45/11/21
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث النواهي /حقيقة الأوامر والنواهي الضمنية
كان الكلام في النواهي مادة وصيغة وبتبعها الأوامر مادة وصيغة وبالذات كان البحث في الأوامر او النواهي الضمنية الوضعية ان فيها اقوال اربعة أنها تكليفية ضمنية او انها وضعية ضمنية او انها هما معا او انها ارشادية وهو الذي تبناها السيد الخوئي رحمة الله عليه. على كل مبحث نظام الارشاد يختلف عن مبحث التعبدي والمولوي والبحث فيه طويل الذيل.
أيا ما كان ملخص شرح الاقوال هذه ان الميرزا النائيني والميرزا القمي ذهبا الى ان «اقيموا الصلاة» أمر مجموعي اجمالي. كلمة الإجمالي يستخدم بمعاني عديدة سواء في علم الأصول وعلم المعقول وهنا المراد بالاجمال ليس التردد بل يعني المجموع فاقيموا الصلاة امر وحداني يتعلق بالمجموع وإذا أردنا أن نفصله فيعني: كبر وقم واقرأ واركع واسجد وتشهد واقنت وهلم جرا. فاذا هذه الأوامر التفصيلية أوامر تكليفية تفصيل للامر الإجمالي ليس الا.
الإجمالي يستخدم بمعاني عديدة وليس بمعنى التردد فقط بل يجب ان يقف الانسان عليها سواء في المعقول والمعارف او الأصول شبيه الكلي انه يستخدم بمعاني عديدة وليس معناه قبول الانطباق على الكثيرين فقط. بل فيه كلي بمعنى المجموع في علم الاقتصاد بل حتى في علوم المعقول ولها معاني عديدة وكذلك الاجمال له معاني عديدة فيجب ان يلتفت الانسان.
فهنا «اقيموا الصلاة» يعني يتفصل الى اجزاءها. سيما الميرزا النائيني يصر على وجود الامر الضمني يعني انه وجود ليس انتزاعيا بل له وجود تكويني خارجي حقيقي في ضمن الامر المجموعي. فرتب عليه الميرزا النائيني آثار عديدة في بحث مقدمة الواجب والطهارات الثلاث وبحوث أخرى.
لطيف في مبنى الميرزا النائيني والقمي ان هذا الامر ليس انتزاعا عقليا كانتزاع الجزئية من الامر بالجزء ولو ان هذا الانتزاع العقلي أيضا ليس عقليا محضا بل عقل غير مستقل يعني جعلا شرعيا تبعيا بإدراك العقل ولكن بالتالي لا يرتب عليه الاثار الجعلي الأصلي.
لكن هنا في الأوامر الضمنية عند الميرزا النائيني انها مجعولة في متن الامر بالكل لا ان العقل ينتزعها شبيه «الجدار» هو مجموع لكن اللبنات والآجرات فيه موجودة لا انه بتأمل وتكلف من العقل. نعم القضايا الانتزاعية أيضا انها واقعية ولا يقول احد انها تكلفية وتخيلية بل ذاك واقعي بمنشأ انتزاعه وان كان خلافا بين الفلاسفة ان الامر الانتزاعي له وجود خارجي او بمنشأ انتزاعه فبالتالي العقل يدركه بالتفصيل وبعضهم يذهب الى هذا ان الامر الانتزاعي منشأ انتزاعه وجود اندكاكي له والعقل لما ينتزع يعني يدركه ويفصل الادراك. على هذا حتى الانتزاعي أيضا واقعي. ما اريد ان ادخل في الاقوال في البحوث العقلية لكن بالتالي هنا الامر الضمني عند الميرزا النائيني والقمي ان الأوامر الضمنية ليست بجعل وضعي.
لاحظ ان عندنا جعلا تكليفيا اصليا وتبعيا وكذلك في الحكم الوضعي ان هناك جعلا وضعيا اصليا وتبعيا انتزاعيا. يبني الميرزا النائيني والمشهور من بعده يذهب الى ان الملكية مجعولة بالاصالة والزوجية كذلك اما الجزئية والمانعية والشرطية يقول الميرزا النائيني انها ليست مجعولة بالاصالة بل مجعولة بالتبع والانتزاع. منشأ انتزاعها امر تكليفي للشارع بالمجموع فينتزع منه الجزئية والشرطية والمانعية.
