الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/06/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الالفاظ/ مبحث الأوامر/مبحث الضد

 

ملحوظة: العناوين المضافة هي من الشيخ الأستاذ (مد ظله) وتعتبر خلاصة لدرس

الفاعلية التامة واصل الفعلية للحكم ومحذور التزاحم: ‌

كان البحث في ان العلاج لمبحث التزاحم هو تشخيص ان منطقة التزاحم هو في مرحلة الامتثال او قل قبله التنجيز او قبله الفاعلية التامة وليست الناقصة اما اصل الفعلية سواء التامة او الناقصة فليس هناك تنافي بين الحكمين الشرعيين.

فبالتالي فأصل فعلية الحكم لا يسبب التزاحم محذوراً أو تنافياً او تناقضاً في مرحلة الفعلية وانما التنافي والتنافر او المحذور انما هو في منطقة الفاعلية التامة ، بل حتى الفاعلية الناقصة ليس المحذور فيها لأنها متقومة بالعلم بمعنى التصور اما الفاعلية التامة متقومة بالعلم بمعنى التصديق ـ العلم التعبدي او الوجداني والقدرة وإلا فنفس الفاعلية الناقصة ليس متوقفة على القدرة.

اذن المحذور ليس متقرراً في المراحل السابقة كي نحتاج الى معالجة ، فلا يترقى المحذور من مرحلة الى مرحلة اسبق بل حتي في بعض الموارد المراحل اللاحقة لا تتأثر بالمحذور في المرحلة المتوسطة.

حينئذ نجاري الاعلام في بحث الترتب وهو كما مر ليس علاجاً للتزاحم فقط لإن التزاحم بالنسبة الينا ليس مشكلة. نعم التزاحم علاج في مرحلة الفاعلية او النتجيز او الامتثال ، وليس علاج في مرحلة أصل الفعلية او قبلها إذ المحذور في استكشاف الملاك ليس موجوداً حتى يحتاج الى الترتب للعلاج لأنه بمجرد الفعلية الناقصة يستكشف الملاك.

‌2- الترتب في التزاحم تكييف عقلي لرفع المحذور

اذن ثمرة الترتب في التزاحم انه تكييف عقلي للمحذور في المراحل العقلية للحكم وهي الفاعلية التامة والتنجيز والامتثال بدلاً ان يكون هناك تناقض في الحكم العقلي او في المقتضيات التكوينية للحكم.

ولا ينحصر الترتب في علاج التزاحم سواء في المراحل العقلية ـ عندنا ـ او المراحل الشرعية ـ عند متأخري الاعصار بل من ثمراته وفوائده معالجة الورود او التوارد.

3- الترتب ضابطة في الورود والتوارد بين الحكمين ‌:

أ ـ والورود كما هو واضح ورود حكم على موضوع حكم آخر، فاحد الاحكام يزيل بوجوده الموضوع الشرعي وقيود الوجوب للحكم الآخر لذلك يسمى الورود.

 

ب ـ والتوارد : ورود من الجانبين فكما ان احدهما يزيل الموضوع الشرعي للحكم الثاني كذلك الحكم الثاني يزيل الموضوع الشرعي للحكم الأول هذا يسمى التوارد.

فإذن التوارد ليس تزاحما وليس اجتماع الامر والنهي لكنه حالة من حالات الاحكام شبيهةٌ بالتزاحم.

الورود أيضا ليس تزاحما بل شبيه بالتزاحم.

فهذه أبواب أخرى وحالات أخرى للحكم لابد ان ننظر كيف تعالج أي ما هي الضابطة فيها؟

الترتب سنرى انه أيضا فيه نوع من إعطاء الضابطة في موارد الورود أوالتوارد ، يعني التردد في الورود وضابطة الورود وحد الورود او حد التوارد. فيفيد الترتب من هذا الجانب. هذا باب آخر غير التزاحم يفيد فيه الترتب.

 

ج ـ باب ثالث يفيد فيه الترتب وهو التزاحم الداخلي في أجزاء المركب العبادي مثلا داخل الصلاة ، هل يجري التزاحم بين أجزاء الصلاة مع العجز وعدم القدرة ام لا يجري ؟ او الورود او التوارد يجري او لا يجري ؟

يعني في الاحكام الضمنية والوجوبات الضمنية المعروف هو أن التزاحم والورود والتوارد هو في الاحكام المستقلة واماالاحكام الضمنية فالمشهور لدى المتقدمين والمتأخرين ـ عدا متأخري الاعصار ـ عندهم هو جريان التزاحم بين الواجبات الضمنية.

لكن في مدرسة النائيني والسيد الخوئي لا تصوير للتزاحم بين الواجبات الضمنية انما غاية الامر يكون التعارض بين ادلة الوجوبات الضمنية المتنافية مع عدم القدرة

و سيأتي هذا البحث وأنه هل للترتب ضابطة مدارية ام لا في مبحث الاحكام الضمنية في مركب واحد.

