46/04/17
الموضوع: النواهي / اجتماع الامر والنهي / الاقوال في الصلاة في الدار الغصبية
كان الكلام في الصلاة والغصب كمثال تطبيقي لمسألة اجتماع الامر والنهي وليس ضابطة كلية ولكن النكتة اللطيفة التي ذكرها المرحوم الاصفهاني ان كل عنوان يجب ان يدرس بحيال نفسه وذاته هل هو تكويني او اعتباري متكون من ماهيات تكوينية متعددة؟
من ثم «الغصب» ليس عنوانا متأصلا تكوينيا بل انما عنوان اعتباري من مناشئ مختلفة متغايرة يجمعها جامع عنواني او الوحدة بين موارد الغصب وحدة الجامع العنواني الاعتباري والا مناشئها مختلفة. فالصلاة اعتبارية والغصب أيضا اعتباري لكن الفرق ان الصلاة واحدة مكونة من مجموع أجزاء واعتبارية لكن الغصب كل مورد منه مستقل عن مورد آخر في الماهية التكوينية يعني ليس مورد واحد هو مجموعي بل كيفية التصرفات تختلف وجودا عن بعضها البعض. فلاحظ ان الطبايع في العناوين الاعتبارية مختلفة.
اما الصلاة: ان النية كيف نفساني لا صلة له بالوجود الخارجي والقرائة والاذكار صوتية لا تعد تصرفا في ملك الغير ولو تكلم في بيت الغير. نعم اذا يؤذي صاحب الدار من صوته ليس من جهة تصرفه في دار الغير. طبعا هو تصرف تكويني لكن مر بنا انه ليس كل تصرف تكويني يعد تصرفا عرفيا محرما في ملك الغير. مثل ما استفاد الانسان من اضائة الجار وهو تصرف تكويني لكنه لا يعد تصرفا محرما من ملك الغير او يتكأ على الجدار من الخارج شيئا ما فلا يعد تصرفا في ملك الغير حتى لو قال لا اجيز ان تستند على جداري او ان يتوضؤ من نهر جار كبير فلا يعد تصرفا عرفيا او الأرض الشاسعة يمر عليها الانسان فلا يحتاج الى الاستئذان. فليس كل تصرف يحتاج الى استئذان او هو تصرف عرفي. فالتكلم لا يعد تصرفا عرفيا معتد به محرما.
يبقى الركوع والسجود والجلوس او القيام. القيام والجلوس من مقولة الوضع يعني هي هيئة ولو استطاع ان يكون في الهواء. هي هيئة مستلم القامة لا من جهة اعتماده على الأرض او من جهة ان بدنه حيز في الدار. ان بدنه حيز في دار الغير غير مقوم للقيام بل مقارن للقيام ولا للجلوس. فاذا الجلوس او القيام هيئة وضعية يعني نسبة أجزاء بدن المكلف مع بعضها البعض وليس من جهة الاعتماد او التصرف في ملك الغير.
لا بأس ان اذكر هذا المطلب في قضية الركوع والسجود والقيام والجلوس: عندهم هذا التعبير في المعقول: من مقولة الوضع من تمام المقولة او بعض المقولة. هذه العبارة يريدون منها انه اذا لوحظ نسبة أعضاء الجسم مع بعضها البعض يعبرون عنها بعض مقولة الوضع واذا لوحظت أعضاء جسم الشخص مع الخارج يعني الأرض او السقف يعبرون عنه تمام مقولة الوضع. هذه النكتة لازم ان نلتفت اليها.
الجلوس الذي مر او القيام او الركوع او السجود اما هو من بعض مقولة الوضع يعني نسبة اجزاء اعضاء الجسم بعضها البعض لا ربط له بدار الغير ولا ارض الغير وان قيل ان الركوع والسجود القيام والجلوس لابد ان يلاحظ منتسبا الى الأرض كي يقال الجلوس والا من عنده قدرة ان يلصق اسافله الى السطح او رجليه الى السقف لا يقال انه جالس او واقف. فالقيام ليس بعض المقولة بل تمام المقولة يعني لابد ان تنتسب بعض الأجزاء مع بعضها البعض ومع الخارج. الجلوس والسجود أيضا هكذا. حتى لو قلنا ان الهوي الى السجود ليس من السجود لكن نفس السجود هيئة لكن الهيئة المعكوس لا يقال انه سجود بل الهيئة مع نسبتها الى الأرض. هذه الأربعة أفعال من تمام مقولة الوضع وليس من بعض مقولة الوضع.
اذا هذا تصرف في دار الغير لانه ملاحظ النسبة مع الغير.
الجواب: ليس كل تصرف تكويني في مال الغير هو تصرف فيه. هذه نسبة الى الأرض لكنه ليس تصرفا عرفيا. فلو بني على ان القيام او الركوع او السجود او الجلوس هو نسبة أعضاء البدن مع بعضها البعض مع نسبة المجموع الى الأرض فليس تصرفا في الأرض بهذا المقدار ولو كان التصرف تكوينيا لكنه عرفا ليس تصرفا تكوينيا.
اذا الركوع والقيام والجلوس ليس تصرفا تكوينيا في الأرض او ليس تصرفا عرفيا فيها.
في السجود خلاف من ان السجود من مقوماته تماس الجبهة مع الأرض. تماس الجبهة مع الارض لا يبعد انه تصرف ولو بدون الاعتماد. نفس التماس تصرف بغض النظر عن الاعتماد الا ان يقال ان تماسه مع التربة فهو من جهة الاعتماد على الأرض تصرف. فإما من جهة التماس او من جهة الاعتماد تصرف. السيد الخوئي وجماعة قالوا ان الاعتماد مقوم للسجود فيكون اجتماع الامر والنهي فيكون الصلاة امتناعية من هذه الجهة.
