45/11/03
الموضوع: باب الالفاظ/مبحث الأوامر/الواجب الموسع والمضيق
الهوية الفردية والنوعية
كان الكلام في الموسع والمضيق وهذا التقسيم للواجب تقسيم بلحاظ نفسه لا بلحاظ الوجوب وما يمكن ان يذكر من الإشكالات في تعريف الموسع او المضيق مرتكزة على ان التقييد الزماني هنا راجع الى الوجوب والحال انه راجع الى الواجب.
طبعا قيد الزمان تارة يكون قيدا للوجوب وتارة يكون قيدا للواجب لكن هنا التقسيم بلحاظ تقييد الواجب.
طبعا هناك أيضا نوع من الغموض في كيفية تصوير القيد الزماني للوجوب والواجب معا مثل اقيموا الصلاة لدلوك الشمس» فكيف يكون هذا القيد الزماني قيدا للوجوب وقيدا للواجب؟ وبحث فيها. في الحقيقة ذكروا انه في مثل الصلاة كالظهرين مثلا ربما يكون كيفية القيد في الوجوب تختلف لبا عن كيفية التقييد للواجب. أيا ما كان هذا بحث فقهي لا بأس به صناعة وان كان القيد للوجوب والواجب صورة واحد لكن بالدقة كيفية القيد للوجوب تختلف عن كيفية القيد للواجب.
هذا مبحث انه كيف القيد دخيل في الملاك وارضية الملاك وبين كونه دخيلا في أداء الملاك؟ الان لسنا في صدد هذا البحث وربما كان المفروض ان نقرره في مقدمة الواجب.
فالكلام فيما اذا كان القيد قيد الواجب لا الوجوب. فالموسع سبق ان مر بنا انه كيف يكون واجبا ومرخص في تركه وسبق ان الوجوب في الطبيعة النوعية والترخيص في الهوية الفردية والطبيعة النوعية هي التي تعلق به الالزام.
هذا البحث في تعدد الهوية الفردية والنوعية مبحث كما مر له آثار سواء في النوعية او الجنسية او الصنفية المهم هو التفكيك بين الهويتين او الهويات بين الهوية الأكثر سعة وبين الهوية الاضيق وهذا بحث تناول كثيرا من الأبحاث الصناعية الفقهية ويجب ان لا نغفل عنه.
مثل ما ذكره بحر العلوم حسب قناعته ان الشهادة الثالثة لم تدل على جزئيتها الأدلة الخاصة لكن الأدلة العامة في العقيدة دالة على الجزئية في مركب التشهد أينما قرر. كانما هو يستند الى الدليل العام المتفق عليه ومقتضاه الجزئية. يعني مقتضاه كلامه ان مقصودهم من المشهور انهم ينفون جزئية الشهادة الثالثة في التشهد مقصودهم الأدلة الخاصة والا الأدلة العامة هم متسالمون ومبدهون فيها. هذا حسب قناعة بحر العلوم.
المقصود انه فكك بين الماهية العامة في التشهد وبين الماهية الخاصة. سواء نفرض ان الخاصة كلية والعامة اكثر كلية وكلامنا ليس في خصوص الفردية بل المقصود هو التفكيك بين الاضيق دائرة وبين الماهية الاوسع دائرة.
