45/10/12
الموضوع: الالفاظ/مبحث الأوامر/
(خلاصة مما سبق)
كان الكلام في ان المتعلق فيه بعد الطبيعة النوعية وبعد الهوية الفردية وقد تسمى الهوية الفردية بطبيعة الأداء. وسواء كان أجزاء الطبيعة الفردية واجبة او أجزاءها وشرائطها مندوبة. فهناك عدة تصويرات.
مر ان الميرزا النائيني يعتبر الأعراض العارضة على المعروض «سواء الجوهر او العرض» هي تشكل الهوية الفردية وهذا كلام قديم من الفلاسفة. أما الكلام والتحقيقات المتأخرة عندهم أن التشخص والفردية بالوجود ووجود الحصص لكن في حين ان الوجود ينسب الى الحصة فهو ينسب الى الطبيعة النوعية أيضا. فهذا الوجود فيه حيثيتان حيثية نوعية وحيثية ينسب الى الحصة.
بالتالي العوارض كواشف عن تشخّصات في وجود الحصة لا أن العوارض وجودها وماهيتها بل كل من وجود العوارض وماهيتها ليسا من المشخصات وانما هي وجود آخر طارئ على الحصة. التدقيق في البحث الفلسفي هكذا اوصلنا الى النتائج.
(ثمرة البحث في اجتماع الامر والنهي)
اجمالا هذا المبحث يفيد في مبحث اجتماع الامر والنهي لان العمدة في ذلك البحث والمدار على وحدة الوجود او تعدد الوجود. والتدقيق هنا مفيد هناك.
(لسان الروايات تدعم مبنى المتقدمين)
لكن المستحبات في لسان الروايات سواء في الأجزاء او الشرائط مؤثرة في تكامل وكمال نفس الطبيعة النوعية خلاف المرحوم الاصفهاني، فهذه العوارض وإن كانت لها ماهية ووجود آخر لكنها بالتالي كاشفة عن نوع من تكامل الطبيعة النوعية والحصة فبالتالي ليست ضمائم اقترانية واجنبية بل هي كاشفة عن الخواص. هذا هو مراد المشهور.
هناك تعبير في الروايات «افضل الصلاة ما طال قنوتها» او اطولها سجودا او ركوعا. فما ذهب اليه المشهور صحيح ومتين وان كان ما ذهب اليه المرحوم الاصفهاني بتحقيقات عقلية ودقية على حاله لكنه بالتالي كواشف عن خصوصيات في الحصة مثل أن نقول شرائط إعدادية لكي تكون نفس الحصة لها تأثير.
شبيه ما ورد في من ارتكب تروك الاحرام أن كل ترك من تروك الاحرام اذا يرتكبها المحرم فحجه خداج يعني فيها نقصة. مع ان ترك التروك حكم أجنبي من ماهية النسك لكنها مؤثر بهذا اللحاظ.
إذا ننتهي الى نفس نتيجة المشهور ان المستحبات خصوصيات في الحصة ولو بنحو الكواشف او ما شئت فعبر.
شبيه طبيخ معين كلما نضيف اليه أمور كمالية فيكون أطيب وأكثر نكهة وهلم جرا. هذا اجمال مبحث الهوية الفردية والهوية النوعية.
(طبقات الهوية الفردية والنوعية)
كما انه لا يخفى على الاخوان ما ذكره الاصوليون من ان الطبيعة النوعية الواجبة هي بدورها طبقات كما مر بنا. كما ان الهوية الفردية أيضا طبقات وليست مرتبة واحدة. هذه أيضا لابد من الالتفات اليه.
اجمالا هذا مبحث صناعي بامتياز مرتبط ببحث الصحيح والاعم ومرتبط بان المتعلق له هوية فردية وهوية نوعية وهلم جرا. من ثم أحد صياغات المركبات العبادية منها الصلاة قضية الهوية الفردية والهوية النوعية وهذه نكات مهمة في التحليل الصناعي في هوية المركب نوعية او فردية.
(الصياغات العديدة في تركب الشهادة الثالثة داخل الصلاة منها الصلاة على النبي والآل)
من ثم يتبين ان قضية الشهادة الثالثة لها عدة صياغات في تركبها مع الطبيعة داخل الصلاة. كما وردت النصوص الصحيحة في خصوص الصلاة على النبي وآله عند ذكر اسم النبي والحال ان الصلاة على النبي والآل هي صيغة للشهادة الثالثة والولاية لكنها مقنعة، كما بين ذلك امير المؤمنين في احتجاجه على علماء يهود واحتجاج الامام الرضا على علماء الجمهور ان الصلاة على النبي والآل من اعظم الشواهد القرانية والدينية في بيان اصطفاء وتخصيص النبي وآله دون باقي الأنبياء اجمعهم فضلا عن بقية البشر. فصيغة الصلاة على النبي والآل صيغة اصطفاء الولاية للنبي وآله وهناك بيانات برهانية عقلية كثيرة أشار اليها اهل البيت.
