45/08/22
الموضوع: الالفاظ/مبحث الأوامر/التزاحم/مرجحات باب التزاحم
كنا فرع نذر زيارة الامام الحسين سلام الله عليه يوم عرفة قبل ان تتحقق لديه استطاعة الحج ومر ان الاستطاعة ليست مقيدة بسنة الحج بدخول شهر محرم وان كان هذا ظاهر عبارة الأكثر لكن الصحيح ان الاستطاعة ليست مقيدة بنفس عام الحج بشهادة ما مر بنا ان الخطاب يشمل من يحتاج الى مقدمات قبل سنتين او ثلاث فاذا مما ينبه على ان زمن الاستطاعة غير مقيد بان يكون زمن الواجب في الحج.
فالتقارن الزماني بين الاستطاعة المالية والاستطاعة السربية وصحة البدن ليس من الضروري لان صحة البدن يراد منها صحة البدن لطي المسافة وكذلك السرب واما المال فهو غير مقيدا بتقارنه زمانا مع المال والسرب. فعلى ضوء ذلك ما ان تتحقق الاستطاعة المالية يلزم بتوفير بقية المقدمات وان طالت.
السيد الخوئي قيد الزمن بسنتين قبل زمن الحج بينما السيد الكلبايكاني ما حدد الوقت بل قبل عشر سنوات لانه في بعض البلدان لازم ان يسجل قبل ثمان سنوات يعني في تلك البلدان يحتاج الى المال الان لكي يحج بعد ثمان سنوات.
هذه خصائص فقهية يجب التثبت فيها لان معالجة التزاحم والتوارد مقيد بالتدقيق في الأدلة الخاصة للاحكام في الموارد كل حكم بحسب مورده ويجب ان لا يأخذ الانسان الحكم الشرعي في ذلك الباب على عواهنه بل لابد ان يدقق ويلتفت الى هذه الأمور.
الان لذلك لابد ان نفترض ان الاستطاعة ما تحققت والا لا يمكن للنذر ان يدافعه ويكون مرجوحا فاذا فرض المسألة في خصوص ما اذا نذر قبل تحقق الاستطاعة المالية وبعد النذر فجأة ربح مالا. فيا ترى ان النذر السابق وارد على استطاعة الحج او العكس ان استطاعة الحج هي واردة على النذر؟ هنا حالة قد تكون مثل التوارد.
صاحب الجواهر والسيد اليزدي والسيد محسن الحكيم بنوا على تقديم النذر وهم استدلوا بان الروايات تدل على ملاك زيارة الحسين سلام الله عليه عظيم جدا وحتى زيارة واحدة تعدل عشرين حجة.
لكن هل العشرين حجة بمعنى الحج الواجب او المستحب؟ وان كانت الولاية هي اعظم واعظم. فبالتالي من جهة الملاك عندهم ترديد في ان الحج مقدم بل الزيارة مقدمة. لا سيما ان الاستطاعة عند متاخري طبقات الاعصار ليست ثلاث عناصر بل مطلق القدرة مع عدم المانع العقلي والشرعي فاذا كان هكذا فالنذر يكون واردا ومانعا.
للرد على هذا البيان جماعة من محشي العروة ردوا بان النذر أيضا هو في نفسه مشروط شرعا بان يكون راجحا في ظرف العمل. طبعا فيه قول ان النذر لابد ان يكون راجحا في ظرف الانشاء. اما بناء على القول الأول سوف يكون مرجوحا لان الحج واجب والعمل بالنذر يفوت الحج.
هنا لفتة صناعية ان راجحية متعلق النذر اخذ قيدا في وجوب النذر. صفة في الواجب اخذ قيدا في الوجوب. هذه ظاهرة بديعة عكس ما هو معروف. راجحية المنذور مأخوذة قيدا في وجوب النذر وبهذا الوجه يمكن ان يقدم الحج. وان كان قد يستشكل انه لابد ان تثبت الحج حتى يثبت مرجوحية النذر. صحيح ان الحج لا يمكن ان يبت والنذر أيضا لايمكن ان يبت فاذا كان ترقص والتردد فايهما يقدم؟ سيقدم الحج. لان موضوع الحج بالتالي ولو بنحو بدلية موجودة وحينئذ يعدم موضوع النذر باعتبار ان موضوع النذر هو ان لا يكون مرجوحا. بهذا البيان يمكن تتميم هذا الوجه.
لا ننسى ان فرض البحث قبل استطاعة الحج والا اذا كانت الاستطاعة مقارنا مع النذر لا كلام في تقديم الحج.
وجه آخر ذكره الاعلام وهو ان النذر مشروط بشرطين شرعيين والثاني ان لا يحلّل الحرام او يحلّل ترك الواجب وترك الحج حرام عقلا وشرعا حسب المبنى في ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن ضده. فاصل عملية وجوب النذر معلقة بتعليقين ويمكن لوجوب الحج ان يرفع موضوع النذر.
فاذا النذر وان سبق زمنا الا انه ليس مبتوتا في فعليته
الوجه الثالث ذكره السيد الخوئي وهو متين وهو ان الحج وان اخذ في الآية مطلق الاستطاعة لكن حسب الروايات والعترة الطاهرة فسرت الاستطاعة بثلاث عناصر الاستطاعة المالية والاستطاعة البدنية وتخلية السرب والأكثر منها ليس مأخوذا في الاستطاعة والنذر ليس بامكانه اعدامها. لا يعدم المال ولا يعدم الاستطاعة البدنية والسرب. فالحج غير مورود للنذر وان سبق زمانا. هذا بيان متين ينبهنا على انه يجب اليقظة على انه أي قدرة اخذت شرعا في الوجوب وحذار من الغفلة. اذا اخذ عنوان معين لا يعني ان هذا العنوان بعمومه موضوع بل قد يكون هناك تعبد بالتخصيص بتفسيره. طبعا من باب حمل العام على الخاص وهذا الباب صورة يختلف عن التخصيص لان العام والخاص متوافقان في باب الحمل بخلاف باب التخصيص ان العام والخاص متخالفان كذلك في التقييد والاطلاق. شرائط البابين تماما تختلف.
