46/05/03
الموضوع: النواهي/ اجتماع الامر والنهي /القواعد الست في حديث الرفع والصلاة في الغصب
كان الكلام في موارد الاضطرار انه هل يصح العبادة في الدار الغصبية او لا؟ اصل البحث يثار مرة أخرى في حديث الرفع وهو كما مر بنا وهو قواعد ست كرفع ما لا يعلمون وما اضطروا اليه وهو قاعدة لاضرر نفسها. مر بنا ان هذه القواعد الست في الحقيقة هي قواعد ثانوية ولها ألسن مختلفة في الآيات والروايات حتى قاعدة الميسور لها ألسن مختلفة.
اللطيف أن القشريين والحشويين وان انتسبوا الى علم الأصول تقمّصا لكنهم بعيدون عنه إذا يجمدون على لفظ واحد فكيف يستدلون بالبرائة مع أن لها خمس او ست ألسن بألفاظ مختلفة، لكن المعنى الجدي او المعنى الجنسي واحد.
فالتواتر المعنوي يمكن من الالفاظ المختلفة وكذلك الاستفاضة المعنوية ولا يمكن ان تجمدوا على الالفاظ في التواترات المعنوية. البعض يقولون ان معنى التواتر المعنوي هو الترادف اللفظي والتواتر اللفظي تكرار اللفظ بعينه. وهذا أسف في المستوى العلمي.
المقصود ان جنس المعنى في ألسن البرائة واحدة مع ان المعنى الاستعمالي والمعنى التفهيمي يختلف لكن المعنى الجدي واحد وكذلك قاعدة الحرج لها السن متعددة «لا ضرر ولا ضرار» و«رفع ما اضطروا اليه» و«لا حرج» عدة السن لها.
المقصود ان التمسلك بعين اللفظ محضا مسلك اخباري متقمص بالاصول وليس مسلك الاخباريين المحققين بل الاخباري الحشوي والقشري.
أيضا قاعدة الحرج «لاحرج» «يريد الله بكم اليسر» و«لا ضرر» «بعثت بالشريعة السمحة السهلة» الفاظ مختلفة مع المعاني الاستعمالية والتفهيمية المختلفة. لذلك الفقيه لابد ان يفهم منظومة الأدلة.
حتى الكبار من الاعلام قد يصير عندهم الغفلة ويقولون ان قاعدة الميسور غير قاعدة الحرج والحال انها نفسها. لابد من الغوص في المعاني والدقة فيها.
فهذه القواعد الست لها أسماء عديدة وهي نفسها. انبه على هذا المطلب لانه الكبار أيضا تحصل عندهم الغفلة.
المقصود انه عند القدماء هذه القواعد المحمول شيء واحد وهو رفع المؤاخذة ورفع التنجيز ليس الا وليس رفع الحكم. بينما عند مدرسة النائيني واكثر تلاميذه في غير ما لا يعلمون تخصيص واقعي مع انه ارتكازا لا يبني عليها حتى السيد الخوئي. اما المشهور الى صاحب الجواهر والشيخ الانصاري ارتكازا المحمول فيها واحد. ليس ممتنعا ان يورد سياق واحد عن اهل البيت عليهم السلام والمحمول فيها سنخا يختلف عن بعضها البعض لكن هنا ليس السنخ مختلف بل واحد وهو رفع التنجيز.
فهذه القواعد بكل لسان عنها المرفوع فيها هل هو التنجيز او الحكم الواقعي؟ مبحث حساس وتترتب عليه آثار في مآت مسائل.
كذلك في قاعدة «لاتعاد» وقاعدة «لاتنقض السنة الفريضة» النائيني بنى على انهما مخصصتان للواقع والمشهور لم يعتبروها رفعا ظاهريا ولا مخصصا واقعيا بل هما متصرفتان في الامتثال. هذا هو الفرق بين هذه المباحث. صارت ثمان قواعد. طبعا ان قاعدة لا تعاد سنخ ثالث عند المشهور.
ثلاث قواعد أخرى «رفع القلم عن الصبي والنائم والمجنون» عند المتقدمين من القرن الثالث الى القرن السابع حتى الشهيد الأول تابعهم ولم يتابع السيد احمد بن طاووس والمحقق الحلي وعلماء الحلة في تأثرهم بمسلك السيد احمد بن طاووس وان كان المحقق الحلي كان بين مبنى المتقدمين ومبنى السيد احمد بن طاووس لكن الشهيد الأول غالبا كان على مبنى القدماء في موارد عديدة مع انه كان تلميذ تلميذ المحقق الحلي. المهم ان الرفع في هذه الثلاثة عند المتقدمين كان رفعا من سنخ رابع وهو رفع الفعلية التامة لان المجنون الذي يرفع عنه التكليف ليس المجنون التام والجنون درجات وليس درجة واحدة. فأربع أسناخ في هذه القواعد لكن المتأخرين يقولون في المجنون تخصيص وفي النائم رفع ظاهري ويقضي الصلاة فسنخان في الرفع الواحد وفي الصبي تخصيص.
