الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/06/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الالفاظ/مبحث الأوامر/مبحث الضد

 

كان الكلام في ان الترتب له فوائد في أبواب متعددة ولا يقتصر على مبحث التزاحم بل يشمل الورود او التوارد وموارد التزاحم الداخلي في المركب وموارد اخذ القدرة شرعا في الاحكام وكذلك يمكن تصوير الترتب في التعارض.

بعبارةاخرى ان الترتب نوع من الدقيق في تجاذبات الاحكام مع بعضها البعض بلحاظ الموضوع. الورود شأنه ان يتصرف في موضوع المورود والتوارد أيضا هكذا. هذه حالة من الحالات ولا تقتصر على الورود والحكم المورود بل البحث اعم.

هذه حالة التجاذبات نسميه او التنافيات او ما شئت فسمه بين الاحكام بلحاظ موضوعاتها. هذا المبحث في نفسه مهم ودقيق انه تحصل بين الاحكام المتضادة حالات غير التزاحم يتجاذب فيه الحكمان بلحاظ الموضوع. فهذا التجاذب بلحاظ الموضوع بالتالي يراد له تدقيق في قيود الموضوع وقيود الوجوب وهل لازم ان ينتفي احد الحكمين من رأس او ينتفي في صورة وتقدير دون تقدير اخر ومن هذا القبيل. اذا النكتة هذه هي ان الترتب نوع من التدقيق الصناعي الفذلكي بين الاحكام المتضادة لا سيما اذا كان التجاذب بلحاظ موضوعاتها وقيود الوجوب. يعني في التزاحم كلا الحكمين موجودان غاية الامر كيف يعالج بالترتب.

نفس الترتب يعالج التزاحم بنوع من التصرف في احد الموضوعين. فالترتب هو مزيد من التدقيق في موضوعات الاحكام المتضادة كي يوجد نوعا من التوليف والموالفة بين الحكمين فاذا هذه نكتة مهمة في بحث الترتب يعني أهمية الترتب من هذا الجانب انه نوع من المداقة في موضوعات الاحكام باصطلاح الاصولي يعني قيود الوجوب.

نقطة أخرى مرت بنا امس ان التزاحم هل يتصور بين حكمين احدهما مأخوذ فيه شرعا قيد القدرة؟ مثل الحج مأخوذ فيه قيد الاستطاعة شرعا هل يزاحم وجوب الدين مثلا وهو غير مأخوذ فيه القدرة؟ يمكن ان يزاحم او لا؟ مثلا لو حج وعصى وجوب وفاء الدين فهل حجه يتحقق بحجة الإسلام بناء على الترتب؟ او مثل الوضوء المأخوذ فيه القدرة على ما ذهب اليه النائيني وربما مشهور متاخري العصر انهم ذهبوا الى اخذ القدرة في موضوع الوضوء والصحيح على ما ذهب اليه المشهور انه لم يأخذ فيه القدرة شرعا. قيود شرعية ليست لفعلية الوضوء وفعلية وجوب الغسل وانما هي قيود شرعي للتنجيز. هذا مثال آخر اذا تزاحم وجوب الوضوء للصلاة او وجوب الغسل مع عطش مهلك اما لنفس الانسان المصلي او لاخر محترم النفس فاذا عصى هل يصح منه الوضوء او الغسل او امثلة أخرى في الوضوء او الغسل. هل الترتب هنا يجري ام لا؟ هل التزاحم يجري ولو بآلية الترتب ام لا؟ فيما اذا اخذت القدرة قيدا شرعيا في احد الحكمين او كلا الحكمين. مثل الدين والحج يكون الدين حكم وارد على الحج فهل يمكن تصوير الترتب ام لا؟ ام ان الوارد وارد ويعدم المورود بقول مطلق؟

اذا الترتب لا يختص بالتزاحم المفروض فيه ان القدرة قيد عقلي في كلا الحكمين بل يتصور في ما اذا كان القدرة قيدا شرعيا في احد الحكمين او كلا الحكمين. لان وجوب الحج مقيد بالقدرة ووجوب وفاء الدين ليس مقيدا بالقدرة فوفاء الدين فعلي بقول مطلق ملاكه ومشروعيته لان هذا ذي القيد العقلي موضوعه الشرعي وملاكه تام متحقق بقول مطلق بينما ذو القيد الشرعي موضوعه ليس تاما او ملاكه ليس متحققا بل منوط ومعلق فدائما المنجز يقدم على المعلق. هذه ضابطة عندهم وهذا هو الورود. فياترى هل يبقي للمورود فرصة ام لا؟ ام ان الورود نلتزم به بقول مطلق او نلتزم بالورود اذا لم يعصي الوارد اما اذا عصى الوارد يمكن ان يقال بفعلية المورود؟ فانها نوع من التشذيب بالورود ونظرية الورود بالترتب. لو بنينا عليه. هذا باب آخر. الباب الأول ان القدرة في كلا المتزاحمين قيد عقلي والباب الثاني الورود ان القدرة في المورود قيد شرعي والوارد القدرة فيه قيد عقلي. لا يخفى ان الورود لا ينحصر في مبحث ومثال اخذ القدرة قيد شرعيا. كلامنا في الورود في هذا القبيل ان القدرة قيد شرعي في المورود. على أي حال فاذا هذا باب ثاني غير باب التزاحم.

