الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/06/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/مبحث الأوامر/مبحث الضد

 

كان الكلام في مراحل الحكم الشرعي والقيود سواء الشرعية او العقلية في تلك المراحل وبالتالي الحديث عن ان التزاحم او أي محذور آخر يحصل في مراحل الحكم الشرعي اين يتصرف؟ يعني ان التزاحم حالة من حالات الاحكام وهناك حالات أخرى انها تتصرف في أي مرحلة مراحل الحكم واي قيد من قيود الحكم ومر بنا ان هذا البحث حساس ومؤثر وما بنى عليه القدماء هو التام. ومعرفة كل مرحلة وتسمية كل مرحلة مهم.

من ضمن الأمور المهمة في هذا المجال عنوان الخطاب الشرعي وما المراد منها واي مرحلة من مراحل الحكم يراد منها؟ كما ان التكليف اسم لمرحلة التنجيز. فاذا ليس التكليف هو مرحلة لاصل فعلية الحكم. اصل فعلية الحكم لا كلفة فيها كلفة التنجيز والمؤاخذة.

لاحظ لسان الشارع ان الصبي لا يجري عليه القلم قلم المؤاخذة لا قلم التشريع. قلم المؤاخذة مرتبط بمرحلة التنجيز ومن ثم قرن النائم والصبي والمجنون. ثلاث رفع عنهم القلم، الصبي حتى يبلغ والنائم حتى يستيقظ والمجنون حتى يفيق مع ان النائم واضح انه ليس عديم التكليف من ثم يقضي صلاته وهكذا الحال في الصبي والمجنون لا ان في الصبي القيد قيد الفعلية والتشريع وفي المجنون نظل نحتار انه قيد الفعلية او قيد التنجيز فثلاث موارد الرفع رفع المؤاخذة والتكليف.

كما ان عنوان الشيخ الانصاري وبقية الاعلام ان المكلف اذا التفت الى الحكم اما ان يقطع او يظن او يشك ان البحث ليس في خصوص المكلف يعني اذا وصل الحكم الى مرحلة التنجيز بل حتى ما دونها من يتوجه اليه التشريع الإلهي. المهم هذه البحوث وامثاله كثيرة جدا وليس من الافراط القول ان هذه البحوث ومراحل الحكم والتدقيق بقيودها يجري في كل أبواب الأصول والفقه.

كذلك مرحلة الخطاب انه اسم للحكم في مرحلة الفاعلية سواء الناقصة او التامة. لماذا؟ لان الخطاب عبارة عن محركية الامر الشرعي والمحركية مرتبطة بالفاعلية سواء الناقصة او التامة. كلمة الفاعلية من اصطلاحات المرحوم العراقي وهذا بعد تكويني او عقلي في الحكم.

فالخطاب اسم للمحركية وهي الفاعلية الناقصة او التامة وليس اسما لاصل الفعلية للحكم. فاذا نفترض هناك محاذير للخطاب الشرعي يعني في الفاعلية وليس في اصل الفعلية بينما تجد في كلمات المتاخري الاعصار الدمج بين الخطاب ومرحلة خطاب الحكم الشرعي ومرحلة اصل الفعلية وهذا فيه ما فيه. من ثم حصل الالتباس عند كثير من الاكبار في القرنين الأخيرين.

كذلك تارة نقول الامر وتارة نقول الوجوب. الامر في الحقيقة المرحلة الأولى للانشائية بخلاف الوجوب انه المرحلة الثانية او الثالثة أيضا الوجوب قد يقرر للمرحلة الأولى من الانشائية. المرحلة الثانية او الثالثة هي مرحلة الوجوب لا مرحلة الامر

على أي حال مراحل الحكم الشرعي واسماءها جدا مهمة ولا نخلط بين بعضها البعض.

على ضوء هذا المبحث يتضح لنا ان مشروعية الحكم او ملاك الحكم مرتبط بمرحلة اصل الفعلية سيما الناقصة اما مرحلة الفاعلية سواء الناقصة او التامة او التنجيز او الامتثال لا صلة له بالمشروعية او تشريع الحكم او ملاك الحكم فمن ثم المفروض ان التزاحم والتنافي والتضاد يقع في مرحلة التنجيز او مرحلة الفاعلية التامة واذا كان المحذور في مرحلة الفاعلية التامة لماذا نصاعد بالمحذور الى مرحلة اصل الفعلية.

