45/12/03
الموضوع: حقيقة البحث في مسألة اجتماع الأمر والنهي
كان الكلام في مستهل مسألة اجتماع الامر والنهي ومر بنا انه يمكن تلخيص كل مبحث اجتماع الامر والنهي في سطر واحد كعنوان اجمالي انه هل هناك امتناع في اجتماع الامر والنهي ام لا? يعني هل هناك اجتماع للامر والنهي وبالتالي يكون امتناع والامتناع بمعنى التعارض ؟ او بمعنى التزاحم بالمعنى العام .
وسبق ان استظهر الميرزا النائيني والسيد الخوئي انه بناء على الاجتماع فامتناع ، فللاجتماع حالتان حالة يكون فيها ممتنع وحالة يكون فيها جائز فاجتماع يؤدي الى الامتناع فاذن لا اجتماع واجتماع لا يؤدي الى الامتناع .
فما نسبه الميرزا النائيني او السيد الخوئي او الشيخ المظفر وجملة من مدرسة الميرزا النائيني الى المشهور من انه على الاجتماع الحقيقي امتناع وتعارض هذه النسبة لو تتبع كلمات المشهور لا يجد لها اساس ولا يبنون على التعارض بناء على الاجتماع الحقيقي .
طبعا هذا البحث فيه جهات ومراحل وزوايا عديدة وهذا البحث هو من المسائل العقلية غير المستقلة الخمس حيث هناك في الاصول عنونت خمسة مسائل عقلية غير مستقلة تبحث في الالفاظ مسألة الضد مسألة مقدمة الواجب مسألة اجتماع الامر والنهي مسألة ان النهي يقتضي الفساد ومسألة الاجزاء ، هذه مسائل عقلية بغض النظر عن انه عقل عملي او عقل نظري او كليهما .
فاذن هي ليست لفظية بالدقة وليس البحث في الدلالة والمدلول البحث فيما وراء المدلول فضلا عن الدلالة ومن ثم يتنبه الى ان مراحل الاستنباط ما بعد الدلالة تتخطى الدلالة والمدلول فيكون بحثا في قوالب القانون والحكم وهو الذي يسمى بالصناعة مما ينبه على ان الاستنباط مراحله لا تنحصر في الدلالة فالدلالة مراحل اولية في الاستنباط والمراحل اللاحقة من الاستنباط لا صلة لها بالدلالة والمدلول وهذه نقطة اخرى .
اذن هذه نقطة اولى ان هذه المسألة عقلية وليست لفظية يعني تعني بمراحل لاحقة في الاستنباط .
النقطة الثانية :
هل البحث في هذه المسالة كما عنون الميرزا بحث صغروي او كبروي ؟ صغروي وكبروي نسبي وما فرقه عن الصغرى والكبرى ؟
صغروي مطلق يعني هي موضوع وصغرى ليس دونها صغرى يعني جزئي صغرى جزئية ، اذا كان البحث صغروي بقول مطلق يعني ليس وراءه مبحث اخر اما بخلاف الصغرى النسبي هو صغرى لكبرى فوقه وان كان ربما دونه صغريات اخرى واخرى .
كما ان نقول موضوع نسبي او موضوع مطلق يعني هذا العنوان موضوع بالقياس الى ما فوقه وربما هو ايضا نفسه له موضوع فيكون كبرى كلي ، فعندنا موضوع نسبي وعندنا موضوع مطلق وعندنا صغرى مطلقة وعندنا صغرى نسبية ، الكبرى النسبية يعني فوقها كبرى اخرى وهي صغرى لكبرى اخرى ولكن بالقياس الى هذا الموضوع هي كبرى .
شبيه ما قاله المناطقة جزئي اضافي وهناك جزئي مطلق ، جزء اضافي يعني نسبي يعني موضوع نسبي صغرى نسبية يعني نفس الاصطلاح ومن الاهمية بالمكان انهم ذكروا ان هذا نسبي ليتنبه الباحث في ما دونه من عناوين اخرى انزل منه الموضوع له فترامي الموضوعات تعني نزولا تنزلا كما عندنا ترامي المحمولات او الاحكام او الكبريات صعودا هذا قابل للتصوير .
