46/05/08
الموضوع: النواهي/ اجتماع الامر والنهي/ اجتماع الأمر والنهي والتمييز بين الحق والباطل
مر ان الميرزا النائيني في صورة الاضطرار المقرر الشرعي أي لا بسوء الاختيار رغم انه يلتزم بالتخصيص الا انه يلتزم بان التقييد الحاصل بسبب الحرمة لا زال باقيا وان خصصت الحرمة بقاعدة ثانوية الاضطرار. هذه الظاهرة بغض النظر عن صحتها وسقمها ظاهرة تناسب الأدلة وتناسب الاحكام والعلاقات بين الاحكام وظاهرة مهمة في مباحث أصول القانون.
من جهة لاحظ التراتبية بين الأدلة فلاحظ الحرمة والوجوب قبل ان يلاحظ العلاقة مع دليل ثالث وهذا في علم البلاغة علم البيان وعلم المعاني بنيان أساسي انه ليس بالضرورة ان تكون القرائن والشواهد المنفصلة والمتصلة ان تلاحظ في عرض واحد ودفعة بل تراتبيا وهذا في نفسه نظام مهم في الظهور ويعتمد عليه انقلاب النسبة. وهذا أيضا نوع من التأويل ونوع من الجمع مهما امكن أولى من الطرح.
نقطة أخرى ان الحكم الثانوي عنده تصرفه وتخصيصه الى الاحكام الأولية ليس على نسق المخصصات الأخرى لانه لا يعدم الملاك وهذه كلها ظواهر فريدة على معنى التخصيص وكيفية التخصيص.
ظاهرة رابعة تبناها الميرزا النائيني ان الدلالة الالتزامية عنده لا تسقط بسقوط الدلالة المطابقية. هذا المبحث كبرويا مبحث حساس بغض النظر عن تطبيقه في المقام وصحته في المقام.
منهم من بنى على ان الدلالة الالتزامية تبع للمطابقية وجودا واعتبارا او قل وجودا واستمرارا كما عن بعض مثل السيد الخوئي ولكن هناك من يبني على ان الدلالة الالتزامية حدوثا او وجودا تابعة للدلالة الالتزامية لكنها بقاءا وحجية ليست تابعة وهذا هو مبنى المشهور غالبا ان الدلالة الالتزامية تابعة للمطابقية وجودا لا اعتبارا. هذا مبحث مهم في بنية الظهور.
هذه المباحث لم يذكروها في الظهور وذكروها في التعارض او مباحث أخرى لكنها أساسية في الظهور. اجمالا ان المشهور على ان الدلالة الالتزامية ليست تابعة بقاء او اعتبارا للمطابقية وان كانت تابعة لها وجودا. لا أقول في بعض الموارد بل في غالب الموارد هكذا وهذا مبحث مهم وحساس ولها ثمراتها في باب التعارض والجمع بين الروايات.
السيد الخوئي يعترض على الميرزا النائيني في تبعية الدلالة الالتزامية عن الدلالة المطابقية فلا يقبل مبناه لكنهما كلا العلمين يقبلان ان الملاك موجود وهذا شبيه مبنى القدماء في مبنى التخصيص وهو الصحيح.
اجمالا كلام الميرزا النائيني غير مقبول من جهة ان المرفوع هو المؤاخذة وليس الحكم والدلالة الالتزامية لا نسلم بها صغرويا من جهة ان دليل الحرمة لا يقيد دليل العبادة والتقييد يعني التخصيص وهذا اول الكلام بل انما اذا كانت المبغوضية بدرجة التنجيز حينئذ تكون مانعة واذا كانت مجمدة لا تمانع من صحة العبادة وان يكون في العبادة غضاضة لكنه مرخص في الارتكاب. هذا ملخص القسم الأول و هو الصلاة في الدار المغصوبة اضطرارا لا بسوء الاختيار.
في هذه الصورة او في أي صورة كانت لا بسوء الاختيار كالمسجونة وهذا البحث يمكن ان يجرى في الفقه العسكري او السياسي وما اكثر ابتلاءات هذه المسألة وهذا البحث تدريب وتمرين لموارد وما اكثر في القضايا الاجتماعية والفردية و الإدارية اجتماعات ملاكات الحرمة وملاكات الوجوب او الاستحباب والحرمة او الكراهة والاستحباب وهذه تمارين لكيفية معالجة الفقيه او الوالي السياسي لهذه الابتلاءات. والا البحث اصله في طبيعة شئون الاحكام كيف تجتمع وكيف الأدلة وهذا هو العمدة.
