الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/05/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النواهي/ اجتماع الامر والنهي / ازمنة الحكم والموضوع والمتعلق والعقد الفضولي

 

كان الكلام في قول صاحب الفصول حيث ذهب الى الخروج من الدار الغصبية بعد التوسط فيها بسوء الاختيار واجب وأما الحرمة فهي سابقة وساقطة الان وسقوطها باعتبار انه لا تجتمع مع الوجوب الأهم.

هذا القول الثالث يشترك مع القول الرابع وربما القول الخامس في نقطة ان الحرمة ساقطة بالفعل غاية الامر في القول الثالث و الخامس يقرر العقوبة على الحرمة الساقطة بينما في الرابع الحرمة أصلا ما موجودة حتى السابقة منها.

اذا في القول الثالث وهو قول صاحب الفصول الحرمة الفعلية سابقة والان ليست بفعلية ويعاقب عليها اما القول الرابع وهو قول الشيخ الانصاري والميرزا النائيني فالحرمة منتفية من رأس لا سابقة ولا الان والخروج حكمه الوجوب فقط. ففيه اشتراك بين الثالث والرابع والخامس مع ان الاضطرار بسوء الاختيار.

بغض النظر عن صحة هذه الاقوال هنا ظاهرة في الاحكام الشرعية التزم بها هؤلاء الاحكام وهي انه مثلا القول الرابع رغم ان الاضطرار بسوء الاختيار لا حرمة موجودة وهي ساقطة حتى سابقا وفي القول الخامس قول صاحب الكفاية والقول الثالث الحرمة ساقطة في زمن الواجب ولم تسقط سابقا قبل الخروج ويعاقب عليها. سنخوض فيها كشؤون الاحكام ومعالجتها وشؤون الاحكام ترجع الى أصول القانون وهي ضوابط أصولية للاحكام.

السيد الخوئي مختاره مختار صاحب الكفاية والقول الخامس وهو رغم انه يلتزم بان الحرمة ساقطة ولكن العقوبة مسجلة والسقوط عند السيد الخوئي في دليل الحكم او ما شابه ذلك بمثابة التخصيص ورغم انه يلتزم بذلك يلتزم بان الملاك موجود والعقوبة عليه موجودة. فبالتالي هذه ظاهرة مهمة عند السيد الخوئي وتوافق القدماء في التخصيص وهي ان التخصيص ليس بالضروري يعني محو العام وبالتالي الملاك موجود ووجود الملاك يعني مرتبة من مراتب الحكم موجودة فبالتالي هذه طبيعة وظاهرة في الأدلة ومراحل الحكم وما شابه ذلك. ولذلك في الدورتين السابقتين في بحث التعارض شيدنا كلام القدماء او المشهور الى صاحب الجواهر الجمع مهما امكن أولى من الطرح وقلنا ان أي مراتب فيها محذور يقصر عليه وبقية المراتب لا تسقط.

هنا الشيخ الانصاري والميرزا النائيني في القول الرابع بالوجوب فقط من دون حرمة فعلية ولا سابقة مع ان الخروج أيضا غصب وتصرف في مال الغير ويشترك مع القولين الاخرين انه في موارد أهمية احد الحكمين كالوجوب يمكن رفع اليد عن الحرمة ولو بسوء الاختيار. إما مطلقا رفع اليد عنها مثل القول الرابع او رفع اليد عن مرحلة او مراحل منها. يعني اتفق الاعلام ان سوء الاختيار اذا اتفق بالوجوب يزيل الحرمة اما مطلقا او بعض المراحل لأهمية الوجوب. هذه الظواهر والطبايع التي يلتزم بها الاعلام تشرفنا الى ان طبيعة الاحكام طبيعة معينة ويمكن قولبتها ويمكن دراسة مراحلها بالتأني والوقوف وتحديد المحاذير بمرحلة المحذور ولا توسع بذلك.

نرجع الى كلام صاحب الفصول: هو يقول ان الحرمة كان موجودة سابقا لكن في زمن متعلق الحرمة يسقط والوجود للوجوب.

مر بنا امس قضية زمان الحكم وزمان الموضوع وزمان الفعل وضبط الأزمنة للمحاور مهم والميرزا النائيني يقول ان المفروض على صاحب الفصول ان يلتزم بسقوط الحرمة من الأول يعني يختار مختار القول الرابع والوجوب فقط من دون الحرمة.

يقول الميرزا النائيني ان التنافي بين الاحكام التكليفية وبين الحكمين المتضادين كالوجوب والحرمة بلحاظ زمان الفعل لا بلحاظ زمان الحكم. فالحرمة السابقة اذا التزم صاحب الفصول انها فعلية وان سقطت في زمان الفعل فمع تعلق الوجوب بهذا الفعل كيف يمكن تعلق الحكمين المتضادين بفعل واحد ولو هما في زمانين؟ باعتبار ان زمان الوجوب زمان الفعل وزمان الحرمة اسبق من زمان الفعل. حرمة التصرف في المغصوب دخولا ومكثا وخروجا لكنها تسقط عندما يتوسط ويريد ان يخرج وسقوطها لا يرفع غائلة التنافي بين الحرمة والوجوب. يعني ان الحرمة في زمانها المغاير لزمان الوجوب اذا تعلقت بنفس الفعل الذي تعلق به الوجوب يقرر التضاد والتنافي.

بمناسبة هذا البحث امس مر بنا ان اصل تتحديد زمان الحكم وزمان الموضوع يعني قيود الحكم وزمان الفعل امر هام فثلاث ازمنة وثلاث محاور. طبعا لما يقال ان زمان الحكم قد يسبق في العادة يسبق زمان الحكم على الفعل لكنه يمتد الى ان يكون محاذيا مع الفعل وينتهيان معا. يعني فيما لو كان زمان الحكم متقدما على زمان الفعل لا يعني ان زمان الحكم لا يستمر ممتدا وموازيا ومحاذيا لزمان الفعل وينتهيان معا. بالغالب هكذا لو كان زمان الحكم مقدما وقد يبدأ زمان الحكم بزمان الفعل وينتهي بزمان الفعل. غالبا زمان الموضوع يبتدأ بزمان الحكم. كثيرا ما والأكثر الأزمنة الثلاثة تبدأ معا وتنتهي معا لكن ليس بضروري. يمكن ان يتأخر زمان الموضوع. المقصود ان هذه حالة متنوعة زمان المحاور الثلاثة في القضية القانونية الشرعية سواء في الحكم التكليفي او الحكم الوضعي عباديا او معامليا.

اذا كلام الميرزا النائيني ان التنافي والتضاد بين الحكمين التكليفيين بلحاظ زمان الفعل ولذلك يسجل الاشكال على مختار صاحب الكفاية في العقد الفضولي او العقد الاكراهي عندما تتأخر الاجازة ويتقدم العقد. والعقد والاجازة مجموعهما موضوع لحكم الشارع بالصحة او باللزوم. لكن زمان العقد مقدم على زمان الاجازة.

الايجاب والقبول والاجازة قيود الحكم للصحة وليس متعلقا. قد يكون ازمنة جزء واحد متعددة. المحور الواحد وقيد الحكم اجزائه متعددة الأزمنة. لاحظ التنوع الموجود في تشريعات الاحكام. كما في صلاة المسافر مر بنا امس ان المسافة مأخوذة الا ان الحكم متقدم على الموضوع زمانا بتحقق بعض أجزاء الموضوع. والشرط المتأخر من هذا القبيل. اذا يجب التدقيق في الاستنباط في ازمنة محور واحد فضلا عن المحاور الثلاثة.

اذا في العقد الفضولي الايجاب و القبول زمانه متقدم على زمان الاجازة. بعد مجيء الاجازة على الكشف الحقيقي زمان الحكم يكون زمان الايجاب والقبول. وعلى القول بالنقل زمان الحكم يكون زمان الاجازة. كانما تنقل الاجازة مفاد العقد من زمانه الى زمانها. هذان قولان الأول والسابع.

الكشف البرزخي او الكشف بالانقلاب متقاربان جدا والفرق بينهما يسير جدا. هذا الكشف يقول ان الحكم عند مجيء الاجازة يترتب بمجيء الاجازة في زمان الايجاب والقبول في العقد الفضولي. في الكشف الحقيقي في فترة متوسطة بين العقد وبين الاجازة قد يكون فيها نماء وهلم جرا. هذه الفترة على القول بالكشف الحقيقي فيها حكم واحد وهو صحة العقد يعني ان المبيع للمشتري منذ العقد كانما الاجازة امارة وليست سببا. كيف هي الامارة وسبب؟ هذه امارية السبب. والثمن ملك البايع منذ العقد. اما في الكشف بالانقلاب والكشف البرزخي ونحن نلتزم به المبيع ملك البايع قبل الاجازة واقعا والثمن ملك المشتري واقعا وما ان تقع الاجازة تقلب الواقع. يعني ان البيع محكوم بعدم الصحة واقعا قبل الاجازة وبعد الاجازة تقلب ما مضى ويحكم بالصحة واقعا. اذا ما الفرق الثبوتي بين الكشف الحقيقي والكشف الانقلابي؟ في الكشف الحقيقي الثبوت هو هو قبل الاجازة وبعد الاجازة غاية الامر كنا نظن في الظاهر ان البيع فاسد ولما أتت الاجازة كشف ان العقد كان صحيحا من الأول. بحث العقد الفضولي في العقود كلها ظاهرة غريبة في شئون الاحكام في الأصول القانونية وظاهرة ضرورية مثل بحث الإجزاء في تبديل التقليد بالموازين فنفس البحث يأتي ان الكشف حقيقي او برزخي او نقل. نفس المباحث في العقد الفضولي تأتي في مبحث الأجزاء لانها مرتبطة بالقضايا الشرعية ومحاورها وازمنتها وبحث ساري في الأبواب العديدة. وبحث معقد وغامض. الميرزا النائيني خالف المشهور والسيد الخوئي أيضا بينما المشهور يقولون بشيء آخر نفس هذه الأبحاث في العقد الفضولي تطبق في الإجزاء وكذلك في بحث القضاء للقضاة المتعددة والحكومة السياسية. هذه صناعة قانونية في أصول القانون.

لذلك لاحظ مع ان البحث في التوسط في الدار الغصبية لكن الاعلام بحثوا عن العقد الفضولي لانه بحث مشترك وهو بحث الأزمنة الثلاثة في القضية القانونية. هذه هي النخاع المشترك.

اذا في الكشف الحقيقي الثبوت لا يتغير وفي الكشف بالانقلاب فيه التغير ثبوتا. سابقا هذه الفترة ما بين العقد والاجازة محكومة بعدم وجود البيع أصلا واقعا وبعد الاجازة يحكم بوجوده واقعا. هذه مثل القول بالسببية وفرقها عن الطريقية. يعني بغض النظر عن العقد الفضولي اصل المبحث مهم. وبغض النظر عن ان الانسان يختار أي قول من الاقوال نفس التصوير الصناعي للاقوال يعطي الباحث دقة في الأبواب.

هذه عروق خلفية لمباحث الأصول والاستنباط.