46/05/29
الموضوع: النواهي/اجتماع الامر والنهي /الكشف في الحكم الوضعي والتكليفي في فعل واحد
كان الكلام في القول الثالث لصاحب الفصول واصل فكرته تبتني على تعدد زمان الحكم وان اتحد زمان الفعل أي متعلق الحكم فيرفع غائلة التنافي والتناقض.
صاحب الكفاية في خلال كلماته بلحاظ هذا القول خلافا لما شرحه السيد الخوئي من كلام صاحب الكفاية هو يقول ان غائلة التنافي بين الحكمين ترتفع بسقوط الفعلية التامة والفاعلية ولو بقيت الفعلية الناقصة. يعني ان علاج صاحب الكفاية على الامتناع هو مسلك المشهور يختلف عن كيفية علاج صاحب الفصول. ان صاحب الفصول عنده هذا التقرير الذي مر بنا.
طبعا لندقق ان صاحب الفصول يذهب الى ان الحرمة فعليتها تامة قبل زمن الفعل والخروج من الدار الغصبية ويجتمع فيه حكمان وجوب الخروج والتخلص من الحرام والحرمة. صاحب الفصول يقول ان الحرمة الفعلية التامة مع تعدد زمنها عن زمن الوجوب أيضا نوع من رفع الغائلة وفي زمن الفعل الحرمة لا تكون فعلية تامة. يعني هو مبنى صاحب الكفاية وزيادة. الا ان الميرزا النائيني قال ان الاشكال في تناقض الاحكام ليس زمان الحكم بل زمان الفعل. وهذا الكلام في الحكم التكليفي بعينه يأتي في الحكم الوضعي عنده فمن ثم لم يلتزم بالكشف بالانقلاب.
هناك كشف يسمى كشفا حكميا لا هي ناقلة ولا كشف حكمي ولا كشف بالانقلاب والبرزخي بل هو يعني ان الكشف ما موجود وحقيقة نقل. مفاد العقد يتحقق عند الاجازة غاية الامر اثر هذا العقد يسبق العقد. يعبرون عنه الكشف الحكمي. هذا نوع من التصوير في الاحكام الوضعية والاحكام الشرعية.
اجمالا صاحب الفصول أيضا يعتمد على تجميد الحرمة الفعلية التامة والفاعلية لكن في زمن الفعل يقول يكفي وقبل زمن الفعل الحرمة فعلية تامة. بالتالي يجمع بين الحلّين. يعتمد على مجموع الحلين. حل ان الحرمة في زمن الفعل ليست فعلية تامة وليست فاعلية وحل آخر ان زمان الحرمة الفعلية التامة قبل زمان الفعل.
بهذا المقدار اشكال الميرزا النائيني قابل للجواب في الحكم التكليفي. البحث في الاحكام التكليفية هل يمكن الجمع بينها بهذا المقدار؟ على كلام صاحب الفصول يجمد الفعلية في زمن الفعل. والنائيني يقول إن لم نرفع الحكم أصلا في الزمان السابق ففيه تنافي.
لكن يقال ان المهم في زمن الفعل ليست فعلية تامة وفاعلية بل فيه فعلية ناقصة وقبل زمن الفعل فعلية تامة والضرورات تقدر بقدرها والمحذور بهذا المقدار. بهذا المقدار كلام صاحب الفصول متين.
لكن نلتفت الى انه على المشهور سقوط الحرمة سقوط الفعلية التامة والفاعلية وليس سقوط الفعلية الناقصة. صاحب الفصول يقول ان التنافي ترتفع بتجميد الحرمة الى الفعلية الناقصة ويعاقب عليها. فما المانع في ذلك؟
الان في المدة المتوسطة بين العقد الفضولي وزمن الاجازة ان الكشف بالانقلاب يقول ان الحكم الوضعي ثبوتا وواقعا نثبته بعدم البيع والعقد وبعد الاجازة هذا الواقع ينقلب ونثبت صحة البيع في هذه المدة بين عقد الفضولي والاجازة. يعني بعد الاجازة او بعد الرضا في العقد المكره نثبت صحة العقد وضعا وفي التكليفي قالوا لا نلتزم بالكشف الانقلابي.
