45/06/17
الموضوع: الالفاظ/مبحث الأوامر/الترتب
كان الكلام في انه هل الترتب يجري في الورود باعتبار ان حكم المورود او الدليل المورود باعتبار مؤدى الدليل هو حكم مقيد بقيود شرعية تزيلها الحكم الوارد فالحكم الوارد يزيل الحكم المورود ويتصرف فيه تكوينا.
فرق الورود عن الحكومة ما لخصته مدرسة النائيني ان الورود تصرف تكويني في الوارد في المورود بسبب التعبد بينما الحكومة تصرف تعبدي من الدليل الحاكم بسبب التعبد يعني تعبدا مضاعفا في الحكومة بانواعها. هذا بحث يأتي في محله ان الحكومة اقسام وأنواع عديدة ومهمة. جملة من اقسام الحكومة يرتبط بالدلالة وقسم قليل من الحكومة يرتبط بذات المدلول بالجعل او المجعول يعني فرق بين الاثبات والثبوت. الدليل يعني الاثبات والجعل والمجعول يعني الثبوت. هذا بحث آخر التفرقة بين اقسام الحكومة ان اكثرها مرتبط بالدلالة وقليل منها مرتبط بالمجعول والثبوت. لكن الورود دائما ثبوت وليس دلالة فتصرف تكويني (ثبوتي) في الحكم المورود. لما يقال الدليل المورود فبلحاظ حكمه ومؤداه.
فهل يا ترى ان الترتب يجري في موارد الورود ام لا؟ الورود ليس تعارضا فلماذا يبحث عن الترتب في الورود؟ لما مر بنا ان الترتب في الحقيقة ليس فذلكة صناعية مختصة بموارد التنافي بين الاحكام سواء التنافي بنحو التزاحم او التنافي بنحو التعارض او التنافي باي نحو آخر. بل الترتب عبارة عن فذلكة وهندسة صناعية للتدقيق في الموضوعات وقيود الوجوب. فرغم انه في الورود ليس فيه التنافي باعتبار ان الوارد يزيل المورود فاي تناف يبقى لكن مع ذلك يقول الترتب دقق في الدليل الوارد هل يزيل الدليل الوارد المورود مطلقا ام في بعض الصور؟ تدقيق في الموضوعات بين بعضها البعض. فالورود يعني في ما يعني ان الدليل المورود مقيد بقيود شرعية يزيلها الحكم الوارد بخلاف الحكم الوارد انه ليس مقيدا بقيود شرعية يزيلها الحكم الثاني.
عندنا باب التوارد يعني كلا من الحكمين يزيل موضوع الحكم الاخر. هذا بحث في تشابك وتداخل القواعد الأصولية عنكبوتيا. النائيني يقول انه كما لدينا الترتب في الأهم والمهم ان الأهم لا يقيد والمهم يقيد. الترتب يعني ان المهم مترتب ومقيد بعصيان الأهم. ترتب المهم على فرض عصيان الأهم. يقول النائيني هذا ترتب من طرف واحد ، ترتب المهم على ترك الأهم. اما الأهم لا يترتب على المهم بل وجوبه مطلق. يقول النائيني: هذا ترتب من طرف واحد ويمكن تصوير الترتب من الطرفين فيما اذا كان الحكمان مهمين. هذا ترتب من الطرفين. فهذا المهم الأول يجب اذا ترك المهم الثاني والمهم الثاني يجب اذا ترك المهم الأول. ففي الحقيقة عندنا نوعان من الترتب، الترتب في طرف واحد والترتب في طرفين. هذا كلام النائيني والسيد الخوئي.
يعني كما عندنا ورود من طرف، عندنا ورود من طرفين. وما اشبه الورود بالترتب وان كان بينهما اختلاف بينهما تشابه في الجينات بين الترتب والورود لكن ماذا الفرق بينهما؟ ان الترتب معاكس تماما للورود. عندنا ورود والتوارد وعندنا الترتب من طرف والترتب من الطرفين. ما الفرق بينهما؟ ان الورود يلاحظ كيف ان الوارد اقوى ويعدم المورود لكن الترتب يقول انا ابقي فترة حياة للمورود أقول ان المورود له حياة ان عصي الوارد عكس الورود ان الوارد يعدم المورود مطلقا.
