الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/12/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: استنباط الضرورة و التسالم بين الخطأ والصواب‌

 

كان الكلام في النواهي الضمنية ومقتضى الاصول العملية عند الشك وانه يختلف في الاقسام الاربعة التي مرت بنا في قضية النواهي بقيت الفروع الفقهية التي ذكرها في العروة عند الاضطرار والسيد اليزدي ذهب الى لزوم تخفيف الموانع او تقليلها كما وكيفا فبناء على انه المستظهر في الموانع وهي نواهي ضمنية المستظهر هو النهي الاستغراقي فالامر يصير واضح وان كان هو نهي ضمني استغراقي ضمن عموم مجموعي لا مانع من ذلك وكما مر ان تركيب العموم من عمومين او ثلاثة يعني كعموم جديد هذا امر الى ما شاء الله في الابواب الفقهية وليس من الضروري ان يكون العموم من احد الاقسام الاربعة قد يكون متولدا من الاقسام الاربعة او متولد من متولدات الاقسام الاربعة مثلا جيل ثالث او رابع.

فبناء على الاستغراقية فالاستغراقية واضحة هو مجموعي اما بناء على المجموعي او البدلي كيف يجزم السيد اليزدي في انه تقليل الموانع بقدر الامكان ؟ مر بنا انه صحيح هناك فرق بين الاضطرار الاستغراقي عن البدلي عن المجموعي الثالث والرابع ولكن مر بنا كثيرا ما المجموعي له مراتب او بدلي له مراتب فليس البدلي متمحض في البدلي فقط وانما يمكن تصوير المانعية عن المراتب الاخرى من البدلي ، مثلا المولى نائم يقول لا تحدثوا صوتا وهو مثقل بالتعب واذا ايقظوه يعود للنوم ولكن بدون راحة واذا ايقظوه ثانية او ثالثة او رابعة يعاود للنوم ولو بتململ وتعب ، فالنهي بدلي و اول صوت يستحدث هو يحدث المعصية ولكن هذا البدلي له مراتب وهذا قابل للتصوير ان البدلي له مراتب فضلا عن المجموعي والاستغراقي كما هو في المركبات كالصلاة والحج مركب مجموعي لكنه له مراتب واذا انتفت المرتبة الاولى لم ينتف الكل .

وهذا هو الخلاف بين مدرسة الميرزا النايني والسيد الخوئي وبين المشهور فالمشهور يقول صحيح في المركب الارتباط المجموعي هو مجموعي هو ارتباطي لكن هذا لا يعني ان المجموع ليس له مراتب اضطرارا نسيانا سهوا وهذا الذي لم يراعيه الميرزا النائيني في نظريته انه فقط المجموع فبقية المراتب كيف تصير? فمن ثم فتوى السيد اليزدي تامة في تقليل الموانع كما وانما يبقى تقليل الموانع كيفا مثل نجاسة خبثية نجاسة معنوية المسلوس والمبطون هي نجاسة معنوية لكن لابد من تقليلها يعني يتوخى الاوقات التي يقل فيها خروج البول او الريح وان يلصق الوضوء الاضطراري بالصلاة لتقليل كمية الحدث الناقض .

فالطهارة لها مراتب والحدث له مراتب مع انه من قبيل القسم الرابع عنوان بسيط مسبب عن المجموع مع ذلك فيه مراتب فالبحث في المراتب مهم جدا في المركبات ، بقي انه يخففه كما مثلا عنده ثوب ملطخ باحد الدماء الثلاثة وثوب ملطخ بغير الدماء الثلاثة ، فهي تتوقى اي الثوبين ؟ يجب ان تتوقى الثوب الذي فيه الدماء ثلاثة لان الدماء الثلاثة ثبت من الشرع انها اشد قذارة ونجاسة من الدم العادي الذي خرج من الجرح لدى المرأة او غير المرأة .

هنا السيد الخوئي عنده اشكالية مبنائية خلاف المشهور يقول هذه الشدة والضعف في الاحكام ذاتا ليست متصورة لانها امور اعتبارية نعم في التكوينيات موجود شدة وضعف بخلاف الاعتباريات لانها اعتبار لا معنى للشدة والضعف الا بلحاط اثار اخرى وهذا يمكن تصويره .

مثلا نفس الملكية في باب الوضعيات او نفس النجاسة والطهارة كحكم اعتباري وضعي هذا لا يقبل الشدة والضعف ، نعم بلحاظ الاثار صحيح اما نفس الحكم الوضعي الاعتباري او الوجوب الاعتباري التكليفي او الحرمة الاعتبارية التكليفية هو نفسه كاعتبار لا يتصور فيه شدة وضعف مثل التكوينيات وهذا المبنى اصر عليه السيد الخوئي في الفقه في ابواب عديدة انه بلحاظ اثار الحكم قابل للتصوير فالشارع يرتب اثار اكثر او يقلل اكثر اما بلحاط نفس الحكم فيه شدة وضعف وهو اعتباري غير قابل للتصوير .

