45/06/25
الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ مبحث الترتب
كان الكلام في اركان الترتب او عمدة ما يعتمد عليه الترتب وهي بحسب بلورة الميرزا النائيني أربعة اركان
الركن الأول: ان الترتب انما هو بين الواجبين التدريجيين الممتدين. اما اذا كان احدهما آنيا او كلاهما آنيين فلا تصوير للترتب يعني لا حاجة للترتب.
الركن الثاني حسب مدعى السيد الخوئي او النائيني انه لا ارتباط بين بحث الواجب المعلق والواجب المشروط في إمكانية الترتب.
الركن الثالث ان الحكم كالوجوب او الامر يتعلق بماهية الفعل لا بقيد الوجود ولا بقيد العدم. طبعا المغذى من هذه النقطة سيأتي. انه جمع بين الطلبين وليس جمعا بين المطلوبين.
الركن الرابع وهو نقطة ناموسية في علم الأصول يعني كل هذه الأركان نقاط كبروية في الاحكام يستثمر في المقام. الركن الرابع ان الحكم في الأصل ما دام مقيدا بموضوعه فهو لا يدعو الى تحصيل موضوعه ولا نظر له من جهة الأدلة والاثبات ومن ناحية التأثير لا يدعو الى تحصيل الموضوع وقيود الوجوب.
هذه جملة نقاط مذكورة.
طبعا الركن الثاني يصاغ بصياغة ثانية وسيأتي.
لنشرح هذه النقاط كردود على مانعين الترتب.
النقطة الأولى: ان الترتب انما تكون الحاجة اليه فيما اذا كان الواجبان تدريجيين وممتدين لا ان يكون احدهما آنيا او كلاهما آنيين وإن يكون بينهما تزاحم لكن علاج التزاحم فيها لا حاجة للترتب. فالتزاحم يتصور لكن لا حاجة للترتب لانه ليس فيه توهم محاذير الترتب. لانه اذا خالف الأهم وهو آني ودفعي فسينعدم العدم ويسقط والمفروض ان المهم تدريجي يكون المجال له واسع او لو كان المهم والمهم. فلو كان احدهما آنيا فالتزاحم متصور لكن لعلاج التزاحم ليس هناك تعقيد كثير وليس محاذير الترتب متوهم هناك. كذلك اذا كانا آنيين. هذا كلام الاعلام
لكن الصحيح ان التزاحم مادام متصورا ففي بعض آثار الترتب لا كلها نحتاج الى الترتب في ما اذا كانا آنيين او احدهما آنيا. مثلا آثار الترتب انه كيف يمكن ان نصور العقوبة على الأهم والمهم لو تركهما؟ هذا آثار جيد. الترتب يفسح المجال كما سيأتي للعقوبة على جمع الترك لا ترك الجمع. من آثار الترتب العقوبة على الجمع في الترك لا الترك في الجمع.
ماذا جمع الترك وترك الجمع؟ جمع الترك يعني ضممت بين الترك و الترك. يمكن ان تجمع بين التركين وهذا من بركات الترتب بخلاف العقوبة على ترك الجمع يعني لماذا لم تمتثلهما معا وهذا ليس ممكنا مع التزاحم. هذه نقطة مستقلة والمفروض ان نذكرها ركنا خامسا كما ذكره النائيني. في الترتب نقاط كثيرة لكن الاعلام من باب ترتيب البحث جعلوها اربع.
احد اركان الترتب انه اذا عصى كلا الامرين المتزاحمين يعاقب بعقوبتين لانه عقوبة على الجمع في الترك وهو مقدور فيعاقب عليه ولا يعاقب على ترك الجمع لانه غير مقدور.
كما ان احد اركان الترتب بغض النظر عن الترتيب الذي ذكره الاعلام ان الترتب جمع بين الطلبين وليس جمع بين المطلوبين. هذه من النقاط المستقلة في الترتب. فرق بين جمع الطلب وطلب الجمع. الترتب جمع الطلب من دون طلب الجمع لان طلب الجمع ممتنع اما الجمع في الطلب ما فيه مانع. جمع الطلب لا يؤدي الى طلب الجمع، يعني لا يؤدي الى طلب المطلوبين. يعني اذا كان جمع الطلبين من دون ان يكون طلب الجمع لا مانع فيه. هذه نقطة مستقلة أيضا ونوع من الفذلكة العقلية.
