45/10/06
الموضوع: تنوع فلسفة التشريع في الأبواب.
كان الكلام في جواز أمر الآمر مع علمه بانتفاء الموضوع، واجمالاً هذا البحث مفيد حيث يبين أن فلسفة التشريع أو مقاصد التشريع في الاوامر أو النواهي الالهية بحسب الابواب الفقهية ليس على وتيرة واحدة وليس على نمط واحد بل هو على انماط ووتيرات متعددة، بل حتى الامر الواحد والحكم الواحد مقاصد في التشريع بحسب مراتب ومراحل الحكم الواحد والامر والواحد الغرض والغايات والمقاصد في المراتب تختلف عن بعضها البعض، وهذه نكتة مهمة جداً وتنفع في مباحث كثيرة جداً يستشكل فيها على عموم الحكم مثلاً أو أصل الحكم أو ما شابه ذلك، فهذا مبحث مفيد ونستطيع أن نقول هو مرتبط بأصول القانون أكثر مما هو مرتبط ببحث الظهور أو طريقية الطريق أو ما شابه ذلك يعني بالحكم الظني الظاهري بل هو مرتبط بنظام بنيوية التشريعات ومراتبها، ونحن نكتفي بهذا القدر.
وأيضاً هم ذكروا ثمرة لهذا الشيء وهو أنه في باب الصوم مثلاً لو أفطرت المرأة قبل أن يعرض عليها الحيض في النهار وفهل تجب عليها الكفارة أو لا لأنه في علم الله الصوم بواجب عليها فهل هناك أمر مع العلم بانتفاء الموضوع أو لا، أو من يعلم بأنه سيسافر فالحال فيه مثل بحث ثمرة الصوم وغيرهما من الموارد مثل شخص معتكف ويرتكب تروك الاعتكاف مع أنه سوف يطرأ عليه طارئ قهري يمانعه عن مواصلة الاعتكاف فهل تجب عليه كفارة الاعتكاف أو لا ومن هذا القبيل، وقد قيل إن الأمر مع بانتفاء الموضوع له ثمرات، ولكن الصحيح أن هذه الموارد ليست مما نحن فيه ولا صلة لها بما نحن فيه وفإنه في باب الصوم كما قرر الأعلام الكفارة ليس موضوعها عين موضوع الصوم تماما، وبأي اعتبار؟ باعتبار أنَّ من افطر في شهر رمضان من دون عذر تجب عليه الكفارة، وحكم الصوم هو هذا أيضاً، فمثلاً شخص سيعلم أنه ستأتيه سفرة قهرية أو سيسافر به قهراً فهل يسوغ في نهار شهر رمضان أن يرفع يده عن الصيام؟ كلا لا يسوغ له ذلك لأن ذاك من تبدل الموضوع، فمادام هو حاظراً في وطنه أو هو مقيم فسوف ينطبق عليه ﴿ فمن حظر منكم الشهر فليصمه ﴾، فهذه ( فليصمه ) ليست مقيدة بأن يكون الأمر بالصوم وحتى الأمر بالصوم ليس مقيداً بكون أنه لا يتبدل الموضوع إلى ما بعد الزوال، كلا يعني نوع من الحكم الامتدادي، فنستطيع أن نقول إنَّ الموضوع هنا لم ينتفِ.
ويوجد سؤال من أحد المكلفين حيث قال:- كنت أُلاعب وزجتي في شهر رمضان ولكن قبل أن يمني شرب الماء باعتقاد أنه قد افطر فهو يظن أنَّ الكفارة مترتبة على الصوم ولكن الصحيح أنه حتى لو لم يكن صائماً تثبت عليه الكفارة، فمادام موضوع الصوم موجوداً فهو بالتالي يهيء موضوع الكفارة فإن الكفارة تترتب حتى على من لم يمتثل حكم الصوم لأن الكفارة ليست افطاراً يعني فسخ الصيام، فالافطار في شهر رمضان ليس بمعنى فسخ الصيام كي إذا رفعت يدك عن الصيام لا تجب، فهذا ليس فسخاً للصيام سيما إذا كان الافطار على محرم مثلا، كلا بل تناول المفطر الذي يكون بطبيعته مفطراً وإن لم يكن الآن مفطراً فعلياً باعتبار أن المكلف هذا لم ينوِ الصيام أصلاً ولم يمتثل الصيام وليكن هذا ولكن ارتكابه لمحلل أو محرم في نهار شهر رمضان يوجب الكفارة، فالافطار في شهر رمضان على محلل يوجب الكفارة التخييرية والافطار على محرم يوجب كفارة الجمع ليس موضوعه الافطار يعني ازالة الصوم وابطاله وإنما المراد هو من تناول شيئاً من شأنه أن يعد من المفطرات وإن لم يكن مفطراً بالفعل باعتبار أنه مفطر فإنه لو تناول شيئاً في شهر رمضان إن كانف محللا عليه كفارة تخييرية وإن كان محرما فعليه كفارة الجمع، فمرادهم ممنل تناو مفطراً ليس هو من تناول مفطراً لصيامه وإنما هو من تناول شيئاً من شأنه أن يكون مبطلاً للصوم وإن لم يكن المكلف صائماً الآن ولكن مع ذلك سوف تترتب عليه الكفارة.
