46/03/12
الموضوع: النواهي/ اجتماع الامر والنهي/ المحكمات والمشتبهات بين ارتكاز المشهور واقوالهم وحقيقة التعارض
ان الكلام في هذه النقطة التي هي ظاهر عنوان الاعلام كما يقوله النائيني وهو انه هل يجوز اجتماع الامر والنهي ام لا يجوز؟ العنوان كما ذكره النائيني مقتضاه البحث في الكبرى وليس البحث في الصغرى. يعني الاجتماع بعد الفراغ عن تحققه بين متعلق الامر ومتعلق النهي هل هو جائز ام لا؟ والميرزا يقول ان هذا التعبير مسامحي. مركز البحث ليس بعد الفراغ عن الاجتماع فيبحث عن جوازه ام عدم جوازه كما هو ظاهر العنوان لكنه ليس المراد الجدي من الاعلام. انما المراد الجدي منهم انه هل يقع الاجتماع او لا؟
حسب مدعى الميرزا النائيني يجب على الباحث ان لا يغتر بالعبائر التي يطلقها المشهور بل يجب ان يؤول على الارتكاز لدى المشهور اكثر مما يؤول على اقوال المشهور او ظاهر العنوان المشهور فظاهر العنوان قد يوهم الباحث بانه موقع البحث او مسلمات البحث او مركز البحث والحال ان مسلمات البحث شيء آخر. اذا هذه النكتة جدا مهمة ان عبائر المشهور لها دراسة هل مرادهم نفس العبارة حرفيا او ان مقصودهم شيء وراءه. عند السيد الخوئي والميرزا النائيني جزما ان العنوان مسامحي ليس البحث في جواز الاجتماع او امتناع الاجتماع. بغض النظر عن ان نوافقه او لا نوافقه لكن هذا المطلب موجود في عبارات العلماء فضلا عن عالم واحد. يعطف المتشابه على المحكم عند احد الاعلام او مشهور الاعلام. الارتكاز محكم لانه كبريات كلية بينما تفاصيل الاقوال انشعابية وتطبيقية ويمكن ان تؤول. هذه النكتة منهجية في التعرف والوقوف على مشرب مشهور علماء الامامية في القرون. فالجمود الحرفي خطير على تفاصيل اقوال العلماء ولا يمكن ان تنساق بدون الالتفات الى الضروريات الموجودة في المذهب. تلك اهم من تفاصيل الاستنتاجات. فليس الكلام في القرآن الكريم او كلمات الأئمة اهل البيت بل هذه منظومة حتى في الفيزياء او الكيمياء وهلم جرا. المفروض ان تؤول على اكثر احكاما من اقل احكاما لا ان نجمد على التفاصيل من دون ارجاعها الى أصولها المنطلقة منها. هذه الموارد مناهج ويجب ان يلتفت اليها الانسان.
الشهيد الثاني رحمة الله عليه اعظم به وبانجازاته استفاد من كلمات المتقدمين في مسألة من المسائل الفقهية ان عدم جزئية الشهادة الثالثة في الاذان ضرورة فقهية. هذه غفلة كبيرة لان العلامة الحلي يستفيد من كلام الطوسي في المبسوط ويستظهر منه ان العامل بالروايات التي أشار اليها الصدوق في الفقيه وهي ثلاث طوائف وليست ثلاث روايات منها «اشهد ان امير المؤمنين ولي الله» و «اشهد ان عليا اميرالمؤمنين حقا» «اشهد ان محمدا وآله خير البرية» الصدوق يشير الى انها طوائف وليست روايات وهذه نكتة. اذا نتساهل في علم الحديث كثير من المستندات التي نبحثها في الاستنتاج الفقهي يصير سرابا بقيعة. يجب ان نتثبت المواد الفقهية بالدقة. علم الحديث يعني تتأنى وتتعد في كيفية مراجعة المصدر.