لكن بنينا على ما بنى عليه كافة الأصوليين في الصحيح والاعم حتى الميرزا النائيني. هناك يذهب الاصوليون ان هناك جعلا وضعيا مستقلا لمركبات العبادات او المعاملات. هذا حديث طويل وقد استعرضناها في الصحيح والاعم يمكن الرجوع اليه
فاذا الجزئية بالدقة لم تنتزع من الامر بالكل كما يدعيه الميرزا النائيني بل الجزئية انتزعت من مركب عنواني يسمى الصلاة او الحج وهذا المركب العنواني جزئه ضمنه فهناك عندنا جعل وضعي مستقل متقدم رتبة على الامر التكليفي بالصلاة «ثبت العرش ثم انقش» الاعلام هم اعترفوا في قصد الامر انه جزء او شرط وضمن المركب فهناك عقدة الامر بقصد الامر في بحث التعبدي وهناك اعترفوا ان المتعلق متقدم رتبة على الامر التكليفي غاية الامر هو من ضمن المركب. اجمالا هناك في بحث التعبدي والتوصلي أيضا صرح الاصوليون ان الماهية المركبة تقررها وجعلها متقدم على الامر بها فكيف يكون هي منتزعة منه. ما له معنى. المهم شواهد عديدة.
في الامر بالصلاة لابد ان تتم الصلاة أولا انها أولها التكبير وآخرها التسليم وغيرها من الروايات. فالصحيح لدينا في الأجزاء ان متن ذات الأجزاء مجعولة في رتبة سابقة وليست لاحقة. فالحكم الوضعي الصحيح انه متأصل في الجعل.
طبعا ما هو الفرق بين الجزء والجزئية؟ الجزء مرادهم متن الجزء كالركوع والسجود والجزئية يعني لحاظ وصف ضمنية للمجموع ففيه فرق بين الجزء والجزئية. الشرط يعني متن الشرط نفس الوضوء والغسل والاستقبال اما الشرطية في استعمالاتهم تعني تقيد المركب بنفس الشرط. هذه التدقيقات لها آثار.
ما الثمرة في هذه التدقيقات العقلية؟ الثمرة هي ان المجعول بالأصالة آثارها تختلف عن المجعول بالتبع في أبواب عديدة أصولية وابواب عديدة فقهية. طبعا صحيح انها مجعولات. امس مر بنا نظرية الميرزا النائيني في الحكم الوضعي انه بنى على تقسيم الحكم الوضعي الى أربعة اقسام وكل قسم له احكام.
مثلا الشيخ الانصاري يذهب الى ان الحكم الوضعي ماهيات تكوينية كشف عنها الشارع. لامجعولة بالاصالة ولا مجعولة بالتبع ولا انتزاعية بل وجودات تكوينة. مثل ان الماء يطهر. الماء ليس مجعولا بالجعل القانوني. طبعا هناك جملة من الأصوليين يذهبون الى ذلك. فرق بين اقسام الحكم الوضعي والتبني بمباني مختلفة.
الان اجمالا الجعل الأصلي والجعل التبعي والجعل الانتزاعي وهلم جرا. هذه كلها لها اثار.
القول الرابع القول بالارشاد. الارشاد يعني انها ليست مجعولة والمرشد اليه لابد ان يلاحظ. لما يأمر الشارع بالركوع والسجود والتشهد فالشارع يرشد الى الامر بالصلاة لان هذا الاوامر التفصيلية دورها شرح في عالم الدلالة وعالم التفسير. شأن دلالي وارشادي. مر بنا قبل جلسات ان الدلالة مراحلها اثباتية لا صلة لها بمتن القانون والتقنين. الارشاد من هذا القبيل. أصلا لا تتعامل معها معاملة الجعل الشرعي لا اصلي ولا تبعي بل المرشد اليه هو الأساس.
محور آخر في النواهي تبع لهذا المحور الذي عبرناه
هل النواهي الضمنية حقيقة نواهي يعني حرمات؟ سواء النواهي التكليفية الضمنية او النواهي الوضعية الضمنية. هل هي حرمات ام انها أوامر بصورة النهي؟ كما مر بنا انه قد يصاغ الوجوب بآلية النهي وقد يصاغ الحرمة بصيغة الامر لان المدار عند متاخري الاعصار في الحرمة والوجوب ليس آلة الانشاء وانما المصلحة والمفسدة وليس الترك والوجود أيضا. فالحرمة ليس مدارها النهي ولا الترك بل مدارها المفسدة. والوجوب ليس مداره الامر ولا الفعل بل مداره المصلحة فان كان ناشئة من المصلحة فوجوب والا فلا.