هذه الاقوال السبعة في العقد الفضولي الرئيسية بلاشك تجري في الحكم الوضعي وهل تجري في الحكم التكليفي؟ الشيخ الانصاري ادعى ان الكشف بكل أنواعها في الحكم التكليفي لا يقرّر. فلو وطأ زوجه بعقد فضولي فهذا الوطئ عند الشيخ حرام وكونه زنا او غير زنا بحسب قيود الزنا. بعد الاجازة لا ينقلب بعد الحرام الى الحلال. الشيخ ينسبه الى الاجماع. فهذه التصويرات فقط في الحكم الوضعي.
لكن حسب كلام صاحب الفصول انه في الخروج من الدار الغصبية يصور انه قبل زمان الحكم حرمة وعند زمان الحرمة تسقط الحرمة. فهل ياترى هنا يلتزم بوجود حكمين مقتضيين في الحكم التكليفي. المهم انه قابل للتصوير
المهم ان السيد الخوئي وصاحب الكفاية قالوا بالفرق بين الحكم الوضعي والحكم التكليفي. ليس الكلام في الخروج من الدار الغصبية حصرا بل الكلام في الضوابط العامة في الاحكام.
صاحب الفصول كانما يعمم الكشف الى الحكم الوضعي والى التكليفي في الجملة وامس مر بنا هذا البحث. صراحة اول مرة ما كنت قد تدبرت في كلام صاحب الفصول. لانه نقل الاجماع بعدم الكشف في الاحكام التكليفية. وليس كل ما نسب الى المشهور ترى نسبة صحيحة. كثيرا ما الكبار ينسبون الى المشهور وبعده اذا تراجع القدماء تجد ان النسبة فيه تأمل. المهم ان النسبة الى المشهور ان الانقلاب في الحكم التكليفي لا يمكن. يقولون انه بعد الاجازة يحكم بان هذه المرأة كانت زوجته من العقد مع ذلك كان وطئتها في السابق حرام وزنا. ونطفة الولد كذا. حكم وضعي بتوسط الحكم التكليفي أيضا لا يثبت.
صاحب الكفاية والميرزا علي ايرواني والسيد الخوئي يبنون على الكشف الانقلابي. ان هذا العقد بعد الاجازة يحكم بانه نكاح من حين العقد واقعا. كيف يجمع بين الحكم بالنكاح واقعا وعدم ترتب الاحكام التكليفية. الكشف الحكمي لابد من النظر فيه كيف يمكن ان يكون الأثر موجودا والموضوع ما موجود.
لابد من التدقيق في ازمنة القضية القانونية الشرعية ان عندنا خمسة ازمنة. زمان الدليل وزمان الجعل وزمان الحكم المجعول وزمان الموضوع وقيود الحكم وزمان الفعل. وربما يكون الموضوع مركبا من ثمان عناصر فازمنة هذه الأجزاء للموضوع يمكن ان تكون مختلفة. هذه حالة زئبقية في الحكم. فاجزاء الموضوع ليست بالضرورة ان تكون متزامنة فكيف بزمان الحكم والموضوع او زمان الجعل وزمان المجعول. فمع تعدد الأزمنة يمكن حل كثير من التنافي والتعارض. هل الاثار مترتب على زمان الحكم او زمان الموضوع او زمان الجعل.
اذا تراجعون البحوث المنطقية ان من شرائط التناقض والتضاد وحدة الزمان ووحدة الموضوع ووحدة الحكم وعشر وحدات. اذا مع شرطية الوحدة اذا تعددت يرتفع التنافي. فاذا هذه نكتة مهمة وهي دقائق صناع الاستنباط. بعض المسائل يسمونها امتحانات الاعلمية لا اصل الاجتهاد كما عبر السيد محمد الروحاني رحمة الله عليه.
نرجع: حسب ما ينسب الشيخ الأنصاري الى المشهور ووافقه كثير من المعاصرين ولا بد من التدقيق في هذه النسبة. امس مرت بنا مسألة شبيه هذا المطلب. واقعا طبائع الاحكام عجيبة. مسألة مرتبطة بهذا البحث فقهيا.