فإذاً حتى العاصين المفطرين في شهر رمضان تترتب عليهم الكفارات وإن كان مما يمكن أن تتكرر فيه الكفارة فسوف تتكرر. فإذاً باب الكفارات في شهر الصيام يحتلف عن نفس حكم الصوم كمتعلق وامتثال ويجب أن لا نخلط بينهما، كما أنه الآن لو كان الشخص يعلم بأنه سيطرأ عيه أمر ويؤخذ من وطنه قبل وقت الافطار فهنا لا يسوغ له الافطار لأن طبيعة الصوم أنَّ الوجوب فيه تستطيع أن تقول هو شبيه مادامي، فمادامت الشرائط متوفرة الآن فلا يسوغ لك الافطار وإن كنت تعلم بارتفاعها بعد الزول كما هو الحال في المرأة التي عادتها وقتية وهي تعلم بأن الحيض سيفاجئها في نهار شهر رمضان فإنه لا يصح لها ترك تصوم أو رفع يدها عنه ولو رفعتها عنه وجبت عليها الكفارة فإنَّ طبيعة الصوم ليست طبيعة أنه يجب من أوله إلى آخره بل مادام الموضوع متحققاً فيجب الاتيان بهذا الصوم وإن علم بأنه سوف لا يستتم له الصيام أو موضوع الصيام ولكنه الآن مخاطب فعلاً بالصيام فلا يسوغ له رفع اليد عنه، أو يعلم أنه عنده عزم اختياري بأنه سيسافر قبل الزوال وليكن ذلك ولكن مادام هو في وطنه أو محل اقامتة فلا يسوغ له أن لا يصوم بل الآن هو مخاطب بالصوم ولو بنحو الاستمرار المادامي يعني مادام في وطنه أو محل اقامته فلا يسوغ له الافطار، فلا يحصل خلط في هذا، فطبيعة الاحكام في الأبواب شبيه كونها مترقّصة وليس موضوع مجموعي مثلاً وإن كانت الصحيح أنها مجموعية ولكن الصيام ليس من قبيل المجموعي، فلو افطرت على محلل أو محرم فسوف تتعلق بك الكفارة حتى بالنسبة إلى الصائمة الحائض، نعم الحائض لو ارتفع حيضها بعد الفجر بدقائق فصيام هذا اليوم لا يلزم بالنسبة إليها وهذه هي طبيعة الصوم، فهي تفطر بقية اليوم وتقضيه، ولكن لو كانت في نقاء وطهارة وجب عليها الصوم وإن علمت بأن الحيض سيفاجئها بعد ساعة ولو افطرت والحال هذه وجبت عليها الكفارة، فطبيعة الموضوع مادامي يعني لا أنه مشروط بشرط متأخر من توفر قيود الموضوع إلى آخر الصيام، وقد سبق وأن مر بنا في أبحاث مقدمة الواجب أن طبيعة قيود الوجوب مترقّصة عجيبة وهي قوالب هندسية وصناعية لا تعد ولا تحصى ومن الغفلة بمكان أن الفقيه يحسب أن الاحكام وموضاعاتها وشاكلة الاحكام في الأبواب هي على وتيرة واحدة، بل لابد من ملاحظة كل باب وأدلته وشواهده على حدة - يعني كأنها مترقّصة- واجمالاً هذا ليس له ربط ببحث الأمر مع العلم بالانتفاء. هذا تمام الكلام في هذه المسألة وهي من أصول القانون ترتبط بفلفسة التشريع وهي مسألة مهمة، وسبق وأن مر بنا أن الأوامر في الأبواب تختلف غايات مقاصد التشريع فيها،بل في الباب الواحد بلحاظ مراتب الامر الواحد والحكم الواحد بحسب المراتب تختلف مقاصد الشتريع فيها أيضاً فيجب الالتفات إلى ذلك.