المجلسي الأول رحمة الله عليه يقول: انا اتعجب من كثير من عمالقة مذهبنا يقولون انه لم تصل الينا متون هذه الروايات. يقول: هل ما راجعوا الى ما لا يحضره الفقيه. يقول ظاهر كلام الصدوق ان الرواية الأولى طائفة والثانية أيضا طائفة وهو أيضا غفل عن ان ظاهر كلام الصدوق هو ان الرواية الثالثة أيضا طائفة وليست رواية. طائفة شيء غير الرواية. فالعلامة الحلي قبل الشهيد الثاني في المتنهى ظاهرا يقول ظاهر كلام الشيخ في المبسوط ان من عمل بهذه الروايات لم يأثم هو الوجوب. لان مفاد الروايات وجوب وليس مفادها المشروعية والاستحباب. اذا الشيخ الطوسي رحمة الله عليه يقول القائل بالوجوب ليس خلاف الضرورة فضلا عن الجزئية المستحبة التي تقول انها خلاف الضرورة. بينما الشهيد الثاني غفل هنا. اعظم بالشهيد الثاني لكن العصمة الى أهلها. والنراقي أيضا يستظهر من كلام الشيخ الطوسي ان المفتي بالجزئية الواجبة للشهادة الثالثة في الاذان والإقامة لم يبتعد عن موازين الاجتهاد. والكثير يتوهمون ان عدم الجزئية المستحبة ضرورة فقهية. هذا اين وكلام الشيخ الطوسي اين.
أيضا العلامة الحلي قال ان من عمل بمفاد هذه الروايات لم يخرج من موازين الاجتهاد وكذلك الشهيد الأول قال هكذا. تنقيح المواد والاقوال والنكات لا نستعجل ولا يخدعنا ظاهر الكلمات. هذا المبحث اهم من مبحث الاجتماع كله. كيف الانسان يفحص في حقيقة اقوال المشهور.
الميرزا النائيني يقول هنا ان ظاهر عنوان المشهور عبارة مسامحي بغض النظر عن صحة استظهاره بالتالي يستظهر النائيني انها مسامحي وليس مرادهم الجدي. اذا هذا نوع من التثبت عند النائيني ولو بحسب قناعاته. يجب ان نتثبت.
التشهد بالشهادة الثالثة في تشهد الصلاة عند العلامة الحلي احتياط وجوبي والحال يقولون انه مفتي بالبطلان. ينسب اليه انه مفتي بالبطلان والحال انه ليس هكذا. هذه العملية الخبط في المسائل العلمية جدا خطير والحال ان الدقة في المواد ضرورية جدا.
صاحب الجواهر رحمة الله عليه يقول ان من يعمل بظاهر الأدلة تغره الأدلة. الفقيه يحاول ان يجمع منظومة كاملة. لا يمكن ان تنسب برواية وتقول هذا دين. الدين منظومة كاملة. افترض ان تكون في زمن الامام الصادق وسألته واجبت هل تعمل بما يقوله الامام الصادق عليه السلام؟ أقول ما قاله الامام الصادق عليه السلام عين اليقين ولكن ما فهمته انت ليس عين اليقين. الكلام في انك هل استقبلت كله. الامام الصادق عبارة عن مجموع التراث ومجموع الائمة وليس اماما في مجلس واحد. المعصوم معصوم لكنك ليس بمعصوم.
من بصيرة الطائفة الامامية انها لم تكن تعطي العصمة للنواب الأربعة مع انهم موثقين. فرق بين ان تقول ان هذا نائب خاص وعادل وثقة وامين وبين ان تقول انه معصوم. كانوا يراقبونهم. المحكمات تراقب المتشابهات. العلماء الابرار يقولون ان المحكمات هي ضابطة لمراقبة فتاوى المجتهد والفقيه. الظنيات والاجتهاديات لا تتقاطع ولا يجوز لحاكم شرعي ان يدخل على الخط مع حاكم آخر مع اختلاف جهات النظر في مساحة الظنيات. نعم اذا وصل الى المحكمات البديهية الظنية هذا بحث آخر. المقصود ان هذا المطلب قضية كلمات المشهور والأدلة ضروري ان نلتفت الى انه كيف نراجعها. قضية النائيني هنا قضية منهجية.
الارتباط بالمعصوم لا يوجب العصمة في الراوي ولو يقول شخص الان انا أرى الامام وعندي ارتباط معه سلام الله عليه او افترض ان لك ارتباط مع البرزخ لكن المحكمات هي الميزان والاعتبار. ليس بإمكان الانسان من راو واحد او فقيه واحد ان يفهم الانسان من جلسة واحدة بل هو عليه السلام عبارة عن مجموع الروايات. نرجع الى ما كنا فيه.
هذه لفتة لطيفة من الميرزا النائيني منهجية. فهو يقول ان جواز اجتماع الامر والنهي عبارة مسامحية من الاعلام بل اصل البحث في غيره. على كل قرائتنا على خلاف ما فهمه والبحث صغروي إضافي وكبروي أيضا.
