45/11/11
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ الامر بالأمر بالفعل /عبادات الصبي والامر بالأمر بالفعل
كان الكلام في عبادات الصبي ومر ان البحث فيها في عدة قواعد وعدة جهات وليست واحدة.
كنا نتكلم في قابلية الصبي ومر ان العقل النظري فعال عنده ويتنامى حتى يصل الى العقل العملي وهو أيضا يشتد ويكمل هذا التفاعل مع الخطاب الشرعي بخطاب الاولياء بأمرهم وتعليمهم فبالتالي هذا نوع من تكميل قابلية القابل للتفاعل. هذا من جهة المخاطب والقابل.
اما من جهة نفس الخطاب الشرعي مر ان جملة من العمومات في نفسها ظاهرة في ان فيها مصلحة بغض النظر عن الفاعل او فيها مفسدة بغض النظر عن القابل فعمومها تشمل غير البالغين وغيرها أيضا مما فيه نظر للفاعل اصل العمومات الأولية تام وسليم ويشملهم أيضا.
فيبقى المانع وهو حديث الرفع هو عند المشهور شهرة عظيمة بما فيهم الشيخ الانصاري وصاحب الكفاية بالدقة رافع للمؤاخذة او قل استحقاق العقوبة ورفع التنجيز وليس رافعا لأصل الحكم. وهذا مبحث طويل الذيل ويرتبط بان الحكم الشرعي له مراحل واقسام.
هناك اقسام للحكم الشرعي بلحاظ مبادئه وهناك اقسام له بلحاظ الدلالة وهناك قسم ذو مراحل هو متن الحكم الشرعي والصحيح كما عليه المشهور عدا الميرزا النائيني وكثير من تلاميذه منهم السيد الخوئي وكثير من تلاميذه ان الحكم الشرعي في مراحله ليس يوازن بمرحلة واحدة بل هو مراحل ومن ثم القواعد الشرعية التي لها ارتباط بهذا الحكم الشرعي كقواعد الست او الاثني عشر (حديث الرفع في بعض الروايات ست فقرات وفي بعضها تسع فقرات ومع ضميمة الصبي وغيرها يصير اثني عشر) او الأدلة الشرعية العامة التي لها الارتباط او الأدلة الخاصة مثلا بالصيام او بالحج الواردة للحكم الاولي المتعرضة لقيود الحكم عند المشهور ليست حاصرة في كون هذه القيود والتصرفات يقيد الحكم الاولي ويتصرف في الحكم الاولي في المرحلة الفعلية وقيود الملاك. ما بنى عليه الميرزا النائيني خلاف المشهور شهرة عظيمة في طبقات قرون من العلماء. والصحيح مع المشهور لان هذه القيود وان كان المتبادر منها ان تكون قيدا في المرحلة الفعلية ولكن ليس هذا بنحو الحصر بل فيها ادلة صريحة تتعرض لمراحل أخرى من الحكم الشرعي كمرحلة الفاعلة او التنجيز او الامتثال.
اصل الأدلة الظاهرية وادلة الطرق والحجج ونظام الحجج علاقته مع الاحكام الأولية الواقعية في مرحلة التنجيز والتعذير ويلتزم بذلك في هذه الأدلة الميرزا النائيني والسيد الخوئي. فأنواع من الأدلة ليس هناك من موجب لحصر التصرف من هذه الأدلة ان تتصرف حصرا في المرحلة الفعلية فقط وتصرفها في المرحلة الفعلية يعني انها تتصرف في المرحلة الانشائية الثالثة لانها لا يمكن ان تتصرف في المرحلة الفعلية بدون ان تتصرف في المرحلة الانشائية الثالثة. دعوى الميرزا النائيني ليس فيها أي موجب ولا أي دليل.
اذا الأدلة سواء تكون خاصة او أولية او ثانوية أولية او ثانوية ثانوية او عامة او رافعة او مثبتة هذه الأدلة الأولية ليس من دليل على انها تتصرف في المرحلة الانشائية الثالثة وهي الفعلية المقدرة او الفعلية الناقصة حصرا. الشارع قد يوقع القيود الشرعية في المراحل الأخرى.