فمن ثم يستشكل على العروة انه ما الدليل ان النجاسة من الدماء الثلاثة اشد من غيرها او نجاسة الدم اقل من النجاسة البولية وان كان بامكانه ان يغسل الثوب مرة وليس لديه ما يغسله مرتين ويجب عليه الغسل مرة لتخفيف النجاسة يعني تخفيف كيف كيفا لا كما .

ولكن المبنى والبناء غير صحيح ، حيث اذا كان في الامور التكوينية متصور الشدة والضعف كيفا فلماذا لا يتصور في الامر الاعتباري? لان الاعتباريات نظام قائم يعني هندسة بناءا على انه فرضي بناء قائم هندسته على التكوينيات فهذه الافتراضية العلمية للاعتباريات مقتبسة من التكوينيات حذو القذة بالقذة ، فاذا كان في التكوينيات متصور ففي الاعتباريات متصور لانها عبارة عن استنساخ لما في التكوينيات ، اما بناء على نظرية الاعتبار التي نعتمدها ان الاعتبار ليس افتراضية تخيلية وانما الاعتبار هو ادراك تكويني مجمل للواقع فالامر اوضح لانه هو نفس التكوين انما الادراك اجمالي وليس شيء وراء التكوين هو التكوين نفسه ولكن ادراكه مبهم مجمل .

بل حتى على نظرية المشهور ان الاعتبار افتراضي وكذا حتى على هذه النظرية وعلى هذا المبنى او مبنى الاصفهاني او مبنى الاشاعرة قابل للتصوير شدة وضعف ونجاسة شديدة ونجاسة ضعيفة ، وكذلك في الملكية والزوجية وموارد عديدة ، فرق الحق انه ملكية ضعيفة مثلا في باب الماليات والحقوق وهذا بغض النظر عن الاثار ، فعرفوا الحق بغض النظر عن الاثار ، فالحق هو ملكية ضعيفة والملكية ملكية قوية هذا تعريف صحيح تبناه السيد اليزدي او المشهور والا هناك تشابه كثير ما بين اثار الحق واثار الملكية مع ذلك هذه ملكية وهذا حق لا مانع منه .

فالمقصود ان هذا المبنى اساسه الذي بنى عليه السيد الخوئي في ابواب عديدة لا صحة له والحق مع المشهور ان الاحكام الشرعية سواء تكليفية او وضعية قابلة للشدة والضعف كما نقول هذا الحكم من الكبائر السيد الخوئي يقول من جهة الاثار ، كلا وحتى نفسه حرمة شديدة حرمة كبيرة نعم بلحاظ الاثار تختلف لكن نفسها يقال عنها حرمة شديدة باعتبار المعتبر هو استنساخ لما هو في التكوين وهنا الاثار تختلف .

هناك اشكال اخر للسيد الخوئي يقول لا دليل على تخفيف النجاسة كيفا ، نحن نقول لماذا ؟ الكلام الكلام اذا قرر ان النجاسة تفاوت في المراتب فبالتالي هي اقل قذارة يتناسب شبيه الان الطهارة المعنوية حتى وشبيه الطهارة الكمية الخبثية ما الفرق بين الكمية والكيفية? فبالتالي كلما قلل من النجاسة هكذا الحال ولذلك الفقهاء وحتى السيد الخوئي في موارد الدم المعفو عنه كدم القروح والجروح افرض دم التطبير لا يستطيع ان يطهر نفسه بسرعة هذا دم جروح معفو عنه وان كان جرح تعمده الانسان كالحجامة هذا معفو عنه ولكن يجب ان لا يتفشى على الثياب فنبدل الثوب كذا فيجب مراعاة تقليل التفشي في الدم المعفو عنه مما يدل على انه التقليل كما وكيفا مطلوب.

هذا تمام الكلام في مباحث النواهي الضمنية والاستقلالية والوضعية والتكليفية .

بعد ذلك صاحب الكفاية يبدأ بمسألة حساسة في النواهي وهي مسألة اجتماع الامر والنهي .

وهذه المسألة فيها محطات وجهات وهناك كما سنرى اختلاف بين مدرسة السيد الخوئي ومدرسة المشهور ، السيد محمود الشاهرودي الكبير مع انه من تلاميد النائيني لكنه لم يتابع استاذه النائيني في اجتماع الامر والنهي بل تابع صاحب الكفاية تماما وهو الصحيح ومبنى صاحب الكفاية هو مبنى المشهور .

