الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/ مبحث الأوامر/ مبحث الضد

 

كان الكلام في مراحل الحكم الشرعي وضوابط كل مرحلة وأسماء كل مرحلة وقيود كل مرحلة وان كان هذا البحث لا يمكن ان يستوعب في مبحث واحد ولكن زوايا متناثرة في الأبواب.

آخر نقطة مرت بنا امس ان هناك قيود شرعية مأخوذة في المراحل العقلية للحكم وربما قيود عقلية مأخوذة في المراحل الشرعية للحكم. نعم غالب القيود الشرعية تأخذ في اصل الفعلية او الفعلية المقدرة وهي اسم للمرحلة الثالثة من المراحل الانشائية واصل الفعلية هي الفعلية الجزئية. ولكل مرحلة اسم كما مرت بنا فالتكليف اسم للحكم بلحاظ مرحل التنجيز او الفاعلية التامة والخطاب اسم للحكم بلحاظ المرحلة الفاعليةالناقصة والتامة والحكم الفعلي اسم للحكم في المرحلة الفعلية وهي مرحلتان الناقصة والتامة. وتسمى الفعلية الناقصة في جملة من الكلمات كالشيخ والاخوند بالحكم الاقتضائي.

على أي حال أسماء الحكم مختلفة مثلا النسخ وعدم النسخ اسم للحكم في المرحلة الثانية من الانشاء وليس المرحلة الثالثة. بينما التخصيص قد يلاحظ بلحاظ المرحلة الثانية وقد يلاحظ بلحاظ المرحلة الثالثة من الانشاء. المرحلة الثانية هي الحكم المدون في الشريعة والمرحلة الأولى في الانشاء ملاحظة الانوجادي الانشاءي للحكم بلحاظ آلية الانشاء مثل المفاد الجدي وما شابه ذلك او ملاحظ الحكم بلحاظ مبادئ الحكم التي تذكر للحكم. اذا لوحظ الحكم بلحاظ المبادئ هي المرحلة الأولى من الانشاء اما ملاحظة الحكم بماهو مدون في الشريعة هي المرحلة الثانية كالنسخ وعدم النسخ. المرحلة الثالثة في الانشاء نفس هذا الحكم الانشائي بلاحظ مقدر الوجود او يلاحظ فعليا مقدرا. من ثم يسمى الفعلية المقدرة. فالحكم الانشائي تارة يلاحظ بلحاظ مبادئه وآلياته وتارة يلاحظ بما هو هو وتارة بلحاظ الانطباق الخارجي. فبالتالي تختلف ملاحظات الحكم الانشائي. فعلى أي حال تمييز القيود الشرعية مهمة. صرف كون القيد شرعيا لا يعني انه مأخوذ في المرحلة الثالثة من الانشاء او المرحلة الأولى وان كان هذا غالب. بعض القيود الشرعية مأخوذة في التنجيز والفاعلية وبعضها في احراز الامتثال اخر المراحل فاذا القيود الشرعية يجب ان نميزها وصرف كونها شرعية لا يعني انها مأخوذة في الفعلية الناقصة او الانشائية. وهذا امر مهم ومؤثر.

كما ان التقاء الحكم المنافي او المتصرف في الحكم الأول كالاحكام الثانوية او الخاص اين يتصرف في الحكم الأول لابد من الملاحظة فيها. مثال البلوغ امس مر بنا انه قيد عند مشهور المتاخرين قيد شرعي اخذ في اصل الفعلية حتى في الفعلية المقدرة والفعلية الناقصة فضلا عن التامة. من ثم بدون البلوغ لاوجود للحكم عندهم. كذلك الجنون عندهم. بينما ذكرت انه عند المتقدمين او الاقدمين انه قيد في الفعلية التامة وليس في الفعلية الناقصة بالتالي مشروعية الاعمال موجودة. لكن ماهي اثار انتفاء الفعلية الناقصة وعدم انتفاءها مع ان الاقدمين التزموا بانها ليست قيدا لاصل الفعلية الا انهم لا يجتزأون بصلاة الصبي عن الميت عن الاحياء او بتغسيل الميت عن الميت عن الاحياء مع انه مشروع. اذا الفعلية االتامة لها دور. في حين ان المشروعية ليست مرهونة بالفعلية التامة بل المشروعية مرهونة بالفعلية الناقصة مع ذلك الفعلية التامة لها دور. شبيه ذلك قول الصبي وكلامه يعتد به في الانشاء. المشهور يقولون ان عمد الصبي خطأ يعني إرادة ليس تامة. بحث آخر لا نريد ان ندخل في الصبي. اجمالا تحديد المراحل سواء في الحكم التكليفي او الحكم الوضعي المنفرد او الحكم الوضعي في العقود. أيضا لها مراحل. فهذا بحث سيال يجب الالتفات اليه.

