45/12/01
الموضوع: النواهي الضمنية احكامها ثبوتاً وإثباتاً
كان الكلام في النواهي الضمنية انها اربع اقسام وكذلك في الاوامر هكذا وسواء كانت ضمنية او استقلالية اما صرف الوجود البدلي او الاستغراقي او المجموعي او العنوان المسبب من الافراد .
فكان الكلام في مقتضى هذه الاقسام انه مختلف في الاضطرار او في مورد الشك في الاصل العملي ، ففي مورد الاضطرار اذا كانت المفسدة بنحو صرف الوجود وهو مضطر فبالتالي يستلزم سقوط النهي لان المفروض ان صرف وجود المنهي عنه مبطل كما هو الحال في المفطر صرف وجوده يسبب زوال الصيام مع وجوده ولو مرة يزول الصوم فلماذا التزم المشهور في مورد الاضطرار في الصيام بان يقتصر على الضرورة ؟
لاجل انهم يلتزمون بوجود حكمين في باب شهر رمضان : حكم بوجوب الصيام وهذا انتفى بمجرد الاضطرار الى مرة واحدة من الافطار وحكم اخر حرمة الافطار تبقى على حالها ، حرمة الافطار بالنسبة الى الافطار استغراقي اما ترك المفطرات بالنسبة الى وجوب الصيام بدلي فالشيء واحد وطبيعة واحدة قد تتعلق بها حكمان لكن بنمطين من العموم وهذا مر بنا ان الموضوع الواحد والمتعلق الواحد في حكم واحد يمكن ان يكونا من حيثيتين مختلفتين في العموم وكل هذا ممكن .
فهناك فرق بين صرف الوجود والاستغراق ، اما مقتضى الاستغراق فمن الواضح انه هو الاستقلال عن بعضها البعض فمع الاضطرار الى بعضها لا يسوغ ارتكاب البقية لكن بقي عندنا سؤال لم نجب عنه انه كيف نتصور نواهي ضمنية واستغراقية استقلالية ؟ لان الضمنية يعني هو المجموع والاستغراق يعني الاستقلال فكيف يجمع بين الضمنية الاستقلال والاستغراق الذي هو استقلال? كيف يجمع بينهما?
شبيه ما يطرح انه كيف النهي ينشأ من الفساد الضمني ؟ الضمن المجموع لكل العبادي في النواهي الضمنية وسبق ان مر تصويره فهناك كيف يصور نواهي ضمنية مستقلة بنحو الاستغراق في حين هي ضمن مركب مجموعي؟
وهذا جوابه يعتمد على ما مر علينا مرارا ان تركب العموم الواحد يعني هناك عمومات بسيطة بدلي استغراقي مجموع امتدادي وهناك عمومات مركبة بدلي استغراقي واستغراقي مجموعي يعني من حيثيتين في عموم واحد ، ومر ان تركب العمومات من اقسام عديدة يشكل قوالب واطر وعمومات متعددة فلا نحسب بان العموم دوما بسيط وهو واحد من هذه الاربعة ، كلا يمكن ان يكون هناك عمومات مركبة من الاقسام الاربعة اثنين منها او ثلاثة وهلم جرا يتوالد من التركيب انواع وانواع وانواع ومن اعقد الامور في باب الاستنباط اليومي هو استكشاف قالب العموم والذي قد يكون غالبا ليس عموم بسيط من احد الاقسام الاربعة بل يكون عموم مركب من عدة اقسام ومزيج من اقسام في اقسام فيكون شكله كأنما معقد وهذا هو الذي يجب على الفقيه ان يكون يقظ ونبه في اكتشاف نوعية ونمط العموم المركب لانه مركب وبسيط واذا كان مركب فهو مركب من كم حيثية?
فالعموم رغم انه في الوهلة الاولى سهل التناول لكن هو من البحوث المعقدة سواء العموم في المحمول وفي حكم او العموم في الموضوع او في المتعلق .
الكلام في الاطلاق كذلك ، الاطلاق اما في الموضوع وقيود الوجوب او في الحكم المحمول او في المتعلق ، فهو ليس مجموعي بقول مطلق ولا استغراقي بقول مطلق يعني يشبه المسبع حيث عندنا مثلث ومربع ومستطيل ومخمس ومسدس وعندنا مسبع ، فالاسم يشير الى المعنى والمعنى هو هو سواء وضع له اسم ام لا ، فالاصوليون فعلا لم يضعوا له اسم ولا علماء البلاغة ولكن هناك من العمومات الى ما شاء الله .
