الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/12/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: فرق صناعي بين الأمر والنهي في المسألتين

 

كان الكلام في هذه الجهة من مسألة اجتماع الامر والنهي انه ما هو الفرق بين هذه المسألة ومسألة النهي يقتضي الفساد ومرة عدة فوارق وضوابط ووصلنا الى الضابط الرابعة او الاخيرة ان في مسألة الاجتماع البحث في الحقيقة يتمركز عن الاجتماع صغرويا وكبرويا يعني موضوعا ومحمولا هل يجتمع الامر متعلقه مع النهي؟ هذا صغرى ونسبي وايضا بحث محمولي هل يجتمع الامر والنهي محمولا ام لا؟ او متناقضان لا يجتمعان ؟

ومن ثم احد المباحث التي اثارها المحقق الاصفهاني في المقام انه هل بين الاحكام الشرعية الاعتبارية سواء تكليفية او وضعية تضاد ام تناقض ام لا؟ وسيأتي الحديث عنه فبالتالي اذن مسألة الاجتماع للميرزا ليس فقط صغروية ايضا هي في المحمول وليس خصوص الموضوع يعني في المتعلق وكذلك هل هي متعلق الامر والنهي ينطبقان ويتصادقان على مجمع وجودي واحد هذا بحث في الموضوع وفي المتعلق .

ومن جانب اخر في المحمول هل يمكن ان يجتمع الامر بعد الفراغ عن الموضوع او المتعلق فيأتي نوبة المحمول هل يمكن ان يجتمع الامر والنهي في مصداق واحد؟ ليتقارنا عن مسألة النهي يقتضي الفساد هناك ليس امكانية اجتماع النهي كحكم مع الامر كحكم في مصداق واحد انما الكلام ان النهي بمفرده التكليف هل هو نهي وضعي ايضا ام لا؟ بحيث اذا تصادق النهي والامر في مصداق واحد او عنوان واحد مصداقا واحدا بعنوانين او في عنوان واحد اذا تصادق الامر والنهي ان النهي بمفرده التكليفي هو نهي يكون وضعي يعني مفسد ام لا؟

اذن حيثية البحث حيثية مغايرة تماما عن حيثية البحث في المسألة الاولى، حيث في المسألة الاولى هي تشكل موضوع وفي المسألة الثانية في بعض الموارد لا كل الموارد يعني الموارد المسألة الثانية موضوعا وهو انه النهي يقتضي الفساد لاتنحصر بالموارد التي تنقح من المسألة الاولى فليس مصدر موضوع المسألة الثانية وهي النهي يقتضي الفساد ليس مصدره الوحيد هي المسألة الاولى بعض مصادر ومنابع موضوع المسألة الثانية يأتي من المسألة الاولى وكثير من موارد موضوع المسألة ثانية ليس ات من المسألة الاولى .

بيان ذلك :

ان مسألة اجتماع الامر والنهي التصادق فيها صدفة واتفاق يعني التقارن بين الامر والنهي في مسألة اجتماع الامر والنهي التقارن جزئي لان صدفة يعني جزئي وفي حكم الجزئي في المصداق الجزئي بينما في مسألة النهي يقتضي الفساد هي على نمطين او اكثر ربما يكون التقارن صدفة كما في بعض موارد مسألة النهي يقتضي الفساد بعض مواردها ات من مسألة اجتماع الامر والنهي لكن كثير من مواردها التقارن ليس صدفة واتفاق وانما التقارن موجود من قبيل العموم والخصوص المطلق او من وجه كلي ، فاذا اراد الفقيه ان يلاحظ النسبة بين الادلة سواء كانا تكليفيين او كلاهما وضعيين او احدهما وضعي والاخر تكليفي هذه النسبة كيف تحدد؟ عموما خصوص مطلق عموما من وجه تباين ؟ كيف تحدد ؟ باي الية؟ اذا عرف تحديدها تحدد على نطاق كلي واطار وقوالب كلية ولا يعتنى فيها على التطبيق المصداقي وهذا بحث صناعي في باب التعارض وفي باب اجتماع الامر والنهي وفي باب النهي يقتضي الفساد وفي ابواب اصولية عديدة ، ما هو الفرق بين التقارن او التصادم او التدافع الجزئ وبين التصادم الكلي تنظيرا ؟ يعني بحث جدا صناعي مهم في ابواب التعارض .