فدعوى انه في ما اذا كان احدهما آنيا او كلاهما آنيين فلا حاجة للترتب غير صحيح لان بعض آثار الترتب لا نحتاج لها لكن من جهة العقوبة على جمع الترك نحتاج للترتب. او لو كان كلاهما آنيين والترتب ليس امرا نقبله او نرفضه باعتراف الاعلام لان الترتب ما ان يكون ممكنا فضروري الوقوع.
هذه نقطة مستقلة: في بعض الأشياء إمكانها وجوبها. هذا بحث فلسفي عقلي كلامي في العقائد ان بعض الأمور إمكانها يعني ضروري. هذه قاعدة مهمة في باب المعارف. بعض الأمور صرف إمكانها بالمعنى الاعم يعني ليس محذورا في وقوعها بمعنى ضرورة وجودها. والترتب من هذا القبيل انه بصرف إمكانه ضروري لان الترتب عبارة عن تقليص المحذور وتكييف الأدلة والاحكام بين بعضها البعض و هو تلقائيا موجود. هذه هي النقطة الأولى نخالف فيها السيد الخوئي والنائيني ان بعض آثار الترتب يجري في ما لو كانا آنيين او احدهما آنيا.
الركن الثاني من الأركان التي مرت انه حسب مدعى النائيني والسيد الخوئي حتى مع استحالة الشرط المتأخر يمكن القول بالترتب وكذلك في الواجب المعلق ولو لم نبني على الواجب المعلق يمكن القول بالترتب. لماذا يقول الاعلام بهذا البحث وما هي ثمرته؟
هذا البحث صيغ بصياغة أخرى وهذه نقطة أخرى في الحقيقة وان جعلوها صياغة أخرى. كلما يكون المقرر في مستوى علمي عالي يكون التقرير ادق. فليس صياغتين بل نقطتين.
تارة نقول انه لاربط بين الواجب المعلق والمشروط وبين الترتب وتارة نقول في نقطة أخرى ان اخذ ترك الأهم في المهم ليس بلحاظ الآن الأول فقط بل بلحاظ الآن الثاني والثالث وهلم جرا.
نرجع الى النقطة الأولى وما قيل صياغة أولى: انه لا صلة بين الواجب المعلق والمشروط وبين الترتب.
أصلا ما هي اصل فلسفة الواجب المعلق والواجب المشروط بالشرط المتأخر بالفلسفة الأصولية والحكمة الأصولية؟ الواجب المعلق عبارة عن تفكيك زمان الوجوب عن زمان الواجب من حيث البدء لا من حيث الانتهاء. في موارد نحتاج الى تصوير تقدم زمان الوجوب على زمان الواجب مثل الحج. زمان الواجب يبدأ من اول الشوال في عمرة التمتع لكن زمان الوجوب على أساس ان يكون متهيئا بتقديمات الحج واذا لم نتصور تقديم زمان الوجوب فلا دليل على وجوب تهيئة مقدمات السفر او في موارد عديدة مثل الجهاد او الصوم والغسل قبل طلوع الفجر. فاذا تتصور الوجوب فيلزم. فاذا فلسفة الواجب المعلق هو تقدم زمان الوجوب على زمان الواجب.
الواجب المعلق لا يقتصر على الواجب المجموعي والوجوب المجموعي وتقديم زمان الوجوب المجموعي بل نحتاجه في الواجبات الضمنية. كيف؟ يعني مثلا الصلاة مركب او الصوم مركب ويزامن الوجوب المجموعي للصوم مع الواجب المجموعي والصوم من طلوع الفجر لكن هل الوجوب المجموعي للصيام الان فعلي حتى للساعات المتاخرة؟ نعم هذا الوجوب فعلي متعلق بالقطعات الأخيرة اللاحقة. فهنا الوجوب المجموعي للصيام تقدم على النصف الثاني من الصوم بعد الزوال. هنا وجوب الصوم المجموعي وان كان متزامنا مع الواجب المجموعي بدءا لكن مع الواجبات الضمنية من قبيل الواجب المعلق. الوجوب فعلي وابعاض المتعلق متأخرة بنحو المعلق. من ثم قالوا في الواجبات التدريجية الواجب المعلق ليس محالا بلحاظ الواجبات الضمنية. الوجوب الان دفعي الانوجاد للكل. لشرح هذا المطلب المفيد في أبواب الفقه. هنا الوجوب دفعي للكل ومستمر يسمونه بشكل الحركة المتوسطة باصطلاح فلسفي. يعني كل الشيء يوجد بدء ويستمر. انا في حالة السفر الى الحج مع اني في ابعاض الطريق ولم اصل الي الحج لكن مع ذلك يقال انا في سفر الحج. يسمى الحركة التوسطية. بخلاف الحركة القطعية الان في بلد كذا وكل زمان في نقطة معينة فيتقطع السفر بحسب المسافة الجغرافية. فهذا انبساط الوجوب بانبساط الواجب. مثل الصبغ انه عرض على الجدار ان قطعات الصبغ بلحاظ قطعات الجدار فهذه الحركة يسمونها الحركة القطعية بخلاف الحركة التوسطية ينوجد ويستمر ممتدا. اذا الوجوب المجموعي او الشيء المجموعي تارة يلحظ توسطيا وتارة يلحظ قطعيا. توسطيا يعني كله يوجد دفعة ولا ينصرم. هذا في بحث صلاة المسافر احد الحلول للامور المعقدة. هذا نوع من قوالب العموم ويفيد حتى في بحث المعاملات. الحكم برمته ينوجد دفعة ويبقى ممتدا يسمونها التوسطي ولا يتبعض بابعاض الزمان ولا بابعاض شيء آخر. بخلاف الوجود القطعي انه لاينوجد دفعة بل ينوجد تدريجيا ويتبعض بالابعاض وله اثار أخرى. حتى في باب الحدود والقضاء له تأثير. يعني ان الشيء يمكن ان يلاحظ بالوجود التوسطي والوجود القطعي.