المقصود ان تمحيص القواعد امر مهم والان مر بنا احدى عشر قواعد. مسلك الميرزا النائيني واكثر تلاميذه والسيد الخوئي واكثر تلاميذه يختلف عن مسلك المشهور والقدماء وهذه قواعد مهمة والوقوف على الاختلاف بين الاعلام جدا مهم. ان مدرسة الميرزا النائيني ولو انه من امتن المدارس الأصولية لكنه في هذه القواعد لم يصب فيها والصحيح مبنى القدماء.
اجمالا في هذه القواعد الست عند الميرزا النائيني والسيد الخوئي وتلاميذهما ان في البرائة رفعا ظاهريا ورفع التنجيز اما في القواعد الخمس كالحرج والاضطرار والنسيان رفع واقعي خلافا للمشهور ان الرفع في كلها رفع التنجيز.
طبعا هذه القواعد الست فيما بينها شروط مشتركة لذلك جمعت في حديث واحد ومن الشروط المشتركة ان تكون قصورا لا بسوء الاختيار ولا بالتقصير. وفيه شروط أخرى مشتركة يذكرونها في مبحث البراءة.
اجمالا عند المشهور اذا اضطر الى التصرف في الدار الغصبية لا بسوء الاختيار تصح الصلاة «فمن اضطر غير باغ وغير عاد» أي غير قاصد وغير ظالم. «لا اثم عليه» أي يرفع التنجيز فقط لا ان الحرمة ما موجودة. هذه الآية نفس قاعدة الضرر. فعند المشهور في موارد الاضطرار الواقعي لا يرفع الحكم بل يجمد ولايكون فعليا ولا تنجيز ولا اثم ولا مؤاخذة والا الحرمة على حالها. عند المشهور مع الاضطرار بالغصب لا بسوء الاختيار تصح الصلاة. مع انه حرام لكنه حرام ليس منجزا. اما عند الميرزا النائيني والسيد الخوئي لا حرمة في البين. فالصحة من هذا الباب.
طبعا شرحنا سابقا بعض الشيء وشرحها الكامل في البراءة لكن اجمالا ليكن الاخوة على يقظة على ذلك.
وكذلك في رفع ما اضطروا عليه رفع امتناني ويدل على ان الاضطرار لابد ان يكون لا بسوء الاختيار.
نقطة اشرحها: ما الاختلاف بين النائيني والمشهور؟ ان النائيني يقول ان الرفع في البراءة ظاهري والرفع في البقية رفع واقعي وتخصيص. المشهور يقولون ان الرفع واقعي بمعنى وظاهري بمعنى. اذا اسندنا الرفع الى التنجيز والمؤاخذة فواقعي سواء في البراءة او القواعد الست. رفع المؤاخذة في منطقة الجهل واقعي. اما اذا اسند الرفع الى الحكم يكون ظاهريا عند النائيني و عند المشهور اسناد الرفع الى الحكم ليس بصحيح في القواعد الست. فالرفع اما ان يسند الى المؤاخذة فواقعي حتى في البراءة لان المؤاخذة في منطقة الجهل ليست موجودة واقعا. ليس كل شيء ظاهري ان آثاره ظاهرية بل قد يكون ظاهريا وآثاره واقعي. هذا البحث من مستحدثات صناعة الأصول والفقه. قيل ان العدالة المأخوذة في الأبواب لا سيما الطلاق هي حسن الظاهر وليست العدالة بحسب الواقع. تلك العدالة بحسب الواقع في قول الامام الصادق عليه السلام خاصة بالانبياء والاوصياء والاولياء. لذلك في الطلاق يشترط فيه شرطا واقعيا ان يكون الشاهدان عدلين. اذا لم يكونا في الواقع عادلين هل الطلاق باطل؟ ربما اكتشف بعده او لا يكتشف. البعض ربما التزم ان العدالة المأخوذة في الأبواب بمعنى حسن الظاهر لكنه يترتب عليه اثار واقعية. المهم يجب ان نتبه في المسائل الأصولية والفقهية انه قد يكون الموضوع ظاهريا لكنه يترتب عليه آثار واقعية. هذه نكتة جدا مهمة.
هذه فوائد مهمة مؤثرة. لذلك الفقهاء والاصوليون يقولون ان الحكم الظاهرية التي تترتب عليه اثار ظاهرية انكار وجهود هذه الآثار الظاهرية تمرد على الدين لانها أيضا من تشريعات الدين. سيما ان الدين في الموضوعات ماشية على النظام الظاهري.
اذا في هذه القواعد الست البراءة موضوع ظاهري لكن الحرج موضوع واقعي. خوف الضرر غير الضرر. خوف الضرر اثبات الضرر ظاهرا. اجمالا في بحث الفرق بين هذين المبحثين التركيز على الفوارق في كيفية ترتيب الاثار مهم صناعية ويجب ان نكمل غدا البحث في الفرق بين النائيني ومن بعده وبين كلام المشهور وكيف نرتب البحث في المقام بالتفاصيل والصور العديدة.