46/04/19
الموضوع: النواهي / اجتماع الامر والنهي / الصلاة في الدار الغصبية امتناع او تعدد
كان الكلام في الصلاة في الدار الغصبية هل هي متحدة مع الغصب ام لا بلحاظ اجزاءها ووصلنا الى ان الهوي القريب منه جزء منه مقوم له وكذلك الهوي الى الركوع الا ان جماعة من الاعلام منهم السيد الخوئي بنوا على انه ليس مقوما ولا جزءا منهما ولكن بنوا على ان الاعتماد مقوم للسجود وهذه المفارقة قد تكون غريبة.
صحيح ان السجود هيئة لكن جعل الرأس على الأرض لا مانع من ان يكون مقوما للسجود او مأخوذا للسجود الا ان تبيينه ابين من الانحناء التدريجي وهو الهوي غريب لان الهوي ابين في دخوله في الركوع او السجود من دخول الاعتماد لان هيئة الساجد موجود سواء جعل اعتماده على الأرض او لا. مس الأرض غير قضية جعل الثقل على الأرض. المقصود تبيان السيد الخوئي وكثير من تلاميذه او من قبل السيد الخوئي ان الاعتماد وثقل الرأس مأخوذ في السجود دون الهوي عجيب سيما الهوي القريب اليهما. لان السجود والركوع خضوع وانما تلك الهيئة نهاية الخضوع. على كل هذا التفصيل فيه غرابة. لذلك غاية الامر ان الثقل والاعتماد قيد لكن ان يكون مقوما ليس كذلك. ثم الاعتماد ومس الجبهة قد لا يمس الانسان الأرض الغصبية وقد يمس التربة مثلا. مثلا هذا الاعتماد لو نفترض من يقدر ان يعتمد على الهواء من دون ان يجعل ثقله على الأرض فليس هذا تصرفا في الأرض ولا تصرفا في الهواء. هو اعتمد على التربة والتربة اعتمدت على الأرض ففعلان. تصرفه بواسطة التربة ليس من الصلاة. او افترض فرشا غير مغصوبا. فمع وضع رأسه على شيء غير مغصوب وذاك الشيء يعتمد على الأرض فليس تصرفا مباشرا في الأرض. مثل الساتر لو كان الثوب مغصوبا في الصلاة تبطل الصلاة ام لا وهذه مسألة على حده.
اجمالا الصحيح انه ان لم يعتمد مباشرة على الأرض المغصوبة بل يمس التربة غير المغصوبة في الدار الغصبية فلازم فعله التصرف في الدار الغصبية وليس عين الصلاة. نعم لو وضع رأسه وجبهته على الأرض المغصوبة واعتمد عليه فصحيح انه تصرف. بخلاف الهوي لانه حركة في الهواء وقد يقال ان التصرف الهواء ملازم له وليس هو نفسه. لان الانحناء في الفضاء او غير الفضاء يتصور. لذلك بالدقة العقلية هذه الخصوصيات في السجود والركوع بشكل بتي قطعي يقال انها عين التصرف فيه تأمل. نعم يوجب فيها اشكال احتياطي اما انه عين متن الغصب محل كلام وتأمل بالدقة العقلية. الانحناء فعل والتصرف في هواء الدار الغصبية فعل ملازم له لا انه عينه والانحناء لا صلة له بالحركة في الفضاء ولكن الاحتياط شيء مرغوب. حتى القيام ان الاعتماد على الأرض ليس عين القيام وليس عين الجلوس بل من ملازماته.
اذا بهذا المقدار اتضح انه بالدقة العقلية أجزاء الصلاة مقارنات للغصب وليس عين الغصب الا ان سجد على تراب الأرض الغصبية واعتمد عليها مباشرة والا اذا كان معتمدا على شيء غير مغصوب فالتصرف الغصبي موجود لكنه ليس مباشرا مع متن أجزاء السجود وكذلك ما مر بنا ان الكلام في الهوي هومن مقولة الفعل يلازم في التصرف في الحرام وليس هو عينه.
