الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول

46/03/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النواهی/ فصل اجتماع الامر والنهي/الفارق بين مسألة الاجتماع ومسألة ان النهي يقتضي الفساد

كنا في صدد استعراض الفوارق بين مسألة اجتماع الامر والنهي ومسألة النهي يقتضي الفساد صاحب الفصول اتى بضابطه واشكل عليها من قبل الميرزا النائيني ومن بعده وهذه الضابطة التي اتى بها صاحب الفصول هي ناظرة لرد ضابطة اخرى التي ذكرت قبله والضابطة التي ذكرها صاحب الفصول تعتمد على ان مسألة اجتماع الامر والنهي المسألة طبيعتان متغايرتان مفهومان وعنوانا ، طبيعة الامر المأمور به وطبيعة النهي فتتقوم مسألة اجتماع الامر والنهي بتعدد الطبيعة وهو يقول وان كان النسبة بينهما عموم وخصوص مطلق يعني في مقابل من وجه حيث المعروف في اجتماع الامر والنهي انه من وجه هو يقول يمكن تصوير النسبة من النسب الاربع ان تكون عموم وخصوص مطلق ما دامت طبيعتان مثل طبيعة الامر بالحركة والنهي عن القرب للشجرة كما التعبير في القرآن عن جنة ادم .

اما في مسألة اجتماع الامر والنهي يدعي صاحب الفصول انه لابد ان ان تكون الطبيعة واحدة والنسبة بين المنهي عنه والمأمور به عموم وخصوص مطلق وقبله كانت الدعوى هكذا ان النسبة دوما بين الامر والنهي من وجه هو قال لا حتى لو كان مطلق غالبا لا مانع ما دامت طبيعتان فكلام صاحب الفصول في رد الضابطة التي قبله اما بالنسبة الى النهي يقتضي الفساد ذكر هذا المطلب ان الطبيعة واحدة والنسبة عموما خصوص مطلق.

لكن الصحيح ان الضابطة التي قبل صاحب الفصول مع الضابطة التي ذكرها صاحب الفصول في الجملة الصحيحة ولكن بالجملة غير صحيحة يعني لا مطردة ولا مانعة ولا عاكسة والوجه في ذلك انه النهي يقتضي الفساد بعض موارده من مصاديق اجتماع الامر والنهي اذا كان على الامتناع وربما تكون طبيعتان وربما تكون النسبة بينهما من وجه وليس مطلق، فالضابطة التي ذكرت قبل صاحب الفصول تعتمد على النسب الاربعة ان الاجتماع من وجه وان النهي يقتضي الفساد مطلق وهذه الضابطة غير صحيحة عموما كلية .

طبعا يبحثون الضابطة كي انت ايها الباحث لا تغفل انظر الى الحيثية الدقيقة في البحث اين هي؟ لا انه تتشبث بالاطر هذه الاطر قد تكون غير مطردة انت الحيثية الحقيقية للبحث اتبعها هذه الحيثية اينما وجدتها هي مسألة اجتماع او اذا لم تجدها فقل هذه مسألة النهي تقتضي الفساد فاذا انت وراء الحيثية ولست وراء الضوابط الشكلية التي قد لا تكون مطردة وان كانت غالبة ، اذن البحث في الفارق بين المسألتين بحث صناعي للتركيز حول واقع حيثية المسائل ولا ضابطة صاحب الفصول مطردة لما بينا انه مسألة اجتماع الامر والنهي على الامتناع قد تقع مصداق موضوع صغرى للنهي يقتضي الفساد وهذا ينقض على الضابطة التي ما قبل بالفصول من النسب الاربع وانه النهي يقتضي الفساد ، فطبيعتان وصار النهي لا يقتضي الفساد اذن ليست ضابطة النهي يقتضي الفساد طبيعة واحدة او نسبة عموم مطلق قد يكون من وجه وطبيعتان مع انه من النهي يقتضي الفساد .

اذن كلا الضابطتين تخرمان في بعض الموارد وما ذكره الميرزا النائيني من ان البحث في الاجتماع صغروي بينما البحث في مسألة النهي يقتضي الفساد كبروي مر بنا انه ايضا في مسألة الاجتماع بحث كبروي وصغروي ولكن الكبروي في مسألة الاجتماع يختلف عن الكبروي في النهي يقتضي الفساد .