المسألة في الطلاق الخلعي كما لو خالعت المرأة الرجل والطلاق بائن وليس رجعيا باعتبار انها مدخول بها ولابد من العدة لها. ويمكن للمرأة ان تفسخ الخلع فينقلب الطلاق من البائن الى الرجعي. هل في هذه الفترة في الطلاق الخلعي قبل رجوع المرأة. هل يسوغ للرجل ان يتزوج اخت المرأة. اذا يكون بائنا يسوغ له واذا رجعيا لا يسوغ له. او يجوز له تزويج الخامسة بلحاظ ان الرابعة راحت والخامسة محل الرابعة؟ فخر المحققين يقول لا يسوغ. لان هذا الطلاق في معرض ان ينقلب الى رجعي. فهذا الطلاق والبينونة هنا ليست بينونة باتة. بل معلق ومراعى على عدم رجوعها. ينقلب الى الطلاق الرجعي يعني ان هذه الفترة افترض انها في نصف العدة رجعت واذا رجعت فما بقي يكون رجعيا هل ما سبق بائن او ينكشف انه رجعي؟ وان كان في هذه المسألة نصوص خاصة. اذا هذا المبحث ليس محصورا في العقد الفضولي بل الكلام في كل الموضوعات التي انقلبت.
بعبارة أخرى بعض الموضوعات او بعض المتعلقات وبعض العناوين التكوينية في المتعلقات والموضوعات يعبرون عنه أن وجودها تعلقي لا التعليقي. مثلا يقولون ان العلم وجودها تعلقي يعني ان العلم لابد من المعلوم وان ورد بيان من الائمة عليهم السلام ان الله عالم اذ لا معلوم. وخالق اذ لا مخلوق ورازق اذ لا مرزوق. ومن كمالات الله تعالى. لكن عموما العلم والسمع والإرادة والشوق وهذه البحوث التي تتداول في الفقه والأصول عناوين تعلقية. يعني لابد لها من المتعلق. الإرادة تلزم المراد والشوق يحتاج الى المشتاق اليه. بعض الصفات او بعض العناوين تعلقي. الاجازة تحتاج الى المجاز والرضا يحتاج الى المرضي عنه. هذه العناوين التعلقية قد تتعلق بشيء ليس مزامنا لها. زمن الاجازة زمن والمجاز في زمن سابق او لاحق. اذا في العناوين التعلقية مثل الطلاق الخلعية ورجوعها ولما ترجع يتعلق بالخلع السابق. هذه العناوين التعلقية طبيعتها مرنة وزئبقية ويمكن ان تتعلق بشيء سابق او لاحق او مزامن.
يا ممتحنة «سلام الله عليها» امتحنك الله الذي خلقك قبل ان يخلقك يعني في عالم العلم فوجدك لما امتحنك صابرة. في عالم العلم. كما ان المهندس لما يفكر في خارطة عنده خيارات وبلا تشبيه يعبرون عن امتحان الله عزوجل للاصفياء قبل خلقتهم في عالم علمه تعالى. فوجدك بلحاظ علمه الذي لا يتخلف لما امتحنك صابرة. هذه الثلاثة اسطر فيها أبواب علمية عجيبة ودليل على انها معجزة وهي مروية.
المقصود ان العناوين التعلقية كالعلم والشوق والرضا والاجازة والظن طبيعتها ان متعلقها ليس ضرورة مزامن لها. حينئذ الاحكام تترتب على زمن العنوان او زمن المتعلق او زمن آخر ثالث؟ وسيأتي الضابطة في ذلك في العقد الفضولي وهذا بحث يؤجل في العقد الفضولي والعقد الاكراهي.
الكلام في ان العناوين التلقية الزئبقية هل يا ترى يوجب الانقلاب في الاحكام الوضعية او التكليفية معا او فقط في الوضعية؟
أصلا بحث اجتماع الامر والنهي عبارة عن ظاهرة في الاحكام من جهة القوالب الزمنية ومن جهة الآثار وكذلك ضابطة التعارض وذكروا ضوابط لم يذكرها في باب التعارض. لذلك النائيني والشيخ الانصاري اضطروا ان يذكروا الفوارق بين التعارض والتزاحم في باب التعارض. أي ليس كل تناف هو من التعارض.
هذه المسألة وهي الخروج من الدار الغصبية مورد للقواعد المتعددة ونحن نذكر الان كل قاعدة بمفردها وبعدها نذكر القواعد التي يسبب الاشتباك بين هذه القواعد. لا يمكن ان يفتي الانسان بحسب قاعدة واحدة بل لابد من ملاحظة القواعد الأخرى المشتبكة.
النقطة التي يقولها السيد الخوئي ان هناك نلتزم الكشف الانقلابي في الحكم الوضعي وهو ممكن اما الكشف الانقلابي في الحكم التكليفي ممتنع. هل هذا صحيح او لا يجب ان ننقحه ويفيد في أبواب كثيرة.