أما والمسألة اللاحقة التي يذكرها صاحب الكفاية هي أنه هل الأوامر تتعلق بالطبيعة الكلية أو أنها تتتعلق بالأفراد:- فحينما يقول الباري تعالى ﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس ﴾ أي اقم صلاتي الظهرين ما بين الزوال والغروب فهل الأمر يتعلق بالطبيعي الكلي أو يتعلق بآحاد الأفراد بنحو البدلي وليس والاستغراقي فإما صل في المسجد أو صل في الحرم الشريف أو صل في البيت أو صل أول الوقت أو ثاني الوقت أو ثالث الوقت وهلم جرا بنحو التخيير البدلي ولكنه متعلق بالأفراد، فأصل البحث يحتاج إلى تصور موضوعه ويحتاج إلى شيء من التدبر والتنقيح هذا أولا، وثانياً هل توجد ثمرة لهذا البحث أو لا؟ وقد قال البعض بوجود الثمرة واثبتها وممن اثبتها لميرزا النئيني ونفاها آخرون، وهذا المبحث هو من اصول القانون أيضاً وليس من مباحث دليلية الدليل وكاشفية الدليل وطريقية الدليل، فهو ليس من مباحث الحكم الظاهري وإنما هو من مباحث بنيوية الحكم الواقعي، وعلى خلاف كلام متأخري هذا العصر بعدم جدواه، فهل الأمر يتعلق بالطبيعي أو بالأفراد؟، وجملة من الاعلام رسموا فرست البحث وخارطته بهذا النمط وهو أولاً أنَّ الأمر هل يتعلق بالطبيعي أو يتعلق بالأفراد وهذا البحث والنزاع في هذه المسألة يعتمد على نزاع آخر فلسفي أو عقلي أو كلامي من امكانية وجود الكلي الطبيعي في مقابل وجود الافراد، بعضهم قال من أصالة الوجود أو أصالة الماهية، إنه في في البحث في علم المنطق وعلم المعقول سواء كان بلغة علم الكلام أو بلغة علم الفلسفة الكلي موجود أو غير موجود، أو هو موجود بوجود افراده أو هو موجود؟، وهذا مبحث عجيب غريب في المعارف ومهم جداً ولكن لسنا بصدد الخوض فيه الآن وهو يرتبط بمباحث مهمة في العقائد كمبحث العوالم والنبوات والأئمة وهلم جرا.
وعلى أي حال فإنَّ قسماً من الاعلام قالوا بأن البحث في أن الأمر يتعلق بالطبايع أو بالافراد هو مرتبط بوجود الكلي الطبيعي أو وجود الافراد وهذا الكلي الطبيعي هل هو متعدد أو هو واحد وهل هو واحد عددا أو واحد نوعاً. فإذاً هناك في المتعلق - وهذه نكتة اصولية فقيهة بحتة - طبيعة ماهية طبيعية للصلاة أو للحج مثلاً وهناك ماهية فردية يعني أيضاً فردية الفرد له ماهية، وفردية الفرد هل ماهيته نوعية أو صنفية أو جنسية وأي ماهية يقصد للفرد أنَّ له ماهية أو يقال بدل الماهية الفردية الهوية الفردية، وهذا المبحث هو مبحث فقهي أصولي بحت ومهم.