من هنا نلتفت الى ان المركب والقضية القانونية وقضية الحكم الشرعي ليست تحدّد حدودها بالادلة الخاصة ولا قيودها بالادلة الخاصة. أيضا لابد ان نلاحظ الأدلة العامة مثل ادلة البلوغ او ادلة القدرة وادلة العقل مع انها ادلة عامة لكن المشهور اخذوها قيدا في اصل الفعلية وقيدا في المشروعية. فصرف ان اكتفي في باب معين للقضية القانونية الشرعية بالادلة الخاصة خطأ بل لابد ان الاحظ الأدلة العامة مع ان كون الأدلة العامة تتدخل في صياغة المركبات او القضية القانونية في قيود موضوع الحكم ومتعلق الحكم. اما صرف انه دليل عام لا صلة خاصة مع حكم في باب معين خطأ. هذا توهم واهي. الأدلة العامة مع كونها عامة تتصرف في آحاد الاحكام افي الأبواب الفقهية مثل البلوغ مع انه لا نرتئي ما رآه مشهور المتاخرين انه قيد في الفعلية الناقصة لكنه بالتالي قيد في الفعلية التامة. فاذا لا يكفي للمجتهد ان يستنبط حكما معين لمركب معين او قيود لمركب ان يكتفي بالادلة الخاصة بل لابد ان يلاحظ الأدلة العامة وقد لها ربط في المشروعية ولها ربط في التنجيز.

مثلا رفع الحرج ماذا تتصرف في الاحكام؟ تتصرف في تنجيز الاحكام عند المشهور مشهور طبقات الفقهاء وان كان النائييني يجعلها تتصرف في اصل الفعلية والسيد الخوئي أيضا هكذا. غالبا مدرسة النائيني غالبهم يجعلون لا ضرر يتصرف في آحاد الاحكام الموجودة في الأبواب الفقهية في اصل المشروعية بينما المشهور يقولون انه تتصرف في تنجيز الاحكام. على أي حال تعيين تصرف الدليل في دليل آخر بالغ الأهمية. في موارد الضرر السيد الخوئي يقول لا مشروعية بل المشهور يقولون مشهور وان كان غافلا عن الضرر يصح العبادة بلحاظ الأدلة العامة والحرج هكذا انه لايرفع مشروعية الحكم بل يرفع تنجيز الحكم.

اجمالا تحديد منطقة التنافي بين الحكمين شيء جدا مهم ومن جانب آخر ان نلتفت الى هذه الفائدة المعترضة ان الحكم موضوعه ومتعلقه لا يمكن الاقتصار فيه على الأدلة الخاصة بل لابد من ملاحظة العامة غاية الامر لابد ان نلاحظ ان الأدلة العامة اين يتصرف في مراحل الحكم الأول. هذا صحيح

من ثم بحر العلوم رحمة الله عليه في منظومته الفقهية في بحث التشهد يقول ان الأدلة الخاصة لا تفيد جزئية الشهادة الثالثة لكن الأدلة العامة تفيد جزئية الشهادة الثالثة في التشهد. يعني انه ما اكتفى في تحديد ماهية التشهد او ماهية الصلاة او الاذان بالادة الخاصة بل لاحظ الأدلة العامة. والأدلة العامة هي «أكملت» و«رضيت» اذا التشهد بدون الشهادة الثالثة ليست مرضية. ويكون ناقصا والله لا يرضى الناقص لان الدين كامل. وهذا يفيد الوجوب و الركنية. كلامنا في هذا المطلب انه لابد من ملاحظة الدليل العام

اجمالا في أجوبة عشرات المجتهدين والفقهاء في الرد على فتنة الكاظمية اجابوا ان الأدلة ليست منحصرة في الأدلة الخاصة بل الأدلة العامة هي اصل التشريع ولابد من ملاحظتها في كل باب. مثل ادلة الولاية وهذا مثال آخر للبحث الكلي. ادلة الولاية دليل على انها شرط الصحة في كل الاعمال وفي الايمان. كيف ان بحر العلوم بين ان الشهادة الثالثة شرط الصحة في الشهادتين والناقص لا يرضى الله بها «رضيت لكم الإسلام دينا» كذلك في اصل الايمان فالولاية والشهادة الثالثة شرط الصحة في الايمان الذي هو اعظم الفرائض وكذلك شرط في الصحة في العبادات الأخرى وآليتها الشهادة الثالثة وليست صرف المعرفة القلبية. ادلة الولاية العامة لها ربط بالتشهد بنفس التقريب الذي ذكرنا. ولعل هذه الأدلة العامة قرينة على ان الأدلة الخاصة فيها لحن التقية في الاكتفاء بكذا. المقصود ان المركب كبحث كلي لا يمكن الاقتصار بها على الأدلة الخاصة. بل يجب ان نرجع الى الأدلة العامة وهي ترتب الاحكام في الأبواب.