على كل ما جرى للمتاخرين بدءا من المحقق الكركي فيها تامل لان التنافي في مرحلة الفاعلية او التنجيز ولماذا نوسع المحذور دائرة الى مراحل اسبق. اذا اصل الحكم و الامر موجود والحكم فعليته موجود والملاك موجود. لان المحذور متقررة في مرحلة متاخرة

نعم، يمتنع خطاب الشارع بغير المقدور وصحيح لكن الخطاب اسم لمرحلة الفاعلية فهذه الالتباسات تجر منظومة من الأبحاث لا حاجة لها. لاحظ ان مراحل الحكم كم هي مهمة.

فائدة معترضة ان نشرح فاعلية تامة وناقصة التي اسمها الخطاب. الفاعلية تعني المحركية. متى يكون الحكم محركا؟ اذا التفت المكلف والشخص. في الفاعلية الناقصة يكفي الالتفات بدرجة الاحتمال والتصور وان لم يكن في البين علم. فمحركية الحكم الناقصة يكفي فيها التصور. فالاحكام الواقعية يكفي فيها الوصول التكويني في محركيتها وان لم يكن الوصول بطريق معتبر. يعني وان لم يكن علم لا علم وجداني ولا علم تعبدي. لان الفاعلية الناقصة يكفي فيها مجرد التصور وان لم فيها التصديق. مجرد الاحتمال يجعل للحكم محركية وباعثية وزاجرية. هذه فاعلية الحكم الناقصة ليست مرهونة بالوصول الاعتباري فكيف باصل فعلية الاحكام. اصل فعلية الاحكام غير مرهونة بالوصول حتى الوصول الاحتمالي فضلا عن الوصول الاعتباري. فدور الحجية او دور الوصول الاعتباري او الوصول التكويني ليس مأخوذا في فعلية الاحكام وانما يأخذ في فاعلية الاحكام. والفاعلية الناقصة ليست مرهونة بالوصول الاعتباري. التصور والاحتمال كاف. فلاحظ اذا كيف دقة هذه البحوث. لان الحكم الظاهري او الطرق الظاهري او ما نسميه بالحجج أين دورها؟ التشريع الظاهري والحكم الظاهري دوره لايصال الفاعلية او منجزية الحكم الواقعي وليس للحكم الظاهري أي دخالة في اصل فعلية الاحكام. الحكم الظاهري ايصالي للحكم الواقعي لذلك يسمونه اثباتي وطريق والظنون بوجودها التكويني موصلة وليس من الضروري ان تكون موصلة بايصال تكويني.

الحجية اين ترتبط بمراحل الحكم الواقعي؟ هذه البحوث يجب الالتفات اليه تماما. على ضوء ذلك أصلا لا حاجة لنا بالترتب ولا حاجة لنا بقصد الملاك. حتى ان الامر بالشيء يوجب النهي عن ضده انما هي مقام الامتثال وليس في مقام اصل تشريع الحكم او فعلية الحكم. مع ذلك حتى في مقام الامتثال لا يستلزم إشكالية لما مر ان هذا النهي ليس نهيا اصليا ناشئا من المفسدة وانما نهي تبعي لمطلوبية ما هو اهم.

سنخوض في الترتب لكن لا لاجل ان نعالج المحذور بل لانه مبحث علمي يفيد في غير مبحث التزاحم بل في مباحث أخرى كالورود والتوارد والا لاحاجة للترتب في اصل تصوير فعلية حكم المتزاحمين لان التزاحم ليس بين فعليتي الاحكام.

المرحوم الكمباني والسيد الخوئي التزم مبنا استاذه ان الاحكام ليس بينها تضاد بل التضاد بلحاظ تداعيات الحكم يعني مثلا امتثال متعلقي الحكمين ومع العجز هناك تنافي والا في اصل فعلية الحكمين ليس هناك تضاد وتزاحم.

