الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/07/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الالفاظ/مبحث الأوامر/الترتب

 

كان الكلام في ان صياغة الترتب يتلافى فيها محاذير التزاحم او الموانع التي اعترض بها على الترتب وتم بيانها بشكل متوسط.

آخر محذور كان ان العقوبة على ترك الجمع عقوبة على غير المقدور واجيب انها ليست عقوبة على ترك الجمع بل عقوبة على جمع الترك. والجمع للترك مقدور فيعاقب عليه فما الفرق بين جمع الترك وترك الجمع؟ ترك الجمع يعني انه يعاقب على انه لم يأت بها معا وهذا غير مقدور اما انه يعاقب على انه لم جمعت بين تركهما وهذا ممكن. لانه كان بامكانه ان لا يجمع في الترك وهل الجمع في الترك عقوبته الخاصة تختلف عن العقوبة على كل منهما مستقلا؟ تساؤلات. على اية حالة الاعلام صوروا ان هذا المقدار في الاختيار في الجمع للترك يسوغ كل من العقوبتين. سؤال: هل يسوغ كلا من العقوبتين او يسوغ عقوبة الأهم فقط؟ محل الكلام او العقوبة على جامع مشترك بينهما وزيادة أهمية الأهم وفيه نوع من الكلام.

ما معنى ترك الجمع؟ هل هنا عقوبة مسجلة على نفس الجمع اذا تركهما؟ او كل واحد منهما له عقوبة مستقلة؟ على أي حال غاية ما صوره الاعلام ليس اختيارية كل منهما بقول مطلق وانما اختيارية هذا بمفرده او هذا بمفرده. اما ان يعاقب على جمع الترك بعقوبتين محل تأمل وان كان الصحيح ان الجمع في الترك اختياري لكن العقوبة كانت مسجلة على كل منهما بخصوصه. والعقوبة على الجامع ليس في التقنين الشرعي. نعم الجمع في الترك اختياري لكن الكلام في ان هذا هل يسوغ العقوبة على كليهما معا؟ الميرزا النائيني والسيد الخوئي اصرا على انها عقوبتان وعلى جمع الترك. اجمالا فيه عقوبة لكن فيه عقوبتان او عقوبة مشتركة وعقوبة على زيادة الأهم فيه كلام. الثاني أيضا مقدور له، الجامع له مقدور وخصوصية الأهم مقدورة له اما ان يعاقب عقوبتين كاملتين على اثنين كيف يمكن؟ بالتالي تكون العقوبة على ترك الجمع. اذا كانت عقوبة جامعة مع خصوصية الأهم فهذه تكون عقوبة على جمع الترك وصحيح. جمع الترك الغير المقدور معا. الجمع للترك مقدور وهو جمع ترك الجامع وجمع ترك خصوصية الأهم اما كلاهما معا بحذافيرهما لم يكم مقدورا له. لذلك حتى غير الاعلام الصياغ ليست العقوبة على ترك الجمع ولكن العقوبة على جمع الترك والترك اختياري له وما هو الاختياري له فليس كلاهما معا بخصوصيتهما وانما الاختياري له هو الجامع وعلى كل الامر سهل في هذا الجانب. هذا شبيه بحث التجري والمهم هذا امر سهل المؤونة.

فاذا الترتب استطاع ان يكيف بين الحكمين سواء كان محذور التزاحم في مرحلة الفعلية او التنجيز كما في التزاحم المعهود والمعمول او كان محذور التزاحم كمنطقة الورود والتوارد ومر ان الورود على أنماط واقسام او مراحل. ليس ضروريا ان يكون الورود بوجوده يعدم المورود وقد يعدم بامتثاله وقد يعدم بتنجيزه. مثلا سياتي في مبحث اجتماع الامر والنهي في بعض صوره ان النهي المنجز يفسد العبادة والنهي غير المنجز لا يفسدها. فتارة بتنجيزه يعدم موضوع الحكم الاخر وتارة بوجوده وتارة بامتثاله وتارة بإحراز الامتثال. المهم ان الورود بين الوارد والمورود قد يأخذ مراحل متنوعة ومختلفة وليست مرحلة واحدة والمعهود في اذهاننا ان الدليل الوارد بوجوده يعدم دليل المورود لكن الصحيح ليس هكذا