هذا بالنسبة الى الصلاة في الدار الغصبية وانه الصحيح وعلميا الجواز وتعدد.
لنذكر مثالا آخر: ماذا لو اتخذ ساترا للصلاة من ثوب غصبي او طاف ببيت الله الحرام بثوبي الاحرام الغصبيين او غير مخمسين. هل يصح طوافه وصلاته ام لا؟
قد يقال ان الساتر شرط توصلي وليس شرطا تعبديا. لانه ليس من اللازم ان ينوي الانسان ان يتستر قربة لله تعالى في الصلاة او الطواف. لو كنت غافلا عن شرطية الساتر فهي صحيحة. كما ان لبس ثوبي الاحرام في عقد الاحرام الكثير ذهبوا الى انه شرط الصحة ولكن الصحيح عندنا انه ليس شرطا وضعيا. نعم واجب تكليفي عندنا. لو بنينا على القول الآخر على ان لبس ثوبي الاحرام شرط وضعي في صحة عقد الاحرام فهل هو تعبدي او توصلي؟ ظاهر الأدلة والروايات انه تعبدي أي يترك تروك الاحرام ويلبس امتثالا لأمر الله. لكن هل هو تعبدي؟ لان كل امر توصلي يمكن ان يأتي به الانسان قربة لله تعالى. فان كان توصليا يندرج فيما نحن فيه الان وهو ان الصلاة او الطواف او عقد الاحرام اخذ فيه الساتر واذا كان هذا الساتر غصبيا فهل تصح الصلاة والطواف ام لا؟ قد يقال انه من جهة ان الشرط توصلي وهو خارج عن الصلاة فالغرض يحصل بالحرام أيضا وهو الستر.
مثلا اذا يجب على الانسان ان يستر عورته فستر عورته بالثوب الغصبي فبالتالي الغرض من ستر العورة حاصل فبالتالي الغرض التوصلي يحصل حتى بآلية من اليات الحرام. وامثلة كثيرة. فالغرض من الامر التوصلي حاصل وهو ليس من جزء الصلاة وليس من عقد الاحرام. لكن فيه زاوية أخرى قد يشكل الامر وهي ان الشرط وان يكون توصليا لكن تقيد الطبيعة به جزء عقلي والطبيعة الواجبة العبادية كالصلاة والطواف وعقد الاحرام لا يمكن ان يتقيد بالحرام لانه تناقض وتدافع. فلا محالة لا يشمل الامر لموارد الشرط التوصلي الحرام.
لكن قد يجاب هذا الاشكال ان هذا إذا كان من باب التخصيص فصحيح، لا دليل على صحة العبادة لانه خصصت بالحرام. اما اذا كان من باب اجتماع الامر والنهي فباب اجتماع الامر مع التعدد جواز ومع هذا التعدد لا يسقط العبادة عن العبادية.
تقرير آخر: الشرط مشروط به وهو الطهارة والساتر والصلاة هو مشروط لها والشرط هو التقيد والتضييق او التحصيص. فعندنا شرط ومشروط به وعندنا مشروط له ووجوده يختلف عن وجود مشروط به. فما فيه امتناع. وعندنا التقيد يعني التضيق. التقيد بتعبير المنظومة لملا هادي السبزواري ان التقيد جزء والقيد خارجي يعني ان نفس الوضوء والغسل والساتر قيد خارجي عن الصلاة لكن التقيد بالوضوء والساتر جزء عقلي وليس جزءا خارجيا. الجزءا لعقلي يعني جزءا يدركه العقل بالتحليل العقلي وليس له ما بإزاء خارجي. فاذا كان التقيد جزءا كيف الوجوب العبادي و الامر العبادي يتعلق بهذا الجزء العقلي وهو التقيد بلبس المغصوب. الميرزا النائيني في مبحث مقدمة الواجب يقول ان الوجوب ينبسط على الأجزاء فيسمى كل جزء تعلق به الوجوب النفسي ضمنا. عندنا وجوب الصلاة وجوبا نفسيا مستقلا وعندنا وجوب تكبيرة الاحرام والتشهد والركعات هذه الأجزاء يتعلق بها الوجوب النفسي الضمني. يعني كانما انت تقسم الوجوب النفسي الى وجوبات ضمنية. فالجزء يتعلق به الوجوب الضمني الاسمي يعني بذاته. اما الشرط أي نفس الوضوء او التقيد يتعلق به الوجوب نفسيا ضمنيا حرفيا. والصحيح ما قاله الميرزا النائيني.
