46/04/18
الموضوع: النواهي / اجتماع الامر والنهي / الجهات في الصلاة في الدار الغصبية
كنا في مسألة الصلاة في الدار الغصبية كمثال تطبيقي تدريبي لمبحث اجتماع الامر والنهي ومر ان هيئات الصلاة او أجزاء الصلاة من مقولات لا تتحد وجودا مع التصرف في الدار الغصبية وان كان التصرف او الغصب ليس عنوانا اصيلا وجوديا ولكنه عنوان اعتباري انتزاعيا لكن مع ذلك ليس متحدا في الوجود مع أجزاء الصلاة. وانما بحث الاعلام في عناوين أجزاء الصلاة لان عنوان الصلاة ليس عنوانا حقيقيا بل هي عنوان اعتباري.
مر ان النية أيضا ليست كذلك والتكلم أيضا وان كان موج هوائي لكنه ليس تصرفا وهيئة الركوع والسجود وان لها نسبة مع الأرض الا انها نسبة للجسم مع الأرض وليس تصرفا في الأرض عرفا. صرف وجود النسبة بين جسمي والعين المملوكة للجار او الاخرين ليس تصرفا عرفيا. يبقى السجود والركوع ومر ان الميرزا النائيني اخذ فيهما الانحناء وذكرنا بعض الشواهد وهو الانحناء لغة بان يكون عن القيام فبالتالي عند الميرزا والقائلين بقوله ليس الركوع هو نهاية الركوع والهيئة الحاصلة في نهاية الركوع فقط بل الهوي الى الركوع أيضا من الركوع. هل الهوي مقوم للركوع ام لا أي باي مقدار مقوم؟ عنده قاعدة في باب الصلاة وهي انه ليس كل ما في الركن ركنا أي ليس كل أجزاء الركن ركنا. انما الأمور المقومة للركن هي الركن وهذا صحيح. فهل يا ترى الانحناء والهوي ركن في الركوع وباي قدر؟ هل من القيام الى الركوع وكله ركن؟ بهذا المقدار الالتزام به صعب. فمن ثم لابد ان يقال ان الانحناء الحدثي والمقارب للهيئة الخاصة هو مقوم اما الباقي جزء وليس ركنا وهذا صحيح ولا بأس به. السجود كذلك كل هوي من الوقوف الى السجود او في السجدة الثانية من إقامة صلب الانسان وعموده الفقري الى السجدة ليس ركنا للسجود. لما مر بنا ان النص موجود اذا ارتفع الانسان رأسه غفلة او اضطرارا وسجد بدون ان يقيم صلبه يعد من السجدة الثانية. هذا يدل على ان قوام السجدة ليس بكل الانحناء بل الانحناء الحدثي القريب مقوم والا كيف تصدق السجدة.
القيام قيد ركني كما ان القيام قيد ركني في التكبيرة الاحرام لكنه ليس مقوما وداخلا في الركوع. الان تكبيرة الاحرام ركن لكنه ليس داخل في الركوع بل كل على حده. الميرزا النائيني يقول ان الهوي الحدثي من الركوع ونقبل منه ان الهوي من القيام في الركوع لكنه ليس كل ما في الركن ركن وليس كله مقوما للركوع.
بالتالي كلام الميرزا متين ان الانحناء عرفا ولغة من الركوع لان الركوع عرفا ولغة هو انحناء وخضوع. فالحدث فيه مأخوذ. لكنه اخذ بمعنى انه جزء ركني او غير ركني؟ بل انه غير ركني في الركوع وكذلك السجود حتى الهوي من القيام الى السجود كله من السجود والشيخ الطوسي قال بان السجود من القيام ركن. لكن هل الهوي جزء مقوم للسجود؟ ليس كذلك بشهادة ان الاعلام في بحث الخلل نصا وفتوى في فروع عديدة أن اصل الحدث والهوي ولو يسيرا يحقق ركنية السجدة وقوام السجدة. فليس كل ما في الركن ركنا.