كذلك الحال في التوارد كل من الحكمين يريد ان يعدم موضوع الاخر. فنرى هل كل منهما بوجوده او بامتثاله او بتنجيزه. وقد يكون كل منهما بمرحلة منه يعدم الموضوع. من ثم مسألة الزكاة والخمس في مال واحد هل يقدم الزكاة او الخمس؟ صور عديدة لتنازع الزكاة والخمس في المال. وما الذي يقدم فيهما. فهنا لاحظ الاعلام ورود الزكاة على الخمس في أي مرحلة؟ وورود الخمس على الزكاة في أي مرحلة؟ من ثم بحث التوارد هو بحث الورود وزيادة وهي ان تلاحظ الحال من الطرفين لا من طرف واحد.

مثلا اذا ملك أربعين شاة فحاله حول الزكاة والخمس؟ ايهما مقدم؟ لان الزكاة اذا قدمت المال الباقي خمسه اقل واذا الخمس قدم يعدم موضوع الزكاة لانه يصير اربع من الأربعين. فايهما يقدم؟ هنا لاحظ الاعلام ان الخمس ليس يتعلق بالمال في نهاية السنة الخمسية. هذا مقال مشتبه. الخمس يتعلق بالمال بمجرد تملك الانسان للمال وظهور الربح. انما تخفيفا من الائمة سلام الله عليهم يحذف مؤونة السنة من الخمس. هذا الاستثناء من اهل البيت ليس قيد شرعية الخمس. وانما قيد التنجيز او غيره يعني انه مع ان الخمس موجود لكن رخص الائمة فيه. هذا قيد الإخراج وقيد الامتثال. من ثم بعض الائمة سلام الله عليهم لم يرخصوا في بعض الاعيان صرف المؤونة من الخمس في بعض السنين لسبب او لآخر. فهذه العبارة «بعد سنة مؤونتك» فالسنة ليست قيد الخمس وهذا نكتة مهمة بل السنة قيد المؤونة وله آثار كثيرة. الخمس يتعلق «اعلموا انما غنتم يعني ربحتم وكل الأرباح غاية الامر حدد الائمة قوالب معينة. الشاهد ان الخمس يتعلق بالمال بمجرد الربح غاية الامر هم رخصوا في صرف المال. اذا الخمس تعلق بالمال قبل الزكاة. السنة ليست قيد الخمس بل قيد ترخيصه في تقليصه الامتثال. اذا ليس قيد الوجوب بل قيد الواجب وحتى هو قيد ترخيصي وتخفيفي. مثل الدائن ومالك الدين ان يخفف الدين على المديون وليس معناه ان الدين غير موجود. فاذا الخمس تعلقه قبل الزكاة فلا معنى لكون الزكاة تقدم علي الخمس فمن ثم يعدم الخمس موضوع الزكاة.

هذا بالنسبة الى زكاة العام باعتبار انه اخذ فيها السنة. أما بالنسبة الى زكاة الغلاة لم يأخذ فيها السنة بمعنى من المعاني فبالتالي ما ان تظهر الغلة فعليه الزكاة فاذا افترض انه تملك قبل بدو الصلاح بفترة يسيرة ثم بدا الصلاح فهنا تعلقت الزكاة قبل الخمس قبل ان يصبح الربح. يعني اذا فرضنا الزكاة بمعنى ان موضوعها زمانا يتحقق قبل الخمس فتقدم عليه اما اذا افترض انه بنحو التزامن والتقارن الدقي ماذا نصنع؟ تقدم الزكاة او الخمس؟ مقتضى التعادل ان يقال بالتنصيف. عموما في مورد التوارد لو لم يكن هناك مرجح لاحد الطرفين على الاخر لا يمكن ان نقول يسقط الحكم لانه بالتالي القدرة او الموضوع موجود لواحد منهما فما العلاج؟ العلاج هو التخيير على الصحيح لا التخيير من باب التعارض بل التخيير من باب التوارد يعني ان هذا الموضوع حقيقة مثل القدرة ان هذه القدرة حقيقة تصلح ان تسند او تنتسب او تحقق موضوع كل منهما فما دامت النسبة على سواء لاحدهما فبالتالي هذا تخيير شبيه التخيير التكويني. يعني قطعا موضوع احدهما متحقق فعليه ان يمتثل احدهما فليس يلزم بامتثال كليهما لان موضوع كليهما ليس بمتحقق وانما الموضوع متحقق باحدهما وان كان جملة من الاعلام قالوا بالتساقط هنا لكن الصحيح انه لا تعارض ولا تساقط بل يلزم باحدهما وملاك احدهما. هذا بالنسبة الى بحث الزكاة والخمس او امثلة أخرى يمكن تصويرها.

