45/06/27
الموضوع: باب الالفاظ/مبحث الأوامر/مبحث الترتب
كان الكلام في اركان الترتب وكنا في هذه النقطة ان مقصود الاعلام من اخذ عصيان الأهم في المهم ليس العصيان المسقط للتكليف والا لما كانت هناك حاجة للترتب في ظرف سقوط الأهم وانما الكلام في مورد وجود الأهم وفعليته كيف يتصور فعلية المهم ويكون من قبيل جمع الطلب لا طلب الجمع وهذه مهارة في بحث الترتب وبالتالي ما دام هناك فرصة وسعة ومجال ولو محدود لتصوير فعلية الامرين وفعلية الوجوبين من دون محذور لا موجب للالتزام بسقوط فعلية المهم. طبعا هذا في بحث التزاحم على مبني الميرزا النائيني فيما اذا كان كلاهما مقيدان بالقدرة عقلا ومر ان الترتب يجري في التزاحم ويجري في الورود والتوارد والتعارض والموارد العديدة ومن ثم قد يقال ان الترتب جمع تبرعي وان المتأخرين هنا لم يستشكلوا على الجمع التبرعي مع ان الترتب لم يأت من القرينة اللفظية والقوالب اللفظية. نعم اذا كانت قاعدة أخرى موجودة وانه ان الجمع مهما امكن أولى ومتعين من الطرح.
نفس هذا ادلة المتقدمين حيث يجعلون الجمع التبرعي مقدم على اسقاط الدليلين. انه مادام هناك ولو احتمال للتأليف بين الدليلين ما المسوغ لاسقاط كل دليل واجد للشرائط. احد شواهد قاعدة الجمع هو هذا نفسه. لم يتشبث المتاخرون بشاهد لفظي او شيء آخر. بل العقل يدرك انه في بعض الصور ليس تناف وتضاد وتناقض والضرورة تقدر بقدرها. هذا احد الشواهد لقاعدة الجمع ولو التبرعي وشواهد عديدة لها.
فالترتب في التزاحم كما مر بنا لاجل الفعلية لا تحتاج اليه عند الاعلام لكن على مبنى الميرزا النائيني نعم نحتاج. نعم الترتب لاجل التنجيز فيما اذا كانا متزاحمين أي اذا كان كل منهما مقيدان بالقدرة عقلا.
اما اذا كان احدهما مقيدا بالقدرة شرعا يكون ورودا او التوارد وحينئذ أيضا يأتي الترتب ويقلص من حالة الورود ومورودية المورود اوا لتوارد. اذا الترتب يعالج المراحل المتعددة كما مر بنا
الكلام هنا ان نظرية الترتب تريد ان تصور جمع الطلب لا طلب الجمع. لان طلب الجمع هو المحذور فيه كيف يطلب الجمع بين الفعلين هو عاجز منه. اذا التصوير في جمع الطلب من دون طلب الجمع. لاجل ابعاد محذور طلب الجمع اذا لابد ان نفرض ان الترك الذي يأخذ في جانب المهم ليس الترك التوسطي بل ترك قطعي مستمر مجموعي. يعني يفرض انما يكون هناك فعلية للمهم في ظرف انه متارك من البداية الى النهاية للاهم وحينئذ هنا الاستثمار للقدرة.
