46/05/07
الموضوع: النواهي/ اجتماع الأمر والنهي/ منهجيات في الاستنباط الصناعي
كان الكلام في الصلاة في الدار الغصبية عند الاضطرار لا من باب القصور فمر ان الاضطرار او الحرج او النسيان او الاكراه هذه القواعد هل هي مخصصة ام ليست مخصصة بل رافعة للمؤاخذة والتنجيز؟ ومر ان الميرزا النائيني يلتزم بوجود الملاك مع انه قائل بالتخصيص خلافا للمشهور في القواعد الخمس. مع ان الملاك يعني التشريع ولو بدرجة وبالتالي يتعاطى معه معاملة التشريع وآثار التشريع فلامحالة ان يضطر الى توسعة التشريع. السيد الخوئي أيضا يلتزم بوجود الملاك لعل بوجه آخر في القواعد الخمس مع قاعدة البراءة ومع ذلك يلتزم بالتخصيص. المنشأ الذي اعتمد عليه ان القواعد الخمس مع قاعدة لا ضرر التي هي نفس قاعدة رفع الاضطرار بلسان آخر انها قواعد امتنانية وانما يصح الامتنان مع وجود الملاك بالتالي هذا الملاك يعامل معه معاملة التشريع المجمد. أيا ما كان قريب ان يلتزم مدرسة النائيني مع السيد الخوئي بالتخصيص الواقعي مع وجود الملاك.
هذه النظرية من الميرزا النائيني يفتح الباب لنظرية التخصيص للقدماء خلافا لمتاخرين انه ليس محوا للمخصص في منطقة الخاص بل تجميد. من باب تقديم الأهم ملاكا في التشريع او في جملة من موارد التشريع وليس المراد تقديمه في مقام الامتثال. أيا ما كان نظرية الميرزا النائيني في القواعد الخمس تأييد لمبنى القدماء في التخصيص من حيث لا يشعرون.
كما ان السيد الخوئي التزم بنظرية النسخ عند القدماء تختلف عن نظرية النسخ عند المتقدمين. المقصود ان هذه النظريات عند القدماء من جهة وأخرى التزم بها الميرزا النائيني في جملة من الموارد وهذا يدل على امكانيتها.
مر ان هذه القواعد الخمس لا تجري في موارد سوء الاختيار ومع عدم سوء الاختيار التزم الميرزا النائيني بالتخصيص مع ذلك التزم بصحة العبادة خلافا للمشهور والحال انها مخصصة. تقريبه بفذلكة انقلاب النسبة وهي بنفسه برهان على الذين يريدون ان يكون الاستنباط ساذجا سطحيا وليس فيه اعمال معادلات تحليلية صناعية ويسمونه هلوسية لانها ليست عرفية ويحكّمون العرف الساذج في الفقاهة باسم علم الأصول وعلم الأصول بريء عن هذا المسلك حتى الاخباريين. المهم بحث انقلاب النسبة بحث يذكر في انقلاب النسبة ولها صور عديدة ويعتمد على معالجة الظهور بين ثلاثة ادلة فما فوق بنحو تراتبي وهذه عمدة النقطة يعني أولا في رتبة معينة بين دليلين وفي رتبة ثانية بين ثلاثة ادلة او بين دليلين اخرين الى يتركب الظهور وهي معقدة. فاصل فكرة انقلاب النسبة هو ان لا تلاحظ النسبة الدلالية بين الأدلة في رتبة واحدة بل يجب ان تلاحظها تراتبيا ولها شواهد من علم البلاغة وعلم البيان والمعاني.
هنا ثلاث ادلة؛ دليل الحرمة ودليل العبادة ودليل القواعد الثانوية فثلاث ادلة فيجيء المبحث الجامع لانقلاب النسبة انه هل تلاحظ الأدلة بعرض واحد او تلاحظ ترتبيا.
الميرزا النائيني يقول: اذا لاحظنا أولا دليل الحرمة مع دليل العبادة قبل طرو العناوين الثانوية فدليل الحرمة يقيّد دليل العبادة. فبالتالي لا تكون العبادة مشروعة ولا صحيحة في مورد الحرمة بسبب دليل الحرمة.
نقطة معترضة: صحة العبادة يشترط فيها علاوة على شرائط الواجب مثل الطهور والساتر والاستقبال توفر قيود الوجوب لانه اذا لم يكن في البين وجوبا فاي عبادة صحيحة؟ العبادة تبع للامر والوجوب فلابد من توفر قيود الوجوب او حتى قيود الاستحباب بالتالي قيود الحكم. فقيود الحكم دخيلة في صحة العبادة.
من ثم في حجة الإسلام يتحرون قيود الاستطاعة بالدقة لانه ان اختلت قيود الوجوب والاستطاعة لن تكون هذه حجة الإسلام. حجة مشروعة لكن ليست حجة الإسلام. اذا في صحة العبادة لابد علاوة على توفر قيود الواجب توفر قيود الوجوب. طبعا الاستطاعة عندنا في الحج ليست قيد وجوب الحج وفي الآية قيد التنجيز تبعا للقدماء. ومن ثم قديما في علم الأصول كانوا يقولون ان كل قيد وجوب قيد واجب مآلاً وعكس هذه القاعدة أيضا موجود «كل قيد واجب قيد وجوب» مع ان قيد الواجب يغاير سنخا قيد الوجوب لكن سنخا آثار مشتركة. فالاشتراك هنا بمعنى آخر وان شاء الله في موضع آخر سنوضحها.