من ثم أجاب السيد الخوئي عن الاستفتاء عن شعيرة عن الشعائر الحسينية وقال: جائزة وان لم تكن من الشعائر. المقصود من عدم كونه من الشعائر يعني ليس فيها نص خاص بخصوصه والا عموم الشعائر يشملها. ونفس السيد الخوئي في فتوى أخرى باللغة الفارسية ينبه على هذا المطلب. المقصود ان الانسان يجب ان يغتر بفتاوى الفقهاء لان مرادهم ابعاد متعددة. كما اشكل المقدس الاردبيلي في المكاسب المحرمة انه كيف يمكن الحكم بأن تولي الولاية الجائرة مستحب وترفع حكم الحرمة الشديدة الغليظة للدخول في نظام الجائر؟ فجاوب الاعلام من بعده ان المراد من حيث الهوية الفردية اما من جهة الواجب الكفائي او الماهية النوعية هو واجب اقوى ملاكا من الحرمة. يعني في ضل النظام الجائر او غير الشرعي قد تجد هيكل ضمنيا في هذا النظام في نفسه شرعي ومن اشرع الشرعيات لكن لا صلة له ببني عباس ولا بني امية انما له صلة من «لا بد للناس من امير»
البعض استدل لكلام امير المؤمنين لشرعية حكم السقيفة وهذا عجيب وخلط بين الهوية الفردية الخاصة وبين الهوية العامة ولا ربط بينهما. «لابد للناس من امير» يعني نظم الأمير. شبيه ان الحكومات تتغير والنظام يبقى وليس المراد خصوص هذه الحكومة وعدم التفرقة بين هذه المراتب من الهوية يوجب لغطا في المبحث العقائدي ويوجب لغطا في المباحث الفقهية. فكلامه سلام الله عليه من لابدية الأمير جار حتى في الغيبة الكبرى ولا تعارض بينها وبين لسان الروايات الواردة «كل راية قبل قيام الصاحب عجل الله تعالى فرجه صاحبها طاغوت» اصل النظام لا يمكن تركه اما الخصوصيات لابد ان يستند شرعيتها من النيابة او الاذن من صاحب الامر سلام الله عليه كما يقول به الشيخ المفيد.
المقصود أيا ما كان حتى هذه الأبحاث جملة من الاعلام خلطوا بين الحيثيات. وهلم جرا. يعني يجب الالتفات بين بحث الهوية الفردية الاضيق دائرة وبين بحث الهوية النوعية الاوسع دائرة و ربما هويات متعددة.
افترض ان تقيم اصلاحا في مؤسسة معينة او ظاهرة دينية معينة او ظاهرة اجتماعية معينة فهذا الإصلاح لا يعني ان اصل هذا الهيكل الاجتماعي والهوية النوعية لازم ان تضمحل بل الهوية الفردية لازم ان تصلح بشكل تغيير نائم لا ان تفشل اصل النظام الإداري الكبير او الصغير.
هذا على كل مرتبط بعلم الإدارة وعلم الفقه مرتبط النظام الإداري الناجح شريطة ان الانسان ان يلم بمجموع القواعد لا ان حفظت شيئا وغابت عنك أشياء.
فنرجع الى قضية التقييد.
صاحب الكفاية أيضا يقول ان الوجوب للطبيعة والتخيير عقلي يعني ان هناك حكما عقليا في الافراد والسيد الخوئي يقول ان التخيير شرعي وعلى كل سواء قلنا ان التخيير عقلي او شرعي ما فيه مانع. من حيثية حكم عقلي يعني الهوية الفردية واصل الحكم في الهوية النوعية حكم شرعي الزامي وليس فيه مانع. اذا تنبهنا الى تعدد الهوية والماهية في مورد واحد. هذا جانب في الموسع والمضيق.
اشكال في استيعاب وقت الواجب وبعث الوجوب
جانب آخر في المضيق قالوا ان المضيق كيف يكون من ابتداء الوقت الى نهايتها كالصوم فلا يمكن امتثاله. لابد ان الوجوب يتحقق وينوجد ويبعث بعد ذلك يتحرك المكلف نحو الامتثال اما في بدء اول آنات الوقت يبدأ الصيام فالامتثال غير مقدور.
هذا الاشكال بالدقة راجع الى ان المستشكل اخذ قيد الزمان قيد الوجوب وكلامنا في الواجب ولو يكون الوجوب متقدما.