إن القيد الشرعي في مدرسة الميرزا النائيني في المراحل الشرعية من الحكم اما المراحل العقلية من الحكم او المراحل التكوينية ليس هناك مجال للتصرف من الشارع والحال انه عندنا للشارع مجالا واسعا ان يتصرف فيها لان المراحل العقلية والتكوينية للحكم محمولها عقلي وتكويني لكن موضوعها شرعي. في موارد عديدة يذكر الميرزا النائيني هذا المطلب لكن هنا غفل عنه. بالتالي يمكن للشارع ان يأخذ قيودا شرعية للحكم في جميع المراحل الشرعية. عندنا قيود شرعية في المرحلة الانشائية الأولى والثانية والثالثة والمرحلة الفعلية والفاعلية التامة والناقصة ولكل منها امثلة موجودة وكذلك في التنجيز والامتثال واحراز الامتثال، مثلا قاعدة الفراغ والتجاوز ليست في التنجيز بل في احراز الامتثال والشارع يتصرف مع انه مرحلة عقلية بحتة او تكوينية وموضوعها شرعي وللشارع ان يتصرف في موضوعها. كذلك «لا تعاد» عند المشهور شهرة عظيمة وامثالها من الأدلة الثبوتية المعالجة للصحة والأداء لا تتصرف في المرحلة الانشائية في المركبات كالصلاة والحج ولا في الفعلية وانما تتصرف في مرحلة الامتثال. والشارع يكتفي بالامتثال الناقص عن الامتثال الكامل. بينما الميرزا النائيني وتلاميذه والسيد هادي الميلاني من تلاميذ النائيني يبنون على انها تتصرف في المرحلة الانشائية فمخصص.
هذا البحث بسطنا الكلام فيه وبكلمة ان القيود الشرعية سواء بادلة عامة او خاصة او ادلة أولية او ثانوية هناك تصرف من الشارع باخذ هذا القيد الشرعي في كل مرحلة من الحكم وقد يكون قيدا شرعيا في الخطاب لا في مراحل ثبوتية للحكم.
اتفاقا الميرزا النائيني في موارد عديدة يرجع الى مسلك المشهور مثل قضية سعة الملاك ومر بنا وسيأتي مرة أخرى حتى اجمالا السيد الخوئي كيف يستكشف الملاك؟ يقولون ان نستكشفه من اطلاق مادة المتعلق وهذا صحيح لكن هذا تفكيك فيجب ان نفكك في كل المراحل. هذا مبحث يترتب عليه آثار في أبواب أصولية وقواعد أصولية وفقهية كثيرة ان نلتفت الى ان الأدلة المقيدة ليس من الضروري ان يكون دخيلا في الانشاء او في الفعلية. بل ممكن ان تكون في مراحل عديدة والمهم ان نلتفت الى دلالة الدليل.
من ثم يقولون ان حديث الرفع يتصرف في مرحلة التنجيز. اصطلاحا يقولون انه يرفع المؤاخذة وليس قيدا في الملاك من ثم الاية الشريفة الكريمة «لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا» ان الاستطاعة في الآية وفاقا مع جل القدماء وخلافا لمشهور المتاخري الاعصار وحتى وفاقا لمتاخري الاعصار في جملة من الفروع انهم لم يلتزمون ان الاستطاعة قيد في الفعلية والملاك ولا يمكن ان يلتزموا. جمع الأدلة ونسق الأدلة بعض أجزاء الاستطاعة او بعض صور الاستطاعة لا يمكن ان يقولوا انها دخيلة في الملاك او الفعلية. من ثم شواهد عديدة فقهية على ان الاستطاعة ليست دخيلة في ملاك حجة الإسلام وفي مشروعية حجة الإسلام بل هي دخيلة في التنجيز واستقرار مديونية الذمة والا اصل حجة الإسلام مشروعة لغير المستطيع. «من استطاع» ليس قيدا «لله» بل قيد «على الناس». لله يعني المشروعية وعلى يعني التنجيز. استقرئنا مأة فرعا تقريبا كلها فروع الوجوب ووجدنا شواهد عديدة ان الاستطاعة ليست قيد مشروعية الحج ويلتزمون بفروع متعددة يوافقون فيها القدماء ويلتزمون بالإجزاء مع انتفاء الاستطاعة.
اذا الاستطاعة قيد ورد في دليل خاص مع انا عرفنا انه ليس قيد الفعلية بل قيد في المرحلة الأخرى. اذا ليس كل قيد شرعي خاص حتى في الدليل الاولي نحمله على انه قيد في المرحلة الفعلية. بل القيود الشرعية تتسع بسعة مراحل الحكم ويجب ان نتنبه على القرائن والشواهد
اذا اتضح هذا المطلب وهو مطلب ما وراء علم الأصول ومن مفاتيح علم الأصول واسرار صناعة الاستنباط حينئذ نقول «رفع القلم عن الصبي» دليل على ان التشريع موجود والاقتضاء موجود والشارع منة لا يؤاخذ الصبي. في روايات مستفيضة «لا يكتب على الصبي السيئات وتكتب لهم الحسنات» يعني لا تكتب المؤاخذة. مثل البالغين أيضا «لا تكتب على العاصي عصيانه حتى تمر عليه ست ساعات لعله يتوب» هذا شفاعة النبي آدم في ولده. باعتبار ان النبي آدم هو نموذج نبي اصطفائي قدوة في التوبة. ربما هو متميز في باب التوبة تميزا اصطفائيا.