فالكلام يقع في التدقيق الصناعي في مراحل ومحطات هذا البحث وزواياه وجهاته فمهم التدقيق فيه واختلفت انظار الاكابر في تنقيح هذه الزوايا على الامتناع او الجواز .

ونحن كملخص البحث في سطر واحد نقول ان المشهور في مسألة اجتماع الامر والنهي بالدقة لا يذهبون الى التعارض حتى على الامتناع خلافا لمدرسة النائيني ومنهم السيد الخوئي وخلافا لما ينسبه مدرسة النائيني او مدرسة السيد الخوئي الى المشهور حيث تارة مبنى السيد الخوئي يخالف المشهور هذا عرفناه وتارة ينسب السيد الخوئي للمشهور ما لا يتبنونه ، والسيد الخوئي لا يتعمد التزييف وانما استظهاره لكلام المشهور في غير محله يعني يستظهر بان هذا لديهم يعني التعارض في بعض الصور والحال ان هذه النسبة لا واقع لها وهذه نكتة مهمة يعني ترى الاعلام الكبار بغض النظر عن الميرزا النائيني والسيد الخوئي تجد موارد بعض الاعلام يستظهرون نسبة الى المشهور او قل يستظهر التسالم وهو ليس مبنى المشهور فضلا عن التسالم ولكن استظهاره هكذا وهذا ليس تزييفا وانما استظهارا وما شاء الله هذا في الفقه ، فنحن بحاجة الى التثبت .

مثلا البعض يرى القول بالجزئية في الاذان للشهادة الثالثة كالشهيد الثاني حيث استظهر من كلام الشيخ الطوسي والصدوق انه يقولون ان عدم الجزئية ضرورة المذهب وهذا امر عجيب وهذا غفلة واستظهار في غير محله كما نبه على ذلك النراقي في المستند ونبه عليه المجلسي الاول ، يعني من يحمل كلام الصدوق على غير التقية وانه جدي حتى ما يستظهر هذا الاستظهار فضلا عن انه تقية فالمقصود هكذا استظهارات عجيبة وغريبة ، فهي لا ضرورة ولا بديهة ولا تسالم ولا مشهور وانما المشهور على خلافه تماما.

فبناء على الامتناع السيد الخوئي والشيخ المظفر كلهم تبعا للميرزا النائيني يعني بناء على الامتناع تعارض بديهي والحال ان المشهور ما عندهم تعارض فنسبة التسالم والضرورة كثيرة ما تكون استنباطية اجتهادية لا واقع لها ، والا لاحظ الشهيد الثاني في قضية الشهادة الثالثة هناك فتوى للسيد المرتضى موجودة ان الشهادة الثالثة في الاذان واجبة جزئية او غير جزئية بل حتى في التشهد النراقي يستظهر من كلام الشيخ الطوسي في المبسوط والنهاية انه يفتي بالجواز العمل بروايات جزئية الشهادة الثالثة في التشهد يعني تشهد الاذان ويستظهر بنحو الجزم وهذا استظهار غير الشهيد الثاني .

فالكلام في النسبة للمشهور او للضرورة هذه ليست بالضرورة تكون صحيحة وانما قد تكون استظهار غفلة خاطئ من احد الاعلام وما اكثر ذلك? يعني حتى النسبة ليست حسية وانما اجتهادية استنباطية استظهارية هو ينسب للمشهور ولا واقع للنسبة ، في نفس مسألة الشهادة الثالثة كثير من اجيال اكابر العلماء بسبب عدم الفحص قالوا اصلا متن الروايات التي تتعرض للشهادة الثالثة بانه جزء هذا في التشهد للاذان وبالتالي يصير تشهد الصلاة لانه عندنا رواية معتبرة لفضل ابن شاذان ان ماهية التشهد في الاذان وفي الصلاة واحدة وفي فتنة الكاظمية ذلك الطرف عنده هذا الاشكال انه ما هي التشهد في الصلاة وفي تشهد الصلاة وماهية التشهد في الاذان هي ميزان واحد وكلامه صحيح والاكثر على هذا .

فكثير من الاكابر قالوا لم تصل الينا روايات الشهادة الثالثة فقط تكلم عنها الصدوق وضعفها ولكن لم تصل الينا والمجلسي الاول يقول الاكابر لم يعنوا انفسهم ان يفتحوا كتاب الفقيه ويرون ان المتن موجود والصدوق روى المتن ولم يرو السند كيف المتون لم تصل الينا? وذكر صدوق انها ثلاث طوائف وليست ثلاث روايات نعم السند ما ذكره ولكن وصفها بانها طوائف بكلمات اخرى .