في خصوص الصلاة على النبي ورد الصلاة على النبي والآل عند كل ذكره وفي رواية صحيحة أخرى في الاذان وغيره ولو في الصلاة كلما ذكرت النبي فصل عليه وآله والتعبير أنه من الصلاة يعني جزء مستحب من الصلاة لا انه انضمام مرخص به اجنبي في ظرف الصلاة. فهو من الصلاة يعني جزءا ندبيا من الصلاة.
بالدقة الصلاة على النبي والآل شهادات ثلاث. فيها إقرار بالوهية الله تعالى وفيها النبوة وفيها الامامة. هي صيغة التشهد كاملة ومع ذلك ورد النص انها من الصلاة. كلما ذكرت الله او ذكرت النبي فصل على النبي وآله فهو من الصلاة يعني جزءا. يعني هذه التشهد بالشهادات الصلاة مسوغ في أي موضع وموطن من الصلاة. وهي صياغة من صياغات التشهد بالشهادات الثلاث مقنعة والحمد لله كل المسلمين عندهم ان الصلاة على النبي والآل جزء واجب وليس مستحبا في التشهد. واكثرهم او كثير منهم بنوا على ان من تعمد الاخلال بهذا الجزء تبطل صلاته. فهذا الوجوب نفسه معجز باقي.
علاوة على ذلك انه جزء من التشهد ومرتبط بالتشهد فيكون معتقدا ومرتبطا بالشهادات الثلاث. اجمعوا على انه جزء من التشهد وواجب. هذه معجزة باقية من حيث لا يشعرون.
الصيغة الموجودة عندهم الطف «كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم» مع ان الصلاة على إبراهيم وآل إبراهيم يعني اصطفاء آل إبراهيم في سورة النساء. فقضية صارخة.
فقضية الهوية النوعية والفردية مبحث مهم في المركبات والعبادات متمم لمبحث الصحيح والاعم.
(اذا نسخ الوجوب فهل يدل على الجواز ام لا؟)
المبحث اللاحق الذي يثيره صاحب الكفاية.
اذا نسخ الوجوب فهل يبقى الجواز بالمعنى الاعم؟ او يبقى الجواز بالمعنى الأخص؟ او لا يبقى شيء من ماهية الوجوب؟ باعتبار ان الوجوب داخل في الجواز بالمعنى الاعم. والجواز بالمعنى الاعم شامل للوجوب والمستحب والمباح الخاص والمكروه. كل هذه الأقسام الأربعة من الاحكام مندرجة في جنس وهو الجواز بالمعنى الأخص. الجواز بالمعنى الأخص يعني الاباحة المتساوي الطرفين او ما يكون فيه اقتضاء الاباحة والجواز بالمعنى الأخص بمعنى آخر يعني الراجح الموجود بين المستحب والوجوب. أيا ما كان فاذا نسخ الوجوب فهل يبقى من اجناس الوجوب شيئا أم لا؟
(زاويتان في المبحث)
هنا حسب ظاهر كلام الاعلام ليس الكلام في النسخ بل هذا المبحث اعتبروه في شئون الوجوب ان الوجوب اذا نسخ هل دليله دال على بقاء طبقة منه ام لا؟ من ثم ادرجوا هذا المبحث في الأوامر. فليس البحث في النسخ وسيأتي البحث فيه. انما هنا يبحثون في المنسوخ والمدلول ودليله ودلالة دليله ومدلوله على بقاء بعض طبقاته وبعض اجناسه. يعني البحث في خصوصية الوجوب لو نسخ، هل له دلالة او إشارة على بقاء بعض طبقاته ام لا؟ والا ليس البحث في النسخ.
لكن الصحيح ان تفكيك مبحث النسخ عن الوجوب الممنسوخ بالمرة لا يمكن. يعني هذا مرتبط بمعنى النسخ. بعبارة أخرى انه صحيح مرتبط بالمنسوخ والامر ودليل الامر ودليل الوجوب لكنه له صلة بطبيعة النسخ وماهية النسخ.
على أي تقدير لابد من ان ينقح المبحث من زاويتين.
جملة من المتقدمين الأصوليين ذهبوا الى ان الوجوب اذا نسخ يبقى الجواز بالمعنى الاعم او الجواز بالمعنى الأخص ولكن نوع المتاخرين من الأصوليين رفضوا ومنعوا ذلك وقالوا لا يبقى من الوجوب شيئا.
هنا البحث عند متاخري هذا العصر بنوه واسسوه على زاويتين. زاوية معنى الوجوب، ما هو؟ كي اذا نسخ ماذا يبقى منه؟ وزاوية أخرى في معنى النسخ. مضطرون ان يبحثوا في معنى النسخ وحقيقة النسخ.