نذكر ضابطة المشهور ثم دليلها ، ضابطتهم هو ان النسب الاربعة بين الادلة انما تلاحظ بين الوجود الكلي التنظيري للادلة والاحكام لاالوجود الجزءي الخارجي الحقيقي حيث في الوجود الكلي التنظيري يلحظ الدليل بما هو هو ولا يلحظ انطباقه الفعلي وانما يلحظ انطباقه المقدر يعني كأنما يلاحظ الدليل بما هو هو وان كان يختلف وعبارة اخرى الكلي الفعلي المقدر هذا اخر مرحلة من مراحل الانشاء وليس بالمراحل الفعلية وهو بحث تنظيري لان مراحل الانشاء ثلاثة انشاء الحكم والحكم بما هو هو ويعبر عنها بما مدون في اللوح المحفوظ يعبر عنها بمرحلة النسخ او عدم النسخ ، فلا يلحظ بلحاظ الخارج بتاتا .

المرحلة الثالثة يلاحظ الحكم والقضية القانونية يلاحظ مرآة الخارجي للكلي المقدر وليس الجزء الخارجي ، كلامنا في المرحلة الثالثة من الانشاء كلي فعلي مقدر وليس كلي فعلي خارجي حقيقي هذه المرحلة يلاحظ النسب الاربعة بين الادلة ويعبر عن مراحل الانشائية الثلاثة بمراحل الجعل والتقنين بينما مرحلة الرابعة والخامسة هي مرحلة الانطباق الخارجي الجزئي للفعل الحقيقي الخارجي ويكون الحكم فيها جزئيا حقيقيا فعليا .

اذن سنخ الحكم في المراحل الثلاث الانشائية التي تسمى مراحل الجعل سنخ الحكم وعلاقته بالاحكام الاخرى في مرحلة الجعل والتقنين يختلف سنخا عن الحكم في المرحلة الرابعة والخامسة وما بعدها حيث الحكم جزئي حقيقي عند المشهور ولا يرتبط الحكم بالجعل انما هو بسبب التطبيق والانحلال .

فالمراحل الثلاثة الاولى مرتبط بالجعل والتقدير ، بحث النسخ وعدمه بحث العام والخاص والمطلق والمقيد مرتبط بالمرحلة الثالثة للتقنين والجعل وكذلك بحث التعارض لانه مرتبط بالتقنين وبالجعل فكل باب اصولي من ابواب الاصول مرتبط ببعض مراحل الحكم لا بكل مراحلها ، بحث اجتماع الامر والنهي عند المشهور لا صلة له بالمراحل الثلاثة الاولى موضوعا ومحمولا وانما صلتها بالمرحلة الرابعة او الخامسة او السادسة او السابعة اي مسألة اجتماع الامر والنهي ، يعني من يقظة المجتهد او الفقيه او المستنبط ان يتنبه الى ارتباط وصلة اي باب من ابواب الاصول باي مرحلة من المراحل الحكم ؟ فالتعارض مرتبط بالمراحل الثلاث ، النسخ وعدمه مرتبط بالمراحل الثلاث والعام والخاص مرتبط بالمراحل الثلاث يعني حتى بالدقة هي من اي مرحلة من هذي المراحل الثلاث ؟ هذا لابد منه ، في العام والخاص والمطلق والمقيد كذلك والمفاهيم كذلك والاوامر والنواهي كذلك اما التزاحم ومبحث الضد بالدقة وجملة من المباحث مقدمة الواجب ومبحث الضد والتزاحم ليس مرتبط بالمراحل الثلاثة التقنين والجعل مرتبط بمراحل الخامسة والرابعة او ما قبل .

ايضا مسالة اجتماع الامر والنهي مرتبط بالمرحلة الرابعة والخامسة او السادسة وليس مرتبط بالمراحل الثلاث ، اذن الابواب الاصولية بحوث مرتبطة باحد مراحل الحكم وهذه من مدقة المستنبط ان يلتفت الى ان البحث الاصولي في اي باب وفي اي قاعدة اصولية ومسألة اصولية مرتبط باي باب ؟ اذن احد فوارق مسألة اجتماع الامر والنهي لان البحث في هذه المسألة دائما جزئي مرحلة رابعة خامسة سادسة اما مسألة النهي يقتضي الفساد يمكن ان يكون رابعة خامسة ويمكن ان يكون مرحلة ثالثة وهذا فرق جوهري مسألة النهي يقتضي الفساد ليس منحصرا بما مر قبل قليل بموارد الاجتماع الامر والنهي وهي المرحلة الرابعة والخامسة يمكن ان يكون مرتبط بالمرحلة الثالثة وهي مراحل التقنين والجعل فعندما يبحث العلاقة بين الامر والنهي يبحث في الاجتماع ويلحظ في النهي يقضي الفساد علاقة الامر والنهي لكن هذه العلاقة اذا بحثت في التطبيق الجزءي الخارجي يعني المرحلة الرابعة والخامسة او السادسة غير المراحل الثلاثة الاولى او احد المراحل الثلاثة الاولى التي هي مقام التقنين والجعل .

