الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/07/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الالفاظ/مبحث الأوامر/الترتب

 

كان الكلام في جملة من موارد الترتب في موارد الورود او التوارد ومر ان الزكاة والخمس بينهما توارد وفي التوارد شبيه اذا كان التزاحم بين المهمين فتكون حينئذ حالة التنازع بين الحكمين شبيه حالة التوارد يعني من كلا الطرفين فلابد محاسبة حالة التنازع من الطرفين والتدقيق منهما وليس من طرف واحد. هذه خاصية التوارد وفرقها عن الورود مضافا الى ما مر بنا ان التوارد او الورود قد يكون بلحاظ مراحل مختلفة وليس من الضروري ان يكون هناك محاذاة او وحدة في مرحلة الحكم بين الوارد و المورود. قيد يكون الوارد في مرحلة من الحكم والمورود في مرحلة أخرى وكذلك التوارد لابد من التدقيق فيه.

هنا نكتة يشير اليه السيد الخوئي في الزكاة ان الورود هنا بين الحكمين التكليفين بل بين الحكم الوضعي للخمس يكون واردا على الحكم التكليفي او الوضعي للزكاة وهذا صحيح باعتبار ان الخمس يخرج المقدار المكمل للنصاب عن ملك المالك فهنا حكم وضعي يعدم حكم المورود قبل الحكم التكليفي وهذا صحيح ومتين لا بأس به والعكس هكذا. فالورود والتوارد ليس من الضروري ان يكونا بين الحكمين التكليفين وقد يكون بين الحكمين التكليفي والوضعي.

على أي حال اجمالا مبحث الترتب بهذا المقدار تام والان يتعرض الاعلام الى مواطن أخرى من الترتب هل ممكنة او غير ممكنة؟

في البدء هنا يتعرضون الى ان الشيخ الانصاري ينكر الترتب تماما لكنه نفسه ينظّر ويبلور للترتب في مبحث التعارض من دون عنوان واسم الترتب، حيث ذكر في مبحث التعارض انه بناء علي سببية في الحكم الظاهري كما عند العامة تتبدل حقيقة التعارض في الكاشفية الى كنه التزاحم. فبناء على السببية في التعارض المتعارضان ينقلبان الى المتزاحمين فعلى السببية في الطرق والحكم الظاهري لا وجود للتعارض بل ينقلب الى التزاحم. ثم يبلور الشيخ ويقول بناء على السببية في التعارض لا وجه للقول بسقوطهما بل يقيد العمل بكل منهما بترك الآخر عقلا. العقل يقول لا يمكن العمل بكلا الضدين لكن يمكن العمل باحدهما واذا امكن العمل باحدهما وجود الملاك لا وجه للسقوط ودعوى ارتفاع الحكمين فتكون التزاحم. هذا الذي نظره الشيخ في باب التعارض على السببية هو عين الترتب وليس شيئا غير الترتب وان لم يسمه الشيخ الترتب. هو هوية الشيء ليس باسمه بل بنفسه. هذا اشكال النائيني والسيد الخوئي لكن السيد أضاف اليه. قال ان الذي ينكره الشيخ اسما قبله حقيقة وعبر السيد الخوئي بان ارتكازا ووجدانا اقر به لكن ببيان آخر وشاكلة أخرى وسبك آخر والا هي نفسها. هذه نكتة منهجية. كثيرا ما الاعلام يقرون بقواعد ومناهج لكنهم ينكرونها باسمائها الحقيقية فمن ثم يرفضون المنهج اسما. كما ان الشيخ هكذا. الشيخ يقبل الترتب في مكان ويرفضه في مكان آخر بسبب الاسم. هذه نكتة لطيفة في الاستنباط. ان الفقيه تارة يقبل الماهية وقاعدة واحدة وجدانا لكن فيه تداعيات واشكاليات فيرفضه باسمه.