اذا يلاحظ بالوجود التوسطي برمته وجد وغاية الامر ممتد اما في الوجود القطعي وجد ابعاضه لا كله حتى الوجوب فضلا عن الواجب. تارة نلاحظ الوجوب قطعيا او توسطيا وتارة نلاحظ المتعلق توسطيا وتارة قطعيا.
الشارع رتب بعض احكام الصلاة على الوجود التوسطي للصلاة وبعض احكام الصلاة على الوجود القطعي وتعقيد بعض الاحكام الشرعية من هذه الجهة. الهيئة الاتصالية يلاحظ فيها قطعي. الاتصال قطعي اما الهيئة شيء واحد وتوسطي.
هذا مبحث في نفسه مهم وسنبين كيف استثماره في الترتب لدفع المحاذير. الحكم يمكن ان يكون توسطيا وقطعيا وكذلك المتعلق والموضوع أيضا يمكن ان يكون توسطيا او قطعيا.
اكثر من هذا: أجزاء الصلاة او شرائط الصلاة بعضها تلحظ توسطية وبعضها قطعية وهذا تعقيد بحث خلل الصلاة. فالبحث حتى بلحاظ الأجزاء. قيود الوجوب وهو الموضوع حتى الابعاض بعضها توسطية وبعضها قطعية ولها ثمرة كثيرة حيرت الاعلام الكبار.
من آثار القطعي اذا ما كان كل الممتد اذا علمنا بانه سيرتفع ينكشف ان القبل لا عبرة به اذا كان قطعيا. مثلا هل عدم نية المعصية ملحوظ بنحو التوسطي او القطعي؟ اذا كان بنحو التوسطي يكون مترقصا. اذا نوى الاباحة فيقصر واذا نوى الحرمة فيتم. بخلاف اذا كان بنحو القطعي اذا كان في السفر نوع من المعصية فالكل ينقطع ويتم في كل السفر. الأمثلة فيها كثيرة جدا في الصلاة والخمس والمعاملات. عندنا وجود قطعي ووجود توسطي سواء بلحاظ المجموع او بلحاظ الابعاض. كذلك الحال في داخل الصلاة وقيود الصلاة. بعض قيود الصلاة توسطية وبعضها قطعية. مثلا الساتر توسطي. مثلا التفت ما عليه ساتر فيجب ان يستر لكن لو كان قطعيا يبطل الصلاة. او مثلا الطهارة عن الخبث توسطية يعني الخلل في البعض لا يسبب الخلل في البعض الاخر. اما الطهارة المعنوية فيها حيثية قطعية. هي تنوجد بالوجود القعطي لكن المأخوذ فيها قطعي. هذا اعقد. في شيء واحد توسطي وقطعي. المهم ان المركب وأجزاءه وشرائطه تارة قطعي وتارة توسطي وبعض الأحيان الشيء الواحد قطعي من حيثية وتوسطي من حيثية أخرى. هذا موجود في الأدلة لا ان الفقهاء يتكلفون فيه. اذا موضوع الوجوب يمكن ان يكون هكذا وابعاضها والوجوب نفسه. الحكم كذلك قد يكون من حيثية قطعيا وقد يكون من حيثية توسطية والمتعلق هكذا.