لذلك في مقدمة الواجب يفسر النائيني عباديتها بسريان الوجوب النفسي للصلاة الى الغسل والتيمم. فاذا بنينا على كلام الميرزا النائيني ان الوجوب النفسي ضمنا يتعلق بهذا التقيد والتقيد يسري الى القيد فبالتالي يسير اجتماع الامر والنهي وهذا لا يمكن.
مع ذلك هذا ليس امتناعا بل جواز. نعم فيه إشكالية في إمكانية التقرب وقابل للتصوير لكنه بالدقة ليس امتناعا لان نفس ذات القيد شيء والتقيد شيء اخر. بالتالي التقيد ليس هو القيد وان كان التقيد قائم بالطرفين وليس هو الطرف. لذلك بالمداقة العقلية جواز لكن الاحتياط في ذلك. اذا هذه مسألة الطواف بثوب مغصوب او غير مخمس او الصلاة فيه .فيه إشكالية موجودة اما الجزم بانه اجتماع الامر والنهي فيه كلام فالاولى الاحتياط.
هذا فرض آخر غير أجزاء الصلاة في شرائط الصلاة او الطواف.
نذهب الان الى فروع أخرى تطبيقية
الفرع الاخر: لو توضأ بالماء المغصوب او اغتسل بالماء المغصوب فهل هذا تصرف في ملك الغير وبالتالي يكون الوضوء باطلا لكن المشهور قالوا ببطلان الوضوء والغسل بالماء المغصوب في العمد او الجهل التقصيري اما مع العذر فقالوا بالصحة كما نقلنا هذه النسبة عنهم وان استشكل السيد الخوئي في النسبة لكن الصحيح هي ما قلناه.
في الوضوء اتحد مع نفس التصرف والتصرف شيء انتزاعي الا في موارد الجهل والنسيان. السيد الخوئي في النسيان قبل الصحة. النسيان القصوري. اما في الجهل ولو قصورا لم يصحح الوضوء والغسل وهذا ليس فقط في الوضوء والغسل بل مثال. عموما السيد الخوئي والنائيني في موارد الامتناع مع الجهل ولو قصورا «النسيان والجهل التقصيري لا تسقط الحرمة وحكمه حكم العمد وعبادته باطلة» اما اذا كان قصوريا ومن العذر فالنائيني مع ذلك في موارد القصور لم يصحح العبادة والسيد الخوئي خالف استاذه وخالف المشهور قال بالبطلان في الجهل القصوري والصحة في النسيان القصوري. في أي مثال يجتمع العبادة المأمور بها مع الحرام اذا اجتمعا مع الامتناع.
تفصيل السيد الخوئي لاجل ما مر من ان في الجهل رفعا ظاهريا. وفي النسيان رفع واقعي. فالسيد الخوئي كالنائيني عندهم في مدرسة النائيني ان الرفع في حديث الرفع وفقرات الست سنخا مختلف بين الفقرة «رفع ما لا يعلمون» وبين باقي الفقرات. في الأول ظاهري وفي الباقي واقعي ومخصص الاحكام. هذا مبنى الميرزا النائيني ومبنى تلاميذه منهم السيد الخوئي واكثر تلاميذه. لكن مشهور طبقات الفقهاء ذهبوا الى ان الرفع في حديث الرفع من سنخ واحد. سبق ان بيناه.
المهم تتمة الكلام ان شاء الله نواصلها وحتى ما تقدم ربما نبينها اكثر.