أخرى من مسائل اجتماع الامر والنهي ماهو حكم الصلاة في الخروج فتارة يستطيع ان يصلي خارج الدار الغصبية بصلاة تامة الأجزاء والركوع و السجود فلا يسوغ له الصلاة ايماء وتارة لا يستطيع المجيء بالصلاة خارج الدار لان الوقت ضيقة لا ايماء ولا صلاة تامة فيتعين عند العقل ان يصلي في الدار الغصبية بالصلاة ايماء ترجيحا للحرمة على الوجوب.
طبقات الصلاة منصوص عليها عند العجز والقدرة وطبيعة الصلاة مركب ذو مراتب عديدة جدا.
الصورة الثالثة يستطيع ان يصلي ايماء خارج الدار الغصبية فهل يصلي وهو خارج ؟ لافرق لان أجزاء الصلاة غير متحدة مع الايماء في الصلاة والغصب فلا فرق. بين ان يصليها مقارنة مع الحرام او يصليها خارج الدار.
فيه مسألة أخرى ذكرها الاعلام وهي غير خاصة بهذه المسألة بل تجري في التزاحم وموارد عديدة. مسألة ترجيح الحرمة على الوجوب ومعروف انه عند التزاحم ترجح الحرمة.
تارة تزاحم الحرمة والوجوب في مرحلة الامتثال وهذا الدوران يوسعونها حتى بين احراز امتثال الحرمة واحراز امتثال الوجوب. يعني بعبارة أخرى بعض الموارد ليس تزاحما بين امتثال الحكمين. امتثال الحكمين تدافع ثبوتي في مقام الامتثال. اما فيه تارة تدافع اثباتي يعني لا استطيع ان احرز امتثالا يقينيا للحرمة والوجوب للعلم الإجمالي بل لابد ان احرز امتثالا يقينيا للحرمة مع احراز امتثال احتمالي في الوجوب او بالعكس فايهما مقدم؟ هذه يعبرون عنها التزاحم في احراز الامتثال. ويذكرونها في الأصول العملية.
صورة ثالثة ذكروها في حكم واحد يدور الامر بين مراعاة تجنب المخالفة القطعية مع موافقة احتمالية لحكم واحد وبين الموافقة القطعية مع المخالفة القطعية فايهما مقدم؟ هذه صورة ثالثة. وهاتان الصورتان تبحثان في الأصول العملية. كلامنا في التنافي والتدافع الثبوتي.
قيل في ترجيح الحرمة على الوجوب عدة وجوه
الوجه الأول التزم به الشيخ الانصاري والميرزا النائيني ان النهي عموم استغراقي والعموم الاستغراقي مقدم على العموم البدلي الموجود في الوجوب فتقدم الحرمة على الوجوب. هذا ليس بحثا من باب التزاحم. هذا الدوران بين الوجوب والحرمة في كلمات الاعلام الان يقرر سواء على القائل بالامتناع او القائل بالجواز في اجتماع الامر والنهي وسواء على القائل بالتعارض عند الامتناع او على القائل بالتزاحم. فيقرر على كل المسالك. والصحيح هو ان المشهور لا يبنون على التعارض بل يبنون على التزاحم من سنخ جديد.
هذا الكلام في الترجيح فهو اما ترجيح بين المتعارضين او ترجيح بين المتزاحمين. هذه العناصر المشتركة في الترجيح سواء الترجيح التزاحمي او الترجيح التعارضي
المرجح الأول هو ان النهي عموم استغراقي والوجوب عموم بدلي سواء بنينا على التعارض او التزاحم. فما هو الدليل على الترجيح؟ طبعا في باب التزاحم يقدم الاستغراقي على البدلي بوجوه أخرى أيضا ولكن هذا الوجه شامل للقولين.
المختار عندنا ان دلالة الاستغراقي في النهي عن النكرة او على الجنس او على المادة عند اللغويين دلالة لغوية وليست عقلية بينما سريان العموم البدلي في موارده ليس دلالة لفظية بقول مطلق بل مع شيء من الدلالات العقلية. دائما عندهم ان الدلالة اذا كانت لفظية مقدمة على الدلالة على غير اللفظية او اللفظية غير محضة. لان الدلالة اللفظية اقوى دلالة لانه في منصة الاستعمال والتصور بينما الدلالات العقلية غالبا من قرائن الجد.
قرائن التصور والاستعمال مقدمة على قرائن التفهيم والتفهيم مقدمة على الجد اثباتا. لكن التقديم ثبوتا بالعكس. الا يكون الجدي في مورد مقطوع به. والا في الدلالات كنظام في الظهور اثباتا الدلالة الاستعمالية مقدمة على التفهيمية والتفهيمية مقدمة على الجدية والجدية الأولى مقدمة على الجدية الثانية. فهذا الوجه في تقديم النهي الاستغراقي على البدلي هو الصحيح.
اما الوجه الذي استند به العلمان في التقديم هو ان الحرمة استغراقية ودلالة اللفظ عليها غير متوقف على شيء وراء الدلالة. بينما العموم البدلي يتوقف على مقدمة عقلية أخرى وهي تساوي الافراد البدلي في الوفاء بالطبيعة او ملاك الطبيعة يعني دلالته تعليقية بقيد استواء الافراد في الملاك. فبالتالي تقدم الدلالة المنجزة على المعلقة. او قل تقدم الدلالة اللفظية على العقلية او قل تقدم الدلالة الوضعية تقدم على الدلالة غير الوضعية في باب الظهور
الوجه الاخر ان الاستغراق هنا شرعي في النهي والحرمة لان النكرة في سياق النهي تفيد العموم. فهنا الانتشار شرعي بينما التخيير في افراد البدلي عقلي والشرعي مقدم على العقلي.
الوجه الآخر لتقديم العموم الاستغراقي على البدلي انه اذا قدمنا العموم الاستغراقي لم نتصرف في دلالة الدليل الاستغراقي ولا نتصرف في دلالة الدليل البدلي لان نفس البدلي بتعبير آخر ليست دلالته على كل الافراد دلالة لفظية منجزة. بل هي دلالة عقلية فاذا ضيقناها لم نتصرف في دلالته.
اشكال السيد الخوئ او صاحب الكفاية هو ان التخيير في البدلي أيضا شرعي. مثلا وجوب الصلاة وجوب بدلي لكن التخيير بين الافراد اول الوقت ووسط الوقت وإماكن مختلفة هذا التخيير يتضمن جواز إتيان الطبيعة في هذا الفرد وهذا الجواز شرعي ولا يكون عقليا وهذا الجواز أيضا استغراقي وليس بدليا فيكون الاستغراقي مقابل الاستغراقي.
لكن هذا الجواب ليس تاما. لان الجواز صحيح انه جواز استغراقي لكنه ليس شرعيا واذا سيمناه شرعيا هو مجعول تبعا وليس مجعولا اصليا. شبيه ما سيأتي في المفاهيم ان المنطوق يقدم على المفهوم لان المفهوم تبعي. حتى هذه الدلالة التبعية أيضا كالامر بالشيء يقتضي النهي ضده فالجواز في الاتيان بالشيء في كل الأمكنة جواز عقلي ودلالات تبعية. بالتالي فيه كلام هل يحكم بها الشرع او العقل لكن دلالات تبعية وليست اصلية.
اعتراض اخر لدى الاعلام ان دلالة العموم البدلي على البدلي أيضا وضعية وليست عقلية واذا قدمنا الاستغراقي عليها يلزم التصرف في دلالة العموم البدلي.