الميرزا التزم بانه حتى مع القول بصحة العبادة لا يسوغ له ان يركع ويسجد بل يجب ان يصلي قائما مع الركوع والسجود ايماء لان الركوع والسجود تصرف زائد في الدار الغصبية عرفا وإن ليس تصرفا زائدا عقلا والمدار في باب الغصب هو العرف وليس الدقة العقلية.
لكن كثير من الاعلام ناقشوا في هذا الوجه وقالوا ان هذا تشديد اشد من السجن. الغاصب اسجن الشخص في السجن الغصبي وكونه ان لا يتحرك فيه ظلم اشد من الظالم كما يعبر عنه صاحب الجواهر ورد هذا القول ان الغصب عرفا وجود الشخص في الدار الغصبية وهو موجود على أي حال سواء في كان في حالة الركوع او في حالة السجود او حالة القيام. لن يشغل حيز زائد على ما هو عليه. فلا مزيد للتصرف في الصلاة مع الركوع والسجود. فهذه الاستظهارات ليست في محله.
الصورة الأخرى نفس الصورة السابقة مع تتمة وهي انه لو كان يعلم ان الاضطررا لا يستمر الى آخر الوقت بل فيه مندوحة وسيتمكن من الخروج ولو في النصف الثاني من الوقت ويستطيع ان يصلي فهل يجوز له ان يصلي الان مع ان الاضطرار الان ليس بسوء الاختيار.
السيد الخوئي استشكل في الصغرى انه مادام يتمكن من الصلاة خارج الدار المغصوبة ولو خارج الوقت لا يصدق عليه الاضطرار. هذا المبنى عند السيد الخوئي يخالف فيه المشهور في جملة من الصور.
اذا السيد الخوئي مع قاعدة الاضطرار العامة اذا كان الاضطرار في بعض الوقت لا يصدق عليه الاضطرار لان الصلاة ما بين الحدين والاضطرار غير مستوعب. فحينئذ يستطيع ان يصلي خارج الدار المغصوبة فيؤخرها الا ان يكون هناك دليل خاص.
ربما يفصل السيد الخوئي بين من يقول ان الاضطرار لا بسوء الاختيار بالايماء فيؤخره وبدون الايماء لعله يسوغ والان بالتفصيل ربما غاب عن ذهني.
فيه مخالفة بين المشهور و بين السيد الخوئي في بحث الاضطرار الخاص والاضطرار العام. في الاضطرار العام يقول السيد الخوئي ان الاضطرار لا يصدق الا ان يستوعب الوقت كلها والا لا يصدق الاضطرار. اما اذا اتى دليل خاص وقال ان الاضطرار بعض الوقت اضطرار واقعي فحينئذ موضوع الاضطرار ليس جميع افراد الطبيعة بل بعضها.
طبعا المشهور أيضا اذا كان الاضطرار يوجب خللا في بعض الصلاة والاضطرار لبعض الوقت فيبنون على التأخير ولكن اذا كان المضطر يائسا ولا يدري ان يستمر هذا المستمر او لا ولكنه يائسا ويصلي وبعد ذلك انكشف له الخلاف. السيد الخوئي يقول ان هذا الاضطرار ظاهري وليس واقعيا ولابد عليه ان يعيد الصلاة ولو لم يكن حرمة في البين. عموما عند السيد الخوئي الاضطرار الظاهري عند اليأس اذا انكشف الخلاف ليس مجزئا لان الاضطرار لا يصدق بحسب القاعدة العامة الا اذا كان عاجزا عن كل افراد الطبيعة لا عن بعض افراد الطبيعة. من ثم يقول بلزوم الإعادة. خلافا للمشهور والصحيح ما عليه المشهور والسبب في ذلك ان الخلل ان لم يكن في الأركان فسوف يكون الخلل في بقية الأجزاء غير عمدي بالتالي تصح الصلاة. هذا وجه وربما فيه وجوه أخرى. وفيه وجه آخر وهو التمسك بحديث الرفع.
اجمالا في الاضطرار لبعض الوقت هذه المسألة موجودة لكن اذا كان الاضطرار يستلزم الايماء او ماشابه ذلك أما اذا لم يستلزم الايماء وكان يستلزم ارتكاب الحرمة اذا لم يكن الاضطرار واقعيا وكان في بعض الوقت والاضطرار في بعض الوقت لا يصدق عليه الاضطرار فبحث آخر. اما اذا ترفع الحرمة فليس فيها خلل فيصلي في الوقت ولا يعيد لان الحرمة مرتفعة ويكون الاضطرار بغير سوء الاختيار.
