الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

45/06/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب الالفاظ/مبحث الأوامر/مبحث الضد

 

كان الكلام في ان التزاحم وهو التضاد لا يتقرر ولا ينوجد بين الموسعين اما الموسع والمضيق فالمعروف انه من باب التزاحم وان كان السيد الخوئي يقول انه ليس من باب التزاحم لان الامر متعلق بالطبيعة الكلية ولا يتعلق بالفرد الذي يضادّ الموسع. والفرد ليس مأمورا به بهويته الفردية وشمول الطبيعة الى المقدور وغير المقدور لا مانع منه وبالتالي ليس هناك عندنا محذور انحصار الطبيعة عن الفرد الذي يضاد المضيق لان المأمور به الطبيعي ولا مانع منه.

هذا كان تخريج حل السيد الخوئي رحمة الله عليه فمن ثم عدم القدرة في الفرد لا يخل بفعلية الامر بالطبيعة الجامعة والشاملة للمقدور وغير المقدور. هذا مضافا الى ما سيأتي من بحث الترتب انه نوع من حل الاشكال عند مشهور المتاخرين انهم يحاولون يرفعون محذور التضاد والتزاحم بالترتب.

لكن لاجل ان نبين ان هذا محذور ام لا، لا بأس ان نبسط الكلام في مراحل الحكم. مر بنا ان التزاحم على أنواع يعني ان التضاد بين الاحكام على أنواع.

طبعا المرحوم الاصفهاني قول ان اسناد التضاد الى الاحكام مسامحة لان الاحكام اعتبارية والتضاد لا يتصور في الاعتباريات وانما يعبر التضاد في الاحكام بلحاظ المآل وليس بلحاظ ذات الاحكام. يعني بلحاظ الفعل او التحريك نحو الفعلين المتضادين والا التعبير بالتضاد بين الاحكام مسامحة.

فالنقطة الأولى ان التنافي والتنافر بالمعنى العام شامل للتعارض والتزاحم والفرق بينهما كما مر يتقوم بالتناقض والتكاذب سواء في التعارض الاولي وغير المستقر او التعارض المستقر. التنافي في باب التعارض تكاذب يعني ان كل دليل يكذب الاخر. بينما التزاحم نوع من التضاد والتضاد يعني وجود مقتضيات ووجودين لكن بينهما تدافع ما. فاذا فرق بين عموم عنوان التزاحم والتنافي.

مر بنا إشارة اجمالية الى ان مشهور القدماء يبنون على ان اغلب التعارض هو نوع من تدافع المقتضيات وتزاحم المقتضيات والفقيه الفتن من يلتفت الى ان تعارض الأدلة من هذا القبيل. لا ينكرون التعارض مطلقا لكن يقولون انه قليل وغالب الموارد تزاحم في الجعل.

النقطة الثانية انه لابد من اتقان مراحل الحكم. وان هناك لكل مرحلة ضوابط وآثار واحكام وأسماء لابد من ضبطها وعدم ضبط هذه المراحل ودمجها يسبب الالتباس والاشتباه في جملة من المباحث. فالتمييز بين مراحل الحكم جدا مهم.

مثلا الذي يلتزم به النراقي والسيد الخوئي وكثير من تلاميذه من ان الاستصحاب في الشبهات الحكمية لا يجري لوجود التعارض الداخلي في ذيل الاستصحاب بين استصحاب بقاء المجعول واستصحاب عدم الجعل. هذا بحث سيأتي في مبحث الاستصحاب. لكن هو مبحث مرتبط بالمراحل الانشائية للحكم وهذا تصوير صحيح فرضيا او فيه غفلة بحث سيأتي في موضعه.

تنقيح البحث عند المرحوم النراقي يتوقف على معرفة دقيقة على المراحل الانشائية الثلاث للحكم والدقة في مراحل الحكم الانشائية الثلاث او الفعلية الاثنتين او الفاعلية الاثنتين ثم التنجيز او الامتثال ثم احراز الامتثال والدقة في ضوابطها الموضوعية وضوابط آثارها مبحث عمود فقري في علم الأصول والفقه والعلوم الدينية الأخرى. حتى كثير من المباحث المعقدة العقائدية يمكن حلها بهذا المبحث. هذه المراحل موزع في علم الأصول على أبواب عديدة وضبطها جدا مهم.

مثلا دليل لا تعاد نسبته مع ادلة الصلاة ما هي؟ هل دليل لا تعاد يرتبط ويتعلق بادلة أجزاء الصلاة في المرحلة الانشائية او يرتبط بادلة الصلاة في مرحلة الامتثال وبينهما بون شاسع. طبعا كما مر إشارة اجمالية مشهور طبقات الفقهاء يبنون علي انها يرتبط بمرحلة الامتثال خلافا للنائيني انه يبني على ان لا تعاد تخصص في المرحلة الانشائية. على قول المشهور ان دليل لا تعاد يرتبط بادلة الصلاة في مرحلة الامتثال نفس دليل لا تعاد مفاده من أي مرحلة بالنسبة الى نفس دليل لا تعاد؟ تارة نلاحظ المراحل الحكم الشرعي في الأدلة الأولية فنقول ان لا تعاد تدخل على الخط في مرحلة الامتثال للادلة الأولية اما نفس مفاد دليل لا تعاد ماذا؟ انه في حين انه يتصرف في مرحلة الامتثال في الأدلة الأولية انه مجعول بالمفاد الانشائي والفعلي يتصرف له يتصرف لا مرحلة الامتثال. نقول كما يلاحظ مراحل الحكم في احد الدليلين يجب ان نلاحظ مراحل الحكم في الدليل الثاني. ليس فقط في الدليل الأول بل كلا الدليلين وكلا الحكمين وليس من الضروري انه اذا قلنا في الدليل الأول مرحلة الامتثال في الدليل الثاني أيضا مرحلة الامتثال بل قد يختلف. هذا دائما يحصل الغفلة عنه. يعني لا نلاحظ مراحل الحكم في أحدا لدليلين بل نلاحظ الحكم في الدليل الثاني. ويترتب عليه آثار لابد من الالتفات اليه.