مر بنا كلام متاخري الاعصار انهم عندهم ادنى تنافي يعتبرونه التعارض وهذا ليس صحيحا لا سيما مدرسة النائيني والسيد الخوئي. التنافي لابد ان نشخص اين موطن التنافي وفي أي مرحلة فلماذا نصاعد به الى مراحل اسبق. لذلك في تصوير اصل فعلية الحكمين او فاعلية الحكمين لا حاجة للترتب. نحتاج بالترتب في التنجيز او في محذور ليس من جهة التزاحم بل من جهة أخرى وصور أخرى في الترتب. لان الترتب هو نوع من الجمع بين الأدلة او الاصح هو الجمع بين الاحكام او مقتضيات الاحكام او تداعيات الاحكام بشكل منسجم. يعني نوع من التكييف العقلي لان الفاعلية والمحركية كيف يكون محركين لشيء متضادين. فتكييف بين محركية الحكمين ومن الاثار العقلية والاطوار العقلية للحكم وليس في المراحل الشرعية للحكم. هذا اذا اصل حقيقة البحث.

قبل ان ندخل الترتب هذا لب اللباب وسر البحث بلحاظ مراحل الحكم ونرى ان المحذور في أي مرحلة ولا نصاعد به الى المراحل السابقة بل قد لا نصاعد به الى المراحل اللاحقة بحث جدا دقيق. معرفة أسماء المراحل جدا مهمة والخطاب اسم لمرحلة الفاعلية للحكم والفاعلية درجتان فاعلية بتية اذا كان عنده العلم والقدرة والعلم والقدرة قيد للخطاب الشرعي وقيد عقلي والخطاب اسم لمراحل تكوينية او عقلية للحكم. كما ان التكليف اسم لمرحلة متاخرة وهي التنجيز والمؤاخذة. هذه مرحلة عقلية واطوار عقلية للحكم الشرعي. وقد يكون فيها محاذير. وسياتي تصريح المتاخرين ان الترتب يعالج المحاذير في مراحل عقلية للحكم واصل المحذور ليس اصل فعلية الحكم. ارتكازهم صحيحة لكن لما يرجعون الى التفاصيل قد لا يبنون عليه.

سنرى ان العجيب من السيد اليزدي او الشيخ الانصاري بعض الأحيان تاخذون مباني المتاخري الاعصار وبعض الأحيان مباني المشهور والعصمة لاهلها فتشخيص مراحل الحكم الشرعي واسماءها والقيود فيها امر مهم

هذا المبحث الذي الان اثرناها وكيف عالجنا التزاحم في المراحل الشرعية اما المراحل العقلية نحتاج الترتب ونحتاج الترتب في تكييف التنافي بين تداعيات الحكمين واثار الحكمين ومحركيات الحكمين.

أقول هذا البحث بعينه يجب ان نلتفت اليه في مبحث اجتماع الامر والنهي على الامتناع. على الجوار واضح. ان امتناع اجتماع الامر والنهي ان المحذور كامن في أي شيء؟ فاذا كان موطن المحذور مراحل عقلية للحكم او الامتثال لا ربط له باصل الفعلية. من ثم قال المشهور في موارد امتناع الامر والنهي مع جهل المكلف بالحرمة تصح منه العبادة لان اصل فعلية الصلاة لا موجب لزوالها وانعدامها. انما هي مراحل عقلية مراحل الامتثال او التنجيز. لب لباب البحث بشكل اجمالي وكلي والا فيها تفاصيل ستأتي. ان هذا المحذور في باب اجتماع الامر والنهي ليس في اصل فعلية الحكمين وانما في مرحلة الفاعلية او التنجيز او الامتثال. نعم قد لا يكون المحذور في مرحلة واحدة بل في ثلاث مراحل متعاقبة. بالتالي يجب ان نلتفت الى ان المحذور في أي مرحلة من المراحل. نفس مبحث التضاد والتزاحم مبحث من مسائل عقلية غير مستقلة ونفسها في اجتماع الامر والنهي.

كذلك الحال في مسألة النهي يقتضي الفساد. لان المحذور اذا شخصناه انه ليس مراحل اصل الفعلية بل المراحل اللاحقة. ولو هذا المبحث غامض بالنسبة الى الحكم الوضعي. طبعا النهي عن العبادة نفس هذا المبحث لكن النهي عن المعاملة غامض. لابد ان نتذكر ان حلال المشكلات في مبحث الضد والتزاحم وفي مبحث اجتماع الامر والنهي ومبحث ان النهي يقتضي الفساد هو شيء واحد مراحل الحكم الشرعي واختلاف قيود الحكم واسماءها وتشخيصها.