هناك بحث عن التزاحم الملاكي وما شابه ذلك او تعارض تناقض الكبروي في مسألة الاجتماع فبناء على الاجتماعي والامتناع هل النتيجة هي التعارض او التزاحم ؟ الحيثية الكبروية في مسألة النهي يقتضي الفساد ليست هكذا النهي فعلي هل يفسد الامر ام لا؟ فما معنى الافساد؟ لان الافساد بمعنى مراحل الحكم سواء يفسد في العبادات او في المعاملات فالمقصود ان البحث الكبروي في مسألة الاجتماع متصور كما هو صغروي والبحث في مسألة النهي يقتضي الفساد بحث كبروي ولكنه من حيثية اخرى .

هناك تتمة لما ذكرناه امس قضية الاجماع التقديري والضرورة التقديرية وقول المشهور ونقلنا عن بحر العلوم انه يقول نحمل كلمات جميع العلماء في ان الشهادة الثالثة ليست جزء يقول هذا مرادهم بحسب الادلة الخاصة ، بل زيادة على ذلك قال ان مرامهم في الادلة العامة انها ركن وجزء ركني وهذه الفتوى موجودة لدى الشيخ الطوسي في كتاب الخلاف وتصريح منه بنفس الذي استظهره بحر العلوم وموجود في كتاب المؤتلف من المختلف للطبرسي ولكن هذه الكلمات مغفول عنها عند المتأخرين تماما ونحن استطعنا ان نجمعها في الجزء الرابع الذي سيطبع وبعضها في الجزء الثالث وايضا افتى بذلك الكيدري في الاصباح .

الان ليس كلامنا في الشهادة الثالثة وفي الاجماع التقديري انا اقول انظر الى المنهج الصناعي عند بحر العلوم لم تغره التصريحات من قبل الاعلام في الشهادة الثالثة وانما اعتمد على كبرى اخرى هم مسلمين بها اكثر تسليما من هذه التصريحات التفصيلية فاول كلامهم بالتاويل اللي هو يراه وتأويله صحيح بحسب قناعته .

فالكلام الصناعي انه اذا دار الامر بين الارتكاز وبين الاقوال التفصيلية ايهما يحكم؟ وانا عشت تجربة في بعثة الحج للسيد الروحاني كانت في البعثة استفتاءات فانا ابادر اقول المفروض السيد هكذا يفتي ، كثير من الاعضاء يقولون اصبر لترى ان السيد ماذا يقول؟ فاقول لهم لا بأس لكن اقول بحسب القواعد التي هو يسلم بها هكذا تكون فيراجعون السيد يقول نعم النتيجة هذه صحيحة وبعض الاحيان لا يقبل ، ونفس الكلام مع بعثة الشيخ التبريزي الكلام هناك كان بعض الاخوة الفضلاء اللي كانوا يوميا مع الشيخ انا ما كنت يوميا في جلسة الاستفتاء وانما فقط في تدوين المنهاج مر بنا ، فبعض الموجودين قال هذي ما مرت المسألة ولم يفت بها الشيخ اصبر قليلا قلت له لا اريد احمل الشيخ لكن مقتضى القواعد هو هكذا اقصد النظرة القواعدية يعني هذه الارتكاز ولكن النظرة التفصيلية تصير بها انظار وصياغات يعني هناك ارتكاز قواعد مسلمة عمومات ولكن نلاحظ المشهور ذكر شيئا اخر نقول هل هناك غفلة منهم؟ فعلى ايهما يعول؟ هل على الارتكاز المشهور؟ او على الاقوال التفصيلية ؟

الصحيح ان الارتكاز امتن مهما يكون لانه قواعد ، الاستنتاج قد يصير فيه غفلة في الصياغة في الاطار والعبارة قد لا تساعد او العبارة قد تغر فمن امتيازات الاجماع التقديري او الضرورة التقديرية انها امتن من هذه الجهة وان كان الاجماع الفعلي التفصيلي في عنونة المسألة تفصيلا والاقوال فيها فعلا هو اجماع نقدي من المشهور ولكن عموما فرق بين الارتكاز وبين التفصيل لان الارتكاز امتن لانه اسس واصول تشريعية ويسند لقواعد تشريعية ، الان تفاصيل الاستنتاج قد تصير غفلة او العبارة فيها مسامحة او تؤول العبارة كما اولها بحر العلوم هذه مسألة مرت بنا امس .

