46/04/16
الموضوع: النواهي/اجتماع الامر والنهي / ضابطة العناوين تكوينية واعتبارية
وصل بنا المقام الى البحث التطبيقي في مسألة اجتماع الامر والنهي واحد الاخوة اثار سؤالا وسبق ان اجبناه وهو أنه لم لا يكون النظر العرفي محكما هنا؟
اجمالا صفوة الكلام عند الاعلام مبحث الصلاة والغصب مع تنقيحات المتأخرين بجهود المرحوم الاصفهاني تنقح ان عنوان الغصب ليس عنوانا حقيقيا لمقولة ماهوية واحدة بل هو تصرفات جامع لمقولات.
هنا نقطة لا بأس بها ان وحدة اللفظ او وحدة المعنى الذهني لا تدل بحال من الأحوال على وحدة ماهية المعنى. هذه من الأمور التي نقحها المرحوم الاصفهاني. مثلا غصب الأرض او غصب الماء يتخيل ربما لدى الناظر انه عنوان واحد وماهية واحدة لكنه ليس بصحيح. ليس ماهية تكوينية واحدة بل الماهيات التكوينية المتعددة والمتباينة وجودا قد يخترع لها العرف او الذهن عنوانا واحدا يعبر عنها وحدة عنوانية. يعني في اللفظ والمعنى الذهني الاولي كانها شيء واحد لكن عندما تغوص في المعنى تجده انه وحدة عنوانية أي وحدة ذهنية لمعاني ذهنية متباينة ماهية. فالجامع بين هذه الماهيات المتباينة يعبر عنه وحدة عنوانية وفي العنوان. ليس المقصود الوحدة في العنوان و اللفظ بل الوحدة حتى في المعنى. هذا شيء يؤكد عليه المرحوم الاصفهاني في موارد عديدة.
نذكر نظيرا يقرب للذهن. مثلا الوجود هل هو ماهية الكيف او ماهية الكم او أين او متى والجوهر. هو وجود لماهيات عديدة وان كان الوجود ليس عنوانا اعتبارية على القول باصالة الوجود. اذا الوجود بين هذه الماهيات بمعنى تكون وحدة عنوانية. الوجود هو الواقعي على القول باصالة الوجود وهو عنواني أيضا. لكن على القول بعدم اصالة الوجود وعدم اصالة الماهية وانما الأصيل شيء آخر وهو الحقيقة بحث آخر نظرية ثالثة وهي صحيحة.
فاذا لدينا ماهيات متباينة يجمعها وحدة عنوانية والمقصود من العنوان كما مر بنا امس ليس اللفظ فقط بل المعنى الذهني أيضا يسمى عنوانا لانه عنوان حاك عن الخارج. أصلا مقصودهم من العنوان هذا وليس اللفظ. وهذا تحقيق المرحوم الاصفهاني شيء مهم. اذا ليس ان الغصب ماهية واحدة تكوينية. حتى لو كان ماهية اعتبارية هي ماهيات اعتبارية متعددة.
كذلك تحقيق المرحوم الاصفهاني بالنسبة الى الصلاة. ان الصلاة بالدقة ليست من مقولة ماهية واحدة بل مقولات متعددة. مقولة اين وفعل وكيف نفساني وكذا يجمعها الصلاة كالعنوان. هذا ذكره المرحوم الاصفهاني في باب الصحيح والاعم في نهاية الدراية مفصلا الا ان الغصب ليس كالصلاة. الصلاة عنوان مجموعي لمقولات ماهوية متعددة اما الغصب وحدة عنوان لماهيات يصدق عليها بنحو الانفصال. مثلا التصرف في الدار بشكل والتصرف في الماء بشكل آخر والتصرفات المستقلة عن بعضها البعض. فوتيرة عنوان الغصب تختلف عن وتيرة عنوان الصلاة مع ان كليهما عنوانان اعتباريان وليسا أولا بالذات عنوانان تكوينيان. هذه من تحقيقات المرحوم الاصفهاني في أبواب عديدة من الأصول والفقه والعلوم الدينية الأخرى نفيسة. وهذا يدحض السذاجات الموجودة في الاستنباط ان يقال لماذا صناعة التحليل والتركيب في المعاني وتكون هلوسة وغير عرفية وكانما يريدون ان يسطحوا المنهج الاستنباطي الى منهج المحدثين وسطح المعنى. لابد من صناعة التحليل والتركيب والدين قائم على التأويل والموازين والتأويل والصناعات والا صرف الاستظهار الإجمالي.
