45/06/09
الموضوع: الالفاظ/مبحث الأوامر/مبحث الضد
كان الكلام في مبحث الضد وهو كما مر ظاهرة من ظواهر تنافي الاحكام أي تزاحمها في مرحلة الامتثال فهل يا ترى ظاهرة الضد والتضاد في الاحكام والتي هي بالأحرى بالتضاد بين امتثال الاحكام هل هذه الظاهرة ينجم منها محاذير ام لا؟ طبعا فيه صورتان للتزاحم معروفتان لدى المشهور وهما التزاحم بين الواجب المضيق والواجب الموسع او الواجبين المضيقين وهناك عدة معالجات كما مر ومنها معالجة الترتب والمعالجة بقصد الملاك والمعالجة بوجوه متعددة أخرى باعتبار محذورية انعدام الامر وما شابه ذلك.
هذا المبحث او مبحث التعارض او بحوث أخرى من حالات الاحكام انما يتثبت فيها بالمداقة في مراحل الحكم الشرعي وخاصية كل مرحلة وقيودها ومر ان المتبادر في الاذهان كثيرا ان القيود الشرعية في الوجوب والحكم هي قيود دخيلة في الملاك ودخيلة في المشروعية واما القيود العقلية ليست دخيلة في الملاك. هكذا المعروف. يعني القيود الشرعية غالبها تأخذ في مرحلة اصل الفعلية ومر بنا شرح اجمالي لمراحل انشائية الحكم وهي مراحل يكون الحكم فيها كليا من جميع الجهات من جهة قيود الوجوب وهو الموضوع الاصولي او من جهة المتعلق او من جهة المكلف اما مرحلة الفعلية فهي مرحلة يكون الحكم فيها جزئيا من جهة جزئية الموضوع جزئيا حقيقيا. باعتبار انوجاد فرد من افراد موضوع الحكم «اقم الصلاة لدلوك الشمس» دلوك هذا الحكم يكون جزئيا لهذا المكلف وهذا المكلف أيضا جزئي. ففي مرحلة الفعلية الحكم يكون جزئيا من جهة الموضوع. فقط يبقى المتعلق كليا والحكم من جهة المتعلق كلي كما ان الصلاة كلي بدلي. ومر بنا ان مرحلة الفعلية مرحلتان، مرحلة الفعلية الناقصة التي يتم فيها توفر الملاك والذي يعبر عنها ويطلق تسمية أخرى بالحكم الاقتضائي واسم ثالث الحكم الفعلي من قبل المولى. الفعلية التامة لها تسمية أخرى وهي الحكم الفعلي من قبل العبد.
مرحلة الفعلية الناقصة قيود شرعية دخيلة في الملاك وما شابه ذلك. مر بنا ان القيود الشرعية الصحيح فيها ليس ما قد يظهر او يوهمه كلام الميرزا النائيني او السيد الخوئي بل القيود الشرعية يمكن ان تكون في أي مرحلة من المراحل الثمانية وان كان غالب القيود الشرعية مأخوذة في اصل الفعلية لكن هذا لا يعني ان كل دليل شرعي اخذ قيدا شرعيا في الحكم ذلك الحكم لابد ان يكون في الفعلية الناقصة بل يمكن ان يكون دخيلا في الفعلية التامة. كما في ادلة البلوغ والعقل التي هي ادلة عامة لجميع الاحكام. هذه الأدلة مفادها قيود شرعية ليست في اصل الفعلية كما ذهب اليه مشهور طبقات المتأخرة بل الصحيح انها مأخوذة في الفعلية التامة. فمشروعية عبادات الصبي لا نحتاج فيها الى الأدلة الخاصة. وما ورد من الأدلة في الصبي انما هو جري على امضاء نفس هذه النكتة. مثل ان يجوز ان يحج ولي الطفل بطفله الرضيع. دون المميز. يحج به لا يحج عنه. بحيث يصير محرما هذا الطفل وبحيث ينوي عنه نيابة. باعتبار ان النية لا يستطيع ان يأتي الطفل بها فهذا الفعل مركب من النيابة والفعل الأصيل. في الحج مركبات عبادية من كل الأنواع لذلك عبر عن الحج في روايات اهل البيت سلام الله عليهم ان الحج الشريعة يعني كل الشريعة موجودة فيه. المقصود فالحج بالأطفال الرضاع او غير المميز ينوي فيها الولي عن الطفل لكن الحج يتلبس به الطفل نفسه ويطوف به ويسعى به ويلبسه الاحرام. وهذا الطفل يبقى محرما ولا يتحلل الا بما يتحلل به الكبير. ولو الروايات الخاصة موجودة فيه لكن المشروعية ليست باعتبار هذه الروايات الخاصة بل هذه المشروعية طبق القاعدة عند جملة من المتقدمين ان البلوغ قيد الفعلية التامة وليس قيدا لاصل الفعلية. هذا بحث مهم كما مر بنا في عبادات الصبي او الاعمال الأخرى منه.