قبل ان نذهب الى امثلة أخرى دعونا ان نعالج هذا المثال في الوضوء والغسل او الضرر في الصوم وما شابه ذلك. مثلا اما يتوضؤ بهذا الماء او هو عطشان في معرض الهلكة والمفروض ان يصرف الماء في الشرب لان حفظ الروح اهم سواء روح نفسه او روح غيره. لكن لو ارتكب الوضوء الميرزا النائيني يقول ان موضوع الوضوء لا يتحقق وليس بصحيح لانهم قالوا ان موضوع الوضوء والغسل اخذ فيه القدرة وهنا القدرة ما موجودة فبالتالي لا يصح. وسيأتي بعض الفروع كلها فروع للورود والتوارد تعرض لها الاعلام والترتب نوع من الورود. صيغة الترتب صحيح انه يقلص الورود ويضيق واردية الوارد كما مر بنا. فالورود والوارد والمورود يتوهم الباحث ان الوارد وارد بقول مطلق والترتب يقول ان الوارد والورود ليس بقول مطلق بل اذا لم يمتثل الوارد يمكن ان يمتثل المورود فيما اذا لم يكن الورود بوجود الوارد بل الورود بامتثال الوارد. ففي كون الورود بامتثال الوارد هنا الترتب يضيق الورود ويفسح مجالا للمورود. هذا سابقا مر بنا. اذا تعيين مرحلة الورود وواردية الوارد على المورود في أي مرحلة امر مهم ويتضح انه هل هذا ورود بقول مطلق او في صورة امتثال الوارد. يا ترى في الوضوء وشرب الماء للعطشان في معرض الهلكة هل الورود بمجرد وجوده او بامتثال شرب العطشان؟ فهنا الوضوء هل يصح او لا؟ الميرزا النائيني والسيد الخوئي جعلوا قيد القدرة قيدا لمشروعية الوضوء يعني قيدا لفعلية الوضوء فمع عدم توفر القدرة لا مشروعية للوضوء ولا للغسل بل حتى في الصوم الضرري. فاذا جعلوا قيد القدرة في الوضوء والغسل قيدا للفعلية وقيد الملاك وقيد المشروعية. هذا كلام مدرسة النائيني والسيد الخوئي وتلاميذهما جلهم. بالتالي اذا لو يمتثل سقي العطشان مع ذلك لا يصح وضوءه. هنا فيه اشكالان على كلام الميرزا النائيني والسيد الخوئي وتلاميذهما.

أولا ان القدرة ليست قيد فعلية الوضوء وانما قيد تنجيز الوضوء. كما في الصوم أيضا هكذا. اذا القيد قيد ماذا وفي أي مرحلة لابد ان نلتفت اليه. هذا جانب انها قيد التنجيز. ثم لو فرضنا انه قيد الفعلية فمن قال وجوب سقي العطشان بوجوده يعدم القدرة؟ بل بامتثاله يعدم القدرة. فان لم يمتثل فمازالت القدرة موجودة فبترك الأهم تتحقق فعلية المهم وان فرض ان قيد القدرة ووجود الماء قيد اصل مشروعية الوضوء. هذا ورود لكن ورود الوارد على الوضوء والغسل انما هي في مرحلة الامتثال لو امتثل الأهم لا انه بمجرد وجود وجوب انقاذ العطشان تنعدم القدرة ففيه اشكل من جهتين.

شواهد على ان القدرة في الوضوء ليس قيد الفعلية سنذكرها غدا. وفيه ثمرات كثيرة في الوضوء ان القدرة هل هي قيد الفعلية او قيد التنجيز؟ المشهور بنوا على ان القدرة ووجود الماء قيد التنجيز وليست قيد الامتثال او التنجيز.