مثل الدولة الفيدرالية الاتحادية لا هي مجموعي مطلق ولا استغراقي مطلق وانما بين وبين ، يعني بعض مساحاتها استغراقي استقلالي وبعض المساحات دولة مركزية اتحادية وليس كلامنا انها تشخيصها باللفظ مهم وانما التشخيص بالمعنى هو الاهم ، الاسماء والاصطلاحات امرها هين الكلام في المعنى الذي يترتب عليه الاثار .
الان نمثل بدولة روسيا لا هي اتحادية ولا قيصرية ولا حكم ذاتي ولا هي اقاليم وانما كوكتيل من كل انحاء الحكم في بقية دول العالم تجدها في روسيا ، فالتركيب قابل للتمزيج باشكال لا تنتهي ومن السذاجة بمكان عند الباحث في الاستنباط انه يتراءى له ان هذا نمط من العموم فقط وهذا نمط من العموم فقط او عمومان او اثنين او ثلاثة ومر بنا مرارا ان صعوبة البحث في صلاة المسافر هو لتعقيد قيود الوجوب بعضها استغراقي بعضها مجموعي بعضها بدلي فيركب منها موضوع جامع من ثمان اجزاء .
لذلك فروع كثيرة من صلاة المسافر كبار اساطين الفقه ترجلوا فيه وسببه هو هذا يعني ليست هندسة قالب واحد وانما قوالب متمازجة فالحذاقة القانونية هنا تأتي فهذا البحث ليس بلاغي ولا دلالي وانما هو بحث ثبوتي في كيفية قوالب واشكال العموم فهذا البعد ظاهره سهل وواقعه صعب جدا تشخيص قوالب واطر العمومات في الحكم الواحد وفي الموضوع الواحد وفي المتعلق الواحد وفي متعلق المتعلق ، فكل منها لها عموم بنمط .
فهذه العمومات من اضلاع القضية القانونية الشرعية كيف تتركب وتتلائم وتترابط? فهنا الحذاقة عند الفقيه او المجتهد في الاستنباط ، فهذا بحث مهم ، فهنا هذا التساؤل كيف تكون نواهي استغراقية استقلالية وهي في ضمن مركب مجموعي ؟ وهي شبيه بالدولة الفيدرالية ففي حين هي استقلال ولكن ليست استقلال بقول مطلق ولا مجموعي بقول مطلق وانما بين بين ، وحتى هذا بين بين درجات كثيرة عديدة وليست على وتيرة واحدة .
هذا بالنسبة للاستغراقي اما المجموعي مقتضى القاعدة انه اذا انتفى جزء منه ينتفي الكل هذا صحيح ومن ثم القاعدة ان يسقط النهي المجموعي لكن المشاهد في المركب سواء كان منهيا عنه او مأمور به كثيرا ما ترى هذا المركب في حين هو مركب وهذا الذي استصعبه الميرزا النائيني في اواخر حياته وتلاميذه منهم السيد الخوئي هو في حين مركب مجموعي في الامر او في النهي لا فرق لكن نشاهد في كثير من الابواب هذا المركب المجموعي هو ذو درجات وطبقات مثلا لا تسقط الصلاة بحال مع انها مجموعية لم يتمكن من الدرجة الاولى من المجموع يذهب للمركب الثاني المجموع واذا لم يتمكن يذهب للمركب الثالث للمجموع وهلم جرا فمجموعي لكنه ذو مراتب فكونه مجموعي لا يعني انه ليس شبيه الانحلال الاستغراقي هذا ايضا نوع حالة من الاستغراقي ، فلا هو استغراق استغراقي ولا مجموعي مجموعي وانما تركب .
كثيرا ما حتى في البدلي الذي ذكره الميرزا النائيني وتلاميذه منهم السيد الخوئي ان الاستغراقي مقتضى القاعدة اذا ارتكب المفروض النهي لا ليس دائما مع انه بدلي وينتفي وبكذا ربما بدلي ايضا له مراتب فيكون عمومه واطلاقه مركب وليس بسيط فمن جهة كأنما استغراقية ومن جهة كأنما مجموعية قابل للتصوير والكلام الكلام في القسم الرابع الذي حكمه حكم القسم الثالث فاذن ثبوتا الذي ذكره الميرزا والسيد الخوئي متين لكن ليس من الضروري ان يكون العموم بسيط قد يكون عموم ملفق ممزوج من انماط من العموم وهذا ما نشاهده كثيرا .
ومن الخطأ بمكان عند الاستظهار والاستنباط حسبان ان الحكم او الموضوع او المتعلق في القضية الشرعية الواحدة هو على نمط واحد او نمطين بل يمكن ان يتخذ اشكالا وانماطا متعددة وكانما هو حزورة هندسية .
هذا بالنسبة الى بحث الاضطرار كيف الاثار والثمرات والفوارق الاثار بين الاقسام الاربعة?
