الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/04/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كلام الآخوند في مقدمات القول بالامتناع

 

بالنسبة الى بحث الموضوع طبعا مر ان هناك من اناط تنقيح الموضوع والمتعلق باصالة الوجود واصالة الماهية ومر ان هذه الاناطة في غير محلها. يقولون انه بناء على اصالة الوجود لا محالة يتحد متعلق الامر ومع متعلق النهي بتوهم ان الوجود واحد شخصي واما بناء على الماهية فيسار الى التعدد وجواز اجتماع الامر والنهي لان الماهية طبيعتها متكثرة. هذا التوهم مر عدم صحته لان الوجود أيضا متكثر فيكون متعددا ومن جانب آخر قد تكون الماهية ليست متأصلة خارجية تكوينية ومر ان الماهيات المعروفة المقابلة للوجود المراد بها الماهيات المتأصلة في الوجود و الماهيات الخارجية وفي قبالها الماهيات الاعتبارية او اذا كانت ماهيتان افتراضيتان واعتباريتان بالتالي يمكن ان يكون منشأ الخارجي لهما واحد. فاذا لا يناط بالبحث باصالة الوجود واصالة الماهية. قديما بني على هذا لكنه ليس صحيحا.

كما لا يناط البحث بانه هل تعلق الاحكام بالطبيعة او يتعلق بالافراد؟ اذا تعلق الحكم بالطبيعة فالطبائع مختلفة ففي النتيجة تكون جواز الاجتماع واذا تعلق الاحكم بالافراد فيسار الى الامتناع.

سابقا مر بنا ان فردية الفرد للطبيعة ليست بالعوارض. قديما كانوا يظنون هكذا لكن الان نقح في بحث المعقول ان فردية الفرد ليس بالعوارض بل العوارض وجودات أخرى تعرض على المعروض سواء المعروض الجوهر او العرض. لانه في متعلقات الاحكام التكليفية الطبيعة عرضية كشرب الخمر لكن ربما يكون معروضا لاعراضا. ففردية الافراد للطبيعة ليست بالاعراض العارضة بل انما حصص وجودية لنفس الطبيعة هي افراد الطبيعة. بعبارة أخرى ان هذه الطبيعة لها حصص وهذه الحصص هي افراد للطبيعة الكلية. اذا البحث لا يناط بتعلق الحكم بالطبيعة او الافراد لان الافراد أيضا هي نفس حصص الطبيعة سواء قيل بالطبيعة الكلية السارية او قيل بالحصص سواء.

 

الان مع الخصائص التي ذكرها المرحوم الاخوند ثم الخصائص التي ذكرها الشيخ الانصاري ثم الخصائص التي ذكرها المرحوم الكمباني كل على حدة من الاعلام.

من الخصائص التي ذكرها المرحوم الاخوند في هذا المبحث هي ان تعدد العناوين ليس من الضروري ان يكون ما تنبطق عليه هذه العناوين متعددا. ليس من الضروري ان يكون تعدد العناوين او المفاهيم يستلزم تعدد المصداق الذي تنطبق عليه العناوين ويمثل صاحب الكفاية بالباري تعالى.

طبعا تعبير الاعلام بالانطباق في الباري تعالى فيه مسامحة وحتى التعبير بالمصداق أيضا فيه مسامحة لانه لا يناسب الجلال الإلهي. التعبير السليم ان يقال ان العناوين حاكية عن المحكي بالنسبة الى الباري تعالى. فهذه العناوين المتعددة للصفات والاسماء الإلهية لا تكشف ولا تحكي عن الكثرة الواقعية بل الذات الازلية الإلهية بسيطة وليست فيها كثرة ولا تركيب لان التركيب مقتضاه الافتقار والامكان والباري تعالى يتعالى عن التركيب والامكان والفقر والنقص. فهنا البساطة بهذا المعنى أي ليس فيه النقص والافتقار فهو واحد وأحد من كل جهة.