الكبروي في موارد اجتماع متعلق الامر ومتعلق النهي في وجود واحد هل يؤدي الى التعارض؟ الميرزا النائيني يقول بالضرورة يندرج في التعارض. نحن نقول ان هذه الضرورة ما فهمه الميرزا النائيني من العبائر لكن الصحيح من مرام المشهور انها ليست من التعارض.
الضابطة التي ذكرها النائيني ان ظاهر عبائر المشهور لا تنساق معه بل ارجعه الى المحكمات. هذا الذي ذكره النائيني متين ونطبق هذه الضابطة أيضا مع نفس دعوى النائيني والسيد الخوئي في ان مورد الاجتماع بديهي عند الاعلام انه من التعارض. راجع كلمات صاحب الكفاية والشيخ الانصاري والمشهور في فتاواهم في المسائل التي يجتمع فيها الامر والنهي فنلاحظ انه ليس يبنون على التعارض بل يبنون على التزاحم من سنخ آخر غير التزاحم الامتثالي. يعبر عنه التزاحم الملاكي او التزاحم الاقتضائي وهذا مبحث جديد ومهم.
صاحب الكفاية عنده انه لماذا لم يلتزم المشهور على التعارض بناء على الاجتماع. في الحقيقة في مسألة اجتماع الامر والنهي مركزان، المركز الأول صغروي والمركز الثاني كبروي. بناء على الاجتماع هل يلزم منه التعارض او التزاحم؟ هذا المبحث الكبروي جدا حساس ومهم انه بناء على الاجتماع لماذا لا يكون تعارضا بل يكون تزاحما اقتضائيا والنكتة والسبب فيه.
بمراجعة كتاب الكفاية وكتاب المطارح للشيخ الانصاري انهم مع الاجتماع لا يبنون على التعارض الا نادرا. بماذا يستدلون على انه تزاحم؟
هذا المبحث لا يختص بمسألة اجتماع الامر والنهي. مبحث انه هل هو تعارض او تزاحم من نوع وسنخ آخر. في الحقيقة في مبحث التعارض آخر الدورة الأصولية يعترف الميرزا النائيني والسيد الخوئي ان المشهور لا يبنون على ان الأصل في التعارض هو التساقط. اما القدماء فحدث ولا حرج عندهم قاعدة ان الجمع مهما امكن أولى من الطرح. الجمع الدلالي او الجمع المدلولي؟ سنخان ونوعان. بل طبقات الفقهاء يعتبرون الفقيه الذي يسقط احد الأدلة ضعيفا في الاجتهاد. البحث ينجر حتى لباب التعارض أصلا ذلك الباب كانما مشهور طبقات الفقهاء اغلقوا بابه وقالوا ما عندنا تعارض بل كلها بدوي وابتدائي. هذا المبحث ينجر الى مبحث التعارض. هذا تصريح الشيخ الطوسي في اول التهذيب والاستبصار. كتاب الاستبصار عبارة عن جمع الروايات المتعارضة. فما رواية في كتاب الاستبصار الا له معارض. في اول الاستبصار والتهذيب يذكر ان مبنى علماء الامامية حتى علماء العامة ان الجمع مهما امكن أولى من الطرح. الجمع الدلالي او الجمع المدلولي. المقصود ان هذا البحث عند اصطكاك الأدلة وتنافي الأدلة او تضاد الأدلة او المدلولات او الاحكام عند المشهور عدم التعارض والتساقط. حتى انهم لا يقبلون سقوط أحدا لدليلين فضلا عن كلا الدليلين. صاحب الجواهر عنده سقوط احد الدليلين لا كلا الدليلين. قاعدة الجمع قواعد عديدة ربما عشرين قاعدة ذكرناها في الدورة الأولى والدورة الثانية بشكل ابسط.
المقصود هذا المبحث مرتبط باسس طبيعة ماهيات الاحكام كيف يتبناها المشهور. اجتماع الامر والنهي مورد وموطن من مواطن التنافي وليس هو كل شيء في التنافي. عملية العلاج له تنسحب الى كل موارد التنافي. اذا ليس مختصا باجتماع الامر والنهي.
سنلج في المقدمة التي ذكرها الشيخ الانصاري والآخوند انهم كيف يدعون عدم التعارض وبحوث مهمة في أصول القانون. ذكرنا ان هذا البحث جزري في اصل مبحث التعارض وليس مرتبطا بخصوص اجتماع الامر والنهي.