فإذاً الصلاة التي يأتي بها المكلف أو الحج أو الغسل أو الوضوء وهلم جرا له ماهية طبيعة كلية وله طابع فردي وطبيعة فردية فله طبيعة نوعية وطبيهة فردةأو قل هوية فردية،وذها مبحث مهم جداً ويرتبون عليه الكثير من الابحاث في الاصول والفقه، ومن باب المثال الشيخ الاصفهاني - وتبعه على ذلك السيد الخوئي تماماً- قال لا نتعقل في المركب العبادي أن تكون له أجزاء واجبة وأجزاء مستحبة فإن الاجزاء المستحبة لا يمكن أن تكون أجزاءً والحال أنها مستحبة فإن هذا غير ممكن، ولو قيل كيف هذه الاجزاء المستحبة موجودة في الواجبات؟ قد أولها الاصفهاني على أنها جزء في الماهية الفردية وليست جزءاً في الماهية النوعية ودليله على ذلك أنَّ الذاتيات لا يمكن أن يترتدد فيها فلا تكون داخلة تارةً وخارجة اخرى، فلو كانت مستحبة فتارة يمكن أن تأتي بها وتارة يمكن أن لا تأتي بها فكيف يصير الشيء تارة جزءاً ذاتياً وتارة ليس بذاتي فإن هذا غير ممكن وعليه فلابد وأن تكون الاجزاء واجبة والشرائط واجبة وأما الجزء أو الشرط المستحب فهذا تسميته بالجزء من باب المسامحة بل هو جزء في الماهية والهوية الفردية وليس جزءاً في الماهية النوعية فتسمية بالجزء المستحب أو الشرط المستحب مسامحة، بل الجزء والشرط هو في الماهية النوعية - وقد بنى السيد الخوئي على ذلك أيضاً - وقد رتب عليه مباحث فقهية متعددة منها أنَّ الجزء المستحب هل يعتبر تجاوز عن الجزء الواجبأو لا، ففي قاعدة التجاوز والفراغ هل يعتبر تجاوزك من الجزء الواجب إلى المستحب هو تجاوز حتى يمكن تطبيق هذه القواعد في المقام أو لا يعتبر تجاوزاً فإذا لم جزاً من الماهية كيف يكون تجاوزاً؟!، فـ ( كل ما شككت في شيء ودخلت في غيره فشكك ليس بشي ) فهل هذا شيء وجزء آخر أو لا؟، وهناك مباحث من هذ القبيل.
وبغض النظر عن تحرير هذه الفروع الفقيه بتفاصيل فقيه فنحن لسنا بصدد هذا الشيء وإنما نحن بصدد أن الأعلام توجد عندهم هوية فردية وتوجد عندهم هوية طبيعية نوعية في متعلق الاحكام ويرتبون عليه الآثار، فالصلاة مع الطيب التي تعدل سبعين صلاة من دون طيب هذا الطيب مستحب في الهوية الفردية للصلاة ولا ربط له بالطبيعة النوعية بالصلاة عند الأصفهاني، والصلاة مع الثياب الانيقة الجميلة فكلما كانت ثياب الانسان جميلة في الصلاة كان ثواب الصلاة أعظم وكلما كان الانسان متهيئاً للصلاة وكأنما يفد على ملك من الملوك يستحب هذا في الصلاة قال تعالى ﴿ خذوا زينتكم عند كل مسجد ﴾ يعني في وقت الصلاة، ولذلك في سيرة أهل البيت أنهم كانوا يلبسون أفخر ملابسهم في الصلاة ولا أقل صلاة الفريضة بلا ريب أما صلاة النافلة فذاك بحثٌ آخر، وعلى أية حال هذا ثواب في زينة الصلاة ولكن هذا جزء أو شرط في الماهية الفردية وليس في الطبيعة النوعية، ويوجد هنا اختلاف بين الاعلام وأنه هل الهوية الفردية في الهوية النوعية أو ليس بداخلة، وهذه مباحث مهمة، شبيه ما مر بنا مراراً من أن اعمال الحج بمنى بعد يوم العيد هي ليست جزءاً من الحج، نعم عليها كفارة وعليها كذا وكذا وهذا كله صحيح ولكنها ليست جزاءً من الحج وإنما هي واجبة مستقلة دبر أعمال الحج، فمثلاً المبيت في منى أحد النصفين من ليلتين أو ثلاث ورمي الجمرات يوم الحادي عشر والثاني وعشر والنفر من منى كل هذه واجبات ولكنها ليست جزءاً من النسك - نعم اعمال يوم عيد الاضحى هي جزء من الحج - فلاحظ أنَّ تلك الاعمال هي واجبة وتترتب عليها الكفارة ولكنها ليست جزء الحج وإنما هي ماهية أخرى ولكن ظرفها عقب الحج والنسك وهي واجبة، وربما الكثير من المكلفين يظن أنها جزء الحج والحال أنها ليست كذلك وإن كان لابد منها، والمتقدمون يذهبون إلى أن صلاة طواف الحج وصلاة طواف النساء وصلاة طواف عمرة التمتع أو العمرة المفردة ليست جزءاً من النسك أبداً وهو الصحيح، فصحيح أنه أمر فوري ولكن لا صحة السعي مترتبة على صحة الطواف كما عليه متأخري العصر وإنما هي شيء واجب كتروك الكفارة فحيمنا يكون الملكف في احرام المعمرة أو الحج ويتركب تروك الاحرام فسوف تجب عليه الكفارة كشاة مثلاً أو غيرها ولكن هذه واجبات بسبب الحج وليست هي جزء الحج وجزء النسك، وهذه نكات يلزم الالتفات إليها، فلاحظ أنَّ صلاة الطواف عند المتقدمين ليست جزءاً من النسك فهي ليست من الطبيعة النوعية وإنما هي واجب سببها وظرفها النسك وهذا شبيه باعمال منى فإنها ليست جزءاً من الحج.