طبعا الان كيف هذه العناوين والاسماء معاني متعددة ومفاهيم متعددة تحكي عن ذات بسيطة واحدة؟ هذا لغز ازلي لا الفلاسفة ونظرياتهم الى الان استطاعوا ان يحلوا لها حلا ولا المتكلمين ولا غيرهم الا البيانات العقلية الموجودة في القرآن وبيانات اهل البيت سلام الله عليهم. ان الكثرة في الأسماء والمعاني من اين أتت؟ مع كون الذات الإلهية واحدة.

هذا البحث لا صلة لها بالبحث. صلته انه يمكن ان يكون مفاهيم عديدة في اعظم الواقعيات وهو الباري تعالى وهذا صحيح ومعقول فكيف بالمخلوقات. اذا كثرة المفاهيم والعناوين لا تلازم لها مع كثرة المصداق في المخلوقات التي تنتطبق عليه هذه المفاهيم ولو هذا لغز عقلي حله ليس بسهل. اذا الكثرة من اين أتت في المفاهيم والمعاني؟

المهم حتى بني المشاء اختلاف وبين الاشراق والمشاء والحكمة المتعالية اختلاف. فيه تعقيد لكنه عندنا برهان اجمالي بان التركب والتكثر في الذات الإلهية منشأ للامكان والنقص.

أصلا معنى الكثرة ان هذا الكمال لا يحتوي ذلك الكمال والا لا يكون كثرة. الكثرة هي هذه كما يبين اهل البيت ببيان عقلي. وهما ينقصهما ثالث . الكثرة هي هذه وفي بيان اهل البيت عليهم السلام ان الباري حقيقة اكمل من كمالات الأسماء فليس فيه كثرة. لان الكثرة عبارة عن حدود ونقائص بينما هو الباري تعالى ليس فيه نقص ولا يفقد كمالا. فاذا هناك كمال اكمل من العلم وكمال اكمل من الحياة وكمال اكمل من القدرة وكمال اكمل من الازلية وكمال اكمل من الأولية. هذه الكمالات مملوكة له تعالى «لله الأسماء الحسنى» لانه اكمل منها. هذه الكمالات حاكية لكماله لكن كماله اكمل منها لانها هي تشهد على بعضها البعض لانها ليست اكمل الكمال.

اذا الباري تعالى كمال اكمل من الأسماء واكمل من الصفات. «اول الدين معرفته ... وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه» كيف يمكن تارة نثبت وتارة ننفي؟ المقصود ان ننفي انها عينها تحققا وان كانت العينية مع الباري حكاية. هذا بحث طويل لا نريد ان ندخل فيه. الصفات الذاتية حكاية او الصفات الذاتية تحققا وهذه من معاجز اهل البيت والصوفية والعرفاء اخذوها من اهل البيت وهذه البيانات موجودة في بيانات اهل البيت قبل الصوفية والعرفاء.

اذا كمال الباري اكمل من الصفات الذاتية لانها كثرة والكثرة تعني النقص ولو خفيا. الأسماء أيضا كثرتها هكذا فلذلك هو اكمل من الصفات. لا انه فاقد بل غير محدد بحدود الصفات. «من وصفه فقد حدده» لا انه فاقد لكمالات الصفات بل هو واجد لكمال فوق كمال الصفات.

فاذا هناك يمكن تصوير الصفات والكمالات و الكثرة في معاني لكنها ليست ناشئة من الكثرة بل انما هذا الكمال واكمل الكمال ينبوع الكمالات. فالتعبير في الباري خطأ ان نعبر بالمصداق و التطبيق بل نقول ان الأسماء والصفات حاكية. هذه الأسماء لا تحيط بالذات الإلهية لان الذات الإلهية اعظم من الأسماء والصفات. الله المسمى اعظم من الله الاسم. «قل ادعوا الله {الاسم} او ادعوا الرحمن {الاسم} أيا ما تدعوا فله {المسمى} الأسماء الحسنى»

هنا أراد ان يستفيد انه ليس من الضروري ان يكون تعدد المعاني تلازم كثرة خارجية. هذا هو اصل المطلب عند صاحب الكفاية ولا بأس به. هذه نكتة جيدة

 

نكتة أخرى من صاحب الكفاية لانه يقول بالامتناع مطلقا كما مر. يقول تعلق الاحكام بالعناوين او المفاهيم الذهنية ليس متعلقا مطلوبا حقيقيا بالاحكام بل المطلوب الحقيقي والمتعلق الحقيقي للاحكام هو الفعل الخارجي وليس المفاهيم الذهنية.