فالمهم ان البحث في المقام صغروي نسبي او كبروي نسبي ، طبعا مدرسة الميرزا النائيني والسيد الخوئي والشيخ المظفر اصروا بان البحث صغروي وليس كبروي يعني قالوا البحث في التدقيق عقلا في متعلق الادلة متعلق الحرمة والحرام متعلق الوجوب والواجب ، هل الواجب والحرام اجتمعا حقيقة تكوينا في مصداق واحد ام لا? وهل تصادقا على واحد ام لا? و ام لا يعني تقارنا ولم يتصادقا في الصدق ، فمصداق كل منهما بالدقة العقلية شيء غير الاخر لكن هذان شيئان اجتمعا في مورد متلازم واحد فهل اجتمعا ام تقارنا واذا تقارنا اذن لا يصدق احدهما على الاخر ؟ كل يصدق على مصداق غير الاخر غاية الامر هذا مصداق متقارن في مورد واحد .
فالميرزا وتلاميذه يذهبون الى ان البحث في اجتماع الامر والنهي صغروي هل اجتمعا ام لا? يعني مصداق واحد لمتعلق الحرام ومتعلق الواجب ، فبحث اجتماع الامر والنهي يعني اجتماع متعلق الامر ومتعلق الوجوب وليس اجتماع قيود الوجوب مع قيود الحرمة ، الكلام ليس في اجتماع الموضوع الاصولي للحرمة اللي هو قيود الوجوب ولا الموضوع الاصولي للوجوب وللحرمة الذي هو قيود الوجوب وقيود الحرمة? الكلام في متعلق الحرام ومتعلق الواجب يعني شرب الخمر اي الشرب نفسه وفي الواجب مثلا الصلاة هو المتعلق .
فالكلام في اجتماع الامر والنهي يعني اجتماع متعلقيهما فالبحث صغروي بحت وليس كبروي يعني ليس البحث بعد الفراغ من اجتماع متعلق الحرام ومتعلق الوجوب في مصداق واحد هل هذا جائز ام لا? يعني ليس البحث في المحمول والحكم .
هنا تدعي مدرسة الميرزا النائيني انه لو كان متعلق الحرام ومتعلق الوجوب مصداقا واحدا بالنسبة للمحمول بديهي الامتناع وانه تعارض ونسبه الى البديهي والضرورة فالبحث ليس في المحمول حيث المحمول بديهي الامتناع والتعارض لا ان هناك نزاع في المحمول بعد الفراغ من الموضوع انه يمتنع اجتماع الوجوب والحرمة ام لا? اي الامتناع او الجواز ، لان عنوان المسألة هكذا اجتماع الامر والنهي جائز ام لا? والترديد في المحمول ظاهرا .
الميرزا النائيني يقول هذا الترديد مسامحة ليس الترديد في المحمول بعد الفراغ ان مصداقهما واحد والمجمع لتصادقهما واحد وهنا اختلف العلماء ممتنع ام لا? هذا البحث بهذه الصياغة مسامحة وبديهي البطلان عند الميرزا النائيني ، فالبحث ليس في المحمول بعد الفراغ من الموضوع البحث في الموضوع اللغوي يعني متعلقهما اجتمعا في مصداق واحد ام لا? لا انه بعد الفراغ من هذا البحث وهذه الجهة ايضا هناك نزاع في المحمول انه ممتنع او جائز ؟ الامتناع بديهي بعد الفراغ من الاجتماع الحقيقي في مصداق واحد لمتعلق الامر ومتعلق النهي والامتناع يعني التعارض والتناقض .
هذا ما ذهب اليه الميرزا النائيني والسيد الخوئي والشيخ المظفر ولكن الصحيح سنرى ان هناك نزاع في المحمول حتى بعد الفراغ.
نعم البحث في مقامين او مقامات مقام متعلقين تصادقا اجتمعا ام لا? فهل تقارنا او اجتمعا في مصداق واحد? بعد الفراغ منه يأتي بحث المحمول ممتنع الاجتماع ام لا? بل هناك قول انه حتى على التقارن بالامتناع ، طبعا الاجتماع اكثر عقدة اذا اجتمعا في مصداق واحد هل يمتنع ام لا? هل اجتمعا ام لا ؟ او تقارنا?
فعلى كلا التقديرين هناك نزاع في المحمول يعني حتى على التقارن هناك نزاع يعني هناك ادعوا السراية من احد المتقارنين الاخر ففي السرايا تصير اجتماع ، فاذن بالدقة النزاع موضوعي ومحمولي كبروي هل يمتنع ام لا? الميرزا النائيني وتلاميذه عندهم ممتنع وتعارض وتناقض وينسبون ان هذا بديهي عند المشهور والحال ان المشهور وصريح صاحب الكفاية وصريح الشيخ الانصاري في مطارح الانظار وغيره من كتب علماء امامية في الاصول انه على الاجتماع ليس امتناع تناقضي انما هو التزاحم بنمط وقسم جديد من التزاحم غير مبحث الضد .