الميرزا النائيني وجماعة عندهم ان الهوي الى الركوع والسجود منهما والكثير قالوا انه لا دليل على ذلك. فالمصدر والحدث الى ان يعول هيئة جسمه الى السجود او الى الركوع فهذا الحدث القبلي او المتوسط بين القيام وهذه الهيئة ليس من الركوع ولا من السجود. هذه الهيئة هي الركوع والسجود فقط. بينما الميرزا قال ان الهوي أيضا من الركوع والسجود.
الركوع انحناء والسجود انحناء. هل الانحناء اسم مصدر او هو مصدر واسم مصدر؟ الهوي انحناء. دعوى الميرزا النائيني قريبة ان لم نقل كل الانحناء بالتالي الركوع انحناء وليس فقط اسم المصدر. اسم المصدر نتيجة ومن مقولة الوضع والانحناء كحدث مقولة الفعل وهي التأثير التدريجي للوجود. فالهوي من مقولة الفعل والهيئة الأخيرة من مقولة الوضع وليس بعيدا كلام الميرزا النائيني يؤيدها عدة شواهد
الشاهد الأول: ان الركوع يشترط في صحته ان يكون عن قيام وقد يفهم ان الركوع عن القيام يعني ان هذه حالة عن انحناء وخضوع تبدأ من القيام الى الهيئة الخاصة. الكل عندهم ان القيام قبل الركوع ركن في الصلاة. الشيخ الطوسي زيادة على ذلك عنده القيام بعد الركوع ركن أيضا وهذا هو الصحيح لان الفريضة للإنسان الصحيح السوي ان يصلي قائما. ففي الأركان يجب ان يكون هذه الأركان كتكبيرة الاحرام والركوع والسجود لابد ان يكون في ظرف الصلاة من القيام. القيام في الصلاة في السورة او في الحمد ليس بحمد لان السورة والحمد ليس بركن فالقيام الذي هو ظرف لها ليس بركن لكن القيام الذي فيه تكبيرة الاحرام ركن ولو كبر سهوا وهو جالس لاتنعقد الصلاة. لان المفترض على المصلي ان يأتي بالصلاة قائما وكذلك الركوع يجب ان يكون الركوع من القيام كذلك السجود عن القيام. اذا كان القيام قبل الركوع والسجود ركن فواضح ان السجود يبدأ من القيام والهوي الى الهيئة وهذه كلها خضوع. حتى الارتكاز المتشرعي معاضد لدعوى النائيني.
مثلا في النوافق لدينا اذا اردت ان تكتب لك ثواب النافلة من القيام التي ثوابها كاملة مع انك مخير بين ان تصلي من القيام او تصلي من الجلوس لكنها ثوابها نصف. سيما النوافل قديما يأتون بها المتشرعة بسور طوال كسورة البقرة ففي الروايات اذا عجز الانسان او كسل يستطيع ان يكبر وهو قائم ويجلس يقرأ السورة وقبل ان ينتهي منها يقوم ويركع عن القيام فتحسب له صلاة من القيام. هذه إشارة عن تفاوت الأركان في الصلاة.
من يقدر ان يكبر واقفا لابد له ان يكبر واقفا بعد ذلك يجلس للضعف في الصلوات الواجبة يعني يقف بقدر ما يتمكن. القيام ركن ومتمكن منه لا اقل في اول الصلاة الفريضة فيأتي به وهو قائم. واذا استطاع ان يقوم قبل الركوع فليقم. فيكون ركوعه عن القيام. بل لو دار الامر بين الركوع جالسا ايماء وبين الركوع قائما ايماء يقوم ويركع ايماء. هذه كلها مع التمكن. حتى السجود واذا تستطيع ان يقف ثم يجلس ويسجد لابد ان يقوم ثم يجلس. المهم لا اقل تكبير الاحرام يأتي بها عن الوقوف. لان هذا القيام الذي هو ركن بل اكثر من الركن وهو هوية الصلات يرفع اليد عنه بقدر الضرورة.
ولو دار الامر بين ان يكبر قائما ويجلس على الكرسي وبين ان يجلس على الارض من ابتداء الصلاة مع السجود التام فالجلوس مع الكرسي مع مراعاة القيام أولى من السجود من الجلوس لانه لابد ان يكون الجلوس في صلاة من القيام. السجود في الصلاة من القيام تام ولو ايماء ومقدم على السجود التام في الصلاة جالسا. القيام اكثر قواما. ولذا متفق عندهم هل يجوز له ان يقوم في كل صلاته ولا يقدر ان يجلس لكن يومي للركوع والسجود؟ هذا أولى من الصلاة جالسا مع السجود و الركوع التام. الصلاة مع القيام مع الايماء مقدمة على الصلاة جالسا مع الركوع والسجود التام.
هذه الأمور مشهورة عند المشهور.
هذه الشواهد لدعوى الميرزا النائيني ان الانحناء في الركوع والسجود يبدأ من القيام وهذا شاهد قوي له. هذا البحث له تتمة وتطويل ولا بأس ان نبقى فيه لانه محل الابتلاء. نفس معرفة ماهية السجود والركوع.
شاهد مزاد: لو ارتفع الرأس من السجود بدون اختياره بدون ان يقيم صلبه ورجع الى السجود ففي النص والفتوى هذه تعتبر سجدة ثانية. هل هذا شاهد على الميرزا النائيني او له؟