طبعا هذه حظورة في الأصول بتعبير المحقق العراقي حسب ما ينقل عنه تلميذه استاذنا الميرزا هاشم الاملي ان هذه حظورة لا يمكن لأحد ان يحلها الا المعصوم صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف. مثل الشبهة الفلسفية في الأسماء.

كيف؟ باعتبار الوجود الخارجي هو موطن سقوط الحكم اما امتثالا او عصيانا والوجود الذهني فالمصلحة والمفسدة ليست قائمة به فكيف يدعي علماء الأصول ان المطلوب بالحكم الأصلي هو الخارج. فاذا جعلوا المطلوب الأصلي في الذهن فليس هو مناطا وفيه الملاكات. بل الذهن ليس الا عنوان حكايي عما هو مطلوب اصلي. هذا البحث في الكلام والفلسفة أيضا مذكور ان الإرادة والشوق تتعلق بالذهن او بالخارج؟ المفروض ان الشوق يتعلق بالخارج. كيف هو متعلق المعاني الذهني بما لها الحكاية؟ هذا البحث شبيه بحث الأسماء الإلهية والمسمى. المهم اجمالا ان علماء الأصول يحلون هذا الغموض انها يتعلق بالخارج من حيث الايجاد يعني تحريك المكلف نحو الايجاد لا الوجود.

فاذا هذه نكتة ذكرها صاحب الكفاية ان الاحكام لا تتعلق بالمفاهيم الذهنية ولا بالعناوين ولا بالالفاظ بل تتعلق بالخارج. هذا أيضا مبحث في الأسماء الإلهية انها ليست الصوت ولا حتى المعاني في الذهن والا هذا الصوت وهذه المعاني في الذهن حاكية عن الوجود التكويني المهول والملكوتي للاسماء فتلك هي الأسماء. فهذا اسم الاسم وصوت الاسم. كما هو الحال في القرآن ان القرآن الكريم اصواته او معانيه حاكية عن الروح الامري والوجود الخارجي الملكوتي للقرآن «كذلك اوحينا اليك روحا من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب»

لماذا يذكر هذا المطلب صاحب الكفاية؟ يريد ان يوصل الى مدعاه ا ن تعدد المعاني وتعدد العناوين ليست المتعلق الأصلي للاحكام الشرعية بل المتعلق الأصلي هو الوجود الخارجي.

سابقا مر بنا ان تعدد العناوين لا يستلزم التعدد الخارجي. بالتالي ادعى ان المتعلق الأصلي هو الوجود الخارجي وما دام هناك مجمع واحد فحينئذ سيسار الى الامتناع غاية الامر الامتناع عند المشهور لا يوجب التعارض كما مر وكذلك عند صاحب الكفاية. هذه من النقاط التي ذكرها صاحب الكفاية.

 

أيضا من النقاط التي ذكرها صاحب الكفاية في المقام رد على صاحب الفصول واصالة الوجود واصالة الماهية وتنقيح المقام بهما وسبق ان بيناه.

أيضا من النقاط التي ذكرناها سابقا ان المقام لا يناط بتعلق الحكم بالطبيعة او الافراد.

وأيضا من النقاط التي ذكرها صاحب الكفاية قضية الحكم الاقتضائي والحكم الفعلي وما شابه ذلك وبيناها سابقا من انه لايستلزم التعارض.