هل النواهي الضمنية التكليفية او الوضعية حرمات ام هي وجوبات؟ قولان.
القول الأول لكثير من الاعلام ربما مشهور متاخري العصر انها وجوبات يعني ناشئة من المصلحة بصيغة النهي ومتعلقها الترك. ترك مبطلات الصلاة فيه مصلحة وترك الاستدبار فيه المصلحة. أصحاب هذا القول وقعوا في غموض ان الاستقبال فيه المصلحة او ترك الاستدبار؟ المهم.
طبعا بحث عن هذا الميرزا النائيني واختار قول المشهور خلافا للسيد الخوئي. الحدث مبطل للصلاة. هل الحدث فيه المفسدة او ترك الحدث فيه المصلحة؟ اثير استغرابات على هذا القول انهم يعتبرون الموانع في المركبات وجوبات وليست حرمات. وجوبات ضمنية تكليفية او وضعية. هل الطهارة فيها المصلحة او ترك الحدث فيه المصلحة
اما قول مشهور طبقات الفقهاء يذهبون الى ان الموانع او النواهي مستخدمة في الحرمة ولا مانع ان يتركب المركب العبادي او المعاملي من أوامر تكليفية ضمنية ويتركب من نواهي. هذا من بدايع الزمان. كيف يكون الامر بالصلاة يتركب من الأوامر الضمنية ومن النواهي الضمنية؟ كيف يكون تصويره؟ ما فيه مانع. الامر الضمني ينشأ من المصلحة والمصلحة ضمنية فكذلك عندنا مفسدة ضمنية. الاستدبار مفسدته في الصلاة وليست مفسدة مستقلة وعندنا حرمة تكليفية ضمنية. الامر بالركوع امر ضمني تكليفي وليس مستقلا واحكام الامر التكليفي الضمني يختلف عن احكام الامر الضمني الوضعي كذلك لماذا تتعامل مع الحرمة التكليفية الوضعية معاملة المستقلة وتستغرب؟ تعامل معها معاملة الضمنية فهي حرمة وضعية ضمنية. وهذا في عالم التكوين أيضا هكذا لما يقال ان العلة تتركب من مقتضي وشرط وجودي وجانب عدمي فهذا حقيقة في التكوينات فكيف بك في المركبات الاعتبارية.
مثلا الشارع يزجرك عن المفسدة الضمنية لانها يخرب الكل. مثلا من جامع قبل الموقف في عرفة يفسد حجه. المشهور ذهبوا الى فساد وبطلان الحج وان كان هذا فيه قولان. اجمالا المقاربة في الحج قبل الموقفين على احد القولين المشهورين. يفسد الحج. طبعا لازم ان يعيدها. ولو عندنا ان الصحيح ان هذا الفساد يعني فساد الملاك التام والحج الثاني عقوبة وهذه الحجة المنقوصة تعتبر واجبا. كلما ارتكبت من تروك الاحرام يخدش الحج. المقصود قابل للتصوير ان يكون في المركب مفسدة تفسده. اما تعدم كماله او تعدم وجوده. فالصحيح في النواهي الضمنية انها تكليفية ووضعية وناشئة من مفسدة. الاستدبار فيه المفسدة. على القول الأول كانما حالة التدافع ان الاستقبال فيه المصلحة او ترك الاستدبار فيه المفسدة. الطهارة شرط معنوي او الحدث ناقض او كلاهما. الأدلة واردة في كليهما وهل تريد ان تؤول احدهما الى الاخر فاذا اول باب الموانع عندك يكون باب الشرائط فهل الموانع تعني الشرائط وهل شرائط تروك او شرائط وجود؟ لذلك هذا القول الأول فيه التحوير. بخلاف القول الثاني. هذا محور آخر في النواهي.
عدة محاور بقيت لابد ان نواصلها ان شاء الله. مثلا محور اقسام العموم في الأوامر الضمنية لا سيما قرره الميرزا النائيني بعد ذلك عند الشك في هذه الأقسام الأربعة ومحاور أخرى الى ان نصل الى نهاية النواهي.