45/06/19
الموضوع: الالفاظ/مبحث الأوامر/مبحث الترتب
مبحث الترتب انه كما يمكن معالجة التزاحم بالترتب كذلك يمكن معالجة الورود وتقليصه وتضييقه بالترتب بان يجعل المورود له فرصة الفعلية مع مخالفة الوارد. طبعا فيما لو كان الوارد لا يعدم موضوع المورود بوجوده وفعليته قبل امتثاله وهذا التدقيق لابد من الالتفات اليه. في هذا المجال لا مجال للترتب لان المفروض موضوع المورود قد ازيل بمجرد وجود الوارد. اما لو كان موضوع المورود لا ينتفي بمجرد وجود الوارد بل بامتثاله فهنا إمكانية لتصوير الترتب. اذا صرف كون العلاقة واردا ومورودا لا يعدم المورود مطلقا بل يقيد الورود بهذه الحالات التي مرت بنا فضلا عن الورود بالتنجيز وما شابه ذلك. هذا بالنسبة الى الورود والموطن الثاني في الترتب.
قاعدة مهمة مرت بنا ان أي علاقة بين الحكمين يجب ان نشخص مرحلة كل من الحكمين يعني ان الحكم الأول يتصرف او يتنافى مع الحكم الثاني في أي مرحلة من الحكم الأول وفي أي مرحلة من الحكم الثاني وربما تتخالف المرحلتان.
طبعا الكلام في التوارد الكلام في الورود
الموطن الثالث في الترتب هو فيما كان التنافي بين جزئين وعنصرين داخليين في الواجب الواحد يعني في الأجزاء الضمنية والواجبات الضمنية. تساؤل موجود هل يتصور التزاحم في الواجبات الضمنية ام لا؟ ومن ثم هل يتصور الورود وهل يتصور التوارد وان كان الورود نوعية مورده يختلف عن التزاحم بلاشك لكن اجمالا نوع من التنافي والتنافي. فهل يتصور الورود والتزاحم والتوارد او ان التنافي بين الواجبات الضمنية ليس الا التعارض وذهب اليه مدرسة النائيني والسيد الخوئي واكثر تلاميذه. هل يمكن تصور التزاحم في الواجبات الضمنية ام لا؟ وكذلك الورود والتوارد والحكومة والتعارض. مسلك الميرزا النائيني هو التعارض كذلك السيد الخوئي ويصران عليه.
مع ان منشأ التنافي هو العجز. يعني لا يستطيع ان يتوضؤ وان يزيل الطهارة الخبثية لان الماء لا يكفي الا للوضوء او الطهارة الخبثية او القدرة على الوقوف اما ان يقف في الركعة الأولى ويجلس في الركعة الثانية او العكس. ومنها القبيل موارد في التزاحم بين الأجزاء الداخلية للمركب. فما هو اللازم؟ هل يؤمئ للركوع والسجود او يجلس ويقوم بالركوع التام اما ان يقف ويركع ركوعا تاما وسجودا تاما لا يستطيع فإما يقف ويركع ايماء او يجلس يسجد تماما. فايهما مقدم؟ طبعا هذا مجرد الافتراض والا الصلاة قياما مقدمة على الصلاة جلوسا مطلقا ولو بالايماء نصا وفتوى. هذا من باب الافتراض العلمي لان الصلاة قياما ليس فقط ركنا بل هي درجة من هوية الصلاة مقدمة على الصلاة جلوسا. اصل الصلاة من القيام كانما ركن الأركان ومن ثم الشيخ الطوسي وهو الصحيح ذهب الى انه كما ان الركوع يجب ان يكون من القيام كذلك يجب القيام بعد الركوع كي يكون السجود من القيام وهذا ركن وكلامه صحيح والا لو ركع وما قام سهوا وذهب الى السجود من الركوع. الشيخ الطوسي يقول لازم ان يرجع لان الذي تركه ركن. يجب السجود في صلاة من القيام. فنفس النكتة التي تبين ركنية القيام قبل الركوع من نفس ان ماهية الصلاة قائمة والا لا تعاد ليس فيها القيام فهذه النكتة تجري في القيام قبل السجود. لانه يكون سجودا في صلاة قياما. كلا القيامين ركنان والا ما كان سجودا في صلاة قائما. المهم كلامه متين من هذا الباب. تبنيناه من هذه الجهة.