وابواب أخرى ستأتي ان الترتب يفيد فيها كباب التزم به المتقدمون لكن

4-الترتب في الجعل وتعارض الأدلة في المراحل الإنشائية

د ـ باب رابع: بلوره السيد الخوئي ولم أقف على من بلوره قبله السيد الخوئي ولعله من ابتكارات السيد الخوئي :

وهو الترتب في الجعل يعني المراحل الانشائية للأحكام فهناك تنافي في الأدلة بين حكمين ودليلين ـ وغالبا يكون تعارضاً ولو تعارض صوري او ابتدائي او بدوي حينئذ علاج هذا التعارض الصوري بالترتب ، وقد التزم السيد الخوئي بإمكان الترتب في الجعل لكن وقوعه في الأبواب الفقهية بحث آخر.

وهذا الترتب الذي صوره السيد الخوئي في الحقيقة يرتكبه القدماء في ضمن أنواع الجمع بين الأدلة وان لم يصطلحوا عليها ولم يقولبوه لكن السيد الخوئي بلوره.

حاصل الامر: ان الترتب نوع من فذلكة عقلية في كيفية التكييف بين تنافي الاحكام في أي مرحلة فرض التنافي ، حتى لو كان في المراحل الانشائية اذا توفرت شرائط وضوابط الترتب فهو نوع من المعالجة بين تنافيات الاحكام والأدلة في أي مرحلة.

 

5 ـ شخيص مرحلة الحكم وارتباط الفعلية ‌

وسابقا مر بنا انه ليس من الضروري ان يكون التنافي بين الحكمين او بين دليلي الحكمين لأي المرحلة في الحكم الأول متحدة ( المتحدة شيء والواحدة شيء آخر ) فليس من الضروري ان تكون المرحلة متحدة يعني في الحكم الأول تكون المرحلة فعلية او الفاعلية ، وفي الحكم الثاني قد يكون الذي يتنافر مع الحكم الأول قد يكون بالنسبة اليه المرحلة الانشائية او مرحلة الفعلية بينما يكون المرحلة في الحكم الثاني مرحلة الامتثال. فتشخيص مرحلة الحكم التي يحصل فيها التنافي ليس من الضروري ان تكون مرحلة متحدة بين الحكمين فقد تكون بالنسبة الى هذا الحكم تكون مرحلة انشائية وبالنسبة الى ذاك مرحلة فعلية ، فقد تكون مرحلة متحدة أيضا. هذه نقطة صناعية ، مثلا نسبة قاعدة ( تعاد ) ـ على رأي المتقدمين ـ مع الأدلة الاولية الصلاة ، ففعلية لا تعاد بالنسبة لقاعدة ( لاتعاد ) المرحلة الفعلية وبالنسبة الى الأدلة الأولية فهي ترتبط بمرحلة الامتثال للأدلة الأولية للصلاة ـ على مبنى المشهور لا على مبنى النائيني والسيد الخوئي والسيد هادي الميلاني وانما وأكرر هذه الحالات في علم الأصول لأنها هندسة دقيقة من كلمات الاعلام ومعقدة وبالتالي يجب الالتفات اليها على الدوام مجهريا كي يكون الاستنتاج منضبطا.

 

6-ارتباط أدلة الحكم الظاهري مع الواقعي والمرحلة الحكم فيهما ‌

ومر بنا في الدرس السابق وهو أدلة الحكم الظاهري مع الحكم الواقعي اين يرتبطان ويتصلان ؟ فالحكم الظاهري فعليته ترتبط بتنجيز الحكم الواقعي ، فبالنسبة الى ادلة الحكم الظاهري مرحلة الفعلية ، وبالنسبة الى ادلة الحكم الواقعي مرحلة التنجيز.

والحكم الظاهري معناه إيصال ووصول الواقع أي الثبوت ، والحكم الظاهري هو الاثبات.

ان هذا البحث ينفع في مبحث الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي والاشكالات التي

تطرح هناك والمباحث التي تثار في مباحث الحجج.

المقصود ان الحكم الظاهري اين يرتبط بالحكم الواقعي. اذاً كما مر بنا في تمهيد أنَّ هذه البحوث ان هذه التمهيدات اهم من مبحث الترتب لأنها عبارة عن قواعد وضوابط عامة في الاحكام الشرعية وكيفية العلاقة بين الاحكم الشرعية مثل بحث التعارض وغيره. اذن هذه النكات لا نستهين بها بل هي مهمة ويجب اليقظة تجاهها كثيرا.