اما بقية نقاط مسألة اجتماع الامر والنهي من النقاط التي ذكروها في تحرير المسألة قضية الواحد ، اي اجتماع الامر والنهي في مصداق واحد ما المراد بالواحد؟ الواحد جزئي ام الواحد شخصي او الواحد نوعي او الواحد جنسي ؟ هنا قالوا المراد الواحد بالمصداق لا الواحد بالشخص ولا الواحد بالنوع ولا الواحد بالجنس فهناك اربعة تصنيفات في الواحد واحد في المصداق وواحد في التصادق وواحد في الشخص جزء حقيقي وواحد بالنوع وواحد بالجنس قالوا هذه الثلاث من المفاهيم للوحدة ليست مرادة، المراد الواحد في المصداق وما هو الفرق بين الاقسام الاربعة في مبحث اجتماع الامر والنهي وفي البحوث الاصولية عموما؟ وفي تعارض الادلة ما المراد بالواحد بالجنس والشخص ؟

واحد بالشخص يعني جزئي حقيقي وهذا ليس مراد في اجتماع الامر والنهي لانه مثلا الصلاة في الدار الغصبية بحث كلي لا جزئي حقيقي فهو ليس المراد ولا واحد من نوع يعني وحدة النوع موجودة بين الامر والنهي مثلا الامر بطبيعة نوعية في بعض حصصها والنهي عن طبيعة نوعية في بعض حصصها اصلا اجتماع لا يوجد مثل لا ربا بين الوالد وولده او بين الزوجين او بيننا وبين اهل الذمة نأخذ منهم ولا يأخذون منا لان هذه حصة والمنهي عنه الربا هي حصة اخرى وليس هناك اجتماع للامر والنهي لان باب العام والخاص ليس من اجتماع الامر والنهي وانما مختلفتان فليس واحد من النوع فضلا ان يكون واحدا بالجنس .

مثلا المأمور به نوع من الجنس الواحد والمنهي عنه نوع ثاني من الجنس الواحد هذا ليس من مسألة اجتماع الامر والنهي فلا يوجد ارتباط اذن ليس الواحد بالجنس الوحدة الجنسية بينهما لا تقرر الاجتماع ولا الوحدة النوعية ولا الوحدة الصنفية ولا الوحدة الشخصية لانه كلي وانما الواحد في الصدق او في التصادق يعني المنهي عنه مع المأمور به كليهما يتصادقان على مورد واحد ولو افترضت انت ان هذا المورد كلي لكنهما يتصادقان عليه فليس بالضرورة البحث في الواحد الجزئي الحقيقي الخارجي كلا وانما الواحد كلي لكنه موردا لتصادق المأمور به والمنهي عنه .

مثال اخر عندنا تقسيمات في كلمات الاصوليين عندنا شبهة موضوعية وشبهة حكمية والشبهة الموضوعية تنقسم الى قسمين او اكثر شبهة موضوعية من طرف الموضوع وشبهة موضوعية من طرف المحمول ، الشبهة الموضوعية منشأ الاشتباه فيها الخارج مثلا هذا ماء الشعير بقي مدة تخمر واصبح فقاعا كما يقول المختصين اذا بقي الشعير في الماء يتخمر ويصير بيرة فعندنا التباس هل بقي يومين او يوم واحد اما الشبهة الحكمية فمنشأ الاشتباه والحيرة فيها هو الادلة الشرعية يعني تنظير كلي ، الشبهة الحكمية ايضا تارة شبهة حكمية من طرف الموضوع وتارة شبهة حكمية من طرف المحمول وهناك شبهة مفهومية وهذا قسم ثالث في الشبهة الحكمية عندنا ايضا في الشبهة الحكمية قسم رابع يسموه شبهة مصداقية لانه ليست موضوعية يعني يدرجون الشبهة المصداقية في الشبهة الحكمية يقولون هكذا ان هذه الشبهة الحكمية الكلي قد يكون كلي اخر اضيق منها مصداقا لها فهو مصداق لكنه كلي وليس جزئي مصداقية يعني جزئي اضافي كما يعبرون في علم المنطق .