المقصود انه يتصور التزاحم في الأجزاء الداخلية او الشرائط الداخلية فعند العجز بين الجزئين او الشرطين او الشرط والجزء ما هو مقتضى القاعدة؟ هل مقتضى القاعدة هو التعارض كما ذهب اليه النائيني والسيد الخوئي واكثر تلاميذها او هو التزاحم؟ الميرزا النائيني ومدرسته ذهبوا الى التعارض لان الامر بالجزء الأول او الثاني او الشرط انما دليله دل عليه في ماهية ارتباطية ومجموعية وليس مأمورا به مفردا كي يتعامل معه معاملة المستقل انما امر به ضمن المركب الارتباطي ولا شأن له بمفرده. هذا غاية مدعى النائيني والسيد الخوئي ان التزاحم غير متصور في الواجبات الضمنية.
بعد ذلك يقولان مع مقتضى القاعدة سقوط الكل لان المكلف يعجز عن اتيانهما وسقوط كل المركب وانما التزمنا في الصلاة بعدم سقوطها لانه ورد الدليل انها لا تسقط بحال. حينئذ لا يخلق التزاحم حتى مع وجود «لا تسقط الصلاة بحال» والقاعدة هي التعارض. اذا كان في البين مرجح فبه والا فيما لم يكن مرجح بين دليلي الجزئين فتساقطا. لكن باعتبار ان الصلاة لا تسقط بحال فنتخير بينهما لدليل لا تسقط الصلاة بحال لا لاجل مقتضى القاعدة.
هذا المبحث ليس يختص بالمقام. قضية الواجبات الضمنية في المركب لا يختص بالمقام انه تعارض او تزاحم. لانه في مبحث البرائة ولا ضرر والحرج والأصول العملية يثار هذا البحث أيضا. بحث انه ما هي طبيعة الوجوب والواجب الضمني عند الميرزا النائيني وبالتالي لا استقلال له بل هو ضمن الكل. فشيء ارتباطي مجموعي وحداني لا يمكن تفكيكه ولا يمكن التعامل مع بشكل منفك. كيف انتم تجرون البرائة في الأقل والأكثر فيواجهون المشكلة لانه في الأقل والأكثر المشكوك جزء او شرط فهب أنك تجري البرائة في الجزء المشكوك او الشرط المشكوك لكن من قال ان الواجب والصلاة او الصيام او الطواف او أي مركب عبادي آخر من قال ان الواجب هو الأقل او بعبارة أخرى من قال ان الأقل صحيح لان المفروض هو ارتباطي. بعبارة أخرى اذا نظرتم الى الواجب الارتباطي الذي لا هوية له فكيف يقص الأكثر وتجرون البرائة في الأكثر في الأقل والأكثر الارتباطي. في الاستقلالي واضح مثلا يشك ان الدين عشرين دينارا او خمسة عشر فليس بينهما ارتباط فيها تجري البرائة لكن مثل الصلاة التي انها ارتباطية ومجموعية ولا تفكيكية وهوية بسيطة واحدة فكيف يقص المشكوك ويكون الحد الواجب هو الأقل وكيف نحرز صحة الأقل. صحيح ان الزائد مشكوك لكنا نعلم اجمالا انا اما مكلف بالاقل او الأكثر فكيف نحرز الصحة وفراغ الذمة عن هذا الواجب المعلوم؟ هذا طبعا اشكال صعب ذكروه في الأقل والأكثر الارتباطي. ولهم أجوبة عديدة ما اريد ان ادخل فيه. فقط اريد ان اشير الى ان مبحث الواجبات الضمنية مبحث حساس. طبيعة الواجبات الضمنية. بالتالي هنا العلمان وتلاميذهما لم يرتضيا ان يعامل الوجوب والواجب الضمني بنحو مستقل. فلا تزاحم بينهما. بالتالي طبيعة الواجب الضمني مركب وائتلافي ولا يفكك ولا يعامل بشكل عنصر مستقل. هذا مبحث حساس في مبحث الحرج. انت تقدر ان تصلي لكن هذا الجزء العاشر حرجي عليك هل تسقط الصلاة او تسقط الجزء العاشر. بعبارة أخرى اذا امكن اجراء قاعدة الحرج تصيير قاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور على القاعدة. قاعدة الحرج قاعدة مسندة في الايات والروايات لكنه يشكل ان قاعدة الميسور حديث نبوي مرسل اما اذا امكن اجراء رفع ما لا يطيقون وما جعل عليكم في الدين من حرج يمكن ان تقص الجزء الحرجي يعني يتعامل مع الجزء الحرجي كانه مستقل. المقصود قاعدة الحرج كذلك وقاعدة النسيان كذلك. اجمالا المركب الارتباطي هل يمكن التعاطي مع الواجبات الضمنية بشكل مفكك ام لا؟ هذا المبحث مثمر جدا في المركبات. سواء المركب الكل او المركب الجزء. مثلا الركوع جزء لكنه مركب والسجود أيضا مركب من السجدتين و الذكر وسبعة مساجد يعني تعامل الاعلام مع بعض الأجزاء كتعامهم مع المركب. التشهد في نفسه شرع كعبادة مستقلة الا انه اخذ في الصلاة كواجب ضمني. حتى السجود شرع بشكل مستقل واخذ في الصلاة كواجب ضمني. والركوع عبادة مستقلة لكنه اخذ كواجب ضمني في الصلاة. اذا بحث المركب الارتباطي لا ينحصر بالمركب الكل بل حتى الأجزاء بدورها مركبة. هذا مهم ان المركب الكل أيضا مؤلف من المركبات.
من ثم في حديث الامام الرضا معتبرة فضل بن شاذان عن علي بن موسى الرضا سلام الله عليه يشرح الامام ماهية الاذن فيقول ان الجزء الأول فيه التكبير والجزء الثاني تشهد والجزء الثالث نداء بعد ذلك تكبير وبعد ذلك تهليل بين ان الاذان مركب من عدة مركبات عبادية ثم بين سلام الله عليه ان التشهد المأخوذ في الصلاة هو بعينه مأخوذ في الصلاة. خذ هاتين القاعدتين وضم لها قاعدة أخرى وهي انه ورد نصوص شهد الشيخ الطوسي بوثاقتها دالة على الشهادة الثالثة في الاذان فيكون الشهادة الثالثة داخلة في الصلاة. الشيخ الطوسي شهد ان هذه الروايات سندا معتبرة لانه وصفها بالشواذ. تعبير الشاذ يعني معتبر سندا معرض عنه عملا الضعيف لا يسمونه شاذا. حتى الصدوق في كتبه هكذا يستعمل. اذا توصيف الشيخ الطوسي والعلامة الحلي بهذه الروايات بالشاذ دال على اعتبارها سندا. فالمركب الكل قد يكون مركبا من المركبات وهذا يعطي سعة افق في الاستدلال والأدلة. يمكن ان تأخذ مركبا عبادية في الصلاة والحج والطواف.
اجمالا مبنى النائيني والسيد الخوئي على ان الأجزاء والشرائط لا تعامل معاملة الاحكام المستقلة كي يجري التزاحم او الورود او التوارد فيها. لكن المشهور شهرة عظيمة جدا بين الفقهاء ان التزاحم والورود والتوارد متصور في الأجزاء الضمنية على القاعدة.
طبعا ليس لاجل «لا تسقط الصلاة بحال» فقط او ما شابه ذلك بل على القاعدة عقلا وعقلائيا وشرعا ان التزاحم متصور بين الأجزاء الضمنية والوجوبات الضمنية وهو الصحيح وثمرة هذا البحث كثيرة كما ذكرت في موارد كثيرة. هل يعامل الوجوبات الضمنية معاملة المستقل ام لا؟
هذا البحث يسهل ويمهد الطريق لقاعدة الميسور وهي قاعدة مهمة ولقواعد أخرى. شبيه هذا البحث في الواجبات الضمنية بحث آخر ذكروه في الصحيح والاعم وانا اذكر فقط اسمه. هل يتصور في المركب العبادي جزء مستحب وشرط مستحب؟ الكمباني قال باستحالة تصوير الجزء المستحب ونفس الشبهة في التزاحم في الضمنيات في الجزء المستحب. الشرط المستحب والجزء المستحب لا يمكن وبنى السيد الخوئي على نفس مبنى استاذه الكمباني ولها ثمرات كثيرة في قاعدة التجاوز وغيرها غدا نتعرض اليه.