فعملية التأني في الفحص عن المواد السالمة الخام من حيث الحديث والايات قليلة ومعروف عن احد الاكابر ستة اشهر بحث في الاية والاية تقرأ في البحث بخطأ كلمة او كلمتين والاستظهار ينقلب تماما ، السيد الكلبيكاني يقول اذا تتكلم عن استظهار في اية او رواية اجعله كالباور بوينت يعني كأنما اللوحة امامك تنظر الى كل كلمة كلمة في الاية وفي الرواية ولا تتكلم عن حافظتك دائما الكلام عن الروايات والايات استظهارها في الحافظة مورد التباس ويسمونه علل الحديث لانه دائما الحافظة تنقص وتزيد وليست حافظة معصوم وتصير اشتباه .

صاحب الحدائق في باب الطهارة يسجل على اجيال من الاعلام ينقلون اية معينة ناقصة كلمة او كلمتين وهذا يؤثر في الاستظهار فهي خطوة بسيطة ولكنها ضرورية ، فعملية التأني والتثبت من الفاظ الايات والروايات والرجوع الى مصدرها سيما الروايات انها نسخة كذا وطريق كذا مقطعة كلمة زائدة وهذه الخطوة السهلة التي تتوقف على علم الحديث بحاجة الى تضلع في علم الحديث والا ما يمكن لانه ما عندنا عصمة في الحافظة مثل واو او باء حرف جر اذا زيدت او نقصت يختلف الظهور .

فالتثبت لا بد منه ، كذلك التثبت من كلمات الاعلام مثل ما مر بنا النراقي ذكرت انه يذكر ان الشيخ الطوسي يقول العامل بروايات الشهادة الثالثة في التشهد ليس اثم وهذه فتوى منه بالجواز وكلام النراقي تام ، فهذا الاستظهار اين? واين استظهار الشهيد انه الضرورة هو النفي والعدم وبدعة وهذه الاستظهار من الشهيد الثاني خلقت فتنة .

احد اسباب فتنة الكاظمية التي راحت فيها دماءه يعني الامر ليس بسهل انت عندما تدعي خلاف الضرورة يعني خلافها بدعة والتسالم خلافها شبيه البدعة فهذا جدا بحاجة الى تثبت ومجرد ادعاء احد الاكابر الاساطين لا يكفي حيث العلم ليس فيه مجاملات وليس فيه عظمة الشخص نعم المعصوم شيء اخر اما غيره لابد من التدقيق في المواد والنكات وهذه ليس فيها مجاملات وليس فيها غض النظر وتعارفات ولا مداراة وانما فيها ميزان بحت اما موجود او لا .

وفي المقام مدرسة الميرزا عندهم على الامتناع تعارض بديهي مع انه بالعكس المشهور عندهم ليس تعارض ففضلا عن هذا المشهور فضلا عن ان يكون بديهي فضلا على ان يكون تسالم ، انظر النسبة كيف تنقلب ، فبالتالي قضية نسبة الضرورة ونسبة التسالم ونسبة المشهور كما يقول كاشف اللثام وصاحب الجواهر وغيره من الاكابر يجب التثبت فيها .

كثير من النسبة اجتهادية ليست فيها تعمد زيفي ولكنها استنباطية اجتهادية معذورون في الخطأ من هذه الجهة اما ان تقول القول بالجزئية لم يقل به احد او القول بالوجوب لم يقل به احد من اين هذا? الان وصلنا الى قريب اربعة عشر او ستة عشر من كبار الاعلام يقولون بالوجوب فليس فقط بالمشروعية والجزئية وهذا بعد تتبع طال ثلاثين عاما .

وللتو وقفت على متن في روايات خاصة وطائفة وطائفتين وثلاث صميمية جدا انه كل صلاة لا يذكر وليس لا يصلى وانما لا يذكر وهذا في الكافي وفي الاصول الستة عشر كل صلاة لا يذكر فيها محمد وال محمد لا تقبل ، يعني ذكرهم وليس الصلاة عليهم ، اذا صلى احدكم ولم يذكر النبي واله يسلك بها غير سبيل الجنة وصلاته اصلا غير مقبولة عند الله وغير صحيحة .

فالتتبع والبحث سيد الموقف لا الشخوص الاعاظم اما هو نسب و اسند الى المشهور والى الضرورة فرويدا رويدا لا تعتمد الا على فحصك المباشر هذه وصية صاحب الجواهر يعني يقول لا تعتمد ان اوفر لك مواد انت بنفسك تتبعها ربما هذه التتبعات واستظهارات خاطئة وما تعذر .