(حقيقة الوجوب وماهيته)
ما هو حقيقة الوجوب وماهيته؟ والنسخ ما هو؟ فالوجوب عند جملة من الاعلام المعاصرين ليس معنى استعمالي لهيئة الامر وليس معنى منشأ. المنشأ هي النسبة الطلبية ونسبة الطلب في هيئة الطلب. والوجوب حكم عقلي ينتزعه العقل من الطلب مع عدم الاذن في الترخيص من الشارع. او ان الشارع يرتب العقوبة على ترك الوجوب فبالتالي ينتزع العقل معنى الوجوب. تقريبا هذا مبنى جملة من الاعلام ان الوجوب ليس معنى استعمالي منشأ بل هو انتزاع عقلي.
فاذا اين هي الماهية المركبة من الوجوب كي اذا نسخت يبقى منه طبقات او طبقة؟
(الاحكام التكليفية خمسة او خمس عشرة؟)
طبعا بين القوسين انه مبحث لم يسعفنا الوقت او التدبير وهو ان ننقح ان الاحكام الشرعية هل هي خمسة او خمس عشرة؟ لان القدماء من الفريقين كالشيخ المفيد والسيد المرتضى والشيخ الطوسي وابن براج عندهم ان الاحكام التكليفية اثنا عشر او خمسة عشر. حتى عند العامة. طبع كتاب في المذاهب الأربعة ذاكر ان الاحكام التكليفية عندهم اكثر من الخمسة. مثلا فريضة الزام وسنة الزامي. فيه فريضة الهية وفريضة نبوية وسنة الهية وسنة نبوية. فيه حرام الزامي وعندنا مكروه الزامي. لكن فيه فرق بين الحرام الالزامي والمكروه الالزامي. عندنا مباح بمعنى عدم الحرمة واللااقتضاء وفيه مباح اقتضائي. عندنا راجح مستحب وعندنا راجح يعبر عنه واجبا. المهم اذا اقسام من الاحكام ورتبوا عليه آثار كثيرة. للأسف من زمن العلامة الحلي او السيد احمد بن طاوس الغيت هذه الأقسام وصارت خمسة والحال انها لها آثار فقهية كثيرة في الخلل وغيرها ويحتاج الى تتبع واسع.
كتاب الذريعة للسيد المرتضى وكتاب العدة للشيخ الطوسي مفيد في هذا الجانب وكتاب التبيان والخلاف والمبسوط هكذا.
(تقسيم الخبر الى سبعة اقسام اختزال عما بنوا عليه القدماء من خمسة عشر قسما)
لا يخفي ان تقسيم الخبر الى سبعة اقسام او ستة عند القدماء ربما خمسة عشر قسما. الذي تبناه ابن طاووس اختزال وليس استحداث. السيد ابن طاووس اختزل. نعم هو استحدث في ان الحجية مدارها على الطريق ولكن اصل اقسام الطريق عند القدماء عند النجاشي او فهرست الشيخ الطوسي او كتاب الكشي اقسام عندهم كثيرة. الضعيف عندهم اقسام. المرسل يقسمونه الى اقسام. لماذا كانوا يقسمونها؟ اذا مبناهم غير مبنى المتأخرين. لجمع الضمائم كي يكون المجموع مطمئنا وموثوقا. فاذا عندهم اعتناء كبير كما ان المعتبر عندهم اقسام. ولو عند القدماء ليس وصف الصحة للطريق. الصحة لا ينسبونها للطريق. يجب ان ننتبه ان تقسيم الطرق عند القدماء اضعاف مما هي عند المتاخرين ولها فلسفة علمية.
كما انهم في مبحث الحكم له اقسام عديدة والان غيبت هذه الأقسام ومخل جدا. المفروض ان تستلم من النص لا ان تحمل ذهنيتك على النص من القناعات المسبقة فلا يكون استنباطا شفافا. ويكون نوعا من تلوين النصوص.
اذا كم لدينا قسم من الاحكام التكليفية؟هذا مبحث من بحوث أصول القانون ويجب تنقيحها واستيعاب كبير وشغل تراكمي كبير.
هذان قوسان مهمان معترضان.
(رجوع الى معنى الوجوب)
نرجع الى ما قاله المعاصرون من القرن الأخير من ان الوجوب ليس معنى منشأ استعمل فيه الامر. هل الوجوب حكم شرعي منشأ واعتبار شرعي او انه حكم عقلي وانتزاع عقلي؟ الصحيح ان الوجوب حتى لو قلنا انه انتزاع عقلي فليس انتزاعا ابتدارا وابتداءا من العقل بل هو عبارة عن ادراك العقل حدود المنشأ. فيؤول الى شيء شرعي حتى لو قلنا انه منتزع عقلي.
هذا المبحث اثاره النائيني والكمباني والعراقي وصاحب الكفاية في اول مبحث هيئة الامر. ينبه على ان الاحكام الخمسة اعتبارات شرعية ام لا؟
(بساطة الوجوب عند السيد الخوئي)
عجيب ان السيد الخوئي يصر هنا ان الحكم بسيط. هل البسيط في الوجود او البسيط في الماهية؟ اكد السيد الخوئي على ان الوجوب بسيط فكيف يمكن دعوى التركيب؟ ان شاء الله ندرس هذه الدعوى غدا اكثر.