والمحصلة النهائية:- هي أنَّ الطبيعة النوعية للمركب يجب أن ندقق فيها حتى في القضايا الواجبة هل جزءها أو ظرفها المركب وهل ظرفها في الاثناء أو ظرفها دبر المركب أو ظرفها قبل المركب، وينسب إلى السيد المرتضى أن الاقامة واجبة ولكنها ليست جزءاً يعني شرطاً، والقليل من الاعلام يذهب إلى وجوبها - الآن بنحو الشرط في الصلاة أو بغير نحو الشرط في الصلاة فهذا بحث آخر- فإذاً لابد أن نميز بين الطبيعة النوعية للمركب وبين مقارنات المركب سواء كانت مقارنات إلزامية أو مقارنات ندبية - وهذا بحث أصولي صناعي ومن صناعة المركبات ومبحث صناعة امركبات مبحث معقد في الفقه - فالهوية الفردية أو الماهية الفردية تعتبر لباس للطبيعة النوعية وليست عين الطبيعة النوعية مثلاً، وهذا مبحث مهم وهو أنه كيف نشخص ماهية الطبيعة النوعية وماهية الطبيعة الفردية أو الهوية الفردية - فإنَّ لها عدة تعابير يذكرها الاعلام - والسيد المقرم عنده كتيب عظيم جداً في قضية الشهادة الثالثة والاعلام النجفيين في قم آنذاك كرروا طباعته في قم وأوصوا بطباعته وهذا الكتاب قد ألف اثناء احداث فتنة الكاظمية على الشهادة الثالثة قبل سبعين سنة، فالسيد المقرم جمع ما يقرب من ثمانين فتوى من الفقهاء والمجتهدين في الشهادة الثالث سواء كان في الشهادة الثالثة في الأذان وقسم كثير منهم في الشهادة الثالثة في تشهد الصلاة وهذا الكتاب له نسخة الأكترونية منتشرة الآن، وكلامي ليس في الشهادة الثالثة وإنما في الجهة الصناعية، وطبعاً هناك تصحيح لهذا الكتاب فإن الناشر للكتاب أو مصححه اضاف عشرين فتوى فبلغت مائة فتوى لفقه ومجتهد في الشهادة الثالثة وأغلبهم لم يفرقوا بين الأذان وبين التشهد داخل الصلاة، وما أهل قم فالقليل منهم صرح بالتشهد داخل الصلاة ولكن الأكثر منهم عمموا في الأذان وغيره، ونفس السيد المقرم عنوان كتابه كان هكذا ( سر الايمان الشهادة الثالثة في الأذان وغيره ) والمقصود من ( غيره ) أبرز ما يراد تشهد الصلاة، عدى ثلاثة من المراجع حيث استثنوا، يعني أنَّ المعاصرين لهم لم يستثنوا وهذا يدل على أن الذين لم يستثنوا مرادهم التعميم لتشهد الصلاة بل جملة منهم صرح بالتشهد في الصلاة، وكلامنا الآن ليس في صدد الشهادة الثالثة وإنما في الجهة الصناعية ونختم الكلام فيه، فأكثر الفقهاء المعاصرين للسيد المقرم صوروا صناعياً الارتباط بين الشهادتين والشهادة الثالثة، وهذا الوجه هو أحد الوجوه الذي التزم به جلهم وهو ليس حصرياً وإنما هو أحد الوجوه التي استند إليها أعلام النجف وقليل من اعلام قم وأكثر أعلام مشهد حيث استندوا إلى مبحث الطبيعة النوعية والطبيعة الفردية - الهوية الفردية- وسنشرح ذلك فيما يأتي إن شاء الله تعالى لأن هذا هو أحد الوجوه الصناعية، حتى أن بعض أساتذة البحث قال ماذا يقصدون من هذا البحث؟، فيلزم توضيحه صناعياً وما هو المراد منه.