بينا انه فرق جوهري موضوعي بين باب التعارض وباب اجتماع الامر والنهي على الامتناع ان باب التعارض يعني انه ليس يتواجد الملاكان بخلاف باب الاجتماع انه لابد من تواجد الملاكين.

اجمالا هذه هي الخصائص الاصلية في كلام صاحب الكفاية والمؤاخذة التي سجلت من قبل الكمباني والنائيني على صاحب الكفاية فيما ذهب اليه مع انا قبلنا كل النقاط التي ذكرها صاحب الكفاية. لكن لا تثبت المطلوب لانه ليس من الضروري ان تكون العناوين حاكية عن وجود واحد. الوجود الواحد يعني وحدة التركيب الانضمامي او وحدة التركيب الاتحادي. الوحدة التي يدعيها الاخوند هي الوحدة في التركيب انضماما او التركيب اتحادا بل حتى في موارد بينها ما بعد صاحب الكفاية مثل الكمباني ان بعض الموارد وحدة التركيب أيضا ما موجودة.

نوضح هذا المطلب: العرض والمعروض بينهما ارتباط وجودي. هذا الارتباط الوجودي يعني الاتحاد. الأبيض والبياض بينهما وحدة او الاتحاد لكن هذه الوحدة يعبر عنها تركيب انضمامي يعني كانما بمثابة التقارن وان كان فيه تلاحم والا لما قيل عنه التركيب. تلاحم وجودي. فيقال له الوحدة والاتحاد لكن يقال عنه التركيب الانضمامي. في التركيب الانضمامي العرض مفتقر الى المعروض بخلاف العكس. ان احد الطرفين مفتقر للاخر والأخر غير مفتقر للأول.

اماالتركيب الاتحادي كما بين الصورة والمادة او الجنس والفصل كل من الطرفين محتاج للآخر يعني ان المادة تحتاج الى الصورة وفي زاوية الصورة غنية وجوديا والصورة أيضا تحتاج الى المادة وفي زاوية غنية عنها. هذه حتى في بيانات الوحي في روايات كيفية الخلقة موجودة. صوره وقدره. «هو الله الخالق البارئ» اصل الخلقة يختلف عن البارئ وهو يختلف عن المصور وهذه مقامات ثلاثة في كيفية خلق المخلوق بل هي سبعة. المهم ان البيانات لعقلية الموجودة في الروايات يمكن جعل هذه البحوث الفلسفية شرحا لها.

فاذا التركيب الاتحادي الصورة مثل صورة زيد او روح زيد في نطفة هذا العبد او نطفة ذلك العبد والنطفة مادة. الله عزوجل صورة زيد يتعلق لمن؟ لاجل التحديدات المادية والمكانية والاعراض فالصورة تحتاج الى المادة. تقدير كلي وقضاء كلي الى ان برء وصور. لكن المادة كالبيضة او الطين او أي شيء تحتاج الى الصورة. اذا لم يأت الروح او الشكل فالمادة تحتاج الى آلصورة في صيرورتها النوع و الشخص الكامل. فكل من الصورة والمادة يحتاج الى الاخر وفي زاوية أخرى غنية عنها. هذا التركيب بين الصورة والمادةيقال له التلاحم الوجودي ويقال له التركيب الاتحادي.

حينئذ قال الاعلام ان احد الضوابط التي نقحت أخيرا انه اذا كان تركيبا اتحاديا فوجود واحد واذا كان تركيبا انضماميا فتركيب متعدد. لان وجود العرض غير وجود المعروض ولو كان المعروض عرضا. اذا وجودان حقيقيان. مجمع واحد لكنهما وجودان وايجادان وموجودان. هو في التركيب الاتحادي أيضا وجودان لكنهما وجودان تشابكا في هوية واحدة. اذا ضابطة التفصيل عند ما بعد صاحب الكفاية هكذا ان التركيب الاتحادي وجود واحد حقيقي والتركيب الانضمامي وجودان وليس وجودا واحدا.

نتمم غدا ان شاء الله