زيادة على ذلك شاهدا على قضية الجزء الركني وغير الركني مثلا الاعلام عندهم هذه المسألة ترتبط بالسجدة لما تسجد الأولى وتريد ان تسجد السجدة الثانية عندهم يكره ان تبقي يديك بين السجدتين. يعني سجدت السجدة الأولى ويديك في الأرض وقبل ان ترتفع اكثر وترفع يديك اكتفيت بهذا المقدار ثم تأتي بالسجدة الثانية. هذا مكروه يعني ان إقامة الصلب بين السجدتين ليس من مقومات السجدة الثانية وليس دخيلا في الصحة فضلا عن ان يكون دخيلا في الركن. هذا في الفريضة فكيف بك في النافلة. ثم هل هذا المقدار هو المكروه والصحيح؟ فكيف بك اذا لم ترفع صلبك بمقدار بحيث ينعدم التجنيح فمقتضى كلامهم ان السجدة صحيحة وان كان جدا مكروه. تارة نقول انه دخيل في الصحة عمدا اما سهوا فليس دخيلا في الصحة أصلا فيتحقق السجدة الثانية. اما الكلام في العمد بهذا المقدار الأول قالوا صحيح ومكروه. اما اذا بلغت ثلاثين درجة او خمسة وعشرين درجة هل السجدة صحيحة؟
بحث الخلل يصحح غير تصحيح باب العمد. هذه قاعدة. الخلل صحته تقوم بالأركان. اذا كان أجزاء لكنها غير دخيلة في القوام فالصلاة صحيحة. أما في العمد الصحة منوطة بالاجزاء الركنية وغير الركنية. غير العمد يدور مدار الركن سيما باب الصلاة وكذلك الأبواب الأخرى كالوضوء والطواف والسعي والوقوف بعرفة والمزدلفة. لذلك الباحث في الاستنباط في العبادات اول خطوة هي ان يميز بين الواجب وغير الواجب والخطوة الثانية ان يميز بين الجزء الواجب الركن والجزءالواجب غير الركن والركن أيضا درجات ومراتب. هذه كلها نكات صناعية.
الان كلامنا مع الميرزا النائيني ان الهوي جزء لكنه ليس جزءا ركنيا. بشهادة ما ذكرنا. بعض الأحيان يبحث الاعلام عن الجزء الواجب غير الركني كالسورة التي بعد الحمد فحتى هذا الجزء الواجب غير الركني يشخصون ما هو الركن فيه. له اثر. حتى الجزء غير الركني يبحثون في الشيء الركني فيه وثمراته في الاضطرار والخلل. طبعا لما يقال ركن في الجزء غير الركني معناه انه ركن في الجزء وليس ركنا في الصلاة. كما ان جزءا واجبا في الركن وليس بركن. فالركن في الركن ركن للصلاة. هذه لابد ان نميز بينها في بحوث خلل الصلاة وغيرها.
مثلا في المزدلفة عند الشيعة الحج مزدلفة وليس عرفة. هذه المزدلفة التي ركن اركان الحج ما هو الركن فيها. الركن آنا ما في المزدلفة من غروب الشمس ليلة العيد الى طلوع الشمس اما الركن غير الاختياري يمتد الى الزوال يوم العيد عند المشهور شهرة عظيمة. خلافا للسيد الخوئي. مثلا الركن الاختياري في عرفة آنا ما فيها. اللطيف فيها الاخلال العمدي للركن غير مبطل للحج ولكنه يوجب الكفارة. فلاحظ هناك ركن اختياري وهو ليس بالضرورة ان يكون أجزاء اذا تخل بها في الحج قد لا يبطل الحج. فالركن في عرفة الاختياري بين الزوال والغروب وغير الاختياري يمتد الى طلوع الفجر. هذه ضوابط في أجزاء العبادات ضرورية جدا سواء في الصلاة والحج او غيرها وهذه كلهاتنقيحات المتاخرين.
هذه الفتوى من الاعلام لازم ان تبحثوا عنها. اذا رفعت رأسك قليلا وسجدت الثانية يقولون بالصحة مع الكراهة الشديدة.
فاذا ما قاله الميرزا النائيني متين ان الهوي و القريب من الهيئة الخاصة من السجود جزء من السجود ومقوم له وركن ولذلك السيد الخوئي في موارد أخرى لا يلتزم بانه تصدق السجدة بدونه. الهوي عند الاعلام تصرف في فضاء الدار الغصبية والسيد الخوئي يقبل انه لو التزمنا ان الهوي جزء من السجود والركوع فهو متحد مع التصرف في الدار الغصبية.
لكنه فيه تأمل: الانحناء ولو تدريجي ومن مقولة الفعل وليس مقولة الوضع لكنه ليس من الضروري ان يكون الهوي متحدا مع الفعل الذي هو تصرف في فضاء الدار الغصبية بل لا يبعد بالدقة العقلية فعلان متقارنان لا انه هو نفسه. رغم انا نبني على ما يبني الميرزا النائيني من ان الهوي جزء الركوع والسجود وهو من مقولة الفعل وهو صدور تدريجي لكنه ليس من الضروري ان يكون التصرف نفس الهوي.
الاعتماد مقوم للسجود وشرط في السجود لكنه ليس متحدا مع التصرف في الأرض بالدقة العقلية. وبنينا عليه جديدا. لاحظوا ان السجود هو هيئة يعني شكل جسم المصلي ونسبة اعضاءه مع بعضها البعض وهذه الهيئة ليس تصرفا في الأرض. الاعتماد شيء آخر غير هيئة الأرض وقالوا ان الاعتماد تصرف في الأرض وغدا ان شاء الله سنرى هل الاعتماد تصرف او انه يلازم التصرف وبهذا المعنى الصلاة لا تتحد مع التصرف في الدار الغصبية.