هذا الذي ذكره السيد الخوئي اعتراضا على الشيخ الانصاري ان هذا الذي قبلته هو شكل آخر للترتب وتعبير ثاني للترتب وصياغة أخرى. نجد هذا المطلب عند السيد الخوئي في الحجج. السيد الخوئي في الظن القسم الثاني «فيه ظن معتبر وفيه ظن غير المعتبر وفيه ظن غير معتبر مردود شرعا كالقياس كما مر بنا ان القياس حتى التأييد به محرم استنباطيا ولا الترجيح. بعض الظنون غير معتبر لكنه معتبر في الترجيح او في توهين ظن اخر هذه اربع او خمس صياغات او خمس مواطن في اعتبار الظن. تارة ظن معتبر بقول مستقل وتارة مرجح وتارة مؤيد وتارة موهن وممانع وهذه كلها اعتبارات للظن بقوالب مختلفة وكلها مندرج في الظن القسم الأول. القسم الثالث من الظنون كالقياس والسحر والشعبذة محرم تكليفا ووضعا غير معتبر مطلقا لا تأييدا ولا ترجيحا اما القسم الثاني ليس كالقسم الثالث بل هو بالتراكم اما عامل كمي او عامل كيفي يصبح حجة. غاية الامر في الحقيقة القسم الثاني شاكلة من اعتبار الظن لكن بالتراكم فالتراكم قسم خامس من اعتبارات الظن. القسم الأول اعتباره مستقل مع انه حقيقة ما عندنا ظن مستقل بل مرادهم اقوى. خبر العادل لابد ان يضم اليه حجية جهة الظهور والعام والمخصص والوارد والحاكم والظهور وغيره. بل ما عندنا يقين حجة مستقلة مع انهم قالوا ان اليقين او القطع اليقيني حجيته ذاتية. صحيح لكنه ليس مستقلا. لابد ان يضم هذا اليقين الى اليقينات الأخرى. فهذا التوهم بان الظن معتبر مستقلا سراب بل مرادهم انه اقوى وفي قباله الظن الغير المعتبر بمعنى انه اضعف ويحتاج الى التراكم. فالظن القسم الأول والثاني كلاهما غير مستقل لكن الأول اقوى والثاني اضعف، غير الثالث انه كالعدم. السيد الخوئي تارة يميز بين ال قسمين ويعتبر القسم الثاني بالتراكم وتارة لا يقبل. في قول اللغوي اعترف كل الأصوليين انه لا يندرج في القسم الأول بل يندرج في القسم الثاني ومنهم السيد الخوئي. هذا جيد. في باب الرجال فرط السيد الخوئي في قرائن كثيرة لانه أراد ان تكون من القسم الأول لكنها ليس من القسم الأول بل هي من القسم الثاني. السيد الخوئي في باب الشهادات وتعديل الشهود قال لا مفر ان نجعل طريق العدالة في الطلاق والشهود في القضاء الى القسم الثاني لا الأول. يصلي جماعة ولا يغتاب مع ان كلا منهما ليس حجة مستقلة وحسن التعامل وغيرها من القرائن علي العدالة اذا تتراكم يصير ظنا قويا وهو مفاد صحيحة ابن ابي يعفور في العدالة في حسن الظاهر قال: ان تطلب العدالة في كذا وكذا انحصرت في الأنبياء والاوصياء فقط. لكن حسن الظاهر كاف. حسن الظاهر تعمل به باب القضاء والشهود وباب الطلاق ولا تعمل به في الرجال. هذه غفلة في المنهجية كما يشكل علي الشيخ الانصاري بانه قبل الترتب لكن يرفض اسمه. الترتب ليس بالاسم بل الترتب بماهية واقعية. سماه الشيخ بان الضرورات تقدر بقدرها والتزاحم يسقط الاحكام بقدر العجز مادام هو قادر على احدهما لا معذر عند العقل بان يسقط كلاهما. كيف سجلوا المؤاخذة على الشيخ بانك قبلت حقيقته بدون قبول اسمه هذا الذي يذكر النائيني والسيد الخوئي هي غفلة في خارطة عامة في الحجج في العلوم الدينية. مبحث الحجج مبحث خطير في كل العلوم الدينية. كيف لا تعتني بالسيرة؟ يقول انها غير مسندة والحال تعتمد بقول اللغوي مع الاطمئنان. كذلك في السيرة. اذا كانت كتب اللغة بنيوية في الدين والتراث فكتب السيرة بنيوية في الدين وتراث الدين. حتى في اقوال الرجاليين سبعين بالمأة من اقوال الرجاليين غير مسندة لا عند الخاصة ولا عند العامة. لماذا قبلها السيد الخوئي؟ قال انها متواترة. من اين جاء بالتواتر. هذا إحالة على الغائب والمبهم. في بدء الاستنباط اقوال الرجاليين دعوى عجيبة صحيحة بنظام التراكم لا بنظام القسم الأول. في نهاية الاستنباط واقوال اللغويين أيضا التراكم صحيح لكن في الوسط التشدد والحصر بلا معنى. المقصود ان هذا الذي اشكل السيد الخوئي على الشيخ الانصاري بعينه يرد عليه مع انه اخطر. الترتب معالجة من معالجات الاستنباط لكن الحجج من يوميات الاستنباط والحال ان السيد الخوئي ومدرسته غفلوا عن ما هو الفرق الحقيقي بين القسمين من الظن. لا يمكن ان يدرج القسم الثاني في الثالث وهذا هو معنى حرمة الرد للخبر الضعيف. رحمة الله على آغا بزرك يقول ان القسم الثاني وكتب السير التي لا يقيم السيد الخوئي لها وزن يقول: ان هذا القسم الثاني ليس فقط ينشأ منها التواتر بل ما فوق التواتر وهو ضروريات الدين ويستعرض جملة من الضروريات الدينية في العلوم الدينية. التواتر يقين نظري او بين النظري والبديهي لكن الضرورة يقين نظري. اذا تريد ان تحتج بهذا النظام لابد ان تلزم نفسك أولا في اقوال الرجاليين واقوال اللغويين ولا محال تنجر الى الانسداد.