اذا اجمالا عندنا مراحل للحكم. هنا الان شيئا فشيء نذكر بيت القصيد وهي مر بنا ان القيود الشرعية ليس من الضروري ان يكون كلها مأخوذة في اصل الفعلية يعني الفعلية الناقصة يعني مشروعية الحكم. ان الفعلية الناقصة يسميها الشيخ والاخوند بالحكم الاقتضائي يعني اصل المصلحة. واصل المصلحة مرهون بالمرحلة الرابعة والفعلية الناقصة ويعبر المرحوم الاخوند عنها بالحكم الفعلي من قبل المولى وسنوضح بينما في الفعلية التامة يسمى المرحوم الاخوند بالحكم الفعلي من قبل العبد.

لماذا اطلق بهذه التسمية؟ وجه التسمية انه في الفعلية الناقصة فقط يلحظ اصل تحقق الجزئي للموضوع الكلي للقضية. اقم الصلاة لدلوك الشمس. هنا دلوك الشمس تحقق لهذا اليوم فرد جزئي للموضوع. فاذا الفعلية الناقصة فقط مرهونة بالموضوع المأخوذ في الحكم والمكلف عاجز او قادر او ملتفت او جاهل لا صلة لها به. انما هي مرتبطة بالموضوع الجزئي ليس الا. من ثم تسمى هذه المرحلة الفعلية الناقصة بالحكم الفعلي من قبل المولى يعني لا يلاحظ أي شرائط شرعية او عقلية للمكلف. اما الفعلية التامة تسمى الفعلي من قبل العبد يقولون انه لابد عقلا من الالتفات او احتمال قدرة العبد. التفاته ولو تصورا واحتمالا. لانه ان العلم قد يطلق في استعمال بحوث العقلية بل في البحوث الوحيانية بمعنى التصور وليس من الضروري ان يستعمل بمعنى التصديق. العلم يطلق على التصور يعني حتى الادراك بدرجة التصور. هذه النكتة في نفسها نفيسة جدا من أصول القانون. العلم حجيته ذاتية يطلق تارة بمعنى التصور وتارة بمعنى التصديق وحذار للباحث ان يظن ان العلم فقط بمعنى التصديق بل قد يطلق العلم علي التصور وهذا المطلب يستفيد منها جملة من الاعلام كالسيد الخوئي ويقول ان منجزية العلم الإجمالي ليس من الضروري ان نفسر العلم بالتصديق بل منجزية العلم الإجمالي تشمل التصور. لا نريد ان ندخل فيه مفصلا. المنجزية للاحتمال أيضا موجود غاية الامر ان الاحتمال منجزيته التكوينية اقتضائي ويمكن الشارع ان يمنع منه بالبرائة الشرعية اما التصديق اقوى في المنجزية لكن لا يعني حصر التنجيز بالتصديق. بل العلم حتى بمعنى التصور أيضا منجز. فاذا العلم حتى العلم الذي ذكره الشيخ الانصاري في البداية ليس المراد به خصوص التصديق لان التصور في جملة من الموارد منجز ولا البرائة العقلية معذر ولا البرائة الشرعية معذر مثل احتمال وجود الباري تعالى والاحتمال كاف. هذا بحث مهم ان العلم يستعمل على قسمين وان اختلفت احكام القسمين. هذه فائدة معترضة لكن مرتبطة بالبحث.

لذلك احد المعاني الصناعية للظن الغير المعتبر والخبر غير المعتبر وربما يقال تواتر معنوي في الروايات على حرمة رد الخبر غير المعتبر ولها عدة معاني. احد معانيه ان القيمة التصورية لهذا الظن غير المعتبر معتد بها كالتصور عند الشارع بخلاف القياس والسحر والعلوم الغريبة. حتى التصور في القسم الثالث من الظنون اعتبر العدم فيها وحتى بدرجة الاحتمال لا يعتد به الشارع والعقلاء. القسم الثالث نمط والقسم الثاني نمط لانه بدرجة التصور يعتني بها يمكن ان تتراكم بدرجة الاطمئنان. هذا بحث مهم. ان العلم يستعمل على القسمين.

ماذا ربطه بمراحل الحكم والمرحلة الفعلية الناقصة سنوضحها ان شاء الله