اما البحث في الترتب. المعروف نسبته الى الشيخ جعفر كاشف الغطاء لكن الظاهر بلورته اليه لكن اصل مبحث الترتب ربما بشكل مجمل وابتدائي للمحقق الكركي وبلوره الشيخ جعفر كاشف الغطاء بشكل مرتب.

الهدف من الترتب واثارته عند الاعلام هو نوع من العلاج لتصوير بقاء الامر بالمهم مع وجود الأهم. ولكن في الحقيقة لا ينحصر مبحث الترتب بالاهم والمهم بل حتى فيما لو كان الحكمان لمتزاحمان مهمين أيضا نحتاج الى الترتب. لان الترتب يريد ان يعالج التضاد والتنافي بين الحكمين سواء كانا في عرض واحد او ان احدهما اهم والأخر مهم. فاذا الترتب عند الاعلام اصل تصويره لاجل تصوير وجود الامر سواء الامر بالمهم مع الأهم او الامر بالمهم مع مهم آخر. لا فرق في ذلك.

نقطة أخرى في الترتب ان الاعلام ذكروا ان الترتب فذلكة عقلية وليس الترتب علاجا شرعيا تعبديا. وهذا يفيد فائدتين مهمتين في أصول القانون وفي الاحكام.

ان الاحكام الشرعية وان كانت شرعية لكن نظم الاحكام الشرعية بتوسط العقل والعقلاء. لان الاحكام الشرعية بالتالي لها آثار عقلية ولها آثار تكوينية. مثلا الامتثال وجود تكويني ووجوب الطاعة يحكم به العقل ووجوب الامتثال ووجوب احراز الامتثال وتفريغ الذمة واحراز فراغ الذمة احكام عقلية. فعندما يقال ان الترتب فذلكات عقلية لا يعني ان العقل يتدخل في صلاحيات الشرع. الاخباريون عندهم هذه الشبهة ان العقل كيف يتدخل في الشرعيات؟ العقل يتدخل في الشئون العقلية اللاحقة بالحكم الشرعي ويتدخل فيما هو شأنه وصلاحيته. فاذا فذلكات عقليت لها مجال لكن في منطقة الشئون العقلية التابعة للاحكام الشرعية. فاذا البحث في الترتب بالدقة فذلكات عقلية وهذا يدل على ان القرائن العقلية والشئون العقلية يعتمد عليها في التوفيق بين الاثار العقلية للاحكام اذا حصل بين تلك الاثار العقلية تنافر او تنافي. فضلا عن ان القرائن العقلية والقيود العقلية يمكن ان تكون خاصة بالمراحل العقلية ويمكن تصويرها حتى في المراحل الشرعية. دخالة عقلية وليست دخالة شرعية. كما ان القيود الشرعية لا تنحصر اخذها في المراحل الشرعية بل تعم المراحل العقلية. فسواء عقلية او شرعية قابلة للتصوير في كل المراحل. غاية الامر كيفية دخالة العقلية تختلف عن كيفية دخالة القيد الشرعي. بل القيد الشرعي دخالته في الحكم الشرعي ليس على نمط واحد بل على أنماط. كما ان دخالة القيد العقلي على أنماط. بل يمكن تصوير القيود العقلية حتى في المرحلة الأولى من الانشاء. لان المرحلة الأولى للانشاء ليست شرعية بحتة بل شرعية تكوينية اعتبارية.

اللطيف ان الاعلام هنا اعترفوا ان البحث في الترتب عقلي يعالج المحاذير في مرحلة التنجيز والامتثال. فاذا كان الترتب يعالج مرحلة الامتثال والتتنجيز يعني ان المحذور هناك والعلاج عقلي وليس شرعيا كيف يجلعون له صلة باصل مرحلة التشريع والملاك. الارتكاز الإجمالي شكل والبلورة التفصيلية بشكل آخر. يجب ان يكون هناك انسجام من الضوابط المنهجية التي بينها صاحب الفصول ان يكون هنا وفاق بين البحث التفصيلي والتحليلي والارتكاز الإجمالي. اذا كان هناك تخالف فهذا مؤشر الى ان الخطأ في الارتكاز او الخطأ في التحليل التفصيلي.

لابأس ان نشير الى منهج صاحب الفصول منهجا منطقيا اصوليا في أبحاث علم الأصول او العلوم الأخرى.