فالترتب بالدقة صياغة وغالبا عكس الورود والتوارد. لانه فيهما يلاحظ انعدام الورود لكن في الترتب يقول ان المورود لا ينعدم مطلقا بل له حياة فيما اذا عصي الوارد. اذا لدينا ورود وتوارد وعندنا باب الترتب من الطرف والترتب من الطرفين. لكن الترتب تماما عكس الورود والتراتب يعني الترتب من الطرفين عكس التوارد تماما. هكذا يدقق ويوالف ويؤلف بين موضوعات الاحكام وتشابك الاحكام وتنافي الاحكام لان الفقيه كل الفقيه هو ذلك الذي لا يسقط الحكم من رأس ولا يسقط الدليل من رأس. الجمع مهما امكن أولى من الطرح دليل على عارضة الفقيه العارضة الفقهية. هذا تقسيم في الترتب وسياتي الترتب من الطرفين انه غالبا الميرزا النائيني صغرويا او كبرويا يشكل عليه.
اذا الترتب تارة في التزاحم والموطن الثاني في الورود وهو الذي يكون المورود مقيدا بالقيد الشرعي والموطن الثاني هو التوارد والموطن الثالث والرابع التزاحم بين المهمين سواء ضدان لا ثالث لهما او ضدان لهما ثالث. هذا الترتب يقبل به او لا يقبل بحث آخر. وهناك موطن خامس يسميه السيد الخوئي الترتب في الجعل وعنونه الميرزا النائيني لكنه رفضه والسيد الخوئي قبله امكانا لكن اشترط في وقوعه وجود الدليل الخاص.. اذا خمسة مواطن ذكرنا في الترتب. هو في الحقيقة الترتب لا يحصر بالخمسة وهذا ليس حصرا عقليا بل يمكن اعمال الترتب من طرف او طرفين في جملة من أبواب فقهية. الترتب نحو ملائمة بين الاحكام والترتب عون للحكم الضعيف مقابل الحكم القوي عكس الورود انه عون للحكم القوي مقابل الحكم الضعيف.
اذا السر الصناعي الذي نلتفت في الترتب هو ان الترتب نحو هندسة لابقاء حياة الحكم الضعيف او الدليل الضعيف عكس الورود وهذا لا ينحصر بباب او بابين بل يمكن يجري في الأبواب العديدة وهذه نكتة مهمة تفيد في يوميات استنباط الفقه.
طبعا لما ندخل في ادلة الترتب للمثبتين او ادلة الرتب للمانعين ومنهم الشيخ الانصاري وصاحب الكفاية الان كلامنا في استثمار الترتب. الموطن الأول مر بنا وهو التزاحم
الموطن الثاني هو الورود. ان المورود مقيد بقيود شرعية يعدمها الوارد. هنا الترتب يقول انا آخذ بحق الحكم الضعيف وابقي له فرصة الحياة بهندسة الترتب. اذا عصي الحكم القوي فيبقى مجال فرصة للحكم الضعيف. اذا الترتب نوع من التقييد لنظرية الورود. كما ان الترتب من الطرفين نوع من التقييد لنظرية التوارد وهذه نكتة مهمة.
نكتة مهمة غير مصرح بها عند الفقهاء لكنهم يبنون عليها ارتكازا وربما يشيرون اليها بنحو الإشارة. قاعدة فوقية دائما الفقهاء عندهم ان اسقاط دليل فيه اقتضاء الحجية خلاف القاعدة. لانه واجد الحجية في نفسه. كل حسب مبانيه في أنواع الحجية. فلو حصل نوع من التنافي او التنافر بين الحجج فالضرورات تقدر بقدرها. ولا معنى لتوسعة رقعة التنافي. هذا ليس في التعارض فقط والحجج والأدلة الاثباتية بل أيضا في الاحكام ثبوتا اذا حصل بينها تنافي في أي مرحلة من المراحل. اللازم تقليص المحذور بقدر الإمكان.
بعبارة أخرى ان الجمع مهما امكن أولى من الطرح بل عدم التصرف باي تصرف مهما امكن أولى من التصرف. أنواع التصرف الورود والحكومة والتخصيص والتقييد وانقلاب النسبة أي تصرف في الأدلة في أي مرحلة من مراحل الحكم الفقيه كل الفقيه هو الذي يقلص من التصرف. او أصلا يرفع التصرف من رأس اذا امكنه. لان التصرف خلاف القاعدة. تفريط في الإمكانيات او قل تفريط في المقتضيات. لذلك غفلة ان يتصرف الفقيه بتصرف كبير وهذا ليس على صعيد الفقيه بل حتى على صعيد الوالي والحاكم السياسي يجب ان لا يفرط في عنصر من العناصر وإمكانية من الإمكانيات او مكونة من المكونات لان الجمع مهما امكن أولى من الطرح وطرح التصرف والقاضي كذلك. يعني المفتي والقاضي والحاكم التنفيذي في كل هذه الأصعدة القاعدة الأولية هي تقليص التصرف وتقليص الاسقاط.