اما بالنسبة الى جريان الاصل العملي عند الشك في الشبهة الموضوعية او الحكمية فمقتضى هذه الاقسام الاربعة يختلف في جريان الاصل العملي ، مثلا القسم الرابع وهو العنوان المسبب عن المجموع سوف يكون من قبيل المسبب والسبب وموارد الشك في السبب هنا ليس مجرى للبراءة وانما مجرى لقاعدة الاشتغال لاننا عندنا اشتغال يقيني بالمسبب ونشك ان هذا المجموع من الافراد يحققه او لا يعني شك في السبب ، مثلا لو كنا في باب الوضوء مأمورين بالطهارة المعنوية هي مسببة لكان الشك في اجزاء الوضوء في الشبهة الحكمية او الموضوعية يقتضي الاحتياط لاننا عندنا اشتغال يقيني لمسبب ونشك في ان هذا المقدار الاقل حققه ام لا?
هنا وان كان الاقل والاكثر الارتباطي او الاستقلالي اذا كان في السبب ليس مجرى للبراءة لانه عندنا يقين بالاشتغال ويقين بالمسبب هذا القسم الرابع من الاقسام .
الان البعض فصل تفصيلات في السبب والمسبب الشرعي ولعله هو الميرزا النائيني يفصل غير السبب والمسبب العقلي لا حاجة للدخول يعني مجرى البراءة لكن غالب المشهور انه مجرى الاشتغال واما في الاستغراقي فواضح ما دامه استغراقي تجري البراءة بكل سهولة في القسم الثالث لانه كل فرد حكم مستقل على حدة انفرادي فتجري البراءة بلا اي تعقيد واي اشكال .
فلاحظ هنا استغراق ضمن مجموع ومع ذلك تجري البراءة اما لو كان مجموعي سوف يكون من قبيل الاقل والاكثر الارتباطي كل حسب مبناه في الاقل والاكثر الارتباطي هل البراءتين العقلية والشرعية تجري او البراءة الشرعية فقط ؟
هناك اقوال ثمة منقحة في باب الاقل والاكثر الارتباطي فالمجموع الضمني عين المجموع الاستقلالي او في النواهي عينه في الاوامر اما لو كان من قبيل صرف الوجود وشك فيه فتجري البراءة بلا اشكال اما شبهة حكمية او شبهة موضوعية .
هذا اجمال التفصيل .
بقيت بعض الفروع والفتاوى ذكرها السيد اليزدي وهي متينة لكن استشكل فيها السيد الخوئي ، طبعا قبل ان اواصل هنا نكتة موجودة في جريان الاصول العملية في الاقسام الاربعة سواء في الشبهة الموضوعية او في الشبهة الحكمية ان هذا الكلام في التفصيل في كيفية اجراء الاصول العملية في الاقسام الاربعة ما لم يجر الاستصحاب في الاصول عملية حيث الاستصحاب يسمى ملك الملوك في الاصول العملية وهو مقدم على كل الاصول العملية سواء شبهة موضوعية او شبهة حكمية الاستصحاب هذا طبيعته سواء كان وجودي او عدمي الاستصحاب طبيعته مقدم على بقية الاصول العملية .
هنا في المقام استصحاب العدم الازلي له مجال في الشبهة الموضوعية في اللباس المشكوك اشك بان هذا الشعر مما لا يؤكل لحمه او مما يؤكل لحمه يمكن اجراء الاستصحاب العدم الازلي اما بلحاظ النعت او بلحاظ المادة او بلحاظ الصورة النوعية فالاستصحاب يمكن ان تجريه في الصورة النوعية تقول هذا ليس بحيوان اصلا او ليس بحيوان يؤكل لحمه او هذا ليس بشعر مما يؤكل لحمه ، مثلا يأتيك شيء تشك انه من الجلود او من المواد الكيميائية الاخرى او احرزت انه من الجلود ولكن تشك انه مما لا يؤكل لحمه او مما يؤكل لحمه فتجري في الصفة واستصحاب العدم الازلي يأتي بتقريبات عديدة اذا كان المستصحب طبيعته مركبة فبالتالي يجري على التقريب المعروف بالاستصحاب العدم الازلي .
وللعلم ان الاستصحاب العدم الازلي بحث معقد دقيق وصعب ولكن البحث فيه هو في العام والخاص مبحث لفظي والمفروض ان استصحاب العدم الازلي مبحث اصل عملي لماذا حشده الاصوليون بحثه في العام والخاص وما صلته بالعام والخاص وبالالفاظ? اليس هو اصل عملي? فلما ذا بحثه الاصوليون في العام والخاص?