فنرجع: الميرزا النائيني يقوم بفذلكة انقلاب النسبة والبنية الاصلية لانقلاب النسبة ليس خاصا لبحث انقلاب النسبة. كثير من الاخوة الفضلاء الذي يريدون ان يلموا في انفسهم مراهقة الاجتهاد لا اقل الاجتهاد التجزي احد العقبات التي تقف امامهم هو ان يروا مجموعة من الدلائل والقواعد فيكون بنسبة اليهم معقدة وربما حتى الاكابر. طريق الحل هو هذه النكتة التي اعتمد عليها انقلاب النسبة. ان تعالج المسائل خطوة خطوة. طبعا في علم الإدارة هكذا ان الإدارة الناجحة ان لا تعالجوا الأمور مرة واحدة بل عالجوها خطوة وخطوة. وبعدها نسق بين الزوايا وفي غيرها من الموارد كعلم الطب.
اجمالا هذه خطوة مهمة ان انقلاب النسبة خطوة إدارية زكية بالتالي يفتتح لك طريق لادارة المنظومة وهي من الفوائد ضرورية في مناهج الاستنباط. اذا تعالج خطوةخطوة فيتبين لك ضعف الاستنباط انه في أي زاوية فتنمو قدراتك في تلك الزاوية.
الميرزا النائيني يقول اذا لاحظنا دليل الحرمة مع دليل العبادة فدليل الحرمة يوجب التخصيص يعني عدم المشروعية. اذا انحصر الوجوب فانحصر الواجب او كل قيد الوجوب قيد للواجب فلا تكون العبادة مشروعة. قال ثم نلاحظ قاعدة الاضطرار وهي غاية ما تصنع تخصص المفاد المطابقي لدليل الحرمة. فاذا ارتفع المفاد المطابقي للحرمة لا يوجب ارتفاع المدلول الالتزامي له وهو تقييد دليل العبادة خلافا للسيد الخوئي. فمن ثم تقييد دليل الحرمة لمشروعية دليل العبادة يكون على حاله. لذلك في موارد الاضطرار لا بسوء الاختيار مع ارتفاع الحرمة يبقى الملاك لاتكون العبادة صحيحة لان دليل العبادة لا يكون شاملا لموارد الحرمة مع انها خصصت لان المدلول الالتزامي لها يقيّد دليل العبادة لا المدلول المطابقي.
هذه ظاهرة فريدة تستحق التدبر يلتزم بها الميرزا النائيني. يعني كانما الميرزا النائيني ان الأدلة الثانوية والقواعد الثانوية لاتعالج ولا تتصرف في كل الاثار في الاحكام الأولية بل تعالج بعض الاثار وهذه ظاهرة في أصول القانون مهمة بغض النظر عن صحتها في المورد او عدم صحتها اصل الفكرة فكرة بديعة في أصول القانون.
انا ما استعجل في الطرح لان هذه المباحث اهم من اجتماع الامر والنهي لانها ماوراء الأصول وهي اهم مما هو ظاهر الأصول. لذلك استوقف المبحث بتعريف اصطلاح معترض على أساس ان يظهر هذه الظاهرة التي يبني عليها الميرزا النائيني والسيد الخوئي ما اشكل عليها امكانا بل اشكل عليها من زاوية أخرى.
المحمول الثانوي ذكرنا في كتاب الشعائر الجزء الأول ان الثانوية لها أربعة اقسام وهذه الأقسام الأربعة متباينة السنخ في علم أصول القانون. وقلما يتم التركيز عليها تصريحا بلورة فضلا عن ان الاعلام لم يدونوا فصلا خاصا مع انها تستحق. ليت ان يكون فاضل من الاخوة ان يدون في علم أصول القانون. وهذه توجب تغطية الشريعة للبيئات المستجدة. احد الاعلام قال ان مباحث الماليات متروكة حتى في الاستفتاءات. يوميا توالد الأسواق المالية من نمط جديد وقد تكون هي الحرام القديم لكن بثوب جديد ولازم ان يكتشف. اذا هذه الأبحاث ضرورية في علم أصول القانون
الأقسام الثانونية اما اولي اولي يعني اولي الموضوع واولي المحمول. والقسم الثاني: ثانوي الموضوع وأولي المحمول. هذا المبحث ركز عليه السيد الخميني وتلاميذه ما تبلور لهم مبناه ووضح مبناه في المكاسب المحرمة وهذا المبحث جدا مهم في السياسة والبيئات الجديدة. الثانوي يعني مترقص. على كل المبحث حساس وخطير. قاعدة الشعائر من قبيل القسم الثاني.
القسم الثالث ان الموضوع اولي والمحمول ثانوي. هذه القواعد الخمس من القسم الثالث. أصلا الفرز والتفريق بين الأقسام الأربعة جدا مهم تصورا وآثارا ومحمولا.
القسم الرابع وهو خفي الحصول والاستكشاف ان الموضوع ثانوي والمحمول أيضا ثانوي.
الان كلام الميرزا النائيني هنا يريد ان يقول ان القسم الثالث «ثانوية المحمول واولي الموضوع» عندنا يعالج الاحكام الأولية لا يعالج كل الاثار بل يعالج بعض الاثار. السيد الخوئي لا يشكل عليه امكانا بل يشكل عليه آلية ودليلا في المورد ونتعرض اليه ان شاء الله غدا.
هذا المسلك عند الميرزا النائيني بنى على عدة بنية وقاعدة كي يبلور هذا المبحث. الأول انقلاب النسبة والثاني تبعية الدلالة الالتزامية عن الدلالة المطابقية وجودا لا حجية والثالث الأقسام الأربعة في الموضوع والمحمول. اذا ركب الميرزا النائيني ثلاث قواعد غير مصرح بها في علم الأصول الا الثاني. والا بقية القواعد غير مصرحة الا في خفايا علم الأصول.