7 ـ الترتب فدلكه عقلية بين أدلة الأحكام

نرجع الى مبحث الترتب وله فوائد في أبواب عديدة وفي نفسه نوع من فذلكة تكييفية بين الاحكام وادلة الاحكام وهذه فذلكة عقلية ـ وليس فذلكة بعلاج تعبدي شرعي ـ وهذه الفذلكة لا تحتاج الى دليل شرعي بل نفس حكم العقل بالإمكان هو دليل علي وقوع الترتب ولماذا ؟

8-الحكم العقلي المستقل وغير المستقل تابع للشرعي ‌

لا بأس ان نذكر تفصيل علمي لهذا الشيء: وهو أن هناك احكام عقلية مستقلة وهناك احكام عقلية غير المستقلة ومعنى غير المستقلة يعني انها تبع وظل ومتابعة للحكم الشرعي ، فهناك دور للعقل انه ينظم ويتفَّهم كيفية الاحكام الشرعية (تسمى الاحكام العقلية غير المستقلة) هذه الاحكام غالباً يرى فيها الاصوليون أنها احكام العقل النظري ، وهو صحيح لكن ليس من الضروري ان يكون كلها من الاحكام العقل النظري بل قد يكون من العقل العملي.

كما ان احكام العقل المستقلة ظاهر عبائر الأصوليين انها من العقل العملي لكن الصحيح ليس كذلك بل يمكن ان تصوير العقل في الاحكام العقلية المستقلة.

نعم الغالب في المستقلة انها من العقل العملي والغالب في غير المستقلة انها من العقل نظري. هذا بحث طويل الذيل ويقرر في قاعدة الملازمة ( كلما حكم به العقل حكم به الشرع وبالعكس ).

أيا ما كان معنى الحكم المستقل أنه ليس تبعيا كقبح الرذائل وحسن الفضائل ـ ولا ينحصر في حسن العدل وقبح الظلمـ فحكم العقل قد يكون مستقلا وقد يكون غير المستقل ن والمقصود من غير المستقل أنه احكام عقلية تعتني بشئون الحكم الشرعي ورعاية الحكم الشرعي ومتابعة الحكم الشرعي والانقياد له.

اذن هذه الاحكام غير المستقلة لا معنى لتردد كثير من الاخباريين فيها ، لأنه نوع من الانقياد ونوع من رعاية الحكم الشرعي والتفهم وخضوع وانقياد العقل. اذا الاحكام العقلية غير المستقلة طبيعتها انها لرعاية وتبعا للأحكام الشرعية.

 

9-الترتب من الأحكام العقلية غير المستقلة قولبة للاحكام الشرعية

الترتب يمكن ان يعبَّر عنه أنه من الاحكام العقلية غير المستقلة سواء صورنا الترتب انه عقل نظري او انه عقل عملي هو من الاحكام العقلية غير المستقلة بالدقة. يعني لتكييف ورعاية وتفهم وفذلكةٌ في قولبة وقوالب الاحكام الشرعية ، وبالتالي لا تردد في العمل بهذه الاحكام العقلية غير المستقلة. ومن ثم إذا حكم العقل بالإمكان تلقائيا يحكم بالوقوع.

10 ـ المحاذير التي يعالجها الترتب – الترتب عقلي وسير بلوري ‌

اذا الترتب لا يحتاج الى دليل شرعي لان الترتب لعلاج او لتحديد منطقة لتنافي بين الأدلة و التنافي حكم عقلي او تكويني ، فبالتالي اذن الترتب نوع من المحافظة على الدليل على ما هو عليه وتحديد منطقة المحذور أين هي ، وعدم التوهم او ايهام سعة محذور التنافي الذي يدركه العقل.

فلذلك الترتب كحكم من احكام العقل العملي او النظري نوع من ادراك قوالب الاحكام ومنطقة المحذور ومنطقة لا محذور وهذا لا يحتاج الى دليل شرعي بل بالعكس فهو نوع من تكييف الاحكام الشرعية في قوالبها.

شبيه إدراك العقل أين الاطلاق والتقييد وحدودها.

فاذا الترتب لا يحتاج الى دليل شرعي بعد حكم العقل بامكانه وتلقائيا يكون فعلياً ، مثل مبحث اجتماع الامر والنهي اذا ادرك الجواز ، تلقائيا يقع تقارن الفعل المنهي عنه مع الفعل المأمور من دون أي تصادم بناءا على الجواز

فاذا بالدقة هذه المحاذير التي يعالجها الترتب هي مراحل عقلية او تكوينية في الحكم في بعض الأبواب ـكما مر بنا في فوائد الترتب ـ وبالتالي الدور دور العقل. هذه نكتة أخرى.

نقطة أخرى :

ان فكرة الترتب موجودة في كلمات الكركي لكن بلوره كاشف الغطاء وممن قال بالترتب الميرزا الكبير ، بينما استاذه الشيخ الانصاري قال بامتناع الترتب. كذلك صاحب الكفاية لكن الصحيح كما سنرى ان الترتب ليس ممتنعا.

وبلور الترتب اكثر الميرزا النائيني الترتب له سير تنموي وبلوري اكثر واكثر. هذا اجمال بحث الترتب.

بقيت نقاط مقدمية نخوض فيها ان شاء الله وبعد ذلك نذهب الى ادلة الطرفين المثبتين والنافين.