السبب ان البحث ليس في الاستصحاب نفسه ، لو كان في الاستصحاب لكان بحث اصل عملي يجعل في الاصول العملية ، العقدة في الاستصحاب العدم الازلي ليس في الاستصحاب نفسه وانما في واقع المستصحب بغض النظر عن الاستصحاب ان هذا المستصحب كيف ووجوده كيف وعدمه كيف وعدمه الازلي كيف?
اذن البحث في نفس المستصحب يعني بحث الالفاظ كيف العام والخاص? وهذا البحث في تركب المستصحب هو مرتبط بالعلاقة بين العام والخاص حصرا ما هي العلاقة بين العام والخاص? حقيقة عملية التخصيص كيف? ونتيجة التخصيص ما هي? ونتيجة التقييد ما هي? حينئذ يتنقح لدينا المستصحب ، فاذا تنقح فبحث الاستصحاب سهل تطبيق الكبرى على الصغرى ، فاذن في الحقيقة مبحث استصحاب العدم الازلي هو اسمه استصحاب عدم ازلي ولكن العقدة فيه ليس في الاستصحاب وانما المستصحب بحث اجتهادي وليس بحث اصل عملي ، الكلام في ذات المستصحب كيف هو ومن ثم هذا بحث في الدليل اللفظي ونظام الالفاظ والمدلول كيف يتركب ؟ وبحث جدا مهم ليس في استصحاب العدم الازلي فحسب وانما بحث خطير في كل مباحث الالفاظ كيف تتركب الموضوعات او المتعلقات? فنقول المركب انضمامي او اتحادي او عرض ومعروض او تركب يعني ماذا? وله ثمرات كثيرة في ابواب الالفاظ ، الدليل الاجتهادي او حتى في ابواب الحجج ، الحجج في الشريعة استقلالية او استغراقية مجموعية ؟
وهذا مثل الجدل الدائر بين الاخباريين والاصوليين او المتكلمين والفلاسفة او الدينيين او اللادينيين ، هذه البحوث المعقدة هي تنطلق من نفس مبحث العموم الذي مر بنا اليوم كيف يتركب?
فالمحصل ان استصحاب العدم الازلي بالدقة هوبحث في المستصحب، وهذا سؤال يمتحن به الفضلاء لماذا استصحاب العدم الازلي بحثه الاصوليون في العام والخاص ولم يبحثوه في الاصول العملية ؟ وكثير من مباحث الاستصحاب ليست استصحابية في ذات الاستصحاب وانما هي مباحث مرتبطة بمباحث الالفاظ او قل بالمباحث الثبوتية في الالفاظ لا الاثباتية ، لذلك الاستصحاب اسمه استصحاب اصل عملي تنبيهاته وكثير المتون والبحث فيه اكثر منه بحث في اصول القانون او المباحث الثبوتية في الحكم وفي المبادئ الاحكامية وليس مبحث استصحابي كوظيفة عملية لكن رأوا العلماء مناسبتها هناك اثاروها لانه لم يتم اثارته وتنقيحه في باب اخر .
مثلا حقيقة الحكم الوضعي ما ربطه بالاستصحاب? او حقيقة الفرق بين الحكم الوضعي والتكليفي هذا ليس مبحث استصحاب ولا وظيفة عملية بحث في المبادئ الاحكامية او قل اصول القانون وكذلك ما هي حقيقة الجعل والمجعول? استصحاب عدم الجعل واستصحاب بقاء المجعول ، واستاذنا السيد الروحاني خصص شهر رمضان كامل فقط في هذا البحث هو ليس بحث استصحابي بالدقة وانما مبحث مرتبط حقيقة بالحقيقة الثبوتية للاحكام وكيفية الجعل والمجعول ، فهذا البحث ليس فقط في الاستصحاب العدم الازلي وانما في بقية مباحث الاستصحاب يجب ان نلتفت .
هنا هذه النكتة التي اردنا ان نبينها ان الكلام في مقتضى الشك في الاقسام الاربعة في النواهي الضمنية البراءة والاشتغال او او او هذا لم يجر الاستصحاب لعدم الازلي اذا جرى الاستصحاب هذا جيد النائيني لا يرى استصحاب العدم الازلي بينما الاصفهاني والعراقي والسيد الخوئي وهو الصحيح يرون جريان استصحاب العدم الازلي .
فاذا جرى استصحاب العدم الازلي عند الشك ان هذا ما لا يؤكل لحمه او يؤكل لحمه حيوان او غير حيوان بتقريبات عديدة لمن يرى اجراء استصحاب العدم الازلي يكون مقدم على البراءة وان توافقا او على الاشتغال .
هذا تمام الكلام في الاقسام الاربعة بلحاظ الاصول العملية .