البحث الكلي في الحكم دوما يرتبط بمراحل التقنين والجعل الثلاثة الاولى يعني مثل التعارض مستقر او غير مستقر عام وخاص اما البحث في الوجود الجزئي الحقيقي الخارجي هذا ليس من مباحث التنظير الكلي .

فاذن مسألة النهي يقتضي الفساد مواردها نمطان نمط في التنظير الكلي لا صلة له بمسألة اجتماع الامر والنهي ونمط في التقارن الجزءي الخارجي الحقيقي نعم هذه لها ارتباط بمسألة الاجتماع ، فالنهي يقتضي الفساد اللي مر بنا النهي التكليفي هل يقتضي النهي الوضعي ام لا؟ هذا على الصعيد الكلي مرتبط بالتقنين والجعل يعني ليس التقارن صدفي بل في الجملة كلي دائم ، والضابطة عد المشهور انه اذا كانت العلاقة بين الدليلين ولو من وجه علاقة مستدامة سواء متلائمة او متنافية يعني هو هذا بحث في التقنين والجعل في احد مراحل الانشاء اما اذا كان البحث في العلاقة بين الحكمين ليس بنحو مستدام وانما صدفة واتفاق فيعني هو جزئي خارجي حقيقي لا يرتبط بالتقنين ولا بالجعل .

هذا البحث هو التفرقة عند المشهور شهرة عظيمة في طبقات الاصوليين والفقهاء ان الميرزا النائيني لم يلتزم بهذه الضابطة في اكثر كلماته في النصف الاول من عمره العلمي لكن في النصف الثاني من عمره تبادلت جملة من ارائه وخالف المشهور ولكن ليست الى صواب ، فالسداد مع المشهور وطبعا عندما تبدلت ارائه في المرحلة الثانية من عمره تبعه السيد الخوئي واكثر تلاميذه .

اذا الضابط والفارق عند المشهور بين العلاقة المستدامة سواء كانت تنافي او تلائم اذا كانت العلاقة الكلية مستدامة سواء عموم خصوص من وجه او مطلق فهي مرتبطة بمراحل الجعل والتقنين يعني المرحلة الثالثة او الثانية اما اذا كانت مرتبطة هذه العلاقة صدفة كانما غريبين اجتمعا في سفر ما في مكان واحد فاذا كانت العلاقة بين الحكمين هكذا فهذا لا ربط له بالجعل والتقنين وهذه ضابطة نفيسة جدا عند المشهور .

ولكن الميرزا النائيني لم يفرق بين العلاقة الدائمة والعلاقة التي هي بنحو الصدفة والاتفاق ، فكلية وجزئية الخارجية للعلاقة لم يتبن التفرقة بينهما يقول اذا كان التنافي بنحو التناقض فهذا بحث في التقنين والجعل سواء العلاقة الجزئية وصدفة واتفاقا او كلية، اذا كان بنحو التناقض فهو مرتبط بالتقنين والجعل والا فلا ربط لها بالتقنين .

هذا البحث الذي نذكره بحث مركزي في مسألة اجتماع الامر والنهي وهو البحث المركزي في مبحث الضد وهو البحث المركزي في مسألة النهي يقتضي الفساد فاذن هذه النقطة عند النائيني في كون العلاقة ترتبط بالتقنين والجعل او بالخارج ليس مدارها كلية العلاقة او جزئية الصدفة والتقارب في العلاقة ، اذا كانت العلاقة بنحو التناقض ترتبط بالجعل والتقنين واذا ليس لها ربط التناقض والتضاد فلا ترتبط بالجعل والتقنين ، وبنى عليه الميرزا النائيني قواعد اصولية كثيرة للاسف وتبعه على ذلك جل تلاميذه بينما المشهور ليست قضية التناقض واللا تناقض ، القضية مرتبطة بعلاقة دائمية كلية مرتبطة بالتقنين والجعل وعلاقة مرتبطة بالصدفة والاتفاق هذا لا صلة له بالتقنين والجعل والحق مع المشهور لا مع الميرزا النائيني .

نكمل الدرس بعد التعطيل الصيفي .