كما ان العناوين الثانوية «لا ضرر» «لاحرج» «النسيان» خلافا للميرزا النائيني والسيد الخوئي وتلاميذهما ووفاقا للمتقدمين هذه القيود في الأدلة الثانوية قيود التنجيز وليس قيود الفعلية لا التامة ولا الناقصة ولا الفاعلية وانما هي قيود التنجيز. كما ان البرائة هكذا حديث الرفع. ست قواعد ثانوية فيه كلها قيود شرعية لكنها للتنجيز. رفع المؤاخذة ورفع استحقاق المؤاخذة. مثل قاعدة التجاوز والفراغ او لا تعاد قيود شرعية لكن في مرحلة الامتثال. قاعدة التجاوز والفراغ قيود شرعية كلما شككت في شيء ودخلت في غيره فامضه كما هو او شكك ليس بشيء هذه قيود شرعية في مرحلة احراز الامتثال لا الامتثال. بالتالي بالدقة الأدلة الشرعية التي مفادها قيود شرعية ليس من الضروري ان تكون قيودا في مرحلة اصل الفعلية.
هذا كلام كلها بلحاظ قيود الوجوب. وقد يكون بلحاظ قيود الواجب مثل لا تعاد. ولو ان الميرزا النائيني يجعل هذه القيود قيودا في اصل الفعلية او اصل الانشاء. مبناه واكثير تلاميذه وليس موافقا للمتقدمين وكذلك السيد الخوئي والسيد هادي الميلاني ان لا تعاد الا من خمس يخصص لا صلاة الا بفاتحة الكتاب بالإنسان الملتفت العالم والعامد اما الناسي او الساهي ليست الأجزاء غير الركنية جزءا له في الصلاة. يعني لا تعاد دليل يقيد المرحلة الانشائية لماهية طبيعة الصلاة. هذا من قيود الواجب وان كان قيد الوجوب فيه يعني ان تقول ان الفاتحة والسجدة الواحدة والتشهد وجوبها مقيد بالعلم والعمد والالتفات اما الناسي او الجاهل بناء على التعميم كما هو الصحيح في لا تعاد لا وجوب لسورة الحمد ولا للتشهد و لا لغيره من غير الأركان. اذا يجعل لا تعاد دليلا يقيد ويخصص الأدلة الأولية في مرحلة الانشاء. بينما المشهور يقولون ان لاتعاد دليل معالج للامتثال. الامتثال الناقص يكتفي به لا ان طبيعة الصلاة يتصرف فيها.
فالقيود سواء قيود الوجوب او قيود الواجب الشرعية يجب الالتفات ان هذه القيود قيودا لاي مرحلة. مثلا في باب الصلاة الشيخ عبدالكريم الحائري وغيره من الاعلام ان بعض القيود الشرعية مثل الاجهار في الصلاة المغربين او الصبح قيد الماهية او قيد الأداء؟ لانه يمكن للمرأة ان تقضي صلاة الميت الرجل فعندما تقضي صلاة المغرب للرجل يجوز لها الاخفات. يجوز لها الاخفات مع ان الصلاة عن الميت الرجل او العكس، رجل يقضي صلاة الميتة يجب عليه الجهر في صلاة الصبح او قضاء صلاة المغرب. الميتة لا تلزم بالجهر ويجوز لها الاخفات لكن الرجل يجب عليه الجهر لان الجهر قيد الأداء وليس قيد الماهية بما هي هي. فقيود شرعية في مقام الأداء. مثلا المقضي عنها مرأة. والنساء يجوز لهن ان يزفن من المزدلفة ليلا وعلى قول يجوز لهن رمي الجمرات ليلا. لكن لا يجوز للنائب الرجل عن المرأة ان يزيف من المزدلفة ليلا بل لابد ان يدرك بين الطلوعين لان الافاضة او المكث قيود الأداء وفيها يلاحظ المؤدي لا المؤدى عنه. في صلاة الميت اذا كان النائبة يجب عليه الستر لان كيفية الساتر من شروط الأداء وليس من شروط الماهية بما هي هي. او العكس لا يجب للرجل ان يتستر. اذا هناك قيود في مقام الأداء تختلف عن قيود الماهية بما هي هي. اذا لابد ان نلتفت الى ان القيود الشرعية على أنماط في مراحل الحكم سواء من قيود الوجوب او قيود الواجب.