قسم خامس في الشبهة الحكمية هوالشبهة الصدقية ما الفرق بين الشبهة الصدقية والمصداقية؟ وهذا نتركه لوقت اخر وهذا من ابتكارات السيد اسماعيل الصدر فهذه كلها خمس اقسام للشبهة الحكمية موجودة فتعبير بالمصداقية لا يتبادر لذهنك شبهة موضوعية جزئية خارجية حقيقية قد يكون بحث كلي ويندرج تحت كلي اخر ، هنا ايضا في مسألة الاجتماع الامر والنهي عندما يقولون واحد يعني واحد في المصداق والتصادق لا في الجزئي الخارجي .

نقطة اخرى

هل مسألة الاجتماع عقلية او لفظية؟ هي عقلية ، فهل هي مسألة اصولية او فقهية او كلامية؟ او من المبادئ الاحكامية؟ او من المبادئ التصديقية ؟ واكثر من يثير هذا البحث هو الميرزا النائيني ، اذن خمسة احتمالات اما هي مسألة اصولية او فقهية او كلامية او من مبادئ الاحكام او من المبادئ التصديقية ما الفرق بين الاقسام الخمسة؟ البحث هو منهجي في منهجية الاستنباط الميرزا النائيني معروف في تبويب علم الاصول لان الغالب عليه كما يذكره تلاميذه طابعه منطقي عرفي ومن ثم مدرسته الاصولية تلقيت بالقبول اكثر من مدرسة العراقي والاصفهاني فالعراقي كان عليه طابع الكلام والتقنين وهو كان استاذ كتاب التجريد الاول في النجف بينما الاصفهاني الطابع عليه الجانب الفلسفي وكان الاستاذ الاول للاسفار في النجف وهذا يدل على تنوع جو النجف انذاك لاحظ كلام الميرزا والعراقي والاصفهاني والسيد الخوئي تسالموا على تباين المسألة الاصولية مع المبادئ الاحكامية فما هي المبادئ الاحكامية؟ وهذا شيء مهم لكي نكتشف ما هو الحقيقة المنهجية في علم الاصول وطبعا قبلهم هذه الاثارة موجودة عند الشيخ الانصاري في مطارح الانظار وسنقرأ بعض كلماتهم المفيدة .

فالمبحث حساس كي يلتفت الباحث والمحقق في المسائل الفقهية او الاصولية ان علم الكلام دخيل في الاستنباط فجملة من المسائل الاصولية او الفقهية ما يمكن تحقيقها ان لم يكن لك باع في بابين او ثلاثة في علم الكلام والا يكون تنقيحك للمسألة الفقهية والاصولية هش او تقليدي ، فدخول علم الكلام على الخط في مسألة اصولية او فقهية لا يعني ان المسألة كلامية لكن يعني فيما يعني ان هذه المسألة احد مقدماتها المهمة هي مقدمات كلامية فانظر كيف علم الاصول يتدخل في علم الفقه وفي الاستنباط؟

كذلك علم الكلام ايضا يتدخل في الفقه وفي مسائل الاصول وهذا تصريح من الاعلام ومن ثم جملة من الاعلام في الفقه والاصول اللي كان لهم باع في علم الكلام ترى تنقيحاتهم الفقهية والاصولية المرتبطة بعلم الكلام متينة جزلة بخلاف الذي ليس له باع وهذه من فوائد البحث الذي سنتعرض له ان شاء الله الجلسة القادمة وانه ما هو التباين بين المبادئ الاحكامية وعلم الاصول ؟ فهل المبادئ الاحكامية علم برأسه؟ ثم ما هو التباين بين المبادئ التصديقية والمبادئ الاحكامية والاصولية؟ هذه نكات صناعية مهمة في يوميات الاستنباط منهجيا يجب ان يلتفت اليها .