في الورود أيضا هكذا. تذكرون في الورود وسيأتي ان الوارد بمجرد فعليته قبل امتثاله يعدم موضوع المورود. هذه حالة من الورود. مثل امر الاب والنذر او امر الزوج والنذر. فبمجرد امر الاب ولو لم يمتثل الابن ينحل النذر لان النذر مأخوذ فيه ان لا يكون مرجوحا فهنا امر الاب بترك الفعل المنذور تلقائيا النذر ينحل بمجرد وجود الامر بطاعة الاب او طاعة الزوج وان لم يمتثل المكلف. هذا لا يمكن للترتب ان يعالجه ولو لم يصرف القدرة الى الضد وامتثال الاب لانه بمجرد وجود امر الزوج او الاب ينحل النذر. لذلك عندنا في الروايات الصحيحة انه لانذر للزوجة مع الزوج وللولد مع والده وان اختلف الاعلام في معنى «لانذر» في اقوال أربعة امتنها الذي تبنيناه انه ليس شرط الصحة لكن ممانعة الاب والزوج يفسخ النذر فالاب عنده قدرة على فسخ نذر ابنه وكذلك الزوج حتى لو نذر في مالها. فنوع من القيمومة اجمالا. كما ان الاب في زواج البكر الرشيدة اقوال سبعة رئيسية امتنها ان البكر الرشيدة لا الساذجة لها ان تتزوج لكن للاب ان يفسخه كما ان الاب فيها له ان يزوجها بدون ان يستأمرها لكن لها ان تمانع وتفسخ العقد. هذه احد الاقوال الذي تبنيناه. فهنا بمجرد المنع يفسخ العقد وهذا الورود في الحكم الوضعي.
فالدليل الوارد او الحكم الوارد تارة بمجرد وجود فعليته قبل امتثاله يعدم موضوع المورود فحينئذ الترتب لا يستطيع ان يعالج لان الامر بمجرد وجوده الفعلي قبل امتثاله يعدم موضوع المورود. لذلك الفقيه في أبواب كثيرة من الفقه يجب ان يدقق ان الورود في أي مرحلة من الوارد والمورود. طبعا ان المورود مورود في الموضوع والفعلية. التزم السيد الخوئي ظاهرا في التقريرات ان الدين والاستطاعة للحج ليس بمجرد وجوب الدين تنعدم القدرة على استطاعة الحج ولو فتاوى الاعلام هكذا في العروة وغيره. انه بمجرد الدين لا استطاعة له لكن السيد الخوئي يقول ان الاستطاعة المأخوذة في الحج هي ثلاث أشياء المال وصحة البدن وتخلية السرب وهذه متوفرة وبمجرد الدين لا ينعدم المال والصحة ولا ينسد الطريق. اذا الاستطاعة موجودة. انما يعدمها الدين اذا سدد الدين و استخدم المال في سداد الدين فينعدم الاستطاعة. اما بمجرد وجود الدين لا تنعدم.
هنا نقطة صناعية ان المتاخري الاعصار عندهم دقة بخلاف الطبقات المتقدمة ان القدرة الشرعية التي تارة يأخذها الشارع ما الفرق بينها وبين القدرة التي يأخذها العقل؟ اول فرق ان القدرة العقلية الحاكم بها العقل بخلاف القدرة الشرعية. الفرق الثاني ان القدرة العقلية بالدقة ليست دخيلة في فعلية الحكم وملاك الحكم وانما هي قيد في التنجيز واستحقاق العقوبة. اثر القدرة العقلية في الحكم نفي العقوبة وتسجيل العقوبة اذا توفرت. فثمرة القدرة العقلية اناطة التنجيز واستحقاق العقوبة بها بينما القدرة الشرعية اذا اخذها الشارع في الفعلية تكون دخيلة في الملاك فهنا متاخروا الاعصار دققوا وحتى المتقدمين انه بمجرد كون القيد شرعيا في الحكم هل الشارع اخذ القيد في الانشاء او الفعلية او الامتثال او التنجيز او احراز الامتثال؟ القيد الشرعي سواء في القدرة او غيرها. اذا ليس كل قيد شرعي من الشارع دخيل في الملاك والفعلية. فقط ذلك القيد الشرعي دخيل في الملاك والمشروعية إذا اخذ في الفعلية والمرحلة الانشائية الثالثة. المشهور كما مر يذهبون ان الاستطاعة المأخوذة في الحج قيد في الفعلية وقيد في المرحلة الانشائية الثالثة «لله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا» اذا من حج متسكعا ليس حجة الإسلام بل مندوبة. اما من استظهر من الاية وهو الصحيح ان الاستطاعة ليست قيد الفعلية والمرحلة الانشائية بل هي قيد التنجيز واستقرار الحج في ذمة المكلف فاذا حج متسكعا يجزي حجه عن حجة الإسلام وهو الصحيح. على كل لسنا في صدد الدخول في هذه المرحلة الفقهية. نعم البلوغ والحرية والجنون نصوص خاصة في الحج انها دخيلة في فعلية حجة الإسلام. طبعا شرط البلوغ في المزدلفة وليس شرط البلوغ في عمرة التمتع. يعني لو اعتق العبد قبل المزدلفة او في المزدلفة او بلغ الصبي فيها او افاق المجنون فيها يجزيه عن حجة الإسلام. اما لو بلغ بعدها لم يجزئه عن حجة الإسلام. هذا الدليل موجود بل حتى هذا الدليل ان البلوغ قبل الحج شرط الفعلية والحرية والعقل وانما هو قيد في الحج اثناء الحج. المهم نلاحظ انه يجب التدقيق في القيد الشرعي انه اخذه الشارع في أي مرحلة لان انه نغمض العين ونكيل بكيل واحد بل هنا لابد من المكاييل. نلاحظ ان الشارع اخذ القيد في أي مرحلة.