في المجلد الأول من الشهادة الثالثة ذكرنا ستة وجوه صناعية ذكرها الاعلام في الجزئية والشرطية او اخذ شيء في شيء. هذا الذي مر بنا نحو منها. انه قيد في المتعلق لكنه في كيفية الأداء .بتعبير الأصوليين في باب الصحيح والاعلام ان هناك قيود للماهية بما هي هي. تارة قيود للماهية الفردية يعني الأداء. عبارة أخرى عن الأداء هي الماهية الفردية او الهوية الفردية. ما يكتنف الهوية الفردية يختلف عن الهوية النوعية. لابد من الالتفات الى هذه الشروط وكيفيتها.
كما ان الأصوليين بحثوا في الصحيح والاعم وهذا البحث من البحوث الفقرية في علم الأصول. هنا بحثوا عن هذاا لبحث لدينا جزء مستحب ومانع مكروه او شرط مستحب او لابد ان يكون الشرط والجزء والمانع لزوميا؟ المشهور شهرة عظيمة يمكن ان يتصور لدينا جزء مستحب واذا كان مستحبا اذا هو جزء في الهوية الفردية. شرط مستحب في الهوية الفردية او الصنفية والمانع في الهوية الفردية المقصود ان تنوع القيود الشرعية سواء في قيدالواجب او قيد الوجوب أنماط وأنواع مختلفة ومن الخطأ ان الانسان يحسبها كلها بنحو سبك وقالب واحد. يجب التثبت في مفاد الدليل الشرعي. من هذه الوجوه الستة ذكرناها في الجزء الأول ولست الا ناقلا هناك وليس ابتكارا. عندنا قنوت عند جملة من الاعلام لا هو جزء واجب ولا هو جزء مستحب. بل القنوت مستحب نفسي مستقل ظرفه الصلاة. هذا نمط من صياغات المتعلقات. عندنا جزء عام وجزء خاص وجزء واجب وجزء مندوب. صنفية وفردية ونوعية. يجب ان نلتفت اليها. أنماط متعددة.
اذا قوالب هندسة القيود سواء قيود الواجب او قيود الوجوب متعددة اياك والثبات الفكري هذا خطأ جدا ومن آفات الاستنباط.
كذلك هذه القيود بلحاظ مراحل الحكم نفس الكلام . في أي مرحلة هلم جرا.
مر بنا الان ان هذه القيود الشرعية قد تكون من الأدلة مع ذلك جزء. صرف ان اراجع باب الصلاة وباب التشهد وباب قرائة القرآن لا يؤمن لي كل المباحث قرائة القرآن في الصلاة او التشهد في الصلاة لان هناك شرائط أخرى عامة ذكرها الشارع في باب آخر. بتعبير السيد محسن الحكيم ان ادلة الصلاة النافلة غالبا حوالة على ادلة طبيعي الصلاة المقررة في الفريضة. حوالة يعني الأدلة العامة. فاذا المركب العبادي في المتعلق او قيود الوجوب لا يمكن ان يستوفى تمام القيود او الأجزاء من الأدلة الخاصة. لابد من الرجوع الى الأدلة العامة. اذا صاحب الوسائل في الجزء الأول عنون الأبواب الأولى أبواب مقدمات العبادات يعني الشروط العامة التي تأخذ في العبادات وهذا يدل على ذهنية صاحب الوسائل الأصولية. الأبواب التي ذكرها صاحب الوسائل عبارة عن شروط عامة سواء في قيود الوجوب او قيود الواجب وهذا ذهنية أصولية ومن تلك الأدلة أورد ان الولاية لاهل البيت شرط صحة العبادات ولم يستقص كل الروايات. نفس كتاب الحر العاملي الفوائد الطوسية عبارة عن كتاب اصولي ضوابط عام وخاص. لا مفر من صاحب الوسائل ان ينقح هذه المباحث وهي علم الأصول. كما ان صاحب الحدائق في بداية كتابه اضطر ان ينقح مقدمات الاستنباط وهي علم الأصول. هذا يدل على ضرورة علم الأصول. فهذه النكات يجب ان نلتفت اليه بشكل جيد
ان شاء الله غدا نواصل مبحثا ادق في مبحث قيود الوجوب في مراحل الحكم الشرعي وكيف ان التزاحم ليس محذورا أصلا وسنبين ان التزاحم ليس محذورا ولا ينجم منه محذور أصلا في ملاك الحكم ولا فعلية الحكم. طبعا في التزاحم المعروف والمعهود وهو التزاحم في الامتثال. أصلا المحاذير سالبة بانتفاء الموضوع.