التقدم الرتبي بين الوجوب والواجب
نكات أخرى صناعية أصولية لطيفة ذكر الاعلام في هذا الاشكال ومنها ان تقدم الوجوب على الواجب ليس ضروريا ان يكون زمانيا بل يكفي التقدم الرتبي. هذه نكتة مهمة. التقدم الرتبي لا يعني التقدم الزماني لذلك التزمنا في أجزاء الوضوء ان تقدمها على بعضها البعض رتبي وليس زمانيا. فالغسل الارتماسي على القاعدة صحيح لانه لا يخل بالرتبة وما ورد ليس تعبدا خاصا كما استظهره المشهور بل الصحيح انه ارشاد الى تقدم رتبي. على كل للمبحث آثار في خلل الغسل والوضوء و التيمم ان نلتفت الى ان تقدم الأجزاء في الطهارات الثلاث تقدم رتبي وليس زمانيا. طبعا في التقدم الرتبي أيضا لا يمكن يتقدم زمنا المتاخر رتبة الا ان يدل دليل عليه مثل الشرط المتاخر انه متأخر زمانا ومتقدم رتبة. كالمشروط بالشرط المتاخر. طبعا التقدم الزماني للوجوب على الواجب يسمي الواجب معلقا.
التقيد بالقيود المتعذرة وبقاء الوجوب
الكلام ليس في خصوص المضيق ولا خصوص الموسع بل الكلام في القيد الزماني للواجب وهو اذا فات وما صلى في الوقت مثلا وما صام في ذلك اليوم هل يتصور الوجوب باقيا وان انتفى قيد الواجب وهو الزمان، غاية الامر قيد الواجب امتنع وتعذر.
هذا البحث في المقيد بالوقت سواء الموسع او المضيق وانما البحث في اصل القيد الزماني. هذا البحث بالدقة ليس خاصا بقيد الزمان بل بحث صناعي بالصناعة الفقهية من بعد وصناعة أصولية من بعد. ان المركبات المقيدة بقيود اذا تعذرت وامتنعت القيد هل المركب لازال مطلوبا وواجبا ام لا؟ بحث صناعي في كل الأبواب المعاملات والايقاعات والقضاء والشهادات. مثلا الشهادة بالوصية يجب ان يكون مؤمنين وعادلين لكن اذا سافر ولم يجد «او آخران من غيركم». الشارع تنزل الى صفات أخرى في الشاهدين.
اذا البحث في المركبات سواء في العبادات او غيرها هو انها اذا قيدت بقيود هل هو يزل مطلوبا وواجبا والوجوب مقرر وان انتفت وتعذرت القيود ام لا؟
هذا البحث في الأقل والأكثر الارتباطي على قدم وساق وفي بحث قاعدة الميسور لا تسقط بالمعسور وفي مبحث النسيان بمناسبة ما لا يعلمون والخطأ والحرج والعناوين الثانوية ودورها تقريب او تقرير لبقاء مطلوبية المركب مع انتفاء القيود. اذا هذا البحث سيال وهنا اثار الاعلام في الموسع والمضيق لكنه ليس خاصا بالموسع والمضيق بل بحث عام بكل القيود.
هذا البحث بالدقة يطرح ويصاغ في كلمات الفقهاء والاصوليين ويستعرض بانه هل المركب ذو مراتب ام لا؟ مرتبة عليا الزامية واذا لم يمكن فالمرتبة الدنيا الزامية أيضا. في بيانات الائمة سلام الله عليهم ان الإسلام الواقعي هو الشهادات الثلاث والإسلام التنزيلي هو الشهادتان والمبعض وخير من العدم.