يقولون ان التشهد في الصلاة كلام آدمي. هذه استظهارات اجمالي يحتاج الى التحليل. نعم صناعة التحليل والتركيب يحتاج الى الشواهد والموازين لكن الاستظهار الإجمالي اكثر ادعائيا من التحليل والتركيب لانه بلاشاهد.
فاذا هذا التحقيق من لمرحوم الاصفهاني انك أيها الباحث ما ان تستلم عنوانا التفت ان هذا العنوان عنواني او تكويني؟ هل من مقولة واحدة تكوينية او مقولات متعددة؟ من ثم المرحوم الاصفهاني اختار ضابطة وتبعه في ذلك تلميذه السيد الخوئي انه لا يمكن إعطاء ضابطة في باب تطبيق اجتماع الامر والنهي انه امتناع مطلق او جواز مطلقا بل فيه تفصيل وهذا التفصيل لا ينضبط بضابطة كلية واحدة لانه في الحقيقة لها ضوابط عقلية تكوينية في كل مورد بحسبه. فهذا الذي ذكره المرحوم الاصفهاني متين ودقيق.
فاذا هذه المحاسبة من المرحوم الاخند او النائيني ان الغصب مقولة واحدة ليس هكذا بل الغصب مقولات تختلف في الموارد.
البعض قالوا ان الصلاة من مقولة الفعل. هنا لابد ان نلتفت اليها ان الفعل في البحث العقلي يختلف عن مقولة الفعل لدى العرف. لدى العرف إيجاد أي عرض يسمونها العرف لكنه ليس مصطلحا دقيا عند اهل المعقول. مصطلح تختلف عن المقولات الأخرى كالكم والكيف والاين وغيرها. مقولة الفعل عندهم هذا التحديد له هو التأثير التدريجي اما نتيجة التأثير التدريجي بالدقة لا يسمونه الفعل وان قيل في العرف انه فعل.
الفعل في العرف مطلق الايجاد بينما الفعل بالدقة العقلية هو التأثير التدريجي مثل تسخين المسخن. فالتسخين فعل اما غليان الماء ليس فعلا بالمصطلح العقلي وان كان فعلا بالمصطلح العرفي. الغليان نتيجة. كما في الركوع انه الهوي الى الركوع اما نفس الركوع كهيئة منحني القامة عند وضع اليدين على الركبتين ليس من مقولة الفعل بل من مقولة الكم مثلا من الهيئات. ربما بعض يعبترونها من مقولة الاين لكن الصحيح انه من الكيف. كذلك الهوي الى السجود فعل اما هيئة الساجد مقولة الكيف. هلم جرا. هذا هو الفرق بين الفعل بالدقة العقلية والفعل العرفي. كما ان النية تعتبر من مقولة الكيف النفساني اما القرائة اذا اعتبرنا نفس التدرج فيها فتكون من مقولة الفعل واما اذا لاحظنا النتيجة فيها ستكون من مقولة أخرى.
هذه نكتة مهمة انه قد يتسبب عرض لايجاد عرض آخر. لكن المسبب ليس من مقولة السبب العرضي. السبب قد تكون من مقولة والمسبب من مقولة أخرى.