التزاحم غالبا في نمط ان القدرة مأخوذة قيدا عقليا في كلا الحكمين. اما ان تكون القدرة مأخوذة قيدا شرعيا في احد الحكمين هل يحكم بالتزاحم ام لا ويحكم بالورود؟ هل يمكن الترتب ان يقوم بالتفصيل في الورود ام لا؟ هذا المبحث هكذا يعنون.الميرزا النائيني رفض ان يكون الترتب قابلا للتصوير في الورود وسنتعرض لكلامه بخلاف السيد الخوئي. والعجيب ان السيد اليزدي مع انه عادة مبانيه مباني المشهور والقدماء هنا لم يصحح الوضوء والغسل. اما في الفرع المعروف لم يصحح الترتب ولم يصحح الوضوء والغسل مع وجوب صرف الماء للعطش المهلك. هذه من المباحث التي فيها مباحث أصولية ومباحث فقهية صغروية.

الباب الثالث أيضا هل الترتب يجري في التوارد؟ يعني كلا الحكمين مقيد بالقدرة الشرعية. فكل يريد ان ينفي ويزيل ويعدم الحكم الاخر بإعدام موضوعه والمفروض ان القدرة واحدة اما مصروفة في هذا الحكم او ذاك الحكم. حكم التوارد ما هو؟ التعارض والتساقط ليس صحيحا. لان القدرة موجودة فلابد ان يتحقق احد الموضوعين. فيه نظريات مختلفة. حالة التوارد غير حالة التزاحم القسم الأول لان فيه القدرة قيد عقلي. وجوب الصلاة ووجوب انقاذ الغريق. حالة ثانية مثل الاستطاعة والدين لان القدرة قيد شرعي في احد الحكمين. القسم الثالث ان القدرة قيد في كلا الحكمين ويعبر التوارد. فما هو علاج التوارد؟ علاجه الترتب او شيء آخر؟ هذا مبحث في التوارد. مثاله نذر الزيارة في يوم الحج بناء على ان النذر وهو الصحيح مأخوذ فيه القدرة قيدا شرعيا. فيعدمه وجوب الحج. فيصير التوارد. كل حكم يريد ويزيل الموضوع الاخر. ولو بعضهم يقولون ان نذر زيارة العرفة جعلها من القسم الثاني لكن الصحيح انها من القسم الثالث ان النذر المأخوذ في القدرة قيدا شرعيا.

القسم الرابع في مبحث الترتب ماذا عن التزاحم الداخلي في الواجبات الضمنية او المركب الواحد؟ وجوب الازالة ووجوب الصلاة حكمان مستقلان. وجوب الحج ووجوب الدين وجوبان مستقلان. التزاحم الداخلي داخل المركب. عنده قدرة عن يكون واقفا في احد الركعتين في صلاة الصبح فيتخير او يتعين القيام في الركعة الأولى او الثانية؟ فما هو اللازم؟ هل فيه تزاحم او يدور الامر في هذا الماء اما يطهر بدنه من الخبث او يتوضؤ به ولا يكفي للاثنين. فهل يتعين صرف الماء في تطهير الثوب من الخبث مع ان الطهارة من الخبث ليس ركنا في الصلاة والطهارة المعنوية ركن لكن مع ان الطهارة المعنوية له بدل وهو التيمم هنا الاعلام يقولون يجب ان يتطهر من الخبث ويتيمم. المهم ان التزاحم الداخلي في الواجب الواحد بلحاظ الابعاض هل قابل للتصوير.

مدرسة النائيني لا سيما السيد الخوئي قالوا ان التزاحم لا يتصور داخليا في الوجوبات الضمنية في الوجوب الواحد الورود والتوارد قد يتصور اما التزاحم لا يتصور. هذا مبحث سواء في الحج او في الصلاة او المركبات العبادية الأخرى مشهور طبقات الفقهاء قالوا بإمكانية تصوير وقوع التزاحم الداخلي في الوجوب الواحد بلحاظ ابعاضه. وهو الصحيح.

الان نتعرض شيئا ما الى كلام النائيني في القسم الثاني القسم الأول انتهينا منه اجمالا ستأتي بعد قسم خامس وسادس وسابع من الأقسام الميرزا النائيني يقول بالترتب على التفصيل وكذلك بعض الاعلام. تلك الأقسام ذكروها في تنبيهات الترتب وهذه الأقسام ذكروها في تمهيدات الأقسام.

الان القسم الثاني وهو ما اذا اخذت القدرة قيدا شرعيا في احدهما دون الاخر. هذا يسمونه الورود واذا ادرج الوورد في التزاحم من الواضح ان ذي القيد العقلي مقدم على ذي القيد الشرعي. لان القيد الشرعي دخيل في الملاك بينما ذو القيد العقلي ملاكه محقق ومنجز. المعروف هكذا ان ذي القيد العقلي يقدم على ذي القيد الشرعي. لان ذي القيد الشرعي اصل فعليته محل التردد بينما ذو القيد العقلي مفروض منه ان ملاكه حاصل.

هل يمكن للترتب ان يتفادى اجراء عملية الورود بقول مطلق. دور الترتب في القسم الثاني يريد ان يحدد الورود الورود يعني اعدام ذي القيد العقلي لموضوع ذي القيد الشرعي مطلقا. فهل الترتب يعطي فرصة الحياة للحكم الثاني ذي القيد الشرعي. ان عصيت الحكم ذي القيد العقلي توفرت القدرة على الحكم ذي القيد الشرعي. هل يمكن للترتب ان يقيد ويضيق الورود ام لا؟ اصل المبحث في القسم الثاني هذا.

الميرزا النائيني انكر وقال ان الترتب لا يمكن ان يوجد حلا وعلاجا لسلسلة نقاط ذكرها والسيد الخوئي لم يقبلها والصحيح مع السيد الخوئي وان شاء الله نواصل البحث في ذلك.