احدث نظرية وصل اليها علم الإدارة هي الطاقات المفتوحة والافاق المفتوحة يعني كل طاقة لازم ان تنفجر أصلا امامة المعصوم فرقها عن امامة البشر كلهم سواء من الطرف الاخر والظالمين او الداخلين واعوان الامام. الفرق ان اميرالمؤمنين لا يجمد طاقة وحتى العدو يعطيه فرصة التغيير وفرصة الإصلاح فرق سيد الرسل عن بقية الأنبياء فضلا عن غير الأنبياء انه بعث رحمة للعالمين ان يعطيهم فرصة اكثر. مهل الكافرين وامهلهم رويدا. الدولة مراقب لا انها حابس. الحابس ليس دولة بل سجن بل لازم ان يخلي الطاقات تنشر. الميرزا النائيني يقول ان الوحدانية لا تصلح الا للمعصوم. غير المعصوم يصير عملية الديكتاتورية. في المعصوم في الحقيقة هو ان الواحد كل. انه اصطكاك بين الطاقات والفئات يتلافاها بادارته ويجعل كل فئة وطاقة يتفجر وهذا سر «اني جاعل في الأرض خليفة» اذا الطاقات المفتوحة هي تنشط وتعطي الحيوية. هذه نفس الفكرة ان التصرف والتجميد على صعيد الفتوى او القضاء او الحاكم السياسي في الاسرة او العشيرة او المؤسسة الدينية يجب ان تتفجر الطاقات اكثر فاكثر. الحبس خلاف الأصل. تصويره يحتاج الى الشرح لكن لا ندخل فيه. الإشارة اجمالية هي هذه انه حتى في باب القضاء عندما تتنافر الأدلة لا يصلح للقاضي ان يسقط بل يحاول ان يوالم ويؤالف بين الأدلة قدر الإمكان. شبيه النص الوارد انه شخص ودعي كان عنده درهم لواحد ودرهمان لواحد آخر ضاع أحد الدرهمين. الدرهم اما لصاحب او لآخر. الحكم هو ان ينصف الدرهم الباقي للودعيين هذه قاعدة فوقية ان التصرف في الأدلة اثباتا وثبوتا قدر الإمكان لا يرتكبه الانسان سواء في الفتوى او القضاء و الحكم السياسي.
لذلك مر بنا مرارا ان التخصيص عند القدماء يختلف عن التخصيص عند متاخري الاعصار. عند القدماء ان العام لا يمحى في منطقة الخاص بل يجمد وله درجة من الوجود. بينما التخصيص عند متاخري الاعصار لا وجود للعام في منطقة الخاص. هذا تصرف زائد. كذلك التقييد عند القدماء ان المطلق له وجود في منطقة القيد بينما عند متاخري الاعصار ان المطلق لا وجود له. لعل هذا الدليل القوي يمانعه شيء وتعود الحياة للعام. النسخ عند القدماء يختلف عن النسخ عن متاخري الاعصار. المنسوخ موجود لكنه مجمد عند القدماء واكثر من ذلك تصرف زائد. ما الدليل على هذه القاعدة؟ لان الأصل في مقتضيات الاحكام انه موجودة والضرورات تقدر بقدرها. جيد ان الباحث يلتفت الى جذور القواعد الفوقية. طبيعة القوانين انها طبقات معادلية متوالدة من بعضها البعض.
اذا عندنا ورود وتوارد الترتب صورته نفس صورة الورود لكنه معاكس للورود الورود يريد ان يلغي الوارد المورود من جذره لكن الترتب يقول ان الوارد اذا عصي يبقى للمورود فرصة الحياة. فيكون للمورود وجودا عند فرض مخالفة الوارد. فالترتب عكس الورود والترتب لاحياء وتفعيل المورود. فرق الورود عن التزاحم ماذا؟ هذه أبواب. امس مر بنا ان التزاحم ليس فيه تقييد شرعي لاحد الطرفين بل كلا الطرفين فعليان في التزاحم. هناك قبل الميرزا لنائيني الترتب بينما في الورود لم يقبله. باي دليل تمسك لازم ان نلتفت.
امس مر بنا احد اقسام وأنواع الورود لم نذكرها اليوم الوارد يعدم المورود بوجوده او بامتثاله؟ يعني ان الورود فيه مراحل الورود في الفعلية والتنجيز او الامتثال كما ان التزاحم فيه مراحل كذلك الورود قابل للتصوير بحسب المراحل والتوارد بحسب المراحل. هذا نكتة نفيسة.