طبعا هذا على كل اجمال في مقولة الفعل. الحركة ليست كما مر ماهية من الماهيات بل هي وجود من نمط معين يمكن ان يفرض في مقولات ماهوية متباينة. هنا إصرار المرحوم مالاصفهاني على تباين الماهيات لماذا؟ لان كل ماهية وجودها قطعا يباين وجود ماهية تكوينة أخرى وان كان في النظر العرفي كانما هو وجود واحد لكن بالمجهر العقلي يلاحظ انها وجودات وبالتالي تعدد الوجود وليس اجتماع الوجود. بل اجتماع صوري حسي لكن المدار على الرؤية العقلية وليس على الرؤية الحسية فضلا عن العرف. ولكن برؤية العقل يرى تعدد الوجود. الرؤية العقلية عين مسلحة بينما الحس ليس مسلحا ولا يؤول على الحس العادي. مثل لو رأينا شبحا من البعيد ونقول انها شبح وليس له فصل نوعي. هذا خلاف الواقع. مجرد عجزنا عن ادراك الفصل النوعي لهذا الجسم المتحرك من البعيد لا يمكن ان يقال ان هذا جنس هيولايي يعني جنس موجود بمادة من دون فصول نوعية كاصطلاح لاتيني. لازم ان تتفصل بفصل معين اما جامد او حيوان او انسان. فكون العين عاجز عن رؤية الفصل النوعي لا يعني ان العقل يصدق الحس ويقول هذا ليس له فصل نوعي لذلك يحكم رؤية العقل. لذلك وجودان مقترنان يحسب الحس العاجز انه وجود واحد فما الموجب للبناء على الامتناع والتعارض فالنتيجة هي الجواز.
هنا القائلون بسطحية الاستنباط ماذا يصنعون بباب اجتماع الامر والنهي؟ يكفرون بها مع انهم يدعون انهم اصوليون. هذه التدقيقات العقلية هلوسة من الاعلام؟ الاستنباط هو هذا.
اذا النظرة الأصولية هكذا انه يحكم الرؤية العقلية ولا تحكم الرؤية الحسية العاجزة. رحمة الله عليه العلامة الطباطبايي مع انه فحل ومع ان رؤية العلامة في تفسير الميزان في سورة البقرة الاية 210 عنده قناعة على ان هذه الاحاديث اعجازها وصحتها من جهة المتن والعلم البشري والعقل البشري يقدر ان يثبت اعجاز كل هذه الروايات. راجعوا الميزان في من يجحد الروايات وينكر الروايات وحجية الروايات او يطعن في تراث الحديث. مع انه مبناه هكذا لكن في رواية ان الأرض على قرن من جبل قاف في تعليقته على البحار قال هذه الرواية وان رواها الفريقان عن النبي لكنها قطعا موضوعة لانا بالحس لا نرى جبلا ولا قاف. بعد وفاة العلامة بسبع سنين رصدت التلسكوبات ان الأرض يمسكها مجال مغناطيسي وطاقة والطاقة في المصطلح الفيزيايي الحديث استجد عند علماء الفيزياء انه مادة. شاهدوا ان المجال المغناطيسي شكله كالجبل وشكل القاف ولونه اخضر. معجزة سيد الأنبياء وهو يرى بالوحي ويرى ما لا نرى. بينما اذا نعول على الحس المعتاد نكذب هذه الروايات.
المقصود ان الفرق بين الرؤية العقلية مع الرؤية الحسية العادية ان العقل يرى ما لا يرى الحس. قيل الان ثمان مأة نوعا من الموارد يخطأ فيها العقل الحس العادي. مثلا طرفي الشارع تراهم بالحس العادي ملتقيان والعقل يقول لا يلتقيان والحس يخدعك.
لذلك عندنا في الروايات كذب سمعك وبصرك عن اخيك. لان العين والسمع لا يرى كل شيء. لا تعمل بالحس الظاهر لانه لا يحيط بكل شيء. اجمالا المحكم في تحديد الماهيات الرؤية العقلية والميزان العقلي.
شرح التجريد بتعبير الأستاذ ميرزا هاشم الاملي وهو كان عالما فقيها مجتهدا ذو فنون يعتبر شرح التجريد ملخص الاسفار.
فلازم ان يحلل كل جزء من الصلاة انه من مقولة ماهوية تخالف الجزء الاخر. والغصب كذلك انه من مقولات متعددة ونأتي لتطبيق الصلاة في الدار الغصب انه أي جزء من الصلاة يتحد مع الغصب وفيه اختلاف فقهي وفيه اختلاف عقلي.
مثلا المرحوم النائيني يصر على ان الهوي الى الركوع من الركوع وكذلك الهوي الى السجود من السجود بينما الكثيرون يعتبرون ان السجود هيئة. السجود اسم مصدر والنائيني يقول انه مصدر واسم مصدر.
ان شاء الله نعالج هذه الزوايا وسننتقل الى خمسة مسألة أخرى في باب اجتماع الامر والنهي.