المقصود ان «لا تكتب» ليس معناه ان الحكم ما موجود. في اليوم التاسع من ربيع الأول «لا تكتب» ليس معناه ان الحرام يرتفع. الحرام حرام والحلال حلال وانما «لا تكتب» يعني لا تسجل عليه المؤاخذة.
اذا ما ورد في الصبي من انه لا تكتب عليه السيئة ولكن تكتب عليه الحسنات واضح في انه رفع قلم المؤاخذة فالمقصود هذا لا ربط له برفع الحكم حتى يأتي مدرسة النائيني ويقول ان الوجوب بسيط وغير مركب فاذا ارتفع يرتفع برمته ولا يمكن تفكيك ماهوي فيه. هذا الكلام ليس في محله. هذا بحث في مراحل الوجوب وليس في ماهية الوجوب. الحكم على ما هو عليه وانما رفع مراحل أخرى من الحكم.
مثلا لاحظ روعة المشهور الصناعية البديعة ان عندهم الصبي بحسب القواعد الخمس او الست الفعلية التامة فيه مقيدة بالبلوغ او العشر سنين لا الفعلية الناقصة. يعني ان الصبي له قيود بلحاظ الأبواب المختلفة. مع انهم يرون مشروعية عبادات الصبي الا انهم قالوا لو صلى الصبي غير البالغ على الميت او غسله يشكل إجزاءه. لو حنط ودفن جائز لانه توصلي وكذلك التكفين اما خصوص الغسل والصلاة يقولون ان عبادته مشروعة لكن ملاك العبادة غير كامل وإجزاءه عن البالغين محل التأمل. من ثم الصبي لو حج في الصبا لا يجزيه عن حجة الإسلام بعد البلوغ الا ان يبلغ قبل المزدلفة كما هو الحال في العبد. ان الحج مشروع فيه لكن لا يجزيه حجه عن حجة الإسلام لو اعتق واصبح حرا. اذا الملاك فيه درجات. المشروعية موجودة في عبادات الصبي لكن يلتزمون ان ملاكه ليس تاما وملاكا. لذلك يستشكلون في إمامة الصبي في الجماعة. النكتة هي النكتة نفسها.
بديع صناعي عند المشهور انهم لم يجعلوا البلوغ دخيلا في المرحلة الانشائية الثالثة ولا في الفعلية الناقصة بل وزعوه قيدا في المراحل الأخرى. والبيت القصيد تفكيك مراحل الوجوب. حتى الدليل الاولي اذا اجتمع على قيود يجب ان نفكك بين هذه القيود.
مثلا في الصوم الضرري عند المشهور اذا صام الصوم الضرري تكلفا وكان ساهيا عن الضرر صحيح عند المشهور. ا لسيد الخوئي يقول اذا اتضح ان الصوم ضرريا لا يصح لان قيد الضرر عنده قيد في اصل الفعلية. لكن عند المشهور يجعلون العناوين الثانوية قيودا في التنجيز لا في اصل المشروعية. عند السيد الخوئي الصوم الضرري ليس مشرعا في البحث العلمي لان الضرر يأخذه قيدا في اصل الملاك واصل المشروعية.
هذا المبحث عند المشهور يفتح فوائد صناعية في القواعد الفقهية وقبل ان ننتقل لمبحث النواهي لاحظوا عند المشهور الخلل في طواف الحج او السعي كلها مغفور له ولا يبطل الحج غاية الامر تقضيه ولو خارج اشهر الحج اما عند متاخري العصر ادنى خلل عن النسيان في شرائط الطواف والحج يبطل الحج والعمرة وعليه ان يعيد الحج من قابل. سره ان هذه القيود الواردة في تصحيح خلل الطواف وخلل السعي عند المشهور قواعد تتصرف في مرحلة الامتثال وبنوا على عمومها لغير النسيان من دون ان يخل بالادلة الأولية. هذا المبحث حساس في أبواب عديدة كثيرة وليس فقط لخصوص الصبي.
هذا تمام الكلام في فهرسة مشروعية عبادات الصبي ومباحث الأوامر.
ان شاء الله الجلسة القادمة نبدأ في مادة النهي وصيغته واقوال الاعلام مختلفة فيهما وتترتب على ذلك نكاتا صناعية كثيرة. مع ان شطرا من هذا البحث والكلام تقدم في الأوامر الا ان خصوصيات منها ترتبط بالمركبات الشرعية العبادية او المركبات الشرعية المعاملية فنكات صناعية جدا وهي تقريبا ببركات بلورات الميرزا النائيني.