الان يستعرض الاعلام جملة من موارد الترتب. في الحقيقة أيضا في باب التعارض ولو لم يذكرها الاعلام مورد سادس للترتب ان التعارض حتى بناء على الطريقية ينجر الى الترتب. كيف؟ دعوني ان اؤجله وسنستوفي ان شاء الله.

موطن سابع للترتب هو بحث الجهر والاخفات او القصر والتمام. هذا مورد فقهي جزئي بلحاظ أبواب الفقه وان كان هو كلي بلحاظ بابه. او جزئي إضافي بلحاظ علم الأصول.

قبل ان ندخل في الجهر والاخفات اذكر بحث الوضوء والغسل كمثال في الترتب. في الوضوء والغسل هناك كبرى اهم من الوضوء والغسل وبها يتضح الحال في الوضوء والغسل والتيمم والصوم الضرري وغيرها. كبرى عند مشهور القدماء او مشهور الفقهاء حتى الى صاحب الجواهر وكذلك الشيخ الانصاري وصاحب الكفاية والسيد اليزدي اجمالا.

الكبرى الأولى ان القيود الشرعية التي يأخذها الشرع ليس من الضروري ان تكون قيد الفعلية. هذا سبق ان تم التنبيه عليه. صرف انه قيد شرعي لا يستلزم ان يكون قيد الفعلية. يجب التدقيق ان الشرع قد اخذ القيد في أي مرحلة.

الكبرى الثانية واهم. ان المشهور في القيود الشرعية التي ترتبط بالقواعد الست في حديث الرفع كالنسيان والضرر والحرج والجهل والاضطرار والاكراه ست عناوين ثانوية هذه العناوين والقيود اذا اخذت شرعا في الحكم الشرعي سواء بالادلة الخاصة فضلا عن الأدلة العامة. لها آثار في الأبواب الفقهية في الطواف والحج والخلل. هذه القيود يعتبرونها قيودا شرعية ليس في اصل الفعلية والملاك بل في التنجيز او الفاعلية. هذه نكتة جدا مهمة. باي دليل بحث مهم.

هذه القيود التي ترجع الى الموضوعات الثانوية والعناوين الثانوية اذا اخذت بالدليل الخاص فضلا عما اذا اخذت بالدليل العام لا يعتبرها المشهور دخيلة في الفعلية والملاك ولها آثار كثيرة. هذا بحث اهم من بحث البرائة واهم من بحث منجزية العلم الإجمالي.