اذا بمجرد اخذ القيد شرعيا يجب ان يدقق المستنبط في عنوانه هل هو عنوان عام او خاص؟
اذا ورد عنوان خاص في الكتب المعتبرة كالكافي في باب التشهد كعنوان «قل احسن ما علمت» فالشارع يوقفنا يعمم لنا من الشهادتين.
فاذا هنا نكتة لطيفة اثارها السيد الخوئي بلحاظ ان موضوع وجوب الحج لا ينتفي فالصحيح تقديم الحج على النذر.
جواب عن السوال: لابد ان يلاحظ قيود الوجوب والا كثيرا ما يقدم العناوين الثانوية على الأولية.
المرجح الخامس: يمكن صياغته هكذا ان النذر والحج اتضح ان مطلق المشروط بالشرط الشرعي مؤخر كقيد ان لا يكون مرجوحا ولا يحلل حراما.
كما مر ان هذه المرجحات ليست خاصة بالدقة بالتزاحم بل مرتبطة بالتوارد والورود وهما لاربط لهما بالتزاحم وان جمعها الاعلام في قائمة واحدة وهذا يدل على ان طبائع الاحكام مختلفة وان كانت متقاربة.
نكتة لا بأس بها: التوارد ماذا حكمه؟ الورود يعني احد الحكمين بتا يعدم موضوع المورود يقدم الوارد على المورود لا من باب التزاحم. ومر أنواع الورود ان بعض أنواعها من قبيل التزاحم لان الورود على تنجيز الطرف الاخر ليس على فعلية الطرف الاخر فلا يبقى ظن ان الوارد يعدم فعلية المورود دائما. هذا كمثال في الاحكام التكليفية والا في المعاملات أيضا هكذا مثل ان استأجر ان يكون اجيرا نيابة وثم فجأة حصلت استطاعة الحج هل تبطل الاجارة او لا؟ ذكره صاحب العروة في العروة كتاب الحج وربما مذكور في المناسك.
المهم ان نلتفت انه ما هو حكم التوارد؟ التوارد شبيه بالدور ونوع من التجاذب من الطرفين. لطيف ان السيد الخوئي ظاهرهم ان هذا تعارض وهذا مسامحة ان التوارد ليس تعارضا لانه لو كان تعارض يعني ما عندنا علم بان احد الحكمين سيكون فعليا بينما التوارد يكون قدرة يتجاذبها حكمان او موضوعا الحكمين بالتالي الموضوع موجود ولو لحكم واحد. بالتالي موجودة واذا كانت موجودة كيف يمكن التفريط بها. فالصحيح انه في التوارد مقتضى العقل لقوالب الأدلة ان يكون احدهما واجب فعلي والآخر غير فعلي لكن بنحو الترديد يعني يكون مخيرا.
سوال: ماذا دخالة العقل في الحكم الشرعي؟ انّى للعقل ان يدخل في الحكم الشرعي؟ هذه شبهة جملة من الاخباريين.
الجواب ان الحكم الشرعي بيد الشارع لكن فهم قالب الحكم الشرعي بيد العقل لان المخاطب هو العقل. التكليف من الشارع لكن فهم هذا الخطاب الشرعي في الدين بضوابط لغة عقلية.
التشهد تعبدي وتوقيفي لكن قالب التشهد الذي ورد في الصلاة هل الشهادتان بشرط لا؟ بل لا بشرط، وما حدد بشيء. «قل احسن ما علمت» بل التضييق نوع من التصرف القريحي كانما في القالب الشرعي. فهنا كذلك بالتالي صحيح انه في التوارد لكن العقل يلتفت ان موضوح احدهما محقق ولا يمكن رفع اليد من كليهما
الفرع اللاحق: اذا دار الامر بين سقوط الطهور في الصلاة وسقوط قيد من قيود أخرى للصلاة فيسقط القيود الأخرى لان الطهارة من اعظم قيود الصلاة. «لا صلاة الا بالطهور» خبثيا ومعنويا. هناك رواية معتبرة ان الطهور المعنوي في الصلاة اعظم من الوضوء والغسل هو الولاية. هذا نص خاص بان الولاية هي اعظم درجة ركنية بنيوية في الصلاة لنص خاص معتبر من الامام الكاظم. الصلاة بدون الولاية بدون الطهور والصحة فيها خلل. والولاية لابد فيها من التلفظ باللسان. هذا وجه آخر.
لطيف ان الطهور له ثلاث طبقات: طهور معنوي والولاية وطهور معنوي الوضوء والغسل وطهور من الخبث. عندنا نصوص خاصة ان عدم الوضوء والغسل والتيمم لا تسقط الصلاة. مع انه مترددين في اطلاق الطهورين. نصوص الغريق تقول ان الصلاة لا تسقط. فالطهور الذي هو اعظم ومأخوذ في الصلاة هو الولاية في مبحث فقهي لا مبحث عقائدي عرفاني. الرواية في تفسير العسكري سلام الله عليه موجود. اقصد هذه وجوه صناعية. فالطهور في الصلاة كما ان في الصوم شرائط معنوية ففي الصلاة شرائط معنوية لا بدنية ولا مادية. الولاية شرط معنوي من الطبقات الروحية في الصلاة. عندنا صلاة روحية يجب ان تكون قائمة في الصلاة المادية.
ان شاء الله بقية الفروع نواصلها كي نختم مبحث الضد قبل التعطيل.