فاذا قضية مراحل الحكم جدا بحث مهم. هذا فيما اذا كان دليل لا تعاد خاصا بباب الصلاة او عام. مثلا دليل لا ضرر يتصرف في الأدلة الأولية لكن اين يتصرف؟ أي مرحلة من مراحل الحكم؟ الميرزا النائيني والسيد الخوئي واكثر تلاميذهما نفس الكلام بخلاف الاخوند والشيخ. هل تتصرف في المرحلة الانشائية او الامتثال؟ مشهور الفقهاء يبنون على ان الأدلة الثانوية يتصرف في مرحلة الامتثال في الدليل الأول.

نعم هذا الدليل المتصرف أي مرحلة منه يرتبط بالدليل الأول. فنلاحظ اذا مراحل الحكم يجب ان نلاحظها في كلا الدليلين وان نقطة التماس او التنافي بينهما او أي علاقة بينهما في أي نقطة من الأول وفي أي مرحلة من الثاني. جدا مهم ولها آثار كثيرة. هذا بالنسبة الى الدليل الثانوي مع الدليل الأولي.

قد نلاحظ الدليلين الأوليين كالعام والخاص والمطلق والمقيد. المقيد يقيد المطلق في أي مرحلة؟ هذا بحث مهم. غالبا في الاذهان ان المقيد يقيد المطلق في المرحلة الانشائية لكن ليس ضروريا قد يقيد المطلق في مرحلة الامتثال مع انه دليل اولي او مراحل التنجيز او احراز الامتثال. صرف كون الدليلين اوليان والثاني مقيد والأول مطلق او الثاني خاص والأول عام لا يدل على ان نصعد كليهما الى المرحلة الانشائية. ليس من الضروري. هذا البيان لهذ المثال الذي نحن فيه له بيان آخر.

ان القيد من الدليل الخاص او الدليل المقيد ليس من الضروري ان يكون قيدا في المرحلة الانشائية او الفعلية الناقصة. بل قد يكون قيدا في المرحلة الفعلية التامة. البلوغ والعقل عند الاقدمين قيد في المرحلة الفعلية التامة وهذا هو الصحيح. انظر كيف مسار الفقه ينقلب رأسا على عقبه بهذه الدقة. لازم ان تتنبه. البلوغ ليس قيدا في الانشاء ولا اصل الفعلية الناقصة بل الصحيح ان البلوغ قيد في الفعلية التامة تبعا للاقدمين وجملة من المتقدمين خلافا لاكثر الفقهاء. وعليه شواهد دامغة. والعقل أيضا نفس الكلام. بحث حساس أساسي. مراحل الأدلة.

ابدا لا تثق علميا بالاستنباط العلمي للاعلام بل يجب ان تدقق في المسألة. قد يكون غفلة او الاشتباه الى ما شاء الله. نفس دليل الاستطاعة انه قيد متصل مع ذلك هذا القيد المتصل اين يقيد المقيد؟ لله على الناس حج البيت من استطاع» من استطاع قيد «على الناس» او قيد «لله»؟ فيه فرق كبير. اذا كان قيد «على» يعني قيدا في التنجيز. بخلاف اذا قلنا انه قيد «لله» يكون دخيلا في الملاك ودخيلا في اصل الفعلية. اضطررنا ان نستقصي 110 فرعا و 70 فرعا كي نفهم ان قيد الاستطاعة قيد في اصل الفعلية او قيد في اصل التنجيز وما هو اقوال الاعلام في جملة من هذه الفروع. اذا مرحلية الحكم جدا مهمة.

عبارة عن مراحل الحكم بين بعضها البعض ان نعبر ان الدليل الثاني سواء كان متصلا او منفصلا او سوااء كان ادلة عامة او ادلة خاصة اين تقيد المطلق او العام وفي أي مرحلة منه. لذلك كل خلل في الاستطاعة عندنا لا يخل بحجة الإسلام. في كثير من الموارد اضطروا الالتزام بالاجزاء. الشيخ الطوسي يلتزم ان كل مكلف لم يحج حتى لو لم يكن عنده استطاعة اذا مات وكان عنده تركة يمكن ان يحج بها عنه يجب ان يحج بها حجة الإسلام والنص موجود ونلتزم به لنفس النكتة. ان الاستطاعة البدنية والمالية وتخلية السرب قيود في التنجيز لا الفعلية. من ثم يفتي بالجزم الشيخ الطوسي وملاحظة فتاوى الشيخ الطوسي مهمة في المبسوط والخلاف لانه كان مؤسسا لنكتة قيدية الاستطاعة انه قيد في اين؟ لله مطلق ثم على الناس مطلق آخر والقيد من استطاع وهو قيد ماذا؟

العبارة الأخرى نقول ان القيد الذي يأخذه الشارع في أي مرحلة يأخذه؟ مأنوس لدى الاعلام المتاخرين ومتاخر المتاخرين ان القيد يعني القيد في اصل الفعلية واصل الملاك. ليس ضروريا. يقولون ان المرحلة العقلية يأخذ قيد عقليا والمرحلة الشرعية يأخذ قيدا شرعيا فقط. هذا ليس صحيحا كضابطة عامة. قد يكون قيد عقلي في المرحلة الشرعية وقد يكون قيد شرعي في المرحلة العقلية. المبحث حساس ونواصل ان شاء الله.