المطلب الثاني أي مقدار من القدرة اخذها الشارع؟ سابقا في كلمات المتاخري الاعصار قبل السيد الخوئي يقولون ان القدرة مطلقا اخذ في الحج والحال انه اصر السيد الخوئي وجماعة من المعاصرين له انه ليس مطلق القدرة بل الذي اخذ شرعا عناصر معين من القدرة. القدرة شيء مركب يجب ان تلتفت الى هذا المركب القيد في الوجوب وتدقق في عدد اجزائه وعناصر اجزائه. لا ان نأخذ كلمة الاستطاعة بابهامها. من ثم السيد الخوئي ما اعتبر كثيرا من القدرة التي اخذها المشهور مأخوذا في حجة الإسلام بل اعتبر التفصيل. هذه مداقة يعني ليس كل قدرة دخيلة في مشروعية حجة الإسلام بل فقط ما يرتبط بالمال والصحة والطريق وبقية القدرات ليس دخيلة في مشروعية الحج.
اذا في القيد الشرعي امران مهمان يجب ان نلاحظهما ان القيد الشرعي اخذ في أي مرحلة والشيء الثاني ما هو المأخوذ بقالبه وبعناصره واجزائه بدون توسعة وبدون التضييق. هذه صناعة فقهية لكن نؤكد عليه لانه مارسها متاخروا هذا العصر بقوة
اذا الحكم في الورود حكمان. الحكم الأول لم يقيد بالقدرة الشرعية والمهم مورود لان الشارع اخذ القدرة في موضوع فعليته. فهنا لابد ان نلاحظ انه اذا كان الوارد يعدم المورود بمجرد وجوده لا يجري الترتب وتارة الوارد لا يعدم المورود بمجرد وجوده بل بامتثاله او بتنجيزه. مثلا المشهور في حرمة الضرر قالوا انها انما تفسد الصوم تنجيز حرمة الضرر لا وجود حرمة الضرر. بينما النائيني والسيد الخوئي اعتبر حرمة الضرر بوجودها تفسد الصوم وان لم تنجز. هذا اختلاف بين الاعلام. حرمة الضرر دليل وارد على الصوم بوجوده او بتنجيزه او بامتثاله؟ عدة خيارات في البين والتدقيق فيها مهم لا ان الانسان ينظر بشكل عشوائي. أي مرحلة من الحكم او الدليل الوارد وارد على المورود؟
مثلا بلاتشبيه العقد على ذات بعل او في عدتها من دون الدخول مع العلم يوجب الحرمة الأبدية وفي بعض الموارد تنجيز الحكم الوارد يفسد المورود او يعدم المورود وتارة امتثاله و تارة وجوده. اذا لابد ان نلاحظ انه أي مرحلة من الدليل الوارد يعدم المورود.
لا بأس ان اذكر امثلة فقهية معقدة في الفقه في الجلسات القادمة