فالبحث موضوعي ومحمولي فما نقحه الميرزا النائيني وتلاميذه محل نظر واضح لان البحث محمولي ايضا وهذا البحث المحمولي مهم جدا في حقيقة الاحكام الشرعية وباب واسع يفتح لاجل العلاقة بين الاحكام الشرعية ويتطابق مع مباني المشهور في طبقات القانون والحكم ، فالصحيح اذن في هذه النقطة الثانية او الثالثة ان البحث موضوعي صغروي وكبروي كليهما وليس البحث موضوعي فقط.
النقطة الثالثة او الرابعة :
ما هو الفرق بين مسألة اجتماع الامر والنهي ومسألة ان النهي يقتضي فساد العبادة او المعاملة ؟ لماذا نبحث الفرق بين المسألتين? وهل بينهما تشابه? يقال التشابه موجود لان النهي نهي والعبادة مأمور بها فاجتمع الامر والنهي ، النهي يقتضي الفساد والامر يقتضي الوجوب ام لا? فبالتالي هناك تشابه بين المسألتين من ثم بحثوا ما هو المغايرة بين المسألتين? البحث واحد فكيف المسألتين تجعلها مسألة واحدة? لماذا تجعل في كلمات الاعلام قديما وحديثا مسألتين? فاثنينية المسألة بماذا? ما الفرق بينهما?
هنا ابدي عدة فوارق بين المسألتين وهذا البحث اتحاد المسألتين ليس روتيني ديكوري اصولي وانما هو تدقيق صناعي في حيثية البحث في المسالتين كيف هما متغايران ؟ حقيقة البحث متغايرتان او متفقتان ؟ وذكرت عدة فوارق بين المسألتين :
منها ما ذكره الميرزا النائيني بشكل سلس باعتبار هو يدعي ان البحث في اجتماع الامر والنهي صغروي وليس كبروي البحث صغرويا في مصداق اجتماع متعلق الامر والنهي فحصر البحث وهكذا السيد الخوئي والشيخ المظفر فليس البحث المحمول اما البحث في ان النهي يقتضي الفساد بحث في المحمول ، فساد يعني تعارض لا تقول بالفساد ليس بتعارض .
هذا الفرق ابداه الميرزا النائيني والسيد الخوئي والشيخ المظفر هذا الفرق من جهة صحيح ومن جهة خطأ ليس بكامل اولا كيف الميرزا يقول ان البحث في المحمول? الم يقل قبل قليل ان البحث في المحمول بديهي ؟ اذا كان اجتماع قال بديهي البطلان ولانه تناقض فاذا كان بديهي كيف يصير البحث في المحمول ولو في مسألة اخرى ؟ اذن ليس بديهي وهذا الذي نريد ان نقوله وهذا نوع من التدافع بين النقطة السابقة التي بده الميرزا النائيني البحث في المحمول فيها وبين هذه النقطة التي يفرق بين المسألتين.
لاحظ حتى الشيخ المظفر يذكر عين كلام ومطلب استاذه الميرزا النائيني وهذا نوع تدافع وهذا فرق سليم في الجملة لان في النقاط السابقة مر بنا ان البحث ليس فقط في الصغرى ايضا في الكبرى فحينئذ ما الفرق بين المسألتين? هنا اجتماع امر ونهي وكذلك هناك ، ممتنع في كليهما او غير ممتنع ، اذن ليس الفرق كامل لابد من تكبير الفرق ، لان هناك البحث بالدقة لا يكون صغرويا في النهي يقتضي الفساد والتي هي مسألة محورية عمودية عمادية انه اذا تعلق النهي بالعبادة او بالمعاملة فما هو الفرق المحمولي بينهما? اذا كانت مسألة اجتماع الامر والنهي بحث في كلا البعدين بعد الكبرى والصغرى ففي الكبرى والمحمول ما الفرق بينهما? وستأتي الفوارق ، صاحب الفصول يذكر فوارق واخرون يذكرون فوارق فما هي الفوارق? هل هي مجموع فوارق ام ماذا? البحث ليس روتيني وانما دقيق نخاعي بين المسألتين ، وهذه البحوث المقدمية في اجتماع الامر والنهي بحوث في اصول القانون مهمة جدا.