كما ان اهل الكتاب يحكم عليهم بانهم كفار لكن التزامهم ببعض البنود الإلهية اقربهم من بقية أصناف الكفار كما في منطق الوحي ان المشرك اقرب من الملحد. ان الملحد ينكر من رأس لكن المشرك يقبل الوهية الباري. وان كان الإسلام الظاهري ظاهري لكنه بالتالي درجات. في بيان الامام الباقر سلام الله عليه ان الدين وسيع ضيقه الخوارج. قال له كيف يا بن رسول الله؟ «المجلد الثاني من أصول الكافي من طبعة ثمان مجلدات كتاب حافل بعلم المذاهب والأديان والعلوم القرآني ونظام الأخلاقي والنظام الإداري لكن احد ابوابه وحري بطالب العلم فضلا عن الفاضل والمراهق ان يقرأ بالتدبر كرات ومرات لا اقل فهرسته»
الصياغة الثالثة: وحدة المطلوب او تعدد المطلوب ولها اصطلاحات متعددة يجب ان نلتفت اليها. هنا بعض الاعلام اشكل في تفسير وحدة المطلوب بنا على معنى معين والحال انها لها اصطلاحات.
نستعرض اصطلاحات متعددة وايها المراد هنا في المقام.
المعنى الأول: تارة يطلب تعدد المطلوب على شيئين مستقلين مطلوبين لا ربط لاحدهما على الاخر مثل ان تشتري سلعتين مستقلتين عن بعضهما البعض ولا ربط بينهما لان هذه في الحقيقة بيوعات متعددة وليس بيعا واحدا. هذا يسمى تعدد المطلوب. في قبالها وحدة المطلوب يعني صفقة واحدة فالبيع ليس متعددا بل صفقة واحدة. هنا هذا المعنى ليس مرادا.
معنى ثاني لتعدد المطلوب يعني ان مطلوبا ظرفه مطلوب آخر. واجب ظرفه واجب آخر. يسمى تعدد المطلوب لان العلاقة ظرفية بينهما وليس العلاقة تقييدا. فيسمى تعدد المطلوب. القنوت عند كثير من الاعلام مطلوب ذاتي ظرفه الصلاة. «قوموا لله قانتين» التوجه الى الساحة الإلهية شيء في نفسه مطلوب. بغض النظر عن الصلاة لكن افضل ظروفه ومواطنه الصلاة.
طبعا بعض ذهبوا الى وجوب القنوت والمشهور ذهبوا الى الاستحباب المؤكد جدا للقنوت وفي الروايات افضل الصلوات الفريضة فضلا عن النافلة ما كانت القنوت فيها أطول. فيزيد في كمال الصلاة. مثلا يوم القيامة اقلكم وقوفا بين يدي الله اطولكم قنوتا. لعل الرواية
حتى سألوا الامام ايهما افضل طول السورة في الصلاة او القنوت الطويلة كدعاء ابي حمزة الثمالي وينقل عن السيد محسن الحيكم انه ينقل عن الحضرة العلوية ليليا في طوال السنة هناك كان تعداد الأصابع يصلون بدعاء ابي حمزة الثمالي.
فقال الامام سلام الله عليه ان الأطول قنوتا افضل ثوابا من الأطول سورة. طبعا الجمع مهما امكن أولى من الطرح لكن لو دار الامر بين طول السورة او طول القنوت. المقصود ان هذا معنى ثاني من تعدد المطلوب ان الشيء الواجب او المستحب في مستحب او واجب آخر.
هذا هو احد الوجوه الصناعية في الشهادة الثالثة أشار اليها جملة من ثمانين فقيها في كتيب الذي كتبه السيد المقرم وطبع مرارا وان شاء الله يطبع مرة أخرى وأشاروا الى هذا الوجه ان الشهادة الثالثة مظروف وهنا عدة وجوه صناعية.
وحدة المطلوب يعني التقييد في هذا المعنى الثاني.
المعنى الثالث: تعدد المطلوب ووحدة المطلوب كلاهما تقييد. المراد من تعدد المطلوب هو تعدد المراتب مع التقييد. رحمة الله على السيد الخوئي هنا غفل عنها ومراد الاعلام هنا هذا المعنى. النائيني والسيد الخوئي صارت غفلة عندهما عن هذا المعنى الثالث المهم.
قواعد متعددة مرتبطة بهذا المعنى.
ان شاء الله نتعرض لها.