صورة أخرى اذا كان الاضطرار بسوء الاختيار المستوعب في الوقت هل يصلي او لا يصلي او يصلي بالايماء؟ بناء على الجواز يعني ليس هناك اتحاد بين الصلاة والغصب فيصلي وان يعصي والصلاة وجوده غير وجود الغصب. كما اعتمدنا على هذا المطلب. فبناء على الجواز ليس هناك خلل في صحة الصلاة وان كان بسوء الاختيار فلا تجري قاعدة الاضطرار والحرمة موجودة وفعلية لكن بناء على الجواز تصح. أصلا بناء على الجواز كل هذه الصورتصح الصلاة وان اثم. هذا لاجل التنبيه على انه في الشعائر الدينية او الموارد الأخرى كالفقه العسكري او الفقه الإداري الكثير يخلط بين صور وجود الحرام مع الحلال او مع الواجب فيرى عدم مشروعية هذا الحلال من رأس. كانما في ذهنه اجتماع الحرمة مع الوجوب او مع الاستحباب يرفع مشروعية الاستحباب والوجوب وهذا خطأ. كون الحرام لابد ان يراعى او لا يزاحم الوجوب لا يعني على الجواز خللا في مشروعية الوجوب او مشروعية الاستحباب. هذا البحث لاجل هذه النكتة لاتبني على انه لامشروعية من رأس ولو يكون الحرمة بالغة الأهمية. المشروع مشروع وان اجتمع او تقارن مع الباطل. هذا المبحث هذا معناه سواء في الفقه الفروع او الفقه السياسي. لا يزيل الخطأ الصحيح. اذا اصل فكرة اجتماع الامر والنهي هذا المطلب. اجتماع الحرام او الباطل في العقائد او الاحكام لا يبطل الصحيح. هذه فلسفة في التدبير ونظام في الرؤية لان الضرورات تقدر بقدرها. ربما نقرأه تنظيريا لكن في جانب العاطفة لا نميز بينها. هذا ليس على صعيد الفروع فقط بل حتى على صعيد العقائد. امير المؤمنين وقبله القرآن الكريم يميزون. «قالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وكذلك الذي لا يعلمون مثل قولهم.» ان القرآن لا يصحح اليهود ولا يصحح النصارى رغم التناقض. ولا يصحح كل المسارى ولا ينبض التخطئة. هذا ليس معنى الاية. هنا الآية الكريمة تخطئ اليهود حيث ينفون عن النصارى عموم الصحة. وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهذا أيضا ليس صحيحا. النبي موسى كان نبيا والنبي عيسى أيضا كان نبيا. الان أي شيء مرتبط بفكر النبي موسى يقولون انه اسرائيليات وهذا خطأ. لذلك الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في كتاب اصل الشيعة واصولها على رد من قال ان الرجعة من عقيدة اليهود يقول صرف كون عقيدة من عقائد اليهود لا يدل على بطلانها. صرف ما هو موجود في التوراة لا يدل على بطلان العقيدة. الآية يوبخ نسبة البطلان لعموم عقائد اليهود او النصارى. او من يقول ان المخالف لمذهب الامامية ليس على شيء مع انهم قائلون بنبوة سيد الأنبياء والكعبة والقرآن وكذلك الإسماعيلية هم باطلون في انكار امامة موسى بن جعفر عليه السلام ومن انكر واحدا منهم كمن انكر جميعهم لكن اصل ايمانهم بالستة من المعصومين او بفاطمة سلام الله عليهم لا يمكن الغائها. كذلك الحال في الصوفية وهم عندهم انحراف لا الصوفية الدروشية بل المقصود صوفية التفكر هم في كثير من مقامات الأئمة عليهم السلام اكثر كفاء من الفقهاء. كما في الفقه المقارن قد يستدل احد من علماء العامة بآية من القران لم يستدل بها احد من علماء الشيعة. بحث اجتماع الامر والنهي فكرته هذه الفكرة سواء على الجواز او على الفروع. كما ان سيد الاوصياء امير المؤمنين في الخوارج يقول انه صحيح ان الخوارج شر لكن بني امية اشد شرا. معنى ان عنده باطلا ليس انه لا صحيح عندهم. فهناك جهة